الجرأة والتغيير!!

التغييرات المصيرية والحضارية بحاجة إلى جرأة ووضوح ومباشرة صارخة ودامغة , لا تعرف الخوف والتردد والتلاعب بالألفاظ والإعتصام بالرموز.

فالمجتمعات لم تحقق مرتقاها بآليات غامضة وألفاظ رامزة ومحايلات وإندساسات وراء الكلمات والعبارات.

المجتمعات إرتقت بجرأتها العقلية ومفاهيمها الدقيقة الواضحة الساطعة , التي تفاعلت مع الإرادة الجماهيرية وصنعت تيارا حضاريا واعيا متوثبا , ومنطلقا في مسارات التقدم والتحدي والإيمان بصناعة المستقبل الأفضل , بل أن الجماهير الواعية قد إستحضرت مستقبلها وجسدته فحولت حاضرها إلى ورشة عمل إبداعي أصيل ومتواصل.

وفي مجتمعاتنا إنطلقت الجماهير وإندفعت تريد حياة أفضل وعصرا زاهرا , لكنها إفتقدت الرؤية والقيادة الثقافية الواعية الجريئة الواضحة.

فتحولت إلى هدف للقوى الغاشمة النائمة المتمترسة بأفكار ضلالية وتصورات بهتانية , تنسف العصر وتزيح الحاضر والمستقبل وتؤسس لويلات الغابرات , فدخلت الجماهير في متاهات وإضطرابات وتفاعلات غير مجدية , ترافقت بخسائر متنوعة باهضة في أغلب الأحيان.

وتسيّدت في بعض الدول العربية قوى ظلامية , أفزعت الناس وهيمنت على مصيرهم وصادرت إرادتهم بإسم المتاجرة بالدين فتنامى الخوف , وشاع القتل والتكفير والمحق السريع لكل دعوة تنويرية وتوجه لإعمال العقل والنتفكير العلمي والتفاعل المعاصر المبين , لأن فيه تهديد لمصالح التجارة الدينية , ومنافسة معها على الأرباح الهائلة التي تجنيها من هذا التدجين والتركيع للبشر.

ولهذا ماتت الجرأة الفكرية والثقافية وتحولت معظم الأقلام إلى المحاباة والمداهنة , والإنغماس بالرمزية الغثيثة والترفع عن الجماهير والإندساس في صوامع نخبوية , فتحقق الإنقطاع ما بين عقول المجتمعات وإرادة الجماهير , التي هي الأخرى أسلمت أمرها للمتاجرين بوجودها الأليم , لكن الأمة تتمثل في صور رائعة معاصرة بين آونة وأخرى كما فعلت في تونس , وما بعدها وها هي اليوم تتألق في الجزائر والسودان , وهذا يعني أن الأصوليات والظلاميات تدافع عن نفسها , وتتداعى في مهاوي الإنهزام الأكيد وهي في رمقها الأخير.

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here