و للإسلام رجالٌ صدقوا على ما عاهدوا الله عليه … عليٌ أنموذجا

بقلم الكاتب احمد الخالدي

حينما نتكلم عن علي ابن ابي طالب فإننا يقيناً نتكلم عن المنهج و الأخلاق و الخِصال التي تحلت بها هذه الشخصية المثالية التي أعطت للبشرية أكثر مما أخذته منها، فشخصية الخليفة علي ( عليه السلام ) جديرة بأن تكون مفخرة للأجيال في كل زمان و تستلهم منها الدروس و العِبَر فتستذكر مناقبها و تصدرها للأمم الأخرى كي تنهل من معينها المِعطاء، و حريٌ بنا أن نربي فلذات أكبادنا على معانيها الإنسانية النبيلة، فهذا الأنموذج الذي تربى في مدرسة الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و تعلم في حجره الكريم الأخلاق الحسنة و قيم العدالة الاجتماعية التي يتساوى في مضامينها العربي و الأعجمي فلا فرق بينهما إلا بالتقوى، فعليٌ رجل المواقف الصعبة و القيادة الضرورة، فرغم مرور السنوات الطِوال إلا أن صدى موقفه الحازمة لا تزال تصدح بها الحناجر المعتدلة ؛ لما قدمه من خدمات جليلة و كثيرة في الوقت نفسه تصب في مصلحة الإسلام و عامة المسلمين، فهو بمواقفه النبيلة قد وضع النقاط على الحروف و بشكل الصحيح، ولنا خير شاهد على ذلك ما قاله الخليفة عمر ( رضي الله عنه ) بحق علي : ( لولا علي لهلك العمران ) كلمات تستحق منا التوقف عندها و التأمل بمضامينها التي تدعو إلى الوحدة الصادقة و نشر ثقافة التسامح و المحبة و التعايش السلمي بين جميع الملل الإسلامية، بالإضافة إلى ما تحمله من جواهر كلامية و معاني نفيسة، فعليٌ لم يك بذاك الرجل الذي يحتاج لغيره من البشر ؛ لأنه الإيمان كله وكما وصفه بذلك رسول الله يوم الخندق بقوله ( خرج الإيمان كله ) بل هو بحد ذاته موسوعة علمية فكرية معرفية واسعة، فنهجه القويم هو بمثابة المقدمة الناجحة في طريق التكامل الإنساني ، فهو ( عليه السلام ) المرآة العاكسة لما عند نبينا الكريم من خُلُق حسنٍ، و شمائل طيبة، و أخلاق حميدة، فهو الامتداد الطبيعي للجوهرة المحمدية الأصيلة الناصعة، هو المضحي بدمه و نفسه و ماله أمام عزة ديننا الحنيف و علو كعبه، و خيبر خير شاهد على شجاعته و بسالته التي مكنته من سحق أشجع الشجعان كيف لا و الفرسان تخشى منازلته حتى استطاع من رفع راية الإسلام خفاقة فوق سور خبير ذلك السور الذي عجزت الأقوام تلوَ الأقوام من اقتحامه، علي دار العلم و الفكر، علي باب مدينة علم النبي، علي رمز الكرامة الإنسانية و عنوانها الرصين، علي الناطق بالحق و الصدق و العدل و الإحسان، عليٌ آثر طاعة الكِرام على طاعة اللئام، فنال أسمى درجات الشهادة ؟ فهذا كتاب كنز العمال ج6 ص156 ينقل ما جاء عن أم المؤمنين عائشة ( رضي الله عنها ) ما قاله الحبيب المصطفى بحق علي : ( النظر في وجه علي عبادة ) فإذا كان النظر في وجه علي عبادة فكيف بحبه و إتباعه ؟ وهذا ما بينه المحقق الصرخي بالمحاضرة (8) من بحث تحليل موضوعي في العقائد و التاريخ الإسلامي في 12/8/2016 فقال: ( جعل الشارع المقدس حبَّ علي حباً من الله و حباً لله، و أنه علامة الإيمان، و أن الإيمان ينتفي بانتفاء هذا الحب، وفي المقابل جعل البغض المقابل له علامة النفاق و استحقاق العقاب و النار، فهل فعل الله تعالى ذلك عن عاطفة و هوى و ترجيحٍ من غير مرجّحٍ ؟ أو هو عقل و حكمة و مصلحة و ملاك و علةٍ و استحقاق ؟ ) .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here