جمعية البيئة والصحة تطالب بتشريع قانون خاص لتلوث الهواء

لمناسبة الاحتفال بيوم البيئة العالمي الذي يصادف الخامس من حزيران في كل عام و بهدف رفع الوعي العالمي و تحفيز الحكومات و الشعوب لتبني قضايا الحفاظ على البيئة. فقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها رقم 2994- 27في 15 كانون الأول 1972

باعتبار يوم 5 حزيران يوماّ عالميا للبيئة في جلسة مؤتمر ستوكهولم و تمّ إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة ” UNEP” لتوضيح المخاطر المحيطة بالبيئة و ما يجب اتخاذه من إجراءات حكومية و شعبية للحفاظ عليها

مؤكدة أيضاً الى الحكومات و المنظمات العضوة في الأمم المتحدة على ضرورة ممارسة دورها في ذلك اليوم و من كل عام في إحياء هذه المناسبة من خلال تنفيذ نشاطات مختلفة للتأكيد على أهمية صيانة البيئة وتحسينها ، أصدرت جمعية البيئة و الصحة العراقية في المملكة المتحدة تقريراً عن مخاطر التلوث التي تعاني منها المدن العراقية حيث جاء فيه : وفي عام 1974 احتفل العالم بأول فعالية دولية تحت شعار” لدينا أرض واحدة فقط “. ومن ذلك الوقت يتم الاحتفال سنوياً بهذا اليوم العالمي و في بلدان مختلفة العالم . أما هذا العام 5 حزيران 2019 فسيعقد في مدينة هانغتشو, في مقاطعة تشجيانغ في الصين و سيتم التركيز على موضوع تلوث الهواء في العالم.

و في العراق تتعاظم أهمية الأمن البيئي بسبب المخاطر التي تحملها تلوث الهواء و الماء و التربة و يعني الأمن البيئي هنا ضمان بيئة آمنة و نظيفة تؤمن صحة المواطن العراقي و تدعم التنمية الاقتصادية المستدامة و يضمن التماسك الاجتماعي. و في هذا السياق حظى تلوث الهواء باهتمام عالمي مهم .

وأضاف التقرير إن التقرير الرابع للأمم المتحدة توقع عن حالة البيئة موت 7 ملايين من البشر حول العالم سنويا بسبب تلوث الهواء الداخلي و الخارجي, فكيف نعيش و نحن بصحة جيدة نحتاج الى هواء نظيف نستنشقه في كل لحظة

. ويعني تلوث الهواء آمرين الأول هو تغيير في نسب مكوناته و الثاني وجود مواد غريبة و عالقة فيه ولأسباب يمكن تلخيصها كالتالي:

• مسببات طبيعية في العراق مثلاً العواصف الترابية و الرملية. و يمكن لجزيئات الغبار الدقيقة أن تنتقل لآلاف الأميال عبر هذه العواصف، والتي قد تحمل أيضاً مسببات الأمراض والمواد الضارة، مما يسبب مشاكل في الجهاز التنفسي الحادة والمزمنة.

• نتيجة النشاط الانساني مثل استخدام الوقود الإحفوري لتوليد الطاقة و في وسائل النقل والذي يؤدي إلى انبعاث غازات عديدة سامة ودقائق عالقة منتشرة في الهواء .

وأهم الملوثات في الهواء هي أكاسيد الكبريت SOx، أكاسيد النيتروجين NOx، الأوزون O3، آول أوكسيدالكاربون CO، ثاني أوكسيد الكاربون CO2، وغاز الميثان والهيدروكربونات والفلزات الثقيلة، مثل الزئبق والكادميوم والزرنيخ، والمركبات العضوية المتطايرة، مثل البنزين والتولوين وإيثيل البنزين والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات وبعض الملوثات العضوية الدائمة، مثل الديوكسينات.

وتنتج ملوثات الهواء هذه من احتراق الوقود الأحفوري والنفايات الصلبة.

أما الجسيمات العالقة و هي أساساً مكونة من الغبار والدخان قابلة للأستنشاق ومصنفة كجسيمات خشنة وناعمة ذات أقطار ديناميكية أقل من 10 ميكرون (10 PM) و2.5 ميكرون (PM2.5) على التوالي ، أما المركبات الكيميائية الرئيسة للمواد الدقيقة فهي الكبريتات والنترات والأمونيوم والكربون العضوي و غبار التربة (يتكون من عناصر معادن) و يؤدي هذا التلوث الى العديد من الآثار الخطيرة والمزمنة على الصحة. و تتوقف الآثار الصحية للجسيمات العالقة كثيراً على خصائصها الفيزيائية و الكيميائية و حجم الجسيم هام ، حيث يؤثر ذلك على سهولة دخول الجسيمات إلى الرئتين.

وترتبط قدرة الجسم على حماية نفسه من الجسيمات المستنشقة وقابلية تأثر الأشخاص بالجسيمات ارتباطاً وثيقاً بحجم الجسيم وتركيبه الكيميائي فالتي يكون قطرها أكبر من 10 ميكرون عادة لا تنفذ إلى الرئة وتبقى لفترة قصيرة في الغلاف الجوي. ونتيجة لذلك، يربط الدليل الوبائي عموماً الجسيمات الأقل من 10 ميكرون والأقل من 2.5 ميكرون بالتأثيرات المعاكسة على الصحة. و هناك اهتمام أكبر مؤخراً بالجسيمات فائقة الدقة (التي يقل قطرها عن 0.1 ميكرون) لأنها يمكن أن تنتقل من الرئة إلى الدم ثم إلى أجزاء أخرى من الجسم. وأكد تقرير جمعية البيئة و الصحة إن في العراق يبلغ معدل التعرض للجسيمات الدقيقة (PM2.5) للتجمعات السكانية بأشكالها المختلفة ( الحضرية و الريفية ) يعادل 53.6 ميكرو غرام لكل متر مكعب و التي حسب توصيات منظمة الصحة العالمية ان لا يتجاوز 10 ميكرو غرام لكل متر مكعب. و يسبب تلوث الهواء آلاف من حالات الوفاة سنوياً.

و يعتبر تلوث الهواء الداخلي الأشد خطراً ، خصوصاً على النساء و الأطفال لاعتمادهم على أنواع من الوقود الملوث للهواء لأغراض الطبخ و التدفئة.

بالإضافة الى الأمراض و الخسارة البشرية يسبب تلوث الهواء أيضاً خسائر اقتصادية. و في العقود الأخيرة أدى ترسب النيتروجين الى خسائر كبيرة في التنوع البيولوجي في بعض الأنظمة الإيكولوجية الحساسة ، مثل المروج والبرك والمستنقعات. وقد أكدت اتفاقية التنوع البيولوجي بأن ترسب النيتروجين هو سبب هام لفقد العديد من الأنواع.

وتم تحديد عدة بقع ساخنة رئيسة في العالم يتعرض فيها يتعرض فيها التنوع البايولوجي لمخاطر جمة.

و يؤثر تلوث الهواء أيضاً على المعالم الأثرية والمباني نتيجة ترسب جسيمات السخام والغبار ويسبب ثاني أكسيد الكبريت والترسب الحمضي الذي يؤدي الى تآكل الهياكل الحجرية والمعدنية و التي تكلف مبالغ طائلة للصيانة و إعادة بنائها. أما في العراق فبسبب قلة استخدام الوقود النظيف في وسائط النقل التي تكتظ بها الشوارع بسبب غياب وسائل النقل العامة التي هي البديل لاستخدام المركبات الخاصة و التوسع في استخدام المولدات الكهربائية الأهلية المنتشرة على نطاق واسع و غياب المعالجة الفعالة لانبعاثات العمليات الصناعية و مداخن معامل الطابوق وندرة استخدام التكنولوجيا النظيفة أدت الى تدهور تلوث الهواء في العراق بمعدلات غير مسبوقة .

و هنا تمثل سياقات استخدام الغاز الطبيعي المضغوط في وسائل النقل كما في الهند مثلا خطوة إيجابية هامة مع ملاحظة مراعاة متطلبات السلامة و الصيانة المنسجمة مع أجواء العراق الحارة جداً. ومن الدول التي حالياً أعطت الأولوية للهواء النظيف لمواطنيها هي بريطانيا في سياق ستراتيجية الهواء النظيف لعام 2018 التي ستتوج بإصدار تشريع خاص هو قانون الهواء والمنشورة على موقع الحكومة المتعلق بالبيئة ، وهي وثيقة تحدد القياسات و المعايير النوعية

و الجودة للهواء في بريطانيا العظمي و بهدف تحسين نوعية الهواء ويضمن دعم التنمية المستدامة و يحسن صحة الإنسان من مخاطر التلوث. و كانت من ضمن المحفزات هي الدعاوى القانونية التي رفعت ضد الحكومة البريطانية من قبل منظمات المجتمع المدني لعدم اتخاذها خطوات فعلية لتحسين حالة البيئة

كذلك آراء و مقترحات منظمات المجتمع المدني التي تشكل أحد أشكال الرقابة الشعبية المدنية. و لتحقيق هذا الهدف رصدت حكومة المحافظين ميزانية بحدود 5.3 تريليون دينار لمكافحة هذا النوع من تلوث الهواء وأيضاً تفعيل الإجراءات القانونية بخصوص المركبات القديمة و فرض غرامات خاصة على وسائط النقل التي تستخدم الديزل . و أيضاً تشجيع شراء السيارات الكهربائية .

ولأجل من هذه التجربة طرح تقرير جمعية البيئة والصحة عدداً من المقترحات والمعالجات لضمان هواء نظيف و صحي للمواطن العراقي:

1. تحديث ووضع وحدات فاعلة جديدة لقياس معدلات تلوث الهواء في بغداد و المحافظات العراقية و رصد ميزانية لها في قانون الموازنة المالية القادم لعام 2020 مع وضع برامج و لتدريب العاملين فيها و تقديم تقارير دورية عن النتائج .و بهذا الخصوص نقترح أن تؤسس هذه الوحدات عبر التعاون بين وزارة البيئة و الصحة ووزارة التعليم العالي و البحث العلمي عبر التعاقد مع كليات البيئة في الجامعات الذي هو رصيد هام بما فيها من كوادر علمية و طلبة للماجستير والدكتوراه الذين تهمهم إجراء بحوث ذات أهمية بيئية واقتصادية و صحية تطبيقية للعراق. وتتضمن وثائق العقود تشخيص الاحتياجات المطلوبة من أجهزة حديثة و دعم فني وإداري و أيضاً دور الكلية في تحفيز و تشخيص باحثين ممن يودون دراسة الدكتوراه و المخرجات المطلوبة على صعيد قياسات التلوث البيئي و المواقع التي يصل فيها الى مدايات عالية مع ضمان حوكمة هذه العملية على أساس المعايير المهنية و العلمية لما سيتحقق من ناحية المضمون و التوقيت الزمني . وأيضاً بناء خوارزمات تساعد على التنبؤ بالازدياد الحاد في التلوث و إقامة بنك معلوماتي و بحثي وتفعيل العلاقة مع المنظمات العالمية المهتمة بشؤون تلوث الهواء في العراق.

2. إعداد سياسة واضحة بخصوص استخدام وسائط النقل القديمة و التي هي أحد مصادر التلوث بأكسيد النيتروجين مع تحفيز و دعم تجديدها بوسائط نقل صديقة للبيئة .

3. اعتماد نتائج البحوث و الدراسات العلمية حول تلوث الهواء لوضع تشريع قانوني خاص بتلوث الهواء مع معالجة المعوقات التي أضعفت تفعيل قانون البيئة العراقي لعام 2009.

4. تُمثل التوعية المجتمعية أحد مقومات الوقاية من التلوث البيئي و التعامل مع تبعاتها الصحية. و يتم ذلك بالتعاون مع الأعلام العراقي و مؤسسات المجتمع المدني في العراق إضافة الى أدوات الدعاية المكتوبة و المسموعة و المرئية و أليات التواصل الأجتماعي.

5. تدوير النفايات الصلبة بدلاً من حرقها الذي يؤدي إلى إطلاق الديوكسينات الضارة والفيوران والميثان والكربون الأسود في الجو و تلوث الهواء و استعمالها لتوليد الطاقة مثلما هو موجود في ألمانيا و السويد.

6. توسيع زراعة الأشجار و إقامة الحدائق العامة و اتخاذ إجراءات صارمة بحق تجريف بساتين النخيل ، حيث أن قطع النخيل و الأشجار يتسبب بالاضافة الى فقدان خصوبة التربة الى نقص الأكسجين في الهواء، مما يسبب في تلوث الهواء في الكثير من المدن، وازدياد عدد الأشخاص الذين يعانون من العديد من الأمراض الخاصة بالتنفس مثل الربو.

و أكدت الجمعية إن على البرلمان العراقي كجهاز تشريعي و رقابي تقع مسؤولية الإسراع في إقرار مقترح تشكيل وزارة خاصة بالبيئة و عقد جلسات متخصصة لمناقشة أوجه التحديات البيئية و منها إصدار قانون خاص حول تلوث الهواء في العراق يضمن الحد من الممارسات الضارة بالبيئة العراقية خاصة في قطاع النقل و المواصلات و الأنشطة الصناعية، و متطلبات التصدي لها و العمل على توفير التخصيصات المالية الكافية للموازنة المالية القادمة.

و ختاماً في هذا اليوم المشهود ندعو العلماء العراقيين و الجاليات العراقية في الخارج من المهتمين في شؤون البيئة و الصحة التعاون جميعاً لدعم و إسناد مشاريع وخطوات تحسين الواقع البيئي و الصحي في العراق والاحتفال بيوم البيئة العالمي .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here