مليار دولار لا تكفي ..!

بقلم : إياد السامرائي

الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي

اعلن البنك المركزي أنه خصص مليار دولار للمشاريع الصغيرة ، وفي الوقت الذي يشكر البنك على هذا الاهتمام ، نقول ان هذا وحده لا يكفي .

ونجد في كثير من الاحيان ان الادارات الحكومية ـ أياً كانت ـ تحاول ، عبر اجراءات منقوصة تفتقد الى قوة التنسيق بينها ، الى رفع العتب ومداراة ضعف القدرة على الابداع في مواجهة المشاكل ، ولكي لا نستطرد في النقد لا بد من تحديد المشكلة و كيفية علاجها.

اولا : إن حجم البطالة في العراق كبيرٌ جدا يصل الى ما لا يقل عن ٢٠ ٪‏ من القوى العاملة ، ولغياب الرؤية الاقتصادية الاستراتيجية للدولة منذ عام ٢٠٠٣ ولغاية اليوم فقد كان الحل السهل امام الحكومات السابقة هو في استحداث درجات وظيفية في هياكل الدولة العراقية لا حاجة لها عملياً وإنما فقط لإسكات الافواه المحتجة واحيانا لابتزازها لصالح مواقف سياسية او انتخابية الى ان وصل الحال الى نقطة لا تستطيع ايرادات الدولة تحملها ، وشكلت بطالة مقنعة تعرقل أداء الدولة ، وترتب على ذلك تعقيد الاجراءات الحكومية في كل قطاع لكي لا يبقى الموظف العاطل دون عمل يشغله ولو شكلا وظهور ما سمي بظاهرة الفضائيين خلال السنوات الأخيرة انعكاس لهذا الأمر .

ثانياً : إن توقف الدولة عن تفعيل قطاعات الانتاج في الاقتصاد العراقي ، وخاصة في الزراعة والاقتصاد ، وتوجيه الموارد القليلة لقطاع التشييد العقاري والخدمات وبعضها قليلة الاهمية حصراً ، ادى الى استهلاك الموارد ولم يعالج قضية البطالة .

ثالثاً: إن التوجه الى المشاريع الصغيرة حل عملي عندما تعجز الدولة عن تبني المشاريع الكبيرة ، ولكنها تحتاج الى استراتيجية واضحة المعالم وخطة لكي يكون المواطن المستفيد قادرٌ على اختيار المشاريع المناسبة ، لأنه من غير ذلك سيتوجه غالباً للمشاريع الخدمية لسهولة التعامل بها ، وهي مشاريع لن تمثل اضافة حقيقية للاقتصاد وستعالج البطالة جزئياً من خلال اعادة توزيع الارزاق بين العاملين في قطاع الخدمات.

رابعا: اين يكون الحل ؟

في تقديري ان وزارة التخطيط التي تبنت استراتيجية مكافحة الفقر ـ والتي لم تظهر اثارها بعد ـ بحاجة الى تحويل هذه الاستراتيجية الى جهاز يشارك في تكوينه عدد من الوزارات المعنية ويكون معني باختيار المشاريع الصغيرة ذات الطابع الانتاجي القابل للنمو دون توسع كبير في الاختيارات ، وأن تعد دراسة جدوى اقتصادية لكل مشروع ، وان تدعو المواطنين الى الاستفادة كلٌ حسب رغبته بالاستثمار في احدى هذه المشاريع وبتمويل سخي من الدولة وبضمانات معقولة .

ثم تتولى بعد ذلك انشاء جمعيات تعاونية لتسويق المنتج ويتم دعم هذه الجمعيات لتستطيع اداء دورها ، وبعض هذه الصناعات ستكون منزلية وبعضها ستحتاج الى اماكن مناسبة ، وسيكون من مهام هذا الجهاز اعدادها وبعضها اعادة تفعيل ورشات عمل صغيرة اهملت سابقاً .

كما يعمل هذا الجهاز على تفعيل التدريب المهني الذي يساعد على جعل الاداء في هذه المشاريع ذو جدوى اقتصادية ، فان اي مشروع صغير يجب ان يكون نواة لمشروع كبير في المستقبل .

ولا بد ان ننوه إلى انه ليس مطلوباً من هذا المجلس ان يكون جهازاً يضاف الى بقية الاجهزة فيتوسع في كادره ، بل هو مجلس تنسيق بين اجهزة متعددة لا تنسيق بينها الان وتنسب كوادره من خلال تلك الاجهزة ، وعلى وزارة التخطيط ان تتولى قيادة المشروع فهي وحدها قادرة على ذلك .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here