التحضير لقمة بنياترامبوتين !

ساهر عريبي

بدأ مستشارو الأمن القومي من الولايات المتحدة وروسيا واسرائيل يوم الإثنين الرابع والعشرين من حزيران ، قمة تستمر ليومين في القدس, تشير توقعات الى أنها ستبحث الوضع المتوتر في منطقة الشرق الأوسط نتيجة لتصاعد النزاع بين الولايات المتحدة وايران.

إلا انه وبرغم التسريبات التي تشير الى أن القمة ستركز على الوضع السوري وعلى تقليص نفوذ ايران في المنطقة وتطويق برنامجها النووي, إلا أن إنعقادها في هذا الوقت الحرج الذي تمر به المنطقة والذي ينذر بوقوع تغييرات كبيرة فيها, يعطي مؤشرات بان هذه القمة التي تجمع مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات والأمين العام لمجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف, تهدف للتحضير لقمة أرفع يحضرها كل من بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب باللإضافة الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأما إنعقاد مثل هذه القمة فرهن بالتغييرات التي ستعصف بالمنطقة خلال الشهور القليلة المقبلة. فهذا الإجتماع الأمني سيضع الخطوط العريضة لإقتسام النفوذ بين هذه الدول الثلاث في المنطقة وبشكل مشابه لما تم الإتفاق عليه قبل قرن من الزمان عند توقيع معاهدة سايكس بيكو في العام 2016 حيث جرى توقيعها بشكل سري بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من روسيا وايطاليا, ونصت على تقسيم إرث الدولة العثمانية بين تلك الدول إستباقا لسقوط تلك الدولة الذي حصل بعد ذلك بستة أعوام.

واليوم وبعد مرور أكثر من قرن على تلك الإتفاقية فإن العالم الإسلامي وخاصة منطقة الشرق الأوسط دخل في حالة غير مسبوقة من الضعف ولأسباب مختلفة ليس هناك مجال للتطرق لها في هذه العجالة, وهو ما جعل لعاب الدول الكبرى يسيل لإبتلاع المنطقة وتقاسمها. ويبدو ان أكبر اللاعبين اليوم هما الولايات المتحدة وروسيا اللتان تحتفظان بتواجد عسكري قوي في الشرق الأوسط, مع ان هذا التواجد لن يلغي دور القوى الدولية الأخرى امثال فرنسا وبريطانيا.

واما اسرائيل فهي الرابح الأكبر اليوم من هذا الوضع المتردي, حيث نسجت علاقات امنية وسياسية واسعة وقوية مع معظم الأنظمة العربية وتتطلع اليوم الى جني مكاسب اقتصادية كبيرة وانتزاع اعتراف بها من معظم دول المنطقة واسدال الستار على القضية الفلسطينية.

لقد تقاسمت اتفاقية سايكس بيكو ارث الدولة العثمانية ونشأت وفقا لها العديد من الدول والدويلات التي قسمت العالم العربي, و ظلت تلك الدول تدور في فلك القوى الكبرى التي وقعت تلك الإتفاقية بالرغم من الإنسحاب العسكري الأجنبي من المنطقة.

لكن الدول الكبرى عادت اليوم بجحالفها لتستقر في أنحاء مختلفة من المنطقة سواء في سوريا او العراق أو دول الخليج, ولم يعد قرارا إخراج هذه القوات بيد حكومات المنطقة, ونتيجة لذلك أضحت الساحة مفتوحة لتمرير المشاريع الدولية ودون أي معارضة ملموسة وكما يجري اليوم عبر ورشة المنامة التي تعقد في البحرين كأول خطوة لتنفيذ صفقة القرن التي تهدف لإنهاء النزاع العربي الإسرائيلي وفقا للمقاسات الأمريكية والإسرائيلية وليست الفلسطينية.

ويبقى سؤال مطروح حول موعد انعقاد قمة بنياترامبوتين , حيث تكمن الإجابة عليه فيما سيتمخض عنه الصراع الأمريكي الإيراني الحالي الذي سيحسم مستقبل المنطقة , فهل ستصدق تنبؤات هذه الدول كما صدقت تنبؤات سايكس وبيكو؟ أم أن نتيجة هذا الصراع ستطيح بقمة بنياترامبوتين؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here