الاهداف الاستراتيجية الامريكية ليست كتابا مفتوحا قابلا للقراءة

[email protected]

قرأت ولازلت اتابع الكثير من التقارير والمقالات التي تتحدث عن
قضية الساعة,وهي الازمة المشتعلة بين امريكا وايران,كل الطروحات تقريبا,تتناول السؤال الرئيسي الاساسي,وهو:-هل ستوجه امريكا ضربة عسكرية ضد ايران؟أم انها تخاف من ردة فعل الاخيرة,بل وان البعض ذهب الى القول ان مانراه ليس الامسرحية متفق عليها بين الطرفين الهدف منها استمرار (حلب دول المنطقة الغنية)!
معظم الاراء ركزت على ان مايصرح به المتخاصمان,يؤكد بأانهما لايرغبان بتحويل الصراع الى حرب نارية,بل يشيرون الى ان امريكا ترامب قد تراجعت وعرضت التفاوض على الايرانيين,وذلك معناه,وحسب رأيهم,ان امريكا تدرك مدى قوة ايران,وان ايران ليست العراق,والاهم,ان ردة فعل ايران,فيما لوقصفت,سيكون عنيفا,حيث ستضرب البنى التحتية لدول المنطقة(الحليفة لامريكا)
والحديث حول هذا الموضوع طويل
لكن,ماأود قوله,(وحسب رأيي المتواضع),ان معظم الاراء لم تستطيع ان تمضي بعيدا في تحليل حقيقة الموقف,بل تعتمد التصريحات الاعلامية كدلائل تؤشرعلى ماسيحدث ,لكني وحسب رأيي المتواضع,ارى ان المخططات الستراتيجية الامريكية ليس كتابا مفتوحا سهل القراءة للجميع,بل انها شديدة التعقيد وتعتمد على تفاصيل مهمة جدا ,خصوصا ان الهدف الذي تعمل لتحقيقه,فيه الكثير جدا من المنافع ,لذلك فهو يستدعي المزيدمن الجهد والمناورات,والوقت اللازم لتنفيذه بالدقة المطلوبة,والحقيقة التي لمستها من خلال الحروب التي قادتها امريكا,وخصوصا حادثة قصف واحراق ملجأ العامرية,والذي يعلم القاصي والداني بأنه ملئ بالاطفال والنساء,وحرق الالاف من الابرياء بشكل متعمد,وبحجة ان صدام كان هناك,وكذلك مطاردة الجيش العراق المهزوم الاعزل,عندما انسحب من الكويت,واطلاق النار على الجنود العزل من الجو,وكذلك احداث اخرى متنوعة,وكلها تدل بشكل قاطع,على ان
امريكا ليست مجرد دولة,بل مؤسسة عسكرية استخبارية مهمتها حماية المصالح الاستراتيجية لاعتى الامبراطوريات المالية العظمى التي لازالت تكتسح العالم في طريق اخضاع كل سكان الارض لسلطتها المطلقة,من يديرها هم نوع من المخلوقات البشرية الشكل,لكنهم في الحقيقة يختلفون تماما عن باقي البشر,هدفهم فرض ارادتهم بالقوة وجمع المال والهيمنة المطلقة على العالم,لامبدأ انساني ولاعاطفي ولااخلاقي,أوديني يمكن ان يوقفهم عن السعي لاتمام مهماتهم,حتى ولو حرقوا الملايين من البشر,الابرياء,وهم اليوم عاقدي العزم على السيرفي هذاالطريق,وصولاللسيطرة التامة
على هذه المنطقة الحيوية الاستراتيجية,لان فيها الكثيرمن الثروات,والتي لايمكن ان يتجاهلونها او يساومون احدا لاقتسامها,بل هي كلها وبمجموعها حصتهم,وسيسيطرون عليها حتما,لأن حسابات و قياسات المنطق تؤكد حصول هذا الامر,وكبديهية,واستنادا الى حسابات ميزان القوى بين الغريمين
فالذي يتصور ان امريكا لن تضرب ايران خوفا على حلفائها في المنطقة هو واهم تمام,لأنه ان فعلت ايران ذلك ستكون قد ساعدت الامريكان على تحقيق هدف ستراتيجي مجانا,أي دون ان يدفعواأي ثمن من سمعتهم او اموالهم,حيث ان تدمير المنطقة سيعطي المبررالكافي للامريكان لكي يحتلوا تلك الدول المدمرة ويعيدوا بنائها من خلال واردات نفطها والذي سيتحكمون باسعاره وطرق توزيعه بعد انهيار الحكومات العربية,كذلك سوف تعطي ايران مبررا قويا للامريكان لكي يوجهواضدها ضربات ماحقة,وكما قال ترامب,انها لن تبقي ولن تذر
انا على شبه يقين بان الضربات التي حدثت لناقلات النفط لم تكن بفعل,أوتحريض ايراني,لأنها انكرت ذلك,ولا فائدة من ان تفعل شيئا يدل على قدرتها على التحدي ثم تنكر حدوثه!كما ان قادة النظام لايمكن ان يكونوا على هذه الدرجة من الغفلة والحماقة,بحيث يقدمون على مثل هذا الفعل,والذي سيؤدى الى استفزاز العالم باسره,بل انا على قناعة شبه تامة,بأن من نفذ هذا العمل هم عملاء للمخابرات المركزية الامريكية,وكل ذلك لتهيئة الاجواء لتبرير توجيه الضربة القاصمة ضد ايران,وما نسمعه من تصريحات تتسم باللين والدبلوماسية ليس اكثر من فصل يقتضيه المشهد من اجل اتمام المخطط على اكمل وجه
امريكا صبرت مع العراق ستة اشهر قبل ضربة17 يناير(كانون الثاني) 1991,كانت تناور وتفاوض,رغم انها قد قررت ضرب وتدمير العراق مسبقا,بعد ان ورطت الرئيس العراقي,بالوعود الكاذبة,وكانت واثقة من انه لن يتنازل رغم يقينه من انه وقع في الفخ,لانها كانت قد درست شخصيته ووضعت مخططاتها استنادا الى ماتتوقعه من سلوك,ادى حتما الى سقوطه بذلك الشكل الدراماتيكي
ولذلك فالوقت لازال مبكرا للحكم على ماسوف تفعله مع ايران,والذي اصبحت معالمه واضحة وادواته مكشوفة,فعلى الاقل قواتهم موجودة وهي تحاصر الشعب الايراني وبشكل بالغ القساوة,لم يسبق له مثيل في التاريخ,وهو بحد ذاته يعتبر حربا مدمرة,رغم عدم استعمال السلاح الناري,والمثل يقول(قطع الاعناق ولاقطع الارزاق)
الاقتصاد الايراني في حالة احتضار حقيقي,والمسؤولية الدينية والاخلاقية والوطنية الملقاة على عاتق حكام ايران هي انقاذ ابناء شعبهم من هذا الفخ القاتل,فلا الشعارات ولاالمكابرة ولاالهتافات يمكن ان تطعم طفلا جائعا,أو تهئ عملا شريفا لشابا يطمح بأن يحيا مثل اقرانه في بلاد الارض,لذلك ووفق كل الحسابات المنطقية فان الحل الوحيد الذي يمكن ان ينقذ الشعوب الشرق اوسطية جميعها هو موافقة ايران على التفاوض تحت شروط النقاط ال12 الامريكية,لأن ذلك الموقف سيكون قد وجه ضربة الى كل مخططات امريكا وسحب البساط من تحت اقدام ترامب وجوقته,لكن للاسف لاتبدو الاجواء مبشرة باحتمال حصول هذا التطور المهم
اخيرا اقول وحسب تقييمي للوضع ودراستي لكل جوانبه ان امام ايران حل واحد من خيارين,فاما الموافقة على النقاط ال12 الامريكية والتفاوض معها على عدم التدخل في شؤون الاخرين,وحل ميليشياتها الموزعة في كل مكان,والانغلاق على الشعب الايراني وتلبية مطالبه المشروعة ببناءا بلد متحضر مستقل متعاون مع باقي الامم,بعيدا عن المغامرات الخاسرة حتما,
أو
تحمل تبعات الحصار الجائر,واستنزاف القدرات الايرانية,والتي شيئا فشيئا ستؤدي الى انهيارالاقتصادالايراني وسقوط دولة ولاية الفقيه الى ابد الابدين,أو الدخول في حرب مدمرة لابد ان تؤدي الى ماهو اسوأ مما حل بالعراق,حيث ان مع الامريكان خطط وطرق تتناسب مع وضع كل غريم على حدة
ذلك هو المنطق والمعقول
اسأل الله ان يهدي النظام الايراني ويذل ويسحق ويخزي الامريكان ومن يقف خلفهم من مصاصي دماء الشعوب

مازن الشيخ

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here