الإصلاح في العراق

الإصلاح : والذي يقصد به الإصلاح السياسي ، هو تحسين وضع أو تعديل ماهو خطأ، ويتميّز الإصلاح عن الثورة كوّن الاخيرة تسعى للتغيير الشامل في حين ان الإصلاح يهدف لمعالجة بعض المشاكل دون المساس بأساسيات النظام ، والإصلاح ضرورة في البلدان النامية لتحسين مستوى الشعب الى أحسن حال ، وغالباً مايتم الإصلاح بدعم من المؤسسات الدولية الرصينة ، ويتضمن الإصلاح التربوي ، الاجتماعي ، السياسي ، الثقافي ، الخ ، في العراق نرى ان الإصلاح اصبح المنقذ الحقيقي ( للمفسدين ) فجميع ( الحراميه ) أصبحوا بين ليله واُخرى مصلحين والعياذ بالله ، حتى انهم من كثرة كذبهم على الناس صدقوا كذبتهم وأخذوا يتحدثون دون خجل عن الإصلاح ، في خطبة الجمعة الاخيرة المرجعيه الرشيده حددت من هم المصلحين والشروط التي يجب ان تكون متوفرة فيهم وفِي اتباعهم ، حيث أشار خطيب جمعة كربلاء الى نقطه مهمه حين قال : أن اتباع المصلح اذا لم ينفذوا أوامر وتوجيهات المصلح فما معنى ان يكونوا من اتباعه ،
من أراد الاصلاح في العراق عليه أن يقرأ تأريخ سيّد المصلحين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، بويع الإمام علي بعد مقتل عثمان على أيدي الجماهير الغاضبة نتيجة لفساده وتقرّبه لبطانته وجلاوزته من الحرامية، فخرجت الناس في بادئ الامر بمظاهرات عفويه ، وتقول الروايات إنّ المفسدين واللصوص من أتباع عثمان هربوا إلى الشام ولم يبايعوا عليّاً بن أبي طالب ،
ومنذ اللحظة الأولى لخلافته أعلن الإمام علي أنّه سيطبّق مبادئ الإسلام التي حرّفها خونة الدين المرتدون والذين ابتدعوا سُنة جديدة بعد إلغائهم لسُنة محمّد (ص) كما قال إنه سيرسّخ العدل والمساواة بين الناس بلا تفضيل أو تمييز، إضافةً إلى تأكيده بأنّه سيسترجع كلّ الأموال التي استحوذ عليها الذي سبقه والتي أباحها من بيت مال المسلمين لأقاربه وحاشيته، وكذلك قد أصدر عليه السلام أوامره بعزل الولاة الذين ثبت فسادهم ، وتم تعيين ولاة مخلصين معروفين بنزاهتهم وحبهم لله ولرسوله وللاسلام.
اصلاحات الإمام علي بن أبي طالب تلك لاقت رفضاً قاطعاً من قبل الأمويين البعثيين فأوقعوا عائشة بالأمر، فكانت معركة الجمل بعد ستة أشهر من إعلان إصلاحات علي
فما أشبه الليلة بالبارحة؟ حيث خرج الشعب العراقي برمّته طالباً الإصلاح بعد أن ملّ الشعب كلّ الوعود الكاذبة التي أطلقها السياسيون اللصوص الكذابون وبعد أن اصبح كل وزير غير ملتزم بقضيّة المواطنة يمتلك الوزارة التي يديرها وكأنه توارثها من أبيه، فأخذ يعيّن أقاربه ومحبّيه بعيداً عن مبدأ الكفاءة فضلاً عن البعد عن كلّ عمل وطني وإنساني الذي أنشئت من أجله أعتقد ان أعظم فرصه سنحت للدكتور حيدر العبادي في تحقيق قرار الإصلاح الذي اتخذه الشعب العراقي ولكنها لم تستثمر لأسباب عديده ، من يريد ان يطبق الإصلاح فإما أن يتّخذ من علي بن أبي طالب نموذجاً يحتذى به في تحقيق الإصلاح وإما أن يعتزل.
في اللحظات الاولى لاستلام الإمام عليٍّ الحكم أشار بعزل معاوية عن ولاية الشام وقال له ابن عباس يا ابن عمّ أجّل قرارك ليوم غد فسيكون معاوية مكتوفاً أمامك! فأجابه الإمام بقول ينطوي على عدم الرضا: اسمع يا ابن عباس، أذا صبح الصباح ومعاوية والياً على الشام وأنا خليفة المسلمين فأنا ومعاوية في النار، هكذا وبهذه الطريقه يتم الإصلاح وإلّا لامعنى لترقيع الدولة بإصلاحات طفيفة، الغاية منها امتصاص غضب الشارع العراقي، فالمطلوب ثورة عارمة وليس إصلاح كاذب ثوره تطيح بكلّ الرؤوس العفنة التي أوصلت العراق إلى هذا الوضع الخطير والمزري والتي يجب ان يقودها المصلحين ،
إنّ الكرة الآن في ملعب المصلحين لأنّ الشعب كلّه خلفهم والمرجعيّة العليا والعالم المتحضر، وأي التفاف على إجراءات الإصلاح تعتبر ( ضحك على الذقون ) .
الملفت في الأمر أنّ جميع الحراميّة الكبار الذين سرقوا الملايين هم من يتصدّون ويدعون ويصرّحون ويخطبون بالناس مدّعين بأنّهم ضدّ اللصوص والحرامية وأنهم هم المصلحون وغيرهم على النقيض، كما فعل معاوية من قبل، حيث جنّد الإعلاميين المرتزقه في ذلك الوقت ليشوّه صورة المصلح الربّاني علي بن أبي طالب وليقلب الحق إلى باطل والباطل إلى حق.
نعم أن طريق المصلحين وعر ويعتريه نوع من العقبات المتراكمات وربما سيدفعون حياتهم ثمناً لاندفاعهم في طريق الإصلاح، كما دفعها من قبل إمام المصلحين علي بن أبي طالب، ولكن الفرق هنا يكمن في أنّ الشعب واقف بالمرصاد لكل من يريد أن يحرف مطالبه عن الطريق، ، يجب تغيير الوزراء وتشكيل حكومه يختارها رئيس الوزراء ، واسترداد الأموال المسروقة، ويجب محاسبة المفسدين مهما كان بلغ ظهيرهم من قوّة، كذلك من أي انحدارٍ جاؤوا منه قوميّاً أو طائفيّاً، كما فعل علي بن أبي طالب، لذلك استحق أن يكون المثال الأبرز للعدل والعدالة، رغم أنّه تعرّض مضطرّاً إلى الدخول بعدّة حروب من أجل أن لا ينثني عن قراراته الشجاعة، وأنا على يقين من أنّ المصلحين سيواجهون الظلمة والمتآمرين واللصوص بهمّة الغيارى من العراقيين وبمساندة الشعب الذي ضاق ذرعاً بحكامه الخونة واللصوص وان الأيام القادمة ستكون وبالا على كل اللصوص والفاسدين خاصة بعد ان اصبح الفاسد يشعر بانه منبوذ من قبل الجميع . ليكن علي ابن ابي طالب ( ع ) المثال الذي نضعه نصب اعيينا في كل خطوه إصلاحيه نقدم عليها ، وبعكس ذلك سوف لن يكون هناك اي إصلاح في العراق ، وعلى رئيس الوزراء اما ان يبدأ بتنفيذ الإصلاح أو يستقيل لان الأمور خرجت عن المألوف والوضع لم يعد يُحتمل قط .

جابر شلال الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here