بقلم مهدي قاسم
تحت ظل نظام سياسي هجين فاسد و مافياوي كاسد ، لا يمكن لجهاز القضاء
أن يكون نزيها بالتمام و الكمال ، فهذا أمر معلوم ومعروف ، كتحصيل حاصل لواقع سياسي متدهور نحو انحطاط كلي مثلما الأمر في العراق حاليا ، ربما لهذا السبب لم يُعد الشارع العراقي بمستغرب عندما يتناهى إلى سمعه صدور أحكام قضائية غير منطقية ــ قانونا و شرعا ــ كأن
يُحكم مثلا على صبي متهم بسرقة مناديل ورقية بعقوبة حبس لمدة عشرة أعوام بينما يُحكم على سارقات و سراق و سارق المال العام الذين سرقوا ملاييين الدولارات ، يُحكم عليهم بخمس أو سبع سنوات فقط !! ، وهناك أمثلة عديدة أخرى لعدم وجود توازن قانون عادل في هذه الأحكام
القضائية الصادرة ..
إذ يتذكر المرء محبطا و مخذولا هذه الأمور القضائية المثيرة للجدل
، عندما يقرأ حاليا في مقدمة الأخبار خبر كسب إحدى سياسيات الزمن العراقي الرديء الحالي( و نعني حنان الفتلاوي ) قضية بحق فنان ساخر لأنه قلدها في مشهد ساخر، علما إن السخرية من الساسة المتنفذين وأصحاب الهيمنة والفهلوة أمر شائع و مألوف في بعض بلدان شرقية حتى منها
ديكتاتورية ــ خذ غوار الطوشي تحت ظل النظام السوري الديكتاتوري مثلا وليس حصرا ـــ وكذلك في معظم بلدان غربية ، فالسياسي المتنفذ يعتبر ” شخصية عامة ” وبما أنه كذلك ويزاول العمل السياسي والسلطوي فمن حق الآخرين أن يوجهوا له نقدا لاذعا بل و ساخرا أيضا ، إذا وجدوا
ما يستوجب ذلك من خلال سلوكه و حماقاته و تصرفاته عموما ، ناهيك عن تقصيره وفساده ــ إن كان سياسيا فاسدا ..
وما أكثر الساسة المتنفذين الفاسدين في العراق حاليا !، و الذين
قليل في حقهم السخرية و الهزء التهكم ، إنما يجب أن يُقاضوا و أن يُحكم على بعض منهم بعقوبة حبس مشددة لمدد طويلة ، بينما لبعض آخر ممن ارتكبوا الخيانة والكوارث الوطنية بل أصبحوا علنا خُدما و حراسا أذلاء لمصالح أجنبية أن يلتف حول أعناقهم حبل مشنقة غليظ و سميك
، و ذلك عقابا على المعاناة الفظيعة التي سببّوها لملايين من عراقيين وعراقيات منذ السنوات الماضية و حتى الآن ..
و ما دمنا عند الساسة الفاسدين فحنان الفتلاوي نفسها اعترفت بتصريح
تلفزيوني ــ مطلَّع عليه كل قاص و دان ولا داعي لإعادته مرارا ــ أنها تقاسمت الكعكة مع ساسة و مسؤولين فاسدين آخرين في اعتراف ضريح وواضح بالفساد السياسي والمالي ، و عليه فأن حنان الفتلاوي هي من يجب أن يُدان و ليس الفنان الذي جسّد شخصيتها الكاريكاتورية للضحك
و الطرافة ..
و هكذا نلاحظ أن الجاني ـــ الذي يعترف بأنه اشترك في تقسيم الكعكة
، يعني في فرهدة المال العام ــ يقاضي الضحية ــ الذي أصبح ضحية حقا هو و ملايين أخرين من العراقيين و ذلك من جراء الفقر و رداءة الخدمات وقلة الشغل و كثرة الحرمان والعوز الذي سببه هؤلاء الساسة الفاشلون و الفاسدون و من ضمنهم حنان الفتلاوي أيضا ..