هل يستطيع الإنسان السَّيطرة على جيناته؟

– د. بهجت عباس –

دراسات حديثة تقول نعم، ولكن …؟

أما كيف يحدث هذا، علينا أن نعرف أولاً ما هي الجينات وما هي عليه من فعاليات في خلية الإنسان. ولتبسيط الأمر، نقول إن جسم الإنسان يتكون من خمسين تريليون من الخلايا أو أكثر وهي على 220 نوعاً، مثل خلية العضلة، الكلية، القلب والدماغ وغيرها، وكل من هذه الخلايا تحتوي على نواة وسايتوبلازم وغشاء/غلاف يحفظ محتوياتها. في النواة توجد مادة الـ دي. أن. أي (دنا) DNA ، وهذه تحتوي على الكروموسومات، وعددها 46 كروموسوماً ومواد نووية أخرى وبروتين يدعى (هيستون Histone) . على الكروموسومات تقع الجينات وعددها 23 ألف جين تقريباً حسب مشروع الجينوم البشري الذي ابتدأ من 1990 وانتهى في 2003، الذي أبطل الاعتقاد السابق بأن عدد الجينات كان مائة ألف جين. إنّ كل خلية جسمية هي وحدة قائمة بذاتها ، أي أنها تستطيع العيش بمفردها لو توفرتْ لها الطروف الملائمة، وتحتوي على نفس العدد من الجينات ، عدا خلية الدم الحمراء وصفيحة الدم platelet ، فلا نواة فيهما ولا جينات. تُعتبر الدنا أصل الحياة، فبدونها لا تعيش الخلية ولا تتكاثر. وبتوسيط الجينات تُنتِـج الخلية البروتين، خميرة (إنزيم) أو هرموناً (ليس كل الهرمونات بروتيناً) فتؤدي وظيفتها المتخصّصة بها وتتكاثر. العقيدة الأساسية تقول:

دنا —- رنا —- بروتين (المعلومات البيولوجية تنتقل من الدنا إلى الرنا RNA – حامص نووي إلى بروتين.) باتجاه واحد، وليس العكس. هذا البروتين يُعطي الإنسان خصائصه، في الظاهر والداخل، وبمعنى آخر ، أصبح الإنسان (عبداً) مملوكاً أو (أسيراً) للجينات التي ورثها من أبويه، فلا خلاص له منها إلاّ بتحطيم قيوده والأغلال. ولكن هل يستطيع أن يعكس هذا الاتّجاه فيتحرر من قيود الجينات التي فرضت عليه قسراً منذ بدء تخصيب البويضة التي انطلق منها؟ التأثيرات فوق الجينية Epigenetics تعطينا الجواب! فالدكتور كونستانتين إريكسون Konstantin Eriksen يقول” نحن أحرار أن نتّخذ إجراءات ضدّ ما يؤثّر على حياتنا وحياة الآخرين…لدينا القوة أنْ نشفي أنفسنا ونحسّن حالة الشعور لدينا.” معتمداً على التجربة التي قام بها العالم البريطاني جون كيرنس John Cairns في عام 1988 حيث زرع بكتريا ذات جينات لا تُنتِج خميرة لاكتيـس Lactase اللازمة لتأييض سكر اللاكتوز الذي تحتاجه هذه البكتريا للنمو والتكاثر ، وبدونها لا تستطيع تأييضه. زرع هذه البكتريا في صحن بتري Petri Dish ووضع لها لاكتوز فقط كغذاء وحيد، فماذا وجد؟ كان المفروض أن تموت البكتريا لعدم وجود خميرة اللاكتيس اللازمة، ولكنه وجد أنّ البكتريا تكاثرت وامتلأ صحن بتري بها وأخذت تتغذّى على اللاكتوز! وهذا يعني أن البكتريا (اضطرتْ) أن (تخلق)خميرة اللاكتيس لتبقى على الحياة وتتكاثر، وبمعنى آخر أنها حوّرت جيناتها التي لا تنتج اللاكتيس وحوّلتها إلى جينات قادرة على إنتاجها. وهذا يعني أن هذه الخلية البدائية أحسّت بالمشكلة فـتطوَّر (وعيـها) ، ضرورة البقاء على قيد الحياة، لتتغلب عليها. ويعني أيضاً أن المعلومات انسابتْ في جهتين؛ من البروتين إلى الدنا، ومن الدنا إلى البروتين خلافاً للنظرية (العقيدة) السّائدة التي تقول إنَّ المعلومات تنتقل من جهة واحدة فقط، دنا إلى بروتين. يقول إريكسين ” بالإمكان تنشيط الجينات أو تثبيطها بواسطة إشارات من البيئة. وشعور/إحساس الخلية هو داخل غشاء الخلية. كل خليّة في أجسامنا تملك نوعاً من الإحساس. والجينات تغيّر إفصاحها (عملها) وفق ما يحدث خارج الخلية وحتّى خارج أجسامنا.”

ولكن د. بروس لبتون ، بروفيسور سابق في جامعة ستانفورد – كاليفورنيا – مؤلف “بيولوجية الاعتقاد Biology of Belief ” وكتاب التطور العفوي Spontaneous Evolution ” كان يعتقد بأن الجسم هو “ماكنة بيولوجية مُبرمجة بالجينات” وبتحوير أجزاء منها يمكنك تغيير صحتك، وباعتبارها ماكنة فهي تستجيب للأشياء المادّية مثل المواد الكيميائية الفعّالة في الأدوية ، وبضبط كمية الدواء لهذه الماكنة يستطيع الطبيب أن يغيّر الحالة الصحيّة ويسيطر عليها. ولكن طبقاً لآراء د. لبتون الآن، فإنَّ “إدراكنا أو تفسيرنا للبيئة يسيطر مباشرة على جيناتنا، والبيئة تسيطر على فعّالية الجينات بواسطة سيطرة فوق الجينية. والفهم الجديد لبيولوجية الإنسان لا تنظر إلى الجسم على أنّه مجرّد ماكنة ولكن تشمل دور العقل والروح.” وإنّ سرّ الحياة ليس في الدنا وإنما في آليّة غشاء الخلية. ففي هذا الغشاء توجد مستقبِلاتٌ تلتقط إشارات البيئة ، و”هذه الآليّة تسيطر على قراءة الجينات داخل الخليّة”، وللخلية الخيار في قراءة هذه الإشارات اعتماداً على نوع الإشارات الواردة من البيئة. لذا ليس ضرورة أن يصاب الإنسان بمرض السكّر إذا كان يحمل جيناً وراثياً له، فقد لا يُفصح / يُنتج هذا الجين إلاّ إذا واتته عوامل معيّنة، كالبدانة مثلاً أو الإفراط في الكسل، وكذلك الحال مع السّرطان. لذا يكون الاعتقاد، حسب هذه الدراسات الحديثة، بأنك “أسير” جيناتك المورثة وأنّ القدر محتّم عليك حسب تركيبها، وأنْ لا قدرة لك على السيطرة على صحتك، محض باطل. فالعلم الحديث يُظهر بأنّ “الادراك الحسّي” يسيطر على صحتك البيولوجية، فإذا استطعت أن تغيّر هذا الادراك أو الإحساس تستطيع أن تلعب بقراءة الجينات، يعني فتحها إذا كانت في صالحك وغلقها إذا كانت ضدّ صحتك. وكما يقول د. لبتون بأنّ ” البيولوجي الجديد ينقلك من “الضحية” إلى “المُسيطِر” على صحتك الخاصّة. يضرب د. لبتون مثلاً ، الخلايا الأولية (الجذعية)، هذه الخلايا تتشابه جينيّاً، أيْ أنّ المواد الجينية التي تحوي كل خلية هي ذاتها ولا فارق بينها، وهي تُنتج كل أنواع الخلايا وتستطيع أن تلعب بإنتاجها لتجعلها تُنتج الخلية التي تريدها، فمثلاً إذا أتيت بثلاثة أواني بتري ووضعتها فيها، و في كل إناء وضعت موادّ كيميائية مختلفة، لتُنتج إحداها خلايا عضلية، والثانية خلايا عظميّة والثالثة خلايا دهنية، تستطيع ذلك. وهذا يعني أنّك (لعبت) في إفصاح جيناتها و(سيطرت) على عمل الجينات. يعلل د. لبتون الأمر بأنّ الخلايا الأولية المتشابهة جينياً تتصرف باختلاف حينما توضع في إناء بتري، حيث بعضها يتحول إلى خلايا عظم وبعضها إلى خلايا عضلة وهكذا معتمداً على المحيط الكيميائي المغمورة فيه وليس على التدوين الجيني Genetic code. ففكرة د. لبتون إنّ 98% من الأمراض التي تُصيب الإنسان هي بيئية، وإنّ 2% فقط هي جينية ، ذلك أنّ تركيبنا الجيني له تأثير بسيط علينا ، ولكن كيمياء الجسم تفعل الكثير. ثمّ يذهب د. لبتون أبعد من هذا فيقول” إنّ المفتاح الذي يفتح صحتنا كامن في العقل الباطن. إذا أعدنا برمجة عادات تفكيرنا السالب، سنخلق(نحدث) كيمياء داخلية يمكن أن يكون الشفاء الفوري والصحة النابضة بالحياة ممكناً.”. وأخذ يتساءل عن العلاقة التي تربط بين جسم الإنسان وخلاياه التي تتجاوز الخمسين تريليون وعن تأثيرات البيئة على كيمياء الإنسان الداخلية. وجد العقل الباطن الذي يسيطر على 95% من تفكيرنا، اعتقادنا، فعالياتنا، وعواطفنا هو الذي يدير كيمياء الجسم. فعندما تكون لدينا فكرة أو إحساس بشيء، يقود تفاعلات كيميائية داخل الجسم. فإذا كانت الفكرة إيجاباً ، ستعزز وجود بيئة كيميائية مرغوبة – تؤدي إلى حالات عقلية مشعة تتماشى على طول مع عمليات جسمية متناغمة. أما إذا كانت الفكرة سالبة، فيكون ثمة إحباط/إجهاد وخوف تغرق كيمياؤها النظام برسالة مرض واضطراب، تغلق جهاز المناعة والفعاليات المناسبة اللازمة. وهذا تسبب معضلة خطيرة، لأن أكثر تفكيرنا هو عقل باطني تبرمجت فيه أفكار وعادات سالبة كثيرة اعتمدنا عليها خلال طفولتنا وسيطرت على تصرفاتنا وبقيت لاصقة بنا حتّى الممات. فـ”إحساس العقل بأنّ ظروف البيئة ملائمة وجيدة تجعل خلايا الجسم تتكاثر فيقوى الجسم ، ولكن عندما يكون العقل في حالة كآبة ، تنسى خلايا الجسم التكاثر الطبيعي وتتّخذ وضع (الدفاع الوقائي)، فتتوجّه الطاقة المُخصّصة للتكاثر إلى أجهزة حماية الجسم خلال فترة الكآبة.” كما يقول لبتون. لذا يكون التكاثر خلال فترة الكآبة والغمّ والقلق محدوداً جداً. فإذا كانت فترة الكآبة قصيرة، يمكن تداركها، أما إذا طالت، فيكون المرض الذي يصعب علاجه. وهذه الحال تُشبه وضع المجتمع الذي يعيش في بلد معيّن، فعند الاستقرار والحرية والسلام ، يشعر الفرد بالطمأنينة فيستثمر ماله وينفتح على الآخرين ويعيش بصحة ورخاء. أما إذا كانت الظروف قاسية وخطرة، كما هي عليه الآن في العراق مثلاً، يخشى الفرد من استثمار ماله، بل يحافظ عليه ويعيش منه، فينكمش ويتقلص. وقد يتحمّل هذه الحالة إذا كانت فترة عابرة، وإن طالت، فالانهيار. المصدر الرئيس للكآبة هو العقل، الذي أطلق عليه د. لبتون (الصوت المركزي) وهو على قسمين منفصلين ، العقل الخلاّق المبدع المفكّر الذي هو (أنتَ) المعبّر عن إرادة حرّة أو الشعور، ورفيقه المساند له ، العقل الباطن أو اللاشعور. هذا الأخير هو “حاسوب أعظم محمّل بمعلومات التصرّفات المُبرمجة”، كما يصفه لبتون ، ” بعض المعلومات هي جينيّة، وهي غريزية تمثّل الطبيعة” أما برامج العقل الواعي (الظاهر)، فأغلبها مُكتسبة من التجارب والتعليم وتمثّـل (التطبع). العقل الباطن هو “ليس عقلاً واعياً أو مُبدعاً، بل أداة استجابة للمحفّز. هو طيّار آليّ مُبرمج يستطيع أن يقود الطائرة من دون مراقبة أو معرفة الطيّار- العقل الواعي/الظاهر.” و”عندما يكون الطيار الآليّ (اللاشعور) مسيطراً على تصرّف ما، ينطلق العقل الظاهر بحرية في الحُلم بالمستقبل أو الإبحار في الماضي.”

اِمحُ برمجة الدماغ في الطفولة تعشْ سعيداً

حتى السادسة من عمره كل فرد يُشبه الإسفنجة، يمتص المعلومات، العادات واستجابة التصرفات والأحوال من العائلة والمجتمع. وطبقاً لدكتور لبتون لا يوجد إلا قليل من أفكار الوعي من السنة الأولى حتى السادسة من العمر. وبكل بساطة ننقع كل شيء حولنا وهو بدوره يحدّد الطريق الذي نفكر. وللأسف كلنا يأخذ التفكير السالب في اعتقادنا، إحساس لقصور أو منافسة. يخزن الطفل ما قيل له في اللاشعور ويعتقد بها، “فعندما يقول أحد الأبوين لطفل يافع بأنه غبيّ، أو ليس جديراً أو أيّ إشارة سلبيّة، تُدوّن هذه في لاشعوره بانّها (حقيقة)”. أما نحن، العرب أو العراقيين بخاصّة، فكم نحشو عقل الطفل بسلبيات تظلّ في عقله الباطن ويحيا بها إلى أن يموت؟ فالأب يعلّم ابنه أيّ شيء إلا التطور مع الحياة التي سيحياها والتي تختلف عن حياة أبيه، وقد قال أبو العلاء المعرّي قبل ألف سنة:

وينشأ ناشئ الصِّبيان فينا

على ما كان علّمه أبوهُ

ما دام العقلُ الباطن يخزن أباطيل وأساطير وخوفاً ورهبة وعاداتٍ لا تسايرُ العصر الذي يعيش فيه هذا الطفل الذي صار رجلاً، فلمَ نستغرب من تصرفاتنا التي تعتبر شاذة وهي التي تؤخِّرنا عن اللحاق بركب العالم المتقدِّم، ونلعن الحظَّ والقدرَ؟ فالتصرفات اللاشعورية ” مُبرمجة لترتبط دون سيطرة أو رقابة بالعقل الباطن ذاته ومن دن أن نُحسَّ بذلك.”، كما يقول لبتون الذي يُضيف قائلاً “اللاشعور هو مليون مرّة أقوى معلوماتيّاً من العقل الظاهر، وكما يؤكد علماء الأعصاب بأنّ العقل الظاهر يجهِّز بمقدار 5% أو أقلّ من الفعّالية المعرفيّة خلال النهار، وإنّ 95% من تصرّفاتنا تأتي مباشرة من اللاشعور.” وهنا تأتي الكلمة المهمّة التي تلعب دوراً في حياة الفرد عندما يُصمّم على تفكير إيجابيّ حيث يقول لبتون” التفكير الإيجابي يكون فعّالاً من حيث المبدأ إذا كان اللاشعور يسند مرام العقل الباطن.”

يقول لبتون: “عندما كنت بروفيسوراً وباحثاً علمياً كنت أؤيد الفكرة القائلة بانّ الجسم البشري هو (ماكنة حيوية مبرمجة بجيناتها) وإن قوتنا العقلية وضعفنا / مرضنا (مرض القلب أو السرطان أو الكآبة) تمثل سمات أو علامات مُبرمجة في جيناتنا المورثة، وأنّ هذه الجينات تُفَتح وتُغلق ذاتياً ولا يزال هذا الاعتقاد سائداً.” ويستطرد لبتون بأن البيئة هي التي تسيطر على فعالية الجينات أو بالأحرى إدراكنا الحسّي للبيئة هو الذي يسيطر على فعالية الجينات بصورة مباشرة.” وهذا يتمّ بما يعرف بما فوق الجينية Epigenetics. هذا الأخير هو عبارة عن تحوير إنتاج الجين دون أن يؤثّر على تركيب الجين بإدخال مادة كيميائية كـمجوعة المثيل CH3 إلى الدنا أو تحوير الهيستون، وهو البروتين القاعدي الذي يوجد مع الدنا في نواة الخلية، وبتحويره، تتغيّر أو تتأثر الدنا في وظيفتها. وعلى هذا الأساس (نظرية لبتون) يمكننا الاستنتاج بأن الأدعية التي يتوسل بها الإنسان إلى الله أن يشفيه من المرض الذي ألمّ به أو يقضي له حاجة، إذا كان يؤمن حقّاً (يعني من كل عقله وقلبه) بأن دعاءه سيستجاب، أو التشبّث بأضرحة الأنبياء والأئمة والأولياء بقضاء حاجته، قد يكون له مفعول إيجابي، وقد يؤثّر العقل الباطن على (الجينات المنحرفة) فيُصلِّحها بإيعاز جينات التصليح أو يُغلقها (يمنع إنتاجها بروتيناً مشوّهاً) ويتخلص الجسم من المرض الذي سبّبته. أما لماذا يُستجاب بعض الأدعية وليس غيرَه؟ يعتمد هذا على (جدّية) الشخص وإيمانه بأن للدعاء إيجابية وعلى نوع المرض ودرجته تفاقمه. كما إنّ الاسترخاء أو التأمّل Meditation قد يأتي بثمره أيضاً لتقويم ما (انحرف) من الجينات. وهنا أحب أن يفهم القارئ بأني لا أدعو إلى اللجوء إلى الأدعية والاسترخاء للشفاء بدلاً من مراجعة الطبيب ، ولكني كما قلت أعلاه (حسب نظرية لبتون)، إنّ العقل الباطن والادراك الحسّي والتفكير الإيجابي وغيرها تؤثّر على الجينات وقد تشفي الأمراض بغلق الجين أو بفتحه . وما ذكره، له قدر كبير من الصحّة ، ولكن كيف يتمّ هذا؟ فنحتاج إلى إيضاحات. أمّا كيف نستطيع محوَ ما خُزن في اللاشعور من أمور سلبيّة، فقد اعتمد لبتون على طريقين رئيسين، أحدهما “أن نكون أكثر وعياً ونقلل اعتمادنا على برامج اللاشعور الأوتوماتيكية ولكوننا واعين تماماً، سنكون أسياد مصيرنا وليس (ضحايا) برامجنا”. والطريقة الثانية باستعمال طريقة علاج سيكولوجية الطاقة Energy psychology التي تُمكِّن إعادة برنامج سريع وفعّال لاعتقادات لاشعورية محدودة.” وأهم هذه الطرق هي تقنية الحرية العاطفية Emotional Freedom Technique (EFT) التي تعتمد على وجود نقاط عشرين في الجسم (نقاط عليا Meridian points )، والعملية هي النقـر بأصابع اليد عدّة مرات على هذه المواضع (النقاط) من الجسم، والموضوع طويل ومعقد وليس من صلب موضوعنا هذا. أمّا فيما إذا كانت هذه الطريقة ناجحة في محو ما اختُزِن في اللاشعور، فلا أدري، ولكن تأثيرها على الجينات لتعديل ما اعوجّ يحتاج إلى إيضاحات.

أما كيف يلعب الغذاء دوراً في التأثير على الجينات، فهو كالتالي:

آليّـة تأثير الغذاء على الجينات

كما ذُكر سابقاً بأن كلّ خلية تحتوي على الدنا والبروتين هيستون الذي يكون متّحداً معها، ومن ضمن الدنا توجد جينات قامعة الورم. هذه الجينات تهاجم الجينات (المعطوبة) وتقضي عليها قبل أن يستفحل أمرها وتُحوّل الخلية إلى خلية سرطانية. وفي بعض الأحيان يضمّ (يحتضن أو يكلبج – حسب اللغة الدارجة العراقية) الهيستون الدنا بإحكام، كما يقول جين-بيير عيسى من مركز أندرسون للسرطان في فيلادلفيا، بحيث تكون هذه الجينات قامعةُ الورم مخفيّةً عن (نظر) الخليّة “إذا كان جين قامع الورم مخفيّاً، لا يمكن استعماله، (يُطفئ) الهيستون الموجود بكمية كبيرة الجيناتِ قامعةَ السرطان، ويسمح للخلايا السرطانية أن تتكاثر.” كما يقول جين – بيير عيسى. وهنا يأتي دور الغذاء الذي يحتوي على البروكلي والقرنبيط واللهانة والثوم والبصل، هذه الخضروات تحتوي على موادّ مانعة الهيستون، التي تعيق (كلبجة) الهيستون لهذه الجينات لتكون طليقة ناشطة لمحاربة السرطان. وبتناول هذا الغذاء باستمرار، يكون بإمكان الجسم محاربة السرطان ومنعه من التكاثر. بهذا تكون السيطرة على هذه الجينات ممكنة. ولكن يجب أن تبدأ بوقت طويل في هذه التغذية الصحيحة والرياضة البدنية في الهواء الطلق والتفكير الإيجابي قبل أن يستفحل المرض ويتّسع الخرق على الراقع. وهناك كثير من الأغذية المفيدة في هذا الشأن، فما ذكر أعلاه ليس إلا نماذج هامّة منها. كذلك تجنّب أو التقليل من تناول الأغذية الضارّة التي تحتوي على كميات كبيرة من السكّريات واللحوم الحمر والدهنيات.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here