بقلم مهدي قاسم
من مصلحة أي رئيس دولة أو رئيس حكومة أن يحكم دولة قوية بسيادتها
و بجيشها وأجهزة أمنها ، و خاصة بقوة اقتصادها المزدهر و خزائن مالها الاحتياطي الطائلة ، أن دولة تتمتع بمواصفات جيدة وممتازة كهذه ، تكسب و تنال ــ تلقائيا ــ احترام دول وحكومات و شعوب العالم ولكن قبل الكل تنال احترام شعبها و هذا هو الأهم ، فالدولة القوية لها
المهابة والاعتبار في المحافل الدولية و لا تُنسى بأن لها مصالح يجب أن تُحفظ و تُراعي و تُضمن في إطار
اللعبة السياسية الدولية، غير إن دولة قوية كهذه يجب أن يكون لها
رجالها الوطنيين المخلصين والأوفياء لقيمهم الوطنية والمبدئية ، يحرصون على تكريس كل شيء لأجل مصلحة البلد حصريا وتوظيفها من أجل تحقيق ذلك في كل زمان ومكان ، بدون أية مساومة أو تنازل لصالح فئة معينة أو دولة أجنبية ، غير أنه من سوء حظ العراق وشعبه المنكوب أنه
لم ينجب منذ عقود رجالا وطنيين أحرارا و مخلصين للعراق ، بقدر ما أصبح يتحكم بمصيره المزري أشباه رجال و على شكل مجموعات لصوص و نهّابين بلغوا في الوقت نفسه من ضروب و أشكال العمالة المبتذلة والرخيصة للأجنبي الطامع ، إلى حد يبدون كأنهم لم يرضعوا غير حليب الخيانة
و الغدر بحق العراق و شعبه ، بل و كأنهم جاءوا خصيصا لينتقموا منه : فسادا و تخريبا و إهمالا و تخلفا وبؤسا و معاناة يومية ، ليجعلوا من العراق أفشل دولة على الإطلاق ، مندرجا في أسفل قوائم الفساد و سوء المعيشة و رداءة الخدمات و نوعية الحياة السقيمة والمقرفة ..
بينما العراق كان و لازال يتمتع بكل مستلزمات و شروط و خيرات مادية
وفيرة و روحية زاخرة التي من شأنها أن تجعلها دولة قوية ومعتبرة ، و شعبها فخورا و مرتاحا ومرفّها ـــ نسبيا ــ و ذات صيت حسن في العالم و مصدر اهتمام و تطلع من قبل شعوب وأقوام أخرى ، لو إدار دفة الحكم فيه احزاب وساسة من وطنيين أحرار ، يؤمنون بالعراق وطنا غاليا
وحيدا عزيزا على قلوبهم و يتفانون من أجل خدمته و تطوره و تحديثه نحو أفضل و أحسن ..
ربما يبدو لبعض ما كتبناه ــ أعلاه ــ شيئا من إنشاء نثري فحسب
، ولكن مع ذلك نقول لا يُبنى الوطن لا من قبل لصوص ولا بسواعد عملاء و لا بجهود خونة ..
و طالما الأمر كذلك فلا أمل في تحسن أوضاع العراق المزرية في المستقبل
المنظور ..
وكل ماعدا ذلك ليس سوى جعجعة بلا طحين ، بل خدعة ذاتية و أوهام سراب
و ضلال .