بعد عودتنا من جصّان بأشهر [ سكن معنا أبناء عمّي وهم صادق وناصر وأختُهما

صِدّيقه ] كان ذلكَ في صيف عام 1946 أمّا أخوهما الرابع [ سعيد ] فقد ذهب مع

أمّه العمّه خميسه وأقاما في بيت والدها الحاج عبد الوائلي .

في عام 1947 تكون أمّي قد وضعتْ بنتاً أسميتُها عبله إعجاباً مني بعنترة وابنةِ عمه

عبله حيث كان يُعرض في سينما الكوت الشتويه الواقعه على نهر دجلة وهـو إخراج

وتمثيل مصري ويُـمـثل دور عـنـترة سـراج مـنـير ودور عـبلة تحـيه كاريوكا و معنـى

كاريوكا والكلمة يونانيه هو تحية ملونة والـسـينما هي من مُخـلّـفات الانكلــيز عند

تـشـيـيدهم لـسـدّةِ الكوت عام 1939 استأجرها إبراهيم عطروزي من البلدية وهـذا

الـرجل لا أعرف من أين أتى ومتى سَـكنَ المـدينة وأتوقـع هو بـغـدادي شـاهـدتُهُ مرّاتٍ

عـديـدةً عند ما كُنتُ أمرُ من

الشارع المُؤدّي الى مـنزلنا والمسمى بشارع السجن لأن الـسجن يقع عليه مع

مقبرة الانكليز وما زال هذا الشارع على حاله وإن تغـيـرتْ بعـض المعالم بفعل التقادم

وذلك بتهدم السجن وخراب مقـبرة الانجليز بـعـد اخراج جثمان القائد واهمالها .

وما زلتُ أتذكرُ بعض ملامح إبراهيم عطروزي فهو قصير القامه يعتمر بجرّاويه على

الطريقه البغداديه والجرّاويه لفظه عراقيه معناها العمامه وهي يشماغ يُلـفُّ على

الـرأس وأكثر البغداديين يومذاكَ كانوا يـلبـسـونها ، كُـنتُ أراهُ أحياناً وأنا راجعٌ من

مدرستي واقفًا في مـدخل الدربونه [ الزقاق ] المقابلة للـسـجن وكان منزله مع منزلين

أو ثـلاثة بداخله .

أعودُ الى ذكر أختي [ عبله ] فرحتُ بها كثيراً حيث عوضتني عن أخويَّ الراحلين

وبعد مضي أشهر على ولادتها تنتكس بصورة فجائية فقالوا أنّها مُـشـتمّةٌ لرائحةَ

قُـنْـفُـذٍ ونـسـبـوا ذلك لعـديل أبي وابن خالته الحاج حـسـون حيث كان يُـعملُ لـهُ هذا

الشراب حصل ذلك زيارات زيـارات والـدتي لأخـتـيـها ولا أعرف الى الان ما علاقة

القنفذ ورائحـتـهِ وهذا الشراب المسمى باسمه .

تدهورت صحة أختي عبله فذهـبوا بها الى المسـتـشـفى وبـعـد الـكشـف ظهر أنّهـا

مُـصـابـة بذات الجنب ولا بُـدّ من النوم بها في المُـسـتـشـفى لمُـدّة إسبوع على الاقل

رفضتْ أمّي المبيتَ معها وكانتْ تقول : شنو فرقها عن الراحوا قبلها إلّا أنّ زوجـة

عـمي عـسـاف الحاجه خميسه تبرعتْ بالمبيت فـعادوا بها الى المُـسـتـشـفى وبعد

عِـدّة أيام تعودُ ومعها أختي فـكان ســروري بـها كـبـيراً .

في هذا البيت مَـرّتْ عَـلَيَّ أحداثٌ خطيرةٌ وكثيرةٌ بـدأتْ أولاها بمرض الملاريا الـذي

تركَ بصمـةً في ساقي اليُسرى وهي نُـدبه بقـدر الدرهم حيث جاءني المرض بلدغة

بعوضه رسم القدر المحتوم لأكون من ضحاياها ولكن ما قدّره لي ربُّ العالمين هو

غير ما رسمه المرض فـقـد تعافيتُ مـنـهُ وأنا بعمر سنتين ونصف إلّا أنّ بقية اثاره لم

تـبـرحني وهي كوابـيـسٌ أقضي ليلتي معها في عـراكٍ تتجسم في اشباح لأُنـاسٍ يُحيطون

بـي يُريـدون قتلي وهم يخرجون لي من باطن الارض وأنا بينهم أضربُ بـكـلا يـديِّ

الاثـنـتـيـن يـمـيـناً وشـمالاً وقـد أقـلـقَ الـوضعُ والـديَّ فـوضـعـاني مـعـهما على الـسـرير وهما

بـين الـتألم على حـالي والانـزعاج من حـركاتي الـعنـيـفةِ متحملان ذلك بصبرٍ أمّا

بالنسبة لإخوتي فكانوا ينتظرون هذه الساعة كي يُـشاهـدوا مـسرحيّةً هزليةً ممثلها

بطلٌ واحـدٌ ولأجل مشاهدتها يختلقون الـعِـلل لنومهم في حجرة والديّ .

إستمرَّ هذا الـوضعُ طويلاً فاقـتـرحتْ أمّـي على أبـي أخـذي لأحـد الـرُقـاة كي يُـرقـيني

ويعـمل رُقـيـةً تطرد عـني هذه الكوابيس فأخـذني أبي الى الـمُـلا هـوبـي وقـرأ على رأسي

ما يحفظ من تـعـاويذ ثـم ذهـبي الى دُكـان آخر هـو مـشـهدي حـسـيـن والد حـيدير

وكريم وعبد الحسن وعبد الامير الملقب [ بأبي ] المعوق في يده اليمنى وقد

سُـفّـروا الى ايران في زمن حكومة البعث في السبعينات أقول : اتفق والدي مع

مشهدي حسين على مبلغ لا أعرف مقداره لـيـكتبَ لي حِـرزًا أو حِجابًـا .

لبـسـتُ الحِرز أوالحِجاب زمنًـا إلّا أن الوضع لم يتغير فالكوابيس لم تُطرد وظلّتْ

تـأتيني ليلاً وتُغرقني في معارك طاحنةٍ وفي عراكي أقتلُ الكثير وكانت آخرَ معركةٍ خضتُها

خروجُ رأسـين من تحت الارض أخـذتُ أركـلهما بـرجلي الى أن قضيتُ عليهما وبهذه

المعركه إنـتـهى مسلسل الكوابيس بعد مُضي زُهاء عامٍ كاملٍ أو يـزيد وبالفعل عندما

أراجع مسيرة حياتي أراها معاركاً لا تنتهي وسـيتبين ذلكَ في محطاتي القادمة وكأنّي كُنتُ

أرى فصول حياتي مُسبقاً أمّا الحجاب فقد قُمتُ بفتحه لأعلَمَ ما مكتوب بداخله

فـوجـدتُ ورقـةً لا يتجاوز عـرضها خمـسـة سـنتيمات وطولها يبلغ الخمـسـين سـانتي فيها

رسـوم لمثلثات وحروف ورموز لم أفهم دلالاتها فجئتُ بها لأمّي فحذرتني من تمزيقها

وأخذتها مني لتُعيدَها الى غلافها ولم أرَها بعد ذلك وبقي ما لازمني جَرّاء المرض وهو

ارتعـاشـة بردٍ أو رجـفة شـديـدة بين فترة وآخـرى وكأني في زمهرير يــومٍ شــتـويٍّ عاريًّا

و كانت المرّةَ الاخيرةَ التي عادتني أثـناء شـربي الماء من صنبور المياه المثبت وسـط

صحن الـدار حيث كانت عمّتي خميـسـه أم صـادق قربي فنادتْ على أمّي [ إجَـتّـه ]

وتعني بها الرجفـةَ وطلبَتْ الاسراع بتغطيتي وقد حملتني ووضعتني على حصير

مفروش في الطارمة كان ذلك في الصيف فجاءتْ أمّي مُسرعةً بإزارٍ من الصوف ثم

بثانٍ وثالثٍ وأنا أرتجف حتّى خافتْ عليَّ من الاختناق وبقيتُ أرتجف تحت الاغطية

الى أن عادتْ حالتي الى طبيعتها وبقيت الاسـباب مجهولة بالنـسـبة لأبي وأمي

والمعروفة لدى اهل العلم انها حالة تَـفَـجّـرُ الكريات الحمُر وهي الحاضنة لطُفيلات

الملاريا وفي تـفجرهـا تـخرج الطُفيليات سابحَةً في دّمي ومن جراء ذلك تحصل الرجـفـةُ

وتـبـدأ معركـة الكريات الـبـيض الـتي تـتـصدّى لـها فـإذا ضعُـفَـتْ امام طُفيليات المرض

فيذلك يكون مصير المريض الموت ولكني تغلبتُ عليه والحمدُ لله .

ومن ذكرياتي في بيت جاني وفي أحد الصباحات كُنتُ ألعب مع أخي الكبير نـافـع

حيث كنتُ آتيه راكضاً فيرفعني الى الاعلى وأعود متراجعاً الى الخـلف تـكـررتْ هذه

عِـدّة مـرّات وفي رجوعي الاخـير سـقـطتُ على ظهـري وهـنا يلعب الـقـدرُ مـعـي لُـعـبَـتَـهُ

أيضًا ليأتي بشخصٍ على دراجةٍ هوائيةٍ لا يُجيدُ ركوبَها فـيتوجه نحوي تـاركًا الشارعَ

الخالي على عـرضـه لِـيــصـعـدَ على وجـهي ويـكـسر أنـفي وشـعـرتُ بـتـهـشـم قصبة الانف

وأخي [ نافع ] قاعـدُ في عِـتبة الباب يُشاهدُ الحَدثَ ويضحك .

ولا ادري مَنْ أخبرَ أبي وقد كان خارج البيت فـأمسك بصاحب الدراجه وقـد أوسـعه

ضرباً بعـقـاله وصاحب الدراجه يـسـتغـيـث ويقول [ والله عمّي ما أدري ] ويـلـتـفـتْ أبي

نحـوي فـيـجـدني غـارقــاً بـدمي فـيُسارع لأخذي الى الشرطةِ لتسجيل دعوى على صاحب

الدراجةِ وأنا أرفض لخـوفي من الـشـرطة ولا أدري سـبـبَ هـذا الاحـسـاس الغريب وأنـا

طـفـل أصرخ و اقولُ أخـاف يـحـبسـوني وقـد صدق هـذا الاحـسـاس ، حاول أبي سحبي

وإقـناعي إلّا أنّي إمتنعتُ عـليه فنــادهُ رجلٌ قائلاً إبنكْ غركْ بالدم ودّيه للمستشفى

توجهـنا الى المستشفى التي تقع مقابل سـدة الكوت وهي من أبنية الشركة الانجليزية

وتقع قبالتها والمسافة بعيدة من مسكننا للوصول اليها والدماء تسيل بغزاره وعند

تجاوزنـا مبنى الـسـجـن نادى على والدي رجلٌ وقال له هنا معمل الثلج اغـسل راسـه

بالماء البارد ســـرنا الـثلاثة نـحو معمل الثلج فأخـذ الرجل طاسـةَ وغرف بها من حوض

تجـميد القوالب وسـكبها على رأسي ثم كرر بالثانيةِ وفي الثالثة انقطع النزيف وعاود

أبي مُحاولاً إقناعي بإقامة دعوى لدى الشرطة على صاحب الدراجة فأعودُ صارخاً

أخـاف يحبـسـوني وينتهي الامــر بالرجوع الى البيت بأنفِ مكـسـور وثـوبٍ مَـصـبـوغٍ

بـالـدمـاء أمّـا صاحب الـدُراجـة الهـوائـيةِ فـقـد إغـتـنمها فُـرصةً للـهـزيـمةِ وبعد زمنٍ طويل

عرفتُ صاحب الدراجة ماجـد صبري وكان في الرابعة عشرة من العمر عند حصول

الحادث حـسـب تـقـديري حيث كان يـسـكن مع أهله في مـنزل مـقـابل الـسـجن وفي مطلع

السبعينات بـعـد مضـيِّ ســنـينٍ على الـحـادثـةِ التي تسببت بمشـاكل تنفسية لا اتخلص

منها الا باستعمال قطرات طبية لفتح مسالك الانف استمرت معي حتى اجراء العملية

عام 1971 جيكوسلفاكيا والتي كلفتني مبلغًا .

اقول جـاءني يـومًا في السبعينات الى دائـرتي غـرفـة تجارة الكوت ماجد صبري لمنحه

هـوية الغرفة للحصولِ عـلى وكالة الأدوات الاحتياطيه للسيارات فدار بيني وبينه كـلامٌ

حول الحادثه والمشاكل التي أعـانـيها جراء كسر انفي وأنـا بين الجَــدِّ والهـزل اتـفـقـنا على

أن يـدفع اُجـرةَ العـملـيـةِ ومضى على هـذا اللـقـاء قرابة اكثر من عامين بعد اجراء العملية

صـادف أن ذهبتُ في أحـد الايـام الى الـحَـمّام الـعـام [ حَمّام هـلول ] وعـنـد دخـولي وإذا

بـصاحـبي مـاجـد صـبري أمـامي وعلى ذِكـر الحمّامات كان في الكوت ثلاثة حمّامات

عـامّـة [ حمّام هلول للرجال وبجنبه حمّام ] للنـسـاء تُـديـرُه زوجة [ هَلّول ] وآخر

رجالي يقع في سوق رؤوف الحالي كان يُسمّى [ بحمّام سعيد ] وسعيد أصلهُ من

حديثه سَكَن الكوت في بداية الثلاثينات من القرن العشرين .

أعـود الى ماجد صبري حيث كان في إسـتراحـةٍ يتهيّأُ بعدها للخروج وضعتُ ملابسي

قربَ ملابسه وسـلّـمـنا عـلى بـعضـنا وتـطرقتُ الى اتفاقنا وأخـذتُ أشـرح له عـن العمليه

وآلامها والمـبالغ التي صرفـتها وإذا بصاحبي يـتـفصّـد عَـرقــاً وكأنّه داخل ســـاونةٍ بـل أشــدُّ

منـها حَــرّاً وقـد إلتهبَ وجههُ بحُمرةٍ حتّى كاد ينزفُ دماً ووعدني بـدفع المبلغ الـذي

إتـفـقـنا عليه وهو [ مائة وخمسون ديناراً ] نصف المبلغ الذي تـكـبـدتُـهُ في سـفري مع

العملية ثم لبس ملابسه على عَـجَـلٍ وخـرج ومن ذلكَ اليوم والى يـومـنا هـذا لم ألـتَـقِهِ

ولكن بعـد أيـام من لـقائنا جـاءني أبـي يُعاتبني على مطالبتي مـاجـد صبري بمـبـلغ تـكالـيـف

العـملية وهو ما اتـفـقـنـا عليه ثم سـألـتُ أبـي مَنْ أخـبركَ بذلك فـقال: هلّول قلتُ وما

علاقة هلّول بـماجـد صبري فقال أنَّـهُ صِـهـرُهُ فـفهـمـتُ من هذا أن أقرأ الـفـاتحـةَ على

روح المبلغ الذي تكبدتُهُ وتركتُ الموضوع ليبقي ذكرى أسـجلها الـيوم على هـذه

الصفحة ولـو اسـتغـلَّ أبـي هـذه الـحـادثة في يومها عشائريًّا لاسـتـفـاد تـعـويـضًـا مُـجـزيًـا .

وفي هذا المنزل بعد أنْ تعافيتُ من مرض الملاريا طلبتُ من والدي شراء دجاجة

مع ديك لأتسلى بهما وأجني البيض فوافقني واشتراهما لي ووضعتهما في سرداب

البيت وبالفعل كانتْ دجاجةً كريمةً معي فهي تهـبني بيضةً كلّ صباح أفطر بها وقـد

داومتُ على هذا الحال وقـتًـا الى أن جاء اليوم الذي حلَّ به علينا ضيفاً لا أعرف إسمَه

يُدعى السيد أبو كرينه وهذه التسميه جاءتْ من أخذه مبلغ عشرين فلساً فقط

عـند سـؤاله للناس ولا يـأخـذ أكثرَ منـها حتى وإنْ اُعطيَ أكثر ولا يأخـذ أقـلَّ مـنـها ويـبـقى

هـذا الرجل في ضيافة أبـي أيّـاماً يـبـيتُ في دارنا ويُـصبح وأبي لا يُقصّر في واجب الضيافة

وخدمتـه كونه ضيفًا وسيدًا الى أن يقضي مُـدّتَه التي يرغب فيها للعودة الى اهله .

أقـول حَـلَّ هـذا الـسـيـد ضـيـفـاً فـي أحـد الايـام فـكان سـبـبًا في ذبــحِ دجـاجتي وديـكها بـعـد

أن أقـنعـتني والـدتي بشـراء دجـاجـتـين وديـك لـكن لـم يـتـحـقـق هـذا الـوعـد .

وأذكرُ أنني كُنتُ أقدّم له الخدمه باحضار إبريق الماء لغسلِ يديهِ في إناءٍ يُسمى

اللكن وإذا ذهب الى بيت الخَلْوَةِ أقف على بابها لأملأ الإبريقَ كي لا يـتـأخر وتتكرر

عملية الملي عـدّة مـرّات وفي إحـدى الـمرّات ملأتُ له الابريق بالماء عـند دخولهِ بـيـت

الخلـوةِ واتجهـتُ ألعب في صحن الدار ولم أقف له بالباب كالعادة بعد أن أخرجه

تأخرتُ قليلاً وإذا بـه يـثورُ غـضـبًا وأخذ يتكلم بصوتٍ عالٍ جلب انتباه مَنْ في المنزل

فهرولتُ مـسـرعاً وملأتُ له الابريق لكني قررتُ أن لا أقدم أيَّ خدمةٍ بعـدها وأخبرتُ

أبي بذلك فأخـذ أبي يتولى خدمة الـسيـد بـنـفـسـه إكـرامًا .

وفي أحـد الايام جاء هـذا الضيف كالمعـتاد ومعه إمرأةٌ مريضةٌ بمرضٍ مُعـدٍ أدخلها

المنزل ووضعناها في غرفة الضيوف وعلى الفـور أرسـلـتـني أمّي لأخـبر أبـي بخطورة

الموضوع فجاء أبي وانتظر مجيئ السيد أبو كرينه لأنه خارج البيت وعند حضوره

طلب أبي منه أن يـنقـلها الى المـسـتـشـفى أو الى أحـد الفنادق لخطـورةِ الـمرض علينا

لكن [ السيد أبو كرينه ] رفض وبشكل وَقِحْ وباسلوب جاف لم أفهم منه إلّا كونه

تهديد ولمّا وصل الضيف المحترم الى هـذا الحَـدِّ من التجاوز أخرجنا المريضةَ الى

الشارع وأخرجنا ما حمله معها وهو صُـرّةٌ كبيره في عباءة من الصوف نـسـائـيه سوداء

وقد شاركتُ والدتي في إخراجها الى الـشـارع ، أخـذ الـسـيـد أبو كــريـنـه يتوعد أبـي ثم

انصرف وما هي إلّا ساعة ويطرق الباب الـسيد أبـو كريـنه ومعـه شرطي وهو يُعربد

والناس من حوله ، خرج والـدي وشـرح الى الشرطي الموضوع عـنـدها ضحك الشرطي

والناس الذين تجمهروا من حوله في الشارع وحاول الشرطي أن يصرف أبو كرينه إلّا

أنّه امتنع ثم حاول معه عِـدّة مرّات فأبى إلا بأخذ ابي الى مركز الشرطة وزاد تعنتاً مما

دفع بالشرطي أن يُهدد [ أبو كرينه ] بسحبه الى مركز الشرطة إذا لم ينصرف مع

مريضتهِ وكانت هـذه الـمَـرّة الاخـيرةُ لهـذا الضيف الـذي لا يـفـهم مـعـنى الـضـيافة .

وكنتُ أطلب من أمّي كلما أجدها تعمل لنا طعاماً من الدجاج أن تَـرثي دجاجتي فـتـتـرنَّـم

بصوتها العذب بـأبـيـات شـعـر شعبي ما زلتُ أذكر مطلعها :[ آه يَمْ وجهِ الفلاح ] **************************************************

الدنمارك / كوبنحاجن الثلاثاء في 21 / جزيران / 2019

الحاج عطا الحاج يوسف منصور

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here