البرلمان يجري سلسلة تعديلات على قانون المحكمة الاتحادية تمهيداً لإقراره

بغداد / محمد صباح

أكملت اللجنة القانونية في مجلس النواب تحضيراتها لعرض مشروع قانون المحكمة الاتحادية للقراءة الثانية في جلسة منتصف الأسبوع الجاري. وقالت إنها أجرت سلسلة من التعديلات على المسودة الحكومية وحددت من خلالها ولاية المحكمة بتسع سنوات وعمر العضو بـ73 سنة.

التعديلات، رغم أنها مثيرة للجدل، لم تتمكن من معالجة بعض الثغرات في المشروع الحكومي الذي منح خبراء الشريعة حق “الفيتو” ضد أي قانون أو قرار يتعلق بثوابت الإسلام ما يعني إمكانية تعطيل حكم المحكمة واستغلاله في ضرب كل القوانين والقرارات التي تعنى بالحريات المدنية والتظاهر السلمي.

من جانب آخر، عادت الخلافات بين مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية بشأن أحقية أي طرف في ترشيح أعضاء المحكمة الاتحادية بعدما فشلت السلطات التشريعية طوال ثلاث دورات في تمرير هذه القانون .

ويقول نائب رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب محمد الغزي لـ(المدى) إن “مجلس النواب أكمل تعديلاته على مشروع قانون المحكمة الاتحادية وبات جاهزاً لعرضه للقراءة الثانية في جلسة منتصف الأسبوع الحالي”، متوقعاً اكتمال القانون قريباً.

ويكشف الغزي أبرز التعديلات التي طرأت على مسودة مشروع قانون المحكمة الاتحادية قائلاً إن “التعديلات تضمنت وضع خيارات عدة لتجاوز حدة الخلافات بين مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية على الجهة المكلفة في ترشيح أعضاء المحكمة، منها تشكيل لجنة من الرئاسات الثلاث لاختيار الأعضاء أو تكليف مجلس النواب بعملية الترشيح والاختيار”.

وكان مجلس النواب قد أنهى القراءة الأولى لمشروع قانون المحكمة الاتحادية في شهر نيسان الماضي، بعد اتفاقه مع حكومة عادل عبد المهدي على تشريع أكثر من خمسة عشر قانوناً معطلاً منذ الدورات السابقة.

ويضيف النائب عن سائرون أن “التعديلات شملت أيضاً تحديد ولاية المحكمة الاتحادية بتسع سنوات وعمر العضو في المحكمة بـ(73) سنة”، مؤكداً على أن “التصويت داخل المحكمة الاتحادية سيكون بمبدأ الأغلبية.”

ويشير الغزي الى أن “مسودة القانون تقترح أن يكون عدد أعضاء المحكمة الاتحادية سبعة أعضاء يضاف لهم اثنان من فقهاء الشريعة واثنان من خبراء القانون”، لافتاً إلى أن “فقهاء الشريعة ستحسب أصواتهم (ضمن أعضاء المحكمة الاتحادية) في الجلسات التي تتطرق إلى بحث ومناقشة القوانين التي تخص الفقه الإسلامي.”

وينوه نائب رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب إلى أن “فقهاء القانون سيتواجدون في جلسات المحكمة الاتحادية ولديهم الحق في التصويت على أي قانون أو الامتناع”، مؤكداً أن “مشروع القانون يمنح الفيتو لفقهاء الشريعة بنقض ورفض أي قانون يختلف مع مبادئ الفقه الإسلامي.”

وحصرت مسودة مشروع القانون السابقة عدد أعضاء المحكمة الاتحادية بـ(11) عضواً من ضمنهم فقهاء الشريعة والقانون، وتنحصر وظيفة فقهاء الشريعة في مراقبة التشريعات التي يقرها مجلس النواب التي فيها مخالفة لثوابت الإسلام، أما اختصاص فقهاء القانون فهي متابعة التشريعات المخالفة لثوابت حقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية.

وبيّن الغزي أن لجنته “ستعقد اجتماعاً لها قبل جلسة الثلاثاء لحسم موضوع فيتو فقهاء الشريعة وإمكانية تعديله واقتصاره على التصويت أو من عدمه.”

وأرجأ مجلس النواب في دورته السابقة التصويت على مشروع قانون المحكمة الاتحادية لعدد من الجلسات بعد خلافات حادة كانت تدور على منح فقهاء الشريعة والقانون صفة العضوية والتصويت على القرارات التي تتخذ.

ويقول الغزي إن “هناك مشكلة تواجه تمرير قانون المحكمة الاتحادية في جلسات البرلمان المقبلة تتمثل في تحقيق موافقة ثلثي أعضاء البرلمان”، معتبراً أن “قانون المحكمة الاتحادية من القوانين المهمة التي تمس حياة المواطنين “.

وبحسب الدستور الاتحادي، تتولى المحكمة الاتحادية العليا مهام عدة، منها تفسير النصوص الدستورية، كما تختص بمراقبة القوانين الجديدة، وعدم خرقها للدستور، وفض النزاعات بين الحكومة الاتحادية ومجالس المحافظات والأقاليم، وتكون قراراتها ملزمة، وغير قابلة للطعن والاستئناف.

بدوره، يشير عضو آخر في اللجنة القانونية في مجلس النواب الى أن “من أكثر النقاط خلافية في مشروع قانون المحكمة الاتحادية هي التي تتمثل في تحديد الجهة التي ترشح أعضاء المحكمة”، منوهاً إلى “مشروع القانون يقترح تشكيل لجنة عليا مكوّنة من رئيس الحكومة ونائبيه ورئيس البرلمان ونائبيه ورئيس الجمهورية ونائبيه لتسمية أو اختيار وترشيح أعضاء المحكمة.”

ويقول عضو اللجنة النيابية حسين العقابي في تصريح لـ(المدى) إن “المقترح الحكومي تم رفضه من قبل غالبية أعضاء اللجنة القانونية على اعتبار أن اختيار أعضاء المحكمة من اختصاص السلطة التشريعية”، لافتاً إلى أن “النقاط الخلافية الأخرى تتمثل في تحديد رأس السلطة القضائية.”

ويضيف العقابي أن “هناك توجهاً من رئاسة مجلس النواب بالتعجيل في تقديم قانون المحكمة الاتحادية للقراءة الثانية في الجلسات البرلمانية المقبلة”، مبيناً أن “أعمار أعضاء المحكمة الاتحادية مازالت إحدى الفقرات الخلافية.”

ويؤكد أن “المشروع الحكومي يمنح فقهاء الشريعة حق الفيتو على أي قانون يتعارض مع ثوابت ومبادئ الدين الإسلامي”، لافتاً إلى أن “آلية اختيار خبراء الشريعة لم تحسم بعد”.

ويوضح العضو في اللجنة القانونية أن “آلية تشريع الفقيه السنّي تتم عن طريق الوقف السنّي ووزارة الأوقاف في حكومة إقليم كردستان، أما الشيعي فتكون عن طريق ديوان الوقف الشيعي وعن طريق المرجعية”، مؤكداً أن “عملية ترشيح فقهاء الشريعة مازالت محل خلاف بين القوى السياسية ولم تحسم بعد.”

أما فيما يخص مقترح تعديل قانون المحكمة الاتحادية رقم 30 لسنة 2005 النافذ، فيقول نائب رئيس اللجنة القانونية محمد الغزي إن البرلمان سيتوجه الى تعديل القانون الحالي في حال فشل بالتصويت على المسودة الحكومية.

وأضاف الغزي أن “المقترح يتضمن تحديد عمر أعضاء المحكمة الاتحادية بـ65 سنة وتحديد مجلس القضاء الأعلى بأنه الجهة المسؤولة عن الترشيح”، مضيفاً أن “هذه التعديلات لا يحتاج تمريرها إلى ثلثي أعضاء البرلمان بل بالأغلبية البسيطة فقط.”

ويضيف أن “المادة الثانية في هذا المقترح التي منحت مجلس القضاء الأعلى ترشيح الأعضاء نقضتها المحكمة الاتحادية، وبالتالي سيصار علينا تعديلها”، لافتاً إلى أن “البرلمان سيحاول تمرير مشروع القانون، وإن لم يتمكن سيمرر المقترح.”

وأثيرت المشكلة على وجه التحديد مع السلطة القضائية أثناء تشريع مجلس النواب قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (45) لسنة 2017 والذي منحها صلاحية تقديم موازنة السلطة القضائية، وترشيح أعضاء المحكمة الاتحادية الجدد.

وقضت المحكمة الاتحادية في وقت سابق بعدم دستورية المادتين 2/ أولا ببنودها (1، 3، 4) والمادة (3/ ثالثا – عاشراً- حادي عشر من قانون مجلس القضاء الأعلى رقم 45 لسنة 2017) استنادا إلى إحكام المادة (92) من الدستور بفقرتيها (أولا) و(ثانيا) من الدستور التي اعتبرت أن المحكمة الاتحادية العليا هيئة قضائية مستقلة مالياً وإدارياً ما يلزم أن تضع موازنتها السنوية بنفسها.

ويشير الغزي إلى أن “ثلث أعضاء المحكمة الاتحادية لا يتمتعون بسلامة جسدية متكاملة بعد ان تجاوزت أعمارهم التسعين سنة مما انعكس حتى على تواقيعهم”، داعياً إلى “الإسراع في إقرار قانون المحكمة لتفادي عملية الفراغ الدستوري بسبب المشكلة الحاصلة حالياً على الجهة المخولة في عملية الترشيح.”

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here