الكارت الأصفر .. النداء الأخير

الدكتور / خليل الجنابي

في لعبة كرة القدم وألعاب رياضية أخرى إستعمل حكام المباراة ( كارتات ) ملونة بوجه بعض اللاعبين الذين يرتكبون أخطاء مقصودة وغير مقصودة لمخالفتهم أصول اللعب وقوانينه ، وأصبحت هذه الألوان معروفة للقاصي والداني ماذا تعني . وكل لاعب من الفريقين حين يقوم بخطأ ما ولأول مرة يرفع الحكم بوجهه ( الكارت الأصفر ) ويُسجله في دفتره الخاص ، وهذا الكارتر يعني الإنذار النهائي للاعب المخالف والذي سيعقبه لا محالة ( الكارت الأحمر ) في حالة مخالفته مرة ثانية ، وعندها يُطرد اللاعب من الساحة ويُحرم من مواصلة إكمال السباق .

هذا في السباقات الرياضية ، ويبدو أن هذه الوصفة إنتقلت إلى الجماهير في إحتجاجاتها ومظاهراتها المستمرة من أجل محاربة الفساد والمطالبة بحياة حرة كريمة ولائقة وتوفير الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء وصحة وتعليم وفرص عمل وبنى تحتية إلى آخره من ضروريات الحياة السليمة .

في يوم السبت ٢٢ / ٦ / ٢٠١٩ رفعت الجماهير الغاضبة في ساحة التحرير شعاراً رئيسياً وبلون أصفر ) النداء الأخير ) . والمعنى ليس هنا في قلب الشاعر كما يقولون بل أنه مفهوم علناً ، وهو إنذار إلى الحكومة صاحبة الشأن لأنها لم تف بإلتزاماتها إتجاه الجماهير التي إختارتها وبذلت المستحيل من أجل إيصالها إلى سدة الحكم ، وفي هذه الحالة أُعذر من أنذر .

آلاف الجماهير التي بح صوتها في ساحة التحرير وساحات البلاد طولاً وعرضاً لم يعُد لديها ما تقوله غير أن ترفع الكارت الأصفر بوجه الحكومة التي تخلت عن كل إلتزاماتها التي إتخذتها على نفسها ، وهنا يمكن التشبيه ( جنت على نفسها براقش ) .

نعم إن الجماهير هي صاحبة القول الفصل في هذه القضية الحساسة والمفصلية ، والكرة الآن في ملعب الحكومة ، وبإمكانها إنقاذ ماء الوجه والخروج من هذا المأزق أن تُنفِذ حرفياً ما طالبت به الجماهير ولا زالت .

حكومة السيد عادل عبد المهدي ليس لديها من خيارات الآن غير خيار واحد هو أن تستمع لصوت العقل وتُنفذ ما وعدت به بمحاربة الفساد وأن تفتح ملفاته دون خوف من أحد ، وأن تقتص من المتورطين به مهما علت منزلتهم ومكانتهم وإلا سيقع ( الفأس بالراس ) .

الكارت الأحمر موجود في أيدي الجماهير وفي ساحتها وستطلقه في الوقت المناسب إن تطلب الأمر ( ولات ساعة مندم ) .

الحكومة بكل مفاصلها التشريعية والتنفيذية والقضائية معنية بهذا الأمر وما عليها إلا الإستجابة لِما وعدت به وتضع نفسها على المحك وتُنقذ نفسها من الحساب العسير الذي ينتظرها في حالة تخليها عن إلتزاماتها والعهد الذي قطعته على نفسها .

ليس لدينا ما نقوله غير التذكير بمواقف سابقة لحكومات وشخوص سابقة كيف إنتهى بهم الأمر حين داسوا على إرادة الجماهير وقالوا ( أنا ربكم الأعلى ) .. وأخيراً إنتهوا إلى الهاوية غير مأسوف عليهم ولا هم يحزنون .

وأخيراً وليس آخراً نردد قوله تعالى ( فذكر إن نفعت الذكرى ) .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here