البشارة والنداء بين إشَعياء والإنجيل والتلمود

بقلم احمد الجارلله

تناولت الديانات والكتب السماوية بصورة عامة البشارة الإلهية بخروج المنقذ المخلص في آخر الزمان الذي يملأ الأرض عدلًا بعدما ملئت ظلمًا وجورًا ؛ وقد تناول الكتاب المقدس- العهد القديم والعهد الجديد- هذا الأمر ؛ فالعهد القديم تكلم عن المنقذ المخلص والعهد الجديد تحدث على أن السيد المسيح هو ذلك المنقذ؛ لكن الغريب بالأمر أن اليهود لم يؤمنوا بالسيد المسيح بل قاموا بحبسه وسجنه وتعذيبه وقتله وصلبه- حسب العهد الجديد- هذا من جهة ومن جهة أخرى أن ما يتعقد به المسيحيون هو تحقيق العدل على يد المسيح لكن الواقع الذي تكشفه كتبهم قبل أي شيء آخر يدل على أن هذا العدل لم يتحقق فالظلم بقي على حاله بل طال الظلم السيد المسيح نفسه ؛ بالإضافة إلى ذلك كله إلى أن كل الموارد الموجودة في الكتاب المقدس بصورة عامة و التي تتحدث عن المخلص المنقذ غير منطبقة على شخصية السيد المسيح لا بالملازمة ولا بالمطابقة …

وقد بين المحقق الصرخي ذلك الأمر في بحثه الموسوم (مقارنة الأديان بين التقارب والتجاذب والإلحاد) تحت عنوان (البشارة والنداء بين إشَعياء والإنجيل والتلمود ) حيث ناقش الأستاذ المعلم الصرخي هذه العقيدة بصورة تفصيلية وبطرح جديد لم تشهده الساحة العلمية، حيث قال سماحته : –

{{…. في سفر إشعياء الإصحاح الأربعين ((صَوْتُ قَائِل: «نَادِ». فَقَالَ: «بِمَاذَا أُنَادِي؟» «كُلُّ جَسَدٍ عُشْبٌ، وَكُلُّ جَمَالِهِ كَزَهْرِ الْحَقْلِ. يَبِسَ الْعُشْبُ، ذَبُلَ الزَّهْرُ، لأَنَّ نَفْخَةَ الرَّبِّ هَبَّتْ عَلَيْهِ. حَقًّا الشَّعْبُ عُشْبٌ! يَبِسَ الْعُشْبُ، ذَبُلَ الزَّهْرُ. وَأَمَّا كَلِمَةُ إِلهِنَا فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ».عَلَى جَبَل عَال اصْعَدِي، يَا مُبَشِّرَةَ صِهْيَوْنَ. ارْفَعِي صَوْتَكِ بِقُوَّةٍ، يَا مُبَشِّرَةَ أُورُشَلِيمَ. ارْفَعِي لاَ تَخَافِي. قُولِي لِمُدُنِ يَهُوذَا: «هُوَذَا إِلهُكِ. هُوَذَا السَّيِّدُ الرَّبُّ بِقُوَّةٍ يَأْتِي وَذِرَاعُهُ تَحْكُمُ لَهُ. هُوَذَا أُجْرَتُهُ مَعَهُ وَعُمْلَتُهُ قُدَّامَهُ.كَرَاعٍ يَرْعَى قَطِيعَهُ. بِذِرَاعِهِ يَجْمَعُ الْحُمْلاَنَ، وَفِي حِضْنِهِ يَحْمِلُهَا، وَيَقُودُ الْمُرْضِعَاتِ».)) نذكر بعض الكلام ( بقوة يأتي وكلمات إلهنا تثبت إلى الأبد؛ هل تحقق ؟ حصلت ولادة عيسى- عليه السلام- وبقيت ثلاثين عاما وثلاث سنين فأين الإشارة والعلامات الذي ذكرها إشعياء ؟ أين الرب القوي وذراعه التي تحكم ؟ وأين أجرته وعملته ؟ وأين رعايته لقطيعه من لناس وعباده ؟ فأين ذراعه التي جمع بها الحملان ؟ وأين حضنه الذي حمل ويحمل فيه الحملان الرعية الناس ؟ وأين حمايته وقيادته للمرضعات ؟ وأين كلمة الله التي تثبت للأبد ؟ بينما إن الأناجيل والعهد الجديد تشري إلى أنه قد ألقي القبض على السيد المسيح وتعرض للإهانة والتنكيل والتعذيب والصلب والقتل والتمثيل بجثته إذن فالبشارة لا تدل على السيد المسيح وولادته وحياته التي كان فيها بين الناس؛ في إنجيل مرقوس الإصحاح الرابع عشر ((أَقْبَلَ يَهُوذَا، وَاحِدٌ مِنَ الاثْنَيْ عَشَرَ، وَمَعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ…… فَأَلْقَوْا أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِ وَأَمْسَكُوهُ……. فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ لِتَأْخُذُونِي! …… فَمَضَوْا بِيَسُوعَ إِلَى رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَاجْتَمَعَ مَعَهُ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ…… فَالْجَمِيعُ حَكَمُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ. فَابْتَدَأَ قَوْمٌ يَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، وَيُغَطُّونَ وَجْهَهُ وَيَلْكُمُونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ: «تَنَبَّأْ». وَكَانَ الْخُدَّامُ يَلْطِمُونَهُ.)) فإن انتظار تحقق تلك البشارة والعلامات والنبوءات في آخر الزمان يحتاج إلى دليل آخر ؛ والعهد القديم لا يدل على ذلك بل يدل على خلافه فلا يتضمن معنى انتظار المسيح كمخلص وبشارة حتى تحصل ولادة المسيح وظهوره لفترة من الزمن ثم يرحل ولم يتحقق أي شيء مما ذكر من علامات وشرائط ؛ فهذا المعنى غير موجود في التوراة والعهد القديم فلا دلالة عليه لا بالمطابقة ولا بالملازمة والعهد القديم واليهود بأجمعهم لا يعتقدون بالمسيح من الأصل أو إنهم لا يعتقدون بظهوره في آخر الزمان بل يكذبون ذلك وإلا لكانوا قد أمنوا بالمسيح والمسيحية وصاروا من النصارى وتركوا اليهودية بل نجدهم قد حاربوا السيد المسيح حين وجوده وبعد غيبته وعروجه إلى السماء وإلى أيامنا هذه ؛ فلماذا لم يؤمنوا به إذا كان العهد القديم يبشر به كثيرًا ؟ وكيف نتصور إنهم ينتظرون ظهوره وعودته من أجل إنقاذهم وخلاصهم ؟! ….}}…. إنتهى الإقتباس من كلام المحقق الصرخي …

ومن خلال هذا الجزء البسيط من هذا البحث يتضح لكل عاقل ذي لب بأن المنقذ المخلص ليس هو السيد المسيح وإنما هو شخص آخر وما يؤكد ذلك هو أن السيد المسيح لم يحقق العدل الذي وعدت به البشرية لا في حياته ولا بعد عروجه كما أن اليهود لم يؤمنوا به لأن ما ذكر من صفات لم تنطبق على شخص السيد المسيح لذلك حاربوه لأنهم يعتقدون أن المخلص شخص آخر ؛ إذن ما ذكرت من بشارة في كتب العهد القديم والعهد الجديد تتحدث عن شخصية أخرى …

وللإطلاع على المزيد من بحث (مقارنة الأديان بين التقارب والتجاذب والإلحاد) يرجى الإطلاع على الرابط التالي : –

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here