ارتفاع درجات الحرارة وضعف منظومة الطاقة يضعان وزير الكهرباء في اختبار حقيقي

مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة، انطفأت المراوح في المستشفيات وفسد الطعام في الثلاجات بسبب انقطاع الكهرباء، ما ينذر بصيف ساخن يهدد سلامة العراقيين.

في مواجهة موجة الحر الشديد، ارتفع استهلاك الطاقة الكهربائية، ما زاد بالضغط على البنية التحتية المتدهورة أساساً مع تسرب يسبب هدراً نسبته أربعين بالمئة من إنتاج الكهرباء في البلاد، وفق وكالة الطاقة الدولية. وقال عبد الحسن الجابري، مدير الصحة في ذي قار جنوب بغداد، لوكالة فرانس برس إن “انقطاع التيار الكهربائي يصل إلى 17 مرة في اليوم”.

ويلجأ كثير من المرضى الى المستشفيات الخاصة لتلقي العلاج رغم التكاليف العالية، لأنها تعتمد على نفسها في تأمين الكهرباء.

وقرر البقال أبو حيدر، شراء مولدته الخاصة في الناصرية، كبرى مدن محافظة ذي قار. وفي هذه المحافظة التي تضم أكثر من مليوني نسمة، يحصل السكان على كهرباء من الدولة من عشر إلى 12 ساعة يومياً. وفسدت بعض بضائع أبي حيدر بالفعل قبل أن يتمكن من بيعها. ويقول لفرانس برس: “تأثر عملنا كثيراً بسبب ارتفاع درجات الحرارة لأن الكثير من المواد الغذائية تتلف قبل بيعها، خصوصاً مع مشاكل الكهرباء”، مشيراً الى أن “الكثير من الناس خفضوا مشترياتهم من المواد الغذائية”.

وفي بغداد، تطوع عدد من أصحاب المحال بوضع مرشّات مياه في الهواء الطلق، هناك من يضع رأسه تحتها للتخفيف من شدة الحرارة، بينما يلجأ آخرون للاستعانة بقطع قماش باردة للإمساك بآلات ومعدات الحديد. في ظل هذه الأجواء اللاهبة تحت أشعة الشمس، أصبحت بعض المهن أكثر إرهاقاً بل أكثر خطورة وتهديداً لحياة الكثير من الذين يضطرون للعمل تحت أشعة الشمس. ففي مدينة البصرة الجنوبية، الغنية بالنفط، التي تقع على الخليج وتتسم بدرجات عالية، رفعت شركات النفط العاملة هناك العلم البنفسجي لتنبيه العاملين من أجل تفادي التعرض للأشعة فوق البنفسجية. أما عناصر شرطة المرور الذين يجوبون الشوارع والطرق المكتظة وسط دخان المركبات الممزوج بأشعة شمس، فقد يكونون الأكثر معاناة من الأوضاع القاسية السائدة في عموم البلاد بسبب موجات الحر الشديد.

بسبب هذه الأجواء القاسية، باتت بطولة الدوري العراقي لكرة القدم التي تعد الأطول في المنطقة، خطراً يهدد سلامة اللاعبين.

عادة، تنتهي مسابقة الدوري في منتصف آب في ذروة ارتفاع درجات الحرارة في العراق، ويتعذر على لاعبي كرة القدم خوض المباريات مساء لعدم وجود منظومة الأنوار الكاشفة في أغلب الملاعب التي تسمح بإقامة المباريات في المساء.

وبسبب افتقار ملاعبها لمعايير متقدمة أبرزها الأنوار الكاشفة، تضطر الفرق الى خوض المباريات عصراً في وقت تتخطى درجات الحرارة حاجز الـ46 درجة.

ولم يتردد خبير التغذية الرياضية ومدرب كرة القدم لطفي الموسوي في تأكيد المخاطر المهدّدة لسلامة اللاعبين.

وقال إن “الأجواء الحارة تتسبب بجفاف شديد وهذا يؤدي الى مشاكل أبرزها هبوط السكر وصعوبة التنفس والإرهاق الشديد الى حد الإغماء وربما يشعر بهذه المشاكل اللاعبون مستقبلاً”.

ويلجأ الحكم إلى إيقاف المباراة بشكل متقطع لإتاحة الفرصة أمام اللاعبين لشرب المياه وسوائل أخرى.

من جهته، صرح مسؤول المكتب الإعلامي لنادي الكهرباء (خيام الخزرجي) أن “الجهاز الطبي يضع في حساباته مثل هذه الآثار السلبية، وفي اليوم التالي يخضع اللاعبون لفحوصات روتينية للتأكد من سلامتهم”. ويشارك عشرون فريقاً من مختلف المدن العراقية في مباريات الدوري التي تمتد الى أشهر الصيف الحارة جدا.

وتنحصر المباريات في خمسة ملاعب لكرة القدم في العراق قادرة على استضافة هذه النشاطات في المساء، في بغداد حيث تجرى في “ملعب الشعب”، ومدن النجف والبصرة وكربلاء الى جانب استاد فرانسوا حريري في اربيل. وفي الصيف الماضي، وبعد سلسلة من التظاهرات الغاضبة ضد نقص الكهرباء، أقيل وزير الكهرباء. وهذا العام يستعد الوزير الجديد لمواجهة استفتاء فعلي على التقدم الذي وصلت اليه الحكومة.

يأتي ذلك في الوقت الذي بلغت فيه الحرارة درجات غير مسبوقة منذ عام 2011، بحسب المتحدث باسم هيئة الإرصاد الجوي عامر الجابري.

وبات فصل الصيف من كل عام موسماً لتظاهرات غاضبة للمطالبة بتخصيصات عائدات النفط لبناء الخدمات العامة وليس للإثراء الشخصي وللسياسيين في هذا البلد الذي يشغل الترتيب 12 بين اكثر البلدان فساداً في العالم.

وخرج مئات المتظاهرين بمسيرة في البصرة والديوانية في جنوب البلاد، فيما يحذر الجابري من صيف ساخن قد تصل فيه الحرارة إلى 50 درجة مئوية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here