طنين و أزيز

طنين و أزيز

قصيدة في عالم الحشرات

يارب كفانا ديدانا تنهش في الأفكار..

هايل المذابي

في الغابة مستعمرة الحشرات
وأشكال الأرضة والدود ..
يأتيني في الحلم كل مساء
رئيس نقابة
في هيئة دودة
و إلى جانبه بعض الحشرات
و توجه لي تهمة لا أعرف عنها شيئا من تلك الحشرات..
تقول التهمة: لقد قمت بتجربة الطيران برش السم على الغابة و مجتمع الحشرات…
يقال: إن المتهمين براء حتى تتوافر أي أدلة
تثبت أي جريمة ارتكبوها..
وأقول أن محامي تلك الحشرات بغيض وبذيء ونصاب كالتهمة حتى يثبت عكس التهمة
لكني أعرف أن محامي تلك الحشرات بغيض جداً
و لذلك لن يثبت شيئا ..
يجبرني ذلك وبشاعته،
إن كانت تلك الحشرات حقيقية في دعواها،
أن استيقظ كل مساء من أحلامي مفزوعا
وليس لعقلي ما يستر عورة دعوى الحشرات ودود الغابة..

انتظر قليلا واشحن قلبي بشجاعة
من يدخل بسفينته مثلث برمودا..
اتزود بالرغبة في أن أدخل في ثقب دودي
وأعود إلى الحلم
وسلاحي في حرب الحشرات
ما شاهدت من الاهوال
وما فعلته بي الدنيا والأيام وأشرار الخلق
و جماعة أنصار الدود.
إن الحشرات لا تعرف غير الحقد لمن كان نظيفا،
وعلى شاكلتي بالذات..
حين تحب الأوساخ وتجذبها الجيفة والقاذورات
وازداد أنا حبا في الماء وحبا في الطهر..
ولذلك لا جدوى من أي أملٍ في ود الحشرات..
لا جدوى من أي نقاش معها..
ولا بد إذن من أن اتحمل كيد الدود
و سفالة هذي الحشرات
و ما تنصبه من عثرات
و من نكبات
و من حفرٍ في شارعنا حين أمر
و أنا مغصوبٍ في ذلك
فقد أجبرني هذا العالم حين خذلني
بالسير اليومي بطرق الديدان
أتعايش معها مجبورا
احتمل سفالتها رغما عني
و الويل اليومي كذلك لا بد علي أن أتكيف معه
و لا أملك أي خيارات أخرى
فالحاجة في ذلك هي حاجة معتلٍ
يشكو اسهالا
و لا بد عليه تعبيرا عما يشكو منه
بأن يذهب للحمام..

يارب كفانا دودا كفانا حشرات..
يارب كفانا شر الحشرات..
يارب كفانا ازعاج الحشرات..
يارب كفانا كيد الحشرات..
يارب كفانا ذبانا تعوي في الرأس
و تنهش في الأفكار..
يارب هل للدود إله غير وساختها
فنرفع لإله الدود بشكوانا
و نتضرع بالقربان
لعل الرحمة من ويلات الدود
و حب الحشرات لتسويم الروح سوء وساختها يتلاشى..
يارب احتاج إلى جرعة ريح باردة لأبلل رئتي
بهواء لم يتلوث بوساخة هذي الحشرات..
و حين أعود إلى الحلم الأول
مسكونا أو موهوما بالهدنة
بيني و بين ملاحقة الحشرات اليومي حتى في النوم..
يارب علاما هذي الحشرات تفتش في قلبي
صباحا و مساء
و أنا لا أملك للدود بقلبي
سوى صيحة بوم
و خرائب تنعق فيها الغربان..

ثم أعود و قد أفرغت الحيرة من قلبي
و أنا ممتلئ بالحلم
ومسكونا برجاء لعل الدود حين أعود قد انقرضت
أو ذهبت للنوم
أو خرجت للنزهة
أو قررت التوبة
لكني أعرف أن الديدان
و مجتمع الحشرات لا يمكن أبدا أن تعلن توبتها
فالحشرات لا تؤمن إلا بالمستنقع والوحل
و أهل القاذورات.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here