حقائق لم تروَ عن مجزرة سبايكر: مصير الضبّاط المدانين مجهول والتهم تلاحق عشائر أنقذت الجنود

بغداد/ وائل نعمة

توقعت لجنة التحقيق بجريمة سبايكر، التي شكّلها البرلمان قبل 4 سنوات، أن تغطي السياسية والصفقات على محاسبة بعض الجناة المتهمين بالمجزرة.

وكانت اللجنة قد أدانت المئات من الشخصيات في ذلك الوقت بينهم نحو 50 ضابطاً رفيعاً، في سلسلة تحقيقات أجرتها مع مسؤولين في بغداد وصلاح الدين، فيما تشك اللجنة في أنه قد تمّت محاسبة الضباط.

وقبل 5 سنوات، كان يمكن للكارثة، التي ذهب ضحيتها نحو 1700 جندي في القاعدة الجوية، أن لاتحدث لو أحسن القادة العسكريون (الضباط المدانون) العمل ومنعوا انسحاب الجنود وترك الساحة خالية لـ”داعش”.

في ذكرى المجزرة، يقول مسؤول في صلاح الدين كان قريباً من الأحداث، التي جرت في 13 حزيران 2014 في حديث لـ(المدى)، إن “فوجاً واحداً من القوات كان يمكن أن ينقذ آلاف الجنود، لكن لم يبق أحد في ذلك اليوم”.

كانت الكثير من العشائر في صلاح الدين حينها مستعدة للقتال الى جانب القوات الأمنية، على خلاف ما جرت إشاعته في ذلك الوقت من أن العشائر ساندت داعش، بحسب المسؤول نفسه.

يقول المسؤول إن “العشائر ساعدت في إخلاء إكثر من 1000 جندي من قبضة داعش بمن فيهم عشائر البو عجيل المتهمة بالوقوف وراء المجزرة”.

وقال رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، بعد سنوات من الحادث، إن “انسحاب قائد العمليات والمؤامرة على العراق وراء ما جرى في سبايكر”.

في 2015 قدمت لجنة برلمانية تقريرها النهائي حول ما جرى في القاعدة الجوية، واتهمت حينها أكثر من 500 شخص بالوقوف وراء الجريمة بينهم 47 ضابطاً. ويقول حامد المطلك، رئيس اللجنة في ذلك الوقت، لـ(المدى): “أشك أنه قد تمت محاسبة أي ضابط من الذين تمت إدانتهم في التحقيق”، مشيراً الى أن مهمة اللجنة كانت الإشارة الى الجناة وعلى القضاء تنفيذ الأحكام. استمرت اللجنة 7 أشهر لتدوّن ما جرى في سبايكر، وسألت حينها 14 شخصية سياسية وتنفيذية وعسكرية في بغداد وصلاح الدين.

ويضيف المطلك: “كنت أتوقع أن يحدث ما يجرى الآن، السياسة وغياب القانون هما أمران طبيعيان لإفلات الجناة من المحاسبة”.

أين اختفى الضباط؟

كان من بين المستجوَبين في اللجنة البرلمانية المعنية بجريمة سبايكر قائد عمليات صلاح الدين السابق علي الفريجي، بالإضافة الى 4 عسكريين آخرين كانوا ضمن الموجودين في القاعدة الجوية حين دخل داعش الى محافظة صلاح الدين وسيطر على معظم أجزائها.

وأعلنت وزارة الدفاع في 25 أيلول 2014، أن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي قرر إحالة الفريجي إلى التقاعد، وتعيين الفريق الركن عبدالوهاب زبون بدلاً عنه.

ولم تتوفر معلومات عن كيفية عودة الجنرال السابق الى قيادة فرقة عسكرية سقطت في وقت دخول داعش الى الموصل وأعيدت هيكليتها بعد ذلك وتنسيبها الى الفرقة 16 وكلفت بمهمات لتحرير المدينة!

ويقول رئيس لجنة التحقيق في مجزرة سبايكر :”كنا نتعرض الى ضغوط كبيرة من بعض الجهات السياسية لحرف التحقيق، لكنهم لم يستطيعوا أن يفعلوا أي شيء، وخرجت النتائج مهنية وبدون مجاملات”.

قبل 8 أشهر على إعلان تحرير الموصل (حررت في تموز 2017)، كشفت (المدى) عن وجود الفريق الركن علي الفريجي، حيث كان المسؤول عن المحور الشمالي في عملية استعادة الموصل.

لم ينتبه الكثيرون، وسط أحداث الموصل التي كانت تحبس الأنفاس بسبب شدة المعارك وعدد الضحايا في قلب المدينة، الى وجود الفريجي على رأس قوة عسكرية خصوصاً بعدما أعلن رئيس الحكومة حيدر العبادي إحالة الأخير إلى التقاعد بعد 3 أشهر فقط من المجزرة!

في ذلك الوقت كانت الفرقة 16 التابعة للجيش التي يقودها الفريجي في شمال الموصل، تتعثر في الوصول الى أهدافها، وأدى بطء حركتها الى تعطّل الخطة الموضوعة لاقتحام المدينة في وقت واحد من جميع التشكيلات، ما دفع الى تغيير الخطة، ثم اختفى الفريجي من المشهد.

تنفيذ أحكام الإعدام

القضاء، بدوره، أعلن مرات عدة أنه أعدم عدداً من المتهمين بالجريمة، إذ وصل، بحسب البيانات، عدد الذين تم تنفيذ حكم الإعدام بهم الى نحو 80 متهماً، لكن البيانات لم تعط تفاصيل فيما لو كان بين المعدومين عسكريون أم لا.

وبحسب المسؤول المطلع في صلاح الدين، فإن عديد الذين نفذوا جريمة سبايكر كانوا نحو “60 شخصاً” وهم من عشائر مختلفة، وبعضهم من خارج صلاح الدين.

وقال جاسم الجبارة، وهو نائب في البرلمان عن صلاح الدين، قبل مدة، إن هناك “مبالغات” في عديد المشاركين بالجريمة، مشيراً الى وقوف بعض الدوافع الانتقامية والابتزاز في رفع عديد المنفذين.

ووفق بعض التسريبات أن القضاء حكم على 500 شخص حتى الآن متهمين بالجريمة، وأن هناك أكثر من 100 يجري التحقيق معهم.

فجر أمس زار رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي موقع مجزرة سبايكر في الذكرى الخامسة للجريمة، وأكد أن جهوداً كبيرة ومتواصلة تبذل لحسم ملف الحادث وضمان حقوق عوائل الشهداء والمفقودين.

وقال مكتب رئيس الوزراء، في بيان، إن عبد المهدي وعد بعدم السماح “لفلول داعش المنهزمة بالتقاط أنفاسها وإن قواتنا تلاحقهم في الصحارى، ولن يكون لهم مكان آمن في العراق”.

بالمقابل، يسعى البرلمان لتعويض ذوي الضحايا بتشريع قانون جديد يساوي “شهداء سبايكر” مع أقرانهم في وزارة الدفاع.

كما دعا البرلمان الى تحويل ملف سبايكر الى المجتمع الدولي، لـ”ملاحقة بقية مرتكبي الجريمة سواء كانوا داخل أو خارج العراق.”

وقبل 3 أشهر جمع نحو 80 نائباً تواقيع لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق فيما جرى في سبايكر قبل 5 سنوات.

وجوه معروفة

وكان النائب الأسبق عن صلاح الدين مشعان الجبوري، كشف بعد سنوات من الجريمة، عن وجود النائب أحمد الجبوري (أبو مازن) ورئيس مجلس المحافظة أحمد الكريم ووزير التعليم العالي السابق عبد ذياب العجيلي وكل أعضاء مجلس المحافظة عدا واحد او اثنين في موقع جريمة سبايكر أثناء اقتياد الجنود اليه فجميعهم لديهم منازل في منطقة القصور الرئاسية. وقال الجبوري، في حديث لبرنامج تلفيزيوني حينها، إنه كان في وقت حدوث الجريمة في دمشق وبيروت وليس في العراق”، لافتاً الى أن الفيديو الذي وصله عن الحادث “صور جزءاً منه العشائر وجزءاً منه شباب أعرفهم”.

بالمقابل، قال نائب سابق طلب عدم ذكر اسمه لـ(المدى) إن من بين المتهمين بقتل مئات من طلاب القوة الجوية في سبايكر، بعثيين ومن هم ضمن أجهزة صدام القمعية.

وأوضح المصدر أن “هناك نحو 60 بعثياً ضمن المنفذين، كانوا يعملون في الحرس والأمن الخاص للنظام السابق وفدائيي صدام”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here