طبخات سياسية فـي المحافظات تركن التحالفات التقليدية مع قرب الانتخابات المحلية

يشير حراك القوى السياسية بإقالة المحافظين واستبدالهم إلى ظهور خارطة تحالفات محلية في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة، مغايرة لصورة التحالفات السابقة في تلك المحافظات والموجودة الآن في مجلس النواب.

ما شهدته التغييرات في بعض المحافظات في الأشهر الستة الماضية، كشف عن وجود انشقاقات في تحالفات تقليدية، واصطفافات جديدة تختلف عن تلك التي شكلت الحكومة في بغداد في أيلول 2018، وهو ما جرى مؤخراً في كربلاء وذي قار ومحافظات أخرى.

بدا تشكيل صورة جديدة للتحالفات المستقبلية في المحافظات واضحاً عند اختيار محافظ نينوى منصور المرعيد، مرشح كتلة الفتح (فالح الفياض)، والتي هي جزء من تحالف البناء الذي يضم الأخير إلى جانب المالكي وقوى الحشد الشعبي وأطرافاً سنّية.

في اختيار المرعيد ــ الذي جرى وسط شكوك بيع وشراء المنصب ـــ حدث أول انشقاق للقوى السُنية المنضوية في “البناء”. أحمد الجبوري (أبو مازن) وخميس الخنجر أخذا جانب المرعيد، مقابل طرف آخر شكّل جبهة جديدة باسم “اتحاد القوى”، أبرز قياداتها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

من المعروف أن حكومة عادل عبد المهدي تشكلت وفق تفاهمات بين “البناء” و”سائرون” المحسوبة على زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إلا أن التحالف لم يمنع الصدر من انتقاد المرعيد بشدة، واصفاً انتخابه بـ”المهزلة!”

موقف “الصدريين” تكرر في قضية محافظ كربلاء عقيل الطريحي، الذي أقيل نهاية أيار الماضي، بعد تردد استمر لأكثر من 4 سنوات من أطراف في دولة القانون وقوى أخرى.

وبحسب مصادر (المدى) في المجلس، فإن أعضاء التيار الصدري، انقسموا بين مؤيد ومعارض لإقالة الطريحي، الذي يعد مقرّباً من حيدر العبادي، القيادي في تحالف الإصلاح الذي ينتمي إليه مقتدى الصدر.

بالمقابل، اصطف تيار الحكمة، وهو شريك الصدر والعبادي في تحالف الإصلاح، مع الجهات التي قامت بإقالة الطريحي.

واقترب المحافظ المقال بعد 2014 من رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، ما جعله في صف الخصوم بالنسبة لدولة القانون (جناح المالكي)، والذي هو شريك في كتلة الفتح.

وقاد النائب علي المالكي، حينها، شقيق النائب السابق ياسر المالكي صهر رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، حملة للإطاحة بالطريحي، عبر كتلته (الدولة العادلة).

وفي 2014 استجوب المجلس المحافظ وصوّت على عدم القناعة بأجوبته (غيابياً) لكن المجلس لم يُقدم وقتها على إقالته، إلا بعد 5 سنوات من ذلك الحادث!

ووجدت المحكمة، في شباط الماضي، أن قرار إقالة الطريحي، بعد نحو 500 جلسة عقدت بعد الاستجواب، أمر غير منطقي وأعادته الى منصبه مرة أخرى.

وشهدت تلك الفترة تغيرات في مناصب محافظي بغداد، الأنبار، صلاح الدين، بابل، المثنى، واسط، والنجف التي عاد محافظها بعد ذلك بقرار قضائي. وتقول مصادر سياسية لـ(المدى) إن التغيرات في التحالفات في المحافظات يشير الى احتمالين: الأول أن القوى السياسية تحضر لخارطة جديدة في انتخابات مجالس المحافظات، والمتوقع إجراؤها في ربيع 2020، والاحتمال الآخر أنها وسيلة للضغط على الحلفاء والخصوم معاً. وفي ذي قار، انقسمت التحالفات حول استجواب المحافظ يحيى الناصري، تمهيداً لإقالته بسبب 26 ملفاً، تضم اتهامات بهدر المال العام وسوء استخدام السلطة. ومن المفترض أن يتم اليوم (الإثنين) إجراء الاستجواب، لكن نعمان الإبراهمي، عضو حزب الفضيلة في مجلس المحافظة يقول لـ(المدى) إن “الجلسة قد لا تعقد بسبب انسحاب بعض الموقعين على استجواب المحافظ”.

وبحسب القانون فإنه يتم استجواب المحافظ، بعد أن يقدم ثلث أعضاء المجلس طلباً بذلك (11 عضواً من أصل 31 في مجلس محافظة ذي قار)، لكن وبحسب الإبراهمي فإن “اثنين على الأقل سحبا توقيعيهما.”

وكانت قائمة الموقّعين على استجواب الناصري، تضم أعضاء من دولة القانون والتيار الصدري وتيار الحكمة وكتل أخرى.

وقال رئيس ائتلاف دولة القانون في المحافظة النائب عبد الهادي السعداوي، قبل أيام، إن مجلس المحافظة “يتحمل مسؤولية اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لاستجواب محافظ ذي قار وإقالته من منصبه كونه أصبح عبئاً على هذه المحافظة.”

ودعا السعداوي رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق تتابع عمليات الإهمال والتقصير الواضحين في أداء الواجب والمسؤولية وشبهات الفساد عند محافظ ذي قار وإرسال طلب الى مجلس النواب ضمن السياقات القانونية المعمول بها ليتخذ مجلس النواب القرار المناسب في ذلك.

والناصري هو رئيس كتلة التضامن، التي دخلت مع ائتلاف دولة القانون في تشكيل الحكومة المحلية بالمحافظة عام ٢٠١٣.

ويتعكز المعارضون لاستجواب الناصري، على ثغرة قانونية في النظام الداخلي، قد تبعد شبح الاستجواب عن المحافظ.

ويقول نعمان الإبراهمي إن “النظام الداخلي للمجلس (سَكَتَ) عن حالة سحب المستجوبين تواقيعهم بعد وصول الطلب الى المستجوب وتحديد جلسة لاستجوابه”.

وبحسب المسؤول المحلي فإن البرلمان فسّر هذه الحالة، بعد إرسال استفسار له، بإنها “تبطل الاستجواب” وفقاً لنظامه الداخلي (نظام مجلس النواب).

وقبل أسابيع كان مجلس المحافظة قد ألغى استجواباً لمدير التربية في ذي قار، لنفس الأسباب بعدما قام عدد من المستجوبين بسحب تواقيعهم بعد تحديد الجلسة، وهي سابقة قد تتكرر مع المحافظ.

بالمقابل، بدأ أعضاء في مجلس المحافظة الدعوة الى “تعديل النظام الداخلي” وإضافة فقرة تتعلق بتنظيم الاستجواب، وهو أمر قد يؤجل استجواب المحافظ حتى ذلك الحين.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here