زَهَدَ الحكيمُ بما لا يملك

سلوان الجحيشي
التعكز على أمجاد الماضين سنةٌ دأبت عليها الفطرة البشرية، ولا يقتصر الأمرعلى العقلية العربية فقط، بل تزخر الثقافات الأخرى بكثير ممن تصدوا لإدارة شؤون أممهم إعتماداً على ثأثير الأُسرة أو القبيلة في وجدان الأمة.
العراق من أكثر البلدان التي وقعت ضحية العمل بهكذا نمط، وساعد في تفشي تلك الظاهرة بعض الموروثات العقائدية من قبيل “إنما يحفظ المرء في ولده” أو إضفاء هالة من القداسة على كل من يتسلط على الناس بذريعة طاعة ولي الأمر وما إلى ذلك.
يعتبر الحكيم من أبرز شخصيات الوسط السياسي في العراق الذي إستثمر البعد الأسري كعامل مساعد في تحقيق غاياته التي سعى إليها من خلال ولوجه المعترك السياسي.
بغض النظر عن مدى القبول أو الرفض الذي طال اداءه السياسي إلا إن لمساته واضحة في المشهد، الأمر الذي يحتم على بقية شركاءه السياسيين التعامل معه بحذر شديد، خصوصاً من ناحية المنهج الذي سارت عليه العائلة منذ عقود.
طالما تبنت تلك العائلة فكرة الخروج عن الإجماع الوطني، وهذا واضح من خلال مواقف العديد من افرادها السلبية مع الحكومات التي تلت العهد الملكي وإلى يومنا هذا، بحجة تغيير المعادلة الحاكمة “ويُقْصَدْ بذلك السيطرة على مقاليد الحكم” وهو نهج طائفي دخيل على ثقافة الشعب العراقي.
بعد الغزو الأمريكي للعراق في 2003 تصور بعض ابناء تلك العائلة، أن الشعب العراقي أداة طَيِّعة لأهواءهم، فساهموا بتأسيس عملية سياسية كرست الطائفية تحت مفهوم الشراكة وكتابة دستور ذات بنود تعكس تدني المستوى الثقافي الذي كانت عليه النخب المتصدية، من قبيل إباحة الممارسات الدخيلة على الثقافة الإسلامية الاصيلة كظاهرة ” لطم الصدور والدروشة”!، ولم يقف الامر عند هذا الحد بل تعداه الى رهن مصير الملايين من أبناء الشعب بما يراه “سماحة المرجع الجامع للشرائط”!
لقد كان للوعي الذي تحلى به أبناء الشعب العراقي دوراً مهماً في تفويت الفرصة على أصحاب النوايا التي لا تريد خيراً لهذا البلد، فكانت صحوة الضمير الوطني يقظة في اللحظة الحرجة، حيث كان الرد عن طريق الإصبع البنفسجية التي حجمت من حظوظ اصحاب الإرادات المشبوهة وكسر شوكتهم بتقليل أعداد مقاعدهم النيابية، حين وضع الناخب الغيور من ابناء الجنوب الأبي ثقته بكتلة سائرون الوطنية التي إمتزجت دماء ابناءها مع دماء إخوتهم من ابناء الغربية أيام الإحتلال الامريكي الذي وجد نفسه مجبراً على مغادرة ارض الرافدين تحت الضربات الموجعة من ابناء العراق، وهو ما فوت الفرصة عليهم للمضي في تنفيذ مخططاتهم.
اليوم وبعد ان أدرك الحكيم حجمه الطبيعي في الساحة السياسية عمد الى مناورة من نوع آخر عن طريق إدخال عرف جديد على العملية السياسية تحت مسمى “المعارضة” ضناً منه أن تلك الخدعة تنطلي على أبناء الشعب خصوصاً جماهير السيد الثائر الزعيم الوطني “مقتدى الصدر” الذي أخذ على عاتقه مهمة تسمية رئيس الوزراء بغية إصلاح العملية السياسية ومحاربة الفساد، وإن كان ذلك بمعية ما يسمى بمحور “الفتح” الذي طالما عبر عن تبنيه للرؤية الإيرانية حول مشاكل المنطقة وهو امر لا يبعث على الإطمئنان، لكن وجود القيادة الشابة للسيد الصدر تعتبر ضمانة أكيدة لعودة العراق الى الحضن العربي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here