تذكرة لحكامنا

علي علي

كلنا يعلم اننا اذا متنا انقطع عملنا إلا عن ثلاث، وقد صدق نبينا (ص) حين حدد الثلاث بقوله: صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له. وبذا يكون على من يتمكن من أداء واحدة من هذه الثلاث أن يعملها، لاسيما إذا كان مقتدرا على فعلها اقتدارا ماديا، او كانت له سلطة او نفوذ في جماعة، كأن يكون مسيّدا بينهم اوموكلا من قبلهم في البت والامر والنهي في امور حياتهم.

هنا في عراقنا يتخذ أمر المسؤولين والقائمين على أمور الرعية منحى آخر اذا أردنا الكلام عن الصدقة الجارية والعلم المنتفَع به والولد الصالح. فمن المسلمات قبل كل شيء ان يؤدي كل راعٍ ومسؤول ما أنيط به من واجبات على أتم وجه، ورحمه الله إذا عمل منها عملا صالحا وأتقنه. وأظن أن الأرضية التي يقف عليها العراقيون خالية من مثل هذه الأعمال إلا ماندر. والحديث يطول اذا أردنا عد الوزارات والمؤسسات التي تشكو إداراتها السلبيات والتلكؤات. إذ من المعلوم ان هناك تسلسلا هرميا لكل مؤسسة في الدولة، تتوزع بين منتسبيها مهام أي مشروع او عمل سواء أكان صغيرا ام كبيرا! وتكون حين ذاك المسؤولية مشتركة، مع ان المسؤولية تتناسب طرديا مع الدرجة الوظيفية من حيث المتابعة والتدقيق والحث، وكذلك الثواب والعقاب.

نيلسون مانديلا، رجل من رجالات القرن العشرين، شهد له الجميع بمواقفه النبيلة حيال قضايا شعبه وأبناء بلده، تلك المواقف التي سمت بقيمتها ورقيها حتى صارت منارا تستنير به شعوب غير شعبه وبلدان غير بلده، وهو بهذا حقق من الأعمال أحسنها ومن الآثار أطيبها. ليت شعري، هل استوعب مسؤولونا ما وقْع رحيله على أبناء شعبه، ولِمَ يكنون له حبا جما، في حياته وبعد مماته؟

سؤال قد يجد بين سطوري هذه حيزا صغيرا، وفي بلدي حيزا أوسع على أرض واقعه الذي بلغت به الترديات حدا فاق كثيرا من الدول النامية، بل والمتخلفة التي تفتقر الى الموارد والثروات الطبيعية منها والبشرية. سؤال كان حريا ان يوجهه الساسة في العراق والمسؤولون في مؤسساته الى أنفسهم، وعليهم الإجابة عليه حتى لو كانت بسرهم. إذ من غير المعقول ان يرى سياسي صنيعة يديه في بلده، أو ما صنع قرار كان قد اتخذه مع أبناء جلدته، ومن وكّلوه في إدارة شؤونهم، ولايراجع سلبيات ذاك العمل او القرار. ومن غير المعقول أيضا ان يلمس وزير او وكيل او مدير في وزارة من الوزارات نتائج سلبية وترديات في وزارته، من جراء سوء إدارته او إهماله من دون ان يفكر بما ستؤول اليه وزارته من مكانة تسجل في تاريخها وتاريخه.

سؤال لو وجهه المسؤولون في عراقنا الى أنفسهم وكاشفوها بصدق وشفافية، على ما قدموه للعراق وللعراقيين، وحاولوا العمل بمصداقية من أجله ومن أجلهم، لكان وكنا في وضع غير الذي نعيشه اليوم، وحال غير الذي يسوء بنا يوما بعد يوم. فهلا سألتم أنفسكم ياساسة العراق ومسؤوليه هذا السؤال: أين نحن من مانديلا؟

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here