عندما يأتي المساء

مجيد الكفائي

الكثير من الناس تعتبر المساء من اجمل الأوقات والبعض الآخر يعتبر الليل أجملها ،ففي هذه الأوقات يفضل الكثيرون الخروج من البيت الى المطاعم والمتنزهات والحدائق لغرض الترفيه عن أنفسهم المتعبة من كل شيء، من الحر والقلق والكآبة والأخبار المزعجة والسخط من الدنيا وما فيها ،

الا ان البعض القليل يفضل الاعتكاف في بيته ايمانا وتطبيقا للمثل القائل “الباب الذي تأتيك منه ريح اغلقه واستريح”، فمن يخرج كي يرفه عن نفسه وعائلته يرجع الى بيته ساخطا على كل شيء، على الزحام وقلة أدب البعض، والأسعار المرتفعة , وحاجات العائلة الضرورية وطلباتها, وعلى ما يرى من غريب الأمور وعجائب الناس في الإمكان التي يذهب اليها،فتصبح زيارته عبارة عن اذى لنفسه وعائلته، فما ان تعود العائلة الى البيت حتى تتشاجر في ما بينها ويصبح البيت جحيما، الأطفال: يبكون لانهم لم يحصلوا على بعض الألعاب التي يريدونها لضيق ذات اليد لرب العائلة، فيما ينقلب البيت رأسا على عقب لان الزوجة لم تستطع شراء ما تريد للسبب نفسه “ضيق ذات اليد” وكذلك الأولاد شبانا وشابات يبدأون بالسخرية المؤدبة احيانا والجارحة احيانا أخرى لوالدهم على ما قدمه لهم من سندويجات الفلافل والبركر فهم كانوا يطمعون ان يحصلوا على عشاء فاخر على ضوء الشموع كما يشاهدون في المسسلات الخليجية ثم يتجهون بعدها الى المولات لشراء الملابس والعطور والمستلزمات الأخرى كما تفعل العوائل في الخليج ليحملونها بلا هندي او بنغالي على صدورهم الى بيتهم الآمن، كما تبدأ اعتراضاتهم الكثيرة فالسيارة التي أقلتهم الى السوق كانت من نوع السايبا ولم تقلهم جيب او جكسار, ولم يعطهم والدهم شيئا من المال، وكانهم لم يعلموا ان راتب والدهم لا يكفي لشراء أدوية له او لاحد أفراد عائلته، وانى له ان يبرر ما حدث فلا احد يكترث ولا احد يسمع ولو كان احد يسمع لسمعت الحكومة ومجلس النواب، فيرتفع ضغطه وكذلك السكري “وينخمد” على فراشه وسط مقاطعة عائلته وخصوصا زوجته والتي تظل ليلها تندب حظها لانها لم تتزوج سياسيا ليكون حالها “سعيدة مسعدة” ولا يدري الزوج بعد ان “ينخمد” ايستيقظ بعدها ام لا، ذلك ما يحدث لأغلب الأسر العراقية في بعض المناسبات على الأقل أوكل شهر اوشهرين او ثلاثة عندما يأتي المساء.

فهل سياتي مساء لتعيش تلك الأسر سعيدة مبتهجة؟!

ان ما في العراق من ثروات وموارد بشرية ومعادن وزراعة وصناعة تجعله من ارقى الدول وتجعل شعبه من اسعد الشعوب وأغناها لكن ذلك لن يحدث ما دام هناك “سارق وفاشل وفاسد ” ومادام هناك رجل غير مناسب في مكان يجعله يتحكم بقوت المواطن وحياته وسعادته وعمله ووقته وحريته ومصيره.

المساء هو المساء في كل العالم الا في العراق فهو مختلف تماما فهناك من لم يجد بعد المساء عشاء ولعل صاحبنا” المنخمد” بعد ان وعد عائلته بخروج مسائي أفضل منه بكثير واجزم أنه صاحب حظ عظيم فمئات بل آلاف الأسر العراقية لن تجد قوت يومها ولا تمتلك الف دينار لتشتري شيئا تأكله وتظل هكذا شهورا, فالحكومات السابقة لم تنصف العراقيين واليوم يتأمل العراقيون ان يتحسن يوم العراقي من صباحه الى مساءه وليله في ظل حكومة عبد المهدي .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here