في الزمن الديمقراطي …تضاعف حالات الانتحار في العراق(2)

عبد الرضا حمد جاسم

عنوان مثير (في الزمن الديمقراطي…تضاعف حالات الانتحار في العراق) “دراسة علمية”

 يجمع بين شكل نظام الحكم والانتحار وتضاعف الانتحار كل ذلك وضعه أ. د قاسم حسين صالح في ” دراسة علمية” …فلابد من المرور على علاقة نظام الحكم بالانتحار ومعرفة هل كان له تأثير في زيادة حالات الانتحار او مضاعفتها؟ بل هل زادت حالات الانتحارأصلاً وكيف؟ وهل كانت الزيادة “ضعف او اضعاف”؟ وماذا تعني “تضاعف او تضاعفت”؟ ثم لابد من الوقوف على المقالة: هل كان هذا العنوان لدراسة علمية أم مقالة عادية؟…عليه يمكن اولاً مناقشة محتوى هذه الدراسة ومن عنوانها وأبدأ ب “تضاعف”:

بعد ان جعل أ. د قاسم حسين صالح كلمة/مفهوم “تضاعف” أساس هذه “الدراسة العلمية”… كررها …ففي مقالاته ” ما هكذا نقدم انتحار شباب العراق”/المثقف في 08/01/2018

http://www.almothaqaf.com/qadayaama/b1d/924257

وردت كلمة “تضاعفت” تحت عنوان فرعي: ختاماً: [بان معدلات الانتحار بين شباب العراق تضاعفت بعد 2003] انتهى 
ووردت “تضاعف” في مقالته: “شباب العراق … مخدرات، مهلوسات، انتحار، وايدز”/المثقف في 20/08/2017
 

http://www.almothaqaf.com/qadayaama/b1d/919867

حيث كتب التالي: [كنا تحدثنا في مقالة سابقة بالمدى عن الانتحار وأوردنا بالأرقام تضاعف حالاته بين الشباب في زمن حكم الإسلام السياسي موثقة بتقارير رسمية وصحافة عالمية تتمتع بالمصداقية … الخ] انتهى

وقد ايد ال “تضاعف” أ. د كاظم حبيب في مقالته التي ناقشتها في ج3 من: لماذا “ما هكذا نقدم انتحار شباب العرق”/المثقف 19/06/2019 حيث كتب التالي: [كل المعلومات التي لدينا والمنشورة في مواقع وصحف عراقية وعربية كثيرة تؤكد صحة تحليل الدكتور قاسم حسين صالح من حيث مضاعفة أرقام محاولات الانتحار والمنتحرين فعلياً بالعراق] انتهى.

والأن يجب تسليط الضوء على كلمة/مفهوم (تضاعف وتضاعفت) حيث كانت أساس عنوان هذه “الدراسة العلمية”.

تضاعفت: في الحساب والإحصاء ونحن نتكلم هنا عن الأرقام والاحصائيات تعني ان الزيادة حصلت/جرت بالمثل تماماً من حيث كل القياسات والاوصاف و”تضاعف وتضاعفت ” وحتى الزيادة تحتاج كما اعتقد الى اساسين لتُعتمد:

1.هو ان يكون هناك رقم أساس صحيح ودقيق يقاس به وعليه التضاعف او الزيادة بالمثل او حتى الزيادة البسيطة.

2. هو حصول الزيادة والزيادة بالمثل “تضاعف وتضاعفت” بشكل فعلي ودقيق وبالوثائق ومن مصادر تتمتع بمصداقية.

 وللتوضيح: إذا كانت عدد حالات الانتحار (10) حالات في وحدة زمنية /في سنة مثلاً وأصبحت (20) حالة في السنة التالية نقول زادت بمقدار الضعف خلال سنة/عام وإن صارت (19) نقول زادت بمقدار الضعف تقريباً وان صارت(30) نقول تضاعفت مرتين وهكذا تصاعدياً. أي لا يمكن للشخص ان يقول على شيء زاد أو تضاعف دون ان يعرف رقم أساس يقيس به الزيادة “تضاعف” “تضاعفت” ودون ان يحدد فترة زمنية ولا تُقاس هذه الأمور ب (قبل او بعد دون تحديد) مثل قبل 2003 وبعدها، فقبل 2003 او بعدها مفتوح و” الزمن غير الديمقراطي” “الدكتاتوري” و”الزمن الديمقراطي” مفتوح ايضاً…والحالتين هنا أي رقم الأساس وعدد حالات الانتحار غير متوفرة في كل طروحات أ. د قاسم حسين صالح ولافي طروحات غيره من الكُتاب الذين تناولوا موضوع الانتحار. وهذا يعني ان عنوان الدراسة غير صحيح ومحتواها الذي بُنيَّ على “تضاعف وتضاعفت” غير دقيق فهي اذن ليست دراسة علمية.

أن تكرار “تضاعف وتضاعفت” في مقالات أ. د قاسم حسين صالح يمكن ان يُفسرها البعض من انها تعني انه واثق من طرحها ومستعد للدفاع عنها بما لديه من وثائق ومعطيات وبالذات عندما لم يرفق معها او يقدم لها او يتبعها ب “ربما” “تقريباً” “اعتقد” “أتوقع” ووفق هذا يمكن لي ان استنتج شيئين هنا:

1. أن الدكتور الفاضل قاسم حسين صالح يعرف الارقام الدقيقة للانتحار قبل 2003 أي في “الزمن غير الديمقراطي” “الدكتاتوري” وحسب السنة ويعرف الأرقام الدقيقة للانتحار بعد 2003 أي في “الزمن الديمقراطي” وحسب السنة أيضاً وبشكل دقيق واستطاع بعملية حسابية بسيطة أن يعرف انها تضاعفت وهذا يفرض أسئلة منها: كم تضاعفت؟ والمقارنة تمت بأي وحدة زمنية، سنة أم عقد من السنين؟ وانا شخصياً أتوقع ان أ. د قاسم حسين صالح على اطلاع على ارقام الانتحار قبل 2003 بشكل او بآخرويمكن استنتاج ذلك مما ورد في اخرمقالة له:[التحرش الجنسي بنسخته العراقية]/المثقف 17/06/2019 حيث كتب التالي:[وفي الثمانينيات عملت خبيرا بمركز البحوث التابع لوزارة الداخلية] انتهى

http://www.almothaqaf.com/a/qadaya2019/937675

وكما اعتقد ان موضوع الانتحار كان يهم مركز بحوث وزارة الداخلية ويهم ايضاً وزارتي الصحة والعدل وبعض الجهات الاخرى وهذا يسري في كل البلدان وفي كل أشكال نُظم الحكم في العالم. والانتحار في العراق في الزمن قبل “الديمقراطي” كما قلتُ في سابقة مرتبط بأمن المجتمع المرتبط بالأمن الوطني المرتبط بالأمن القومي المرتبط بالأمن الرئاسي واكيد كان من الأمور المهمة والحساسة خلال الحرب العراقية الإيرانية وحتماً قُدمت فيها بحوث ودراسات وتقارير لا تشوبها شائبة مطلقاً لأن المعنيين بهذه الحالة كأشخاص كُثُرْ والدوائر التابعين لها عديدة أي أن مصادر جمع  تنظيم المعلومات وتقديمها متعددة فيجب ان تكون متطابقة حيث بخلاف ذلك على الوزير او معد التقرير ان ينتحر أو سيكون متسبب بخرق أمني عقوبته النحر. وقد أشار الى الانتحار بسبب الحرب أ. د قاسم حسين صالح حيث كتب في مقالته: [الانتحار…حوادثه وأساطير عنه وحقائق…-القسم الأول –12/06/2007] الرابط

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=99464

[غير أن الحروب الثلاثة الأخيرة (من عام 1980إلى عام 2003) التي شهدها العراق، كانت سببا “رئيسا” في زيادة نسبة الانتحار بين العراقيين] انتهى. “””أي في الزمن غير الديمقراطي”””

إذا كان أ. د قاسم حسين صالح يعرف الأرقام سيُطرح عليه السؤال التالي: كيف عرف أ. د قاسم حسين صالح تلك الأرقام وما هو الدليل الذي يؤكد صحتها ودقتها؟ وهل هناك وثائق تؤيد تلك الارقام؟ الإجابة على هذه الأسئلة صعبة جداً لأسباب كثيرة. ولو حاول البحث عن مصادر شبيهة بالمصادر التي يعتمدها هذه الأيام أي “صحافة عالمية ذات مصداقية”!!! فلم يجد امامه ما يعينه حيث حال تلك الأيام ليس كما حال هذه الأيام فالوضع مختلف حيث صحافة ذلك الزمان ممنوع عليها نهائياً /بتاتاً/مطلقاً التطرق لموضوع  الانتحار او الاقتراب منه أو حتى التلميح اليه، وامور الانتحار محصورة في دوائر خاصة وتتمتع بحماية خاصة و تُتداول بشكل محدود وسري كأي قضية تخص الامن الوطني وهي محصورة في دوائر ضيقة جداً وهذا هو الفرق الهائل بين ما كان في “الزمن غير الديمقراطي” وما هو عليه في “الزمن الديمقراطي” أي لا يوجد “”حجي جرايد دون رقيب او حسيب” كما يحصل اليوم “.وعلى فرض العكس أي عدم معرفته بالأرقام قبل 2003 أو عدم دقتها يبرز سؤال هو: كيف إذن عرف أ. د قاسم حسين صالح انها تضاعفت وقبل ذلك كيف عرف انها زادت؟

ملاحظـــــــــــــــــة: في مقالته: ما هكذا نقدم كارثة انتحار شباب العرق: كتب أ. د قاسم حسين صالح التالي: [والمأخذ على هذه الجهد العلمي ان دراسته تعاملت مع الأرقام بطريقة (حنبلية). أعني انها قيدت نفسها بمقارنات احصائية، ونأت عن واقع يناقض تماما تلك النتيجة الصادمة بان معدلات الانتحار في العراق هي اقل من معدلاته في العالم، التي هي صحيحة رقميا ولكنها غير صحيحة واقعيا] انتهى

اضع هذه الملاحظة للتوضيح وإتمام الفائدة فلا علاقة لل “زيادة، تضاعف/تضاعفت/مضاعفة” بموضوع المعدل العالمي…عندما نتحول للمعدل العالمي سنحتاج الى معرفة عدد سكان العراق وعدد سكان العالم وعدد حالات الانتحار في العراق والعالم…وحتى لا يُشتتني الكلام اضرب مثل بسيط للتوضيح فقط:

لو كان عدد السكان (100) شخص وانتحر واحد منهم تكون النسبة 1% ولو زاد عدد السكان في السنة القادمة الى(1000) شخص وانتحر منهم اثنان تكون النتيجة زيادة في عدد حالات الانتحار بمقدار الضعف لكن النسبة بالقياس لعدد السكان هي 0.2% أي انخفاض هائل في حالات الانتحار

القصد من هذا المثال ان “التضاعف وتضاعفت ومضاعفة” تؤخذ على عدد حالات الانتحار دون النظر الى زيادة عدد السكان…والمقارنة مع المعدل العالمي له علاقة بالزيادة في عدد السكان محلياً وعالمياً فلا يمكن للرقم ان يتغير بشكل “متميز” “ملفت” بالنسبة للقياس العالمي والسبب هو ان الزيادة السنوية في عدد السكان في كل العالم كبيرة جداً ربما تصل الى مئات الملايين من البشر…ارجو ان أكون قد أوضحت الصورة.

ووفق ما ورد أعلاه يمكن لمن يريد الرد على “الدراسة العلمية” بالقول ان لا الأرقام تقول بالتضاعف لعدم معرفتها بدقة ولا الواقع يقول به ولا الاسانيد التي قدمها أ. د قاسم حسين صالح تشير الى ذلك فليس هناك مصادر تتمتع بالمصداقية يمكن الاعتماد عليها لنقول “تضاعف و تضاعفت و مضاعفة” عليه  كما أتصور يجب ان يُعاد النظر ب “تضاعف وتضاعفت ومضاعفة” أو حسم الموضوع بأدلة تُأكِدَ ذلك أعتقد انها لا تتوفر بين يدي أ. د قاسم حسين صالح مما يجعل الموقف حرج ينحى باتجاه التعامل “بحنبلية” مع الأرقام والآراء ولا يأخذ بما يقول به الواقع وهذه تفتح أبواب كثيرة للتفسير والتقييم والدقة والانتباه. وانا على يقين ان أ. د قاسم حسين صالح يعرف ذلك جيداً ويعرف تأثيره ويعرف معناه الدقيق.

2. ربما أراد أ. د قاسم حسين صالح من “تضاعف” الإشارة الى زيادة الضجيج الإعلامي حول حالات الانتحار.

……………………

يتبع لطفاً

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here