أزمة الكهرباء تهدد بإشعال شرارة التظاهرات في المحافظات الجنوبية

بغداد/ وائل نعمة

بدأ اختبار الصيف الأول لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي ووزير الكهرباء لؤي الخطيب، بتهديد من محافظ المثنى أحمد منفي، الذي قال إن صبر سكان المحافظة على سوء الكهرباء “له حدود.”

ومن المتوقع أن يشهد الأسبوعان المقبلان تظاهرات كبيرة في المثنى والبصرة ومدن أخرى في الجنوب، على إثر تراجع تجهيز الطاقة وارتفاع درجات الحرارة التي وصلت في بعض الأيام الى نصف درجة الغليان.

وكانت البصرة قد هددت، في الربيع الماضي، بـ “الإطاحة” بحكومة بغداد في تظاهرات الصيف إذا لم تقم الأخيرة بمعالجة سريعة لسوء الخدمات وإصلاح منظومة الكهرباء.

وقال عبد المهدي، أول من أمس الثلاثاء، إن حكومته استطاعت إيصال إنتاج الكهرباء إلى 18 ألف ميغا واط، وهو ما اعتبره “إنجازاً كبيراً”.

لكن سكاناً في المثنى، قالوا أمس لـ(المدى) إن تجهيز الكهرباء أقل من 12 ساعة يومياً ولا يمكن (للطاقة الواصلة الى المنازل) أن تشغل مروحة لانخفاض الفولتية التي تصل الى 100 فولت (الفولتية الاعتيادية في العراق 220).

وقالت وزارة الكهرباء، الشهر الماضي، إنها ستتمكن من تجهيز 20 ساعة من الطاقة يومياً الى المحافظات.

بالمقابل، دعا محافظ المثنى إلى إعلان حالة الطوارئ في المحافظة بسبب سوء تجهيز الطاقة الكهربائية.

وقال منفي، في رسالة نشرها ديوان المحافظة بالصوت والصورة: “مع الأسف الشديد هناك سكوت من قبل الحكومة الاتحادية تجاه محافظة المثنى”، مشدداً على أن “المحافظة ليست حقلاً للتجارب من قبل وزارة الكهرباء”.

وبيّن المحافظ أن “الصبر له حدود لأن أبناء المحافظة من غير الممكن أن يسكتوا”، داعياً أعضاء مجلس النواب الى “التواجد داخل وزارة الكهرباء والمحافظة”.

سندخل بيوتكم !

ودشّن ناشطون في المثنى، خلال اليومين الماضيين، هاشتك “احذروا – غضب – المثنى – سندخل – بيوتكم”، كما طالبوا السكان بالخروج في تظاهرات سلمية، مساء الجمعة المقبل، لإقالة مدير الكهرباء في المحافظة.

يقول باسم خشّان، أحد قادة تظاهرات الصيف الماضي في المثنى، في حديث مع (المدى) أمس، إن “انتظار الصيف وسوء تجهيز الكهرباء للخروج في تظاهرات لن يحقق الخدمات لسكان المثنى.”

وكان خشّان يأمل أن يستمر الضغط في المحافظة “لمحاربة الفساد” باعتباره أساس المشاكل في المثنى.

وقاد الناشط المدني، العام الماضي، اعتصاماً مفتوحاً استمر عدة أشهر في المحافظة، قبل أن يفضّه بعد أن تلقى وعوداً محدودة.

ويقول الناشط المدني: “منذ الصيف الماضي وحتى الآن لم يتغير شيء في المحافظة”، مبيناً أن الأموال التي تخصص للمشاريع في المحافظة تذهب الى جيوب الفاسدين.

ويتهم خشّان بعض السياسيين في المثنى بالضغط على القضاة لغلق ملفات الفساد، كما يقول إن لديه ملفات يمكن أن تعيد الى المحافظة مليار دولار (أكثر من ترليون دينار) أهدرت في السنوات الماضية.

وقتل في احتجاجات الصيف الماضي نحو 30 شخصاً في الجنوب وأصيب العشرات بعد مصادمات مع القوات الأمنية وأجهزة تابعة لأحزاب.

واعتقل في البصرة لوحدها 300 شخص بتهم التحريض وحرق مقارّ الأحزاب والقنصلية الإيرانية في المحافظة.

وهدّد السكان في البصرة بتظاهرات كبيرة في موسم الصيف الحالي، كما هددوا بأن احتجاجات العام الماضي ستكون مجرد نزهة مقارنة بالتظاهرات الجديدة.

قبل انزلاق البصرة

يبدو عبد المهدي أوفر حظاً من سلفه حيدر العبادي، الذي شهدت البلاد في السنة الأخيرة من ولايته موجة حر شديدة وشحة بالمياه وارتفاع مناسب الملوحة في شط العرب.

وقد يساعد الخزين المائي، غير المسبوق في العراق، والذي وصل الى نحو 60 مليار متر مكعب بتخفيف غضب الشارع، على الرغم من أن الحكومة لم تكمل حتى الآن أي مشروع لمعالجة المياه المالحة في الجنوب.

وكان عبد المهدي قد حاول، خلال الشتاء الماضي، اتخاذ إجراءات استباقية لمنع انزلاق الأوضاع في البصرة كما الصيف الماضي.

وأرسل رئيس الحكومة، في آذار الماضي، زعيم منظمة بدر هادي العامري الى البصرة بصلاحيات استثنائية لمتابعة المشاريع الخدمية، لكن العامري اعتذر بعد ذلك بوقت قصير بسبب استحالة المهمة، بحسب بعض المصادر في المدينة.

كما حصلت البصرة في هذا العام على أضخم موازنة منذ 2014، ومن المفترض أن تخصص للمشاريع الخدمية وإنتاج الماء العذب.

لكن سمير المالكي، وهو ناشط مدني في البصرة، يقول لـ(المدى) إن “لاشيء تغير في المدينة منذ الصيف الماضي.. نسمع الكثير من الوعود، لكن بدون تنفيذ”.

ويؤكد المالكي وجود دعوات لانطلاق مظاهرات “كبيرة جداً” ستنطلق يوم 20 من حزيران الحالي او في بداية تموز المقبل.

ويقول الناشط إن أمام الحكومة “وقتاً قصيراً لإقناع البصريين بالعدول عن التظاهرات التي يمكن أن تحرق المدينة بالكامل”.

الرد على تجاهل الفدرالية

وكانت بعض الأطراف في البصرة اقترحت تحويل المدينة الى إقليم، كواحد من الحلول لإيقاف التظاهرات، لكن الحكومة مازالت تماطل في التنفيذ.

ويقول كريم الشواك، عضو في مجلس محافظة البصرة واكثر المؤيدين للإقليم، لـ(المدى) إن “الحكومة تجاهلت مطلبنا بإقامة الإقليم وسنقوم بالرد عليها بالطريقة المناسبة”.

وأرسل مجلس المحافظة، مطلع نيسان الماضي، طلباً الى الحكومة للايعاز الى مفوضية الانتخابات بالتحضير لاستفتاء شعبي لإنشاء الإقليم، لكن الحكومة لم تعلن عن أي موقف حتى الآن.

يقول الشواك: “لن نعجز عن إجابة الحكومة ولدينا تكتيك غير معلن لإجبارها على تنفيذ مطالبنا”، ملمحا الى إثارة الشارع في البصرة خلال التظاهرات المتوقعة للضغط على الحكومة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here