اين تذهب مليارات العراق المسروقة؟ وفي اي حكومة حصلت اكبر عملية نهب

كشف مسؤول حكومي سابق لصحيفة خليجية عن وجهات مختلفة لمليارات الدولارات المنهوبة من العراق، خلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية، مؤكدا أن أغلبها تحول إلى مجمعات تجارية وعقارات سكنية وتجارية وأراض ومصارف وفضائيات.

وقال المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، إن غالبية الأموال المنهوبة موجودة بأشكال مختلفة لدى مسؤولين وأقربائهم ونواب في البرلمان وزعماء كتل سياسية.

وبين أن أكبر عملية نهب لأموال الدولة جرت خلال حقبة ولايتي رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي 2006ــ 2014 موضحا أن مليارات الدولارات تم تهريبها إلى الخارج، في حين استثمر جزء آخر من الأموال المنهوبة داخل العراق.

وأشار إلى أن حكومة حيدر العبادي السابقة، لم تخلُ من عمليات فساد، إلا أنها بدرجة أقل بسبب الأزمة المالية التي كانت تضرب البلاد آنذاك، مؤكدا أن أغلب المسؤولين والنواب السابقين سجلوا أملاكهم بأسماء أقارب لهم للهروب من الملاحقة القانونية.

وبين أن عددا من المصارف الأهلية في بغداد تدار من قبل سياسيين، لافتا إلى أن الأمر لم يقتصر على ذلك بل امتد ليشمل وسائل الإعلام.

وأضاف: “قام بعض المسؤولين السابقين بتشكيل وكالات إعلام محلية تقوم بالترويج لمشاريعهم”، مبينا أن برلمانية سابقة اشترت حصة في فضائية معروفة، وتعهدت بدفع مرتبات الموظفين حتى موعد الانتخابات المحلية المقبلة المقرر أن تًجرى مطلع العام القادم، مقابل إجراء بعض التغييرات الهيكلية في الفضائية بما يتلاءم مع أجندتها الحزبية.

وأشار إلى أن رئيس لجنة برلمانية سابقاً أنشأ مجمعا تجاريا كبيرا في حي البنوك شرقي بغداد، موضحا أن بعض المدارس الأهلية مملوكة أيضا من قبل سياسيين، وتدر عليهم أموالاً طائلة سنويا. وبين أن هذا الأمر لا يقتصر على بغداد، إذ تشهد المحافظات العراقية تمددا لسطوة المتورطين في قضايا فساد.

وحسب مراقبين، يأتي عدم قدرة الدولة على رد الأموال المنهوبة رغم وجود أربعة أجهزة رقابية في العراق، هي المجلس الأعلى لمكافحة الفساد الذي يقوده رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وديوان الرقابة المالية، وهيئة النزاهة، ومكاتب المفتشين العموميين في الوزارات، الأمر الذي يثير أكثر من علامة استفهام بشأن الصمت عن استرداد أموال يمكن أن تسد جزءاً من متطلبات الدولة العراقية التي تواجه أزمة مالية خانقة انعكست سلباً على معيشة المواطنين.

ويرى الخبير الاقتصادي سعد عبد الحسين، في تصريح صحفي أن “ثروات العراق تعرضت لأكبر عمليات نهب في تاريخ البلاد منذ عام 2003، مؤكدا أن الأموال المنهوبة لو جمعت لسدت جميع ديون الخارجية وأنهت مشاكل البصرة وثلاث محافظات جنوبية أخرى من المياه والكهرباء والمستشفيات”.

وبين أن “الحل يكمن في ملاحقة أموال المسؤولين والبرلمانيين العراقيين السابقين والحاليين في الداخل والخارج، موضحا أن التغاضي عن ذلك يضعف ثقة المواطن بالسلطات التنفيذية والرقابية”.

وقال عضو في الحكومة المحلية في الأنبار (غرب) إن مسؤولين وسياسيين سابقين وحاليين يشترون عقارات وأراضيَ في مناطق بارزة بمبالغ مالية كبيرة، مؤكدا في تصريح صحفي أن بعض المناطق ذات الأسعار المرتفعة تحولت إلى إقطاعيات للمسؤولين.

ولفت المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، إلى وجود محاولات من مسؤولين عراقيين بارزين للاستيلاء على مساحة واسعة من كورنيش مدينة الفلوجة المجاور لمشروع الجسر الثالث بهدف تحويله إلى منتجع سياحي يضم فندقا ومرافق أخرى، مبينا أن الأمر لم يقتصر على ذلك بعد قيام أعضاء سابقين في الحكومة المحلية بالأنبار بشراء وبناء مجمعات تجارية ضخمة في المدينة.

في هذه الأثناء، قال المفتش العام في وزارة العدل كريم الغزي، إن القضاء أصدر حكما جديدا بسجن مدير التسجيل العقاري في كربلاء ثلاث سنوات جديدة، ليكون مجموع سنوات حكمه ست سنوات، مؤكدا في بيان أن أحكام السجن صدرت غيابيا بسبب قيامه بإضافة قيود وهمية على عقارات تعود لمواطنين. وكان القضاء العراقي قد أصدر في وقت سابق حكما بسجن مدير التسجيل العقاري في كربلاء بسبب تهم تتعلق بالتلاعب والتزوير.

ويشهد البرلمان العراقي جدلا بشأن مشروع قانون “صندوق استرداد أموال العراق”. ووفقا لبيان سابق لهيئة النزاهة قالت إنها ناقشت مع لجنة النزاهة في البرلمان مسودة القانون، مشيرا إلى أن الصندوق يفترض أن يدار من قبل هيئة النزاهة بالتعاون مع وزارات الخارجية والنفط والمالية والعدل والتجارة.

وسبق لعضو البرلمان عن تحالف النصر فالح الزيادي أن أكد ضرورة تشريع القانون لأنه سيساهم في استعادة مليارات الدولارات التي هربت في زمن النظام السابق وبعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 من قبل الفاسدين والمهربين بطرق غير مشروعة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here