هكذا كانت اوضاع الحكم زمان السلطنة العثملنية ! ح 8

* د. رضا العطار

مقتبس من كتاب عصر التكايا والرعايا لمؤلفه د. شاكر النابلسي الذي يقول :
يعود الفضل في تهيئة هذا البحث الى امين كازاك استاذ العلوم السياسية في جامعة كولورادو في الولايات المتحدة والى غزت سوبرو مدير المكتبة الالكترونية في بيروت اللذان لعبا دورا محوريا في توفير المصادر النادرة لهذا الموضوع، علما ان معظم تاريخ فترة حكم الدولة العثمانية مازال مخطوطا في خزائن الدول الاوربية والتركية وهي غير محقق وغير منشور.
اما عن تاريخ بدأ ظهور الاتراك يقول المؤرخ بطرس البستاني : اندفعت قبائل مغولية متوحشة من اواسط آسيا غربا واستقرت في آسيا العليا في بداية القرن الحادي عشر، التي هي الان تركستان، فسماها الفرس توران، ومن هنا نشأ لفظ ترك، كما سماها اليونانيون تيران، ومعناها الطغاة.

الامبراطورية العثمانية، تتدحرج تدريجيا، متدهورة نحو الهاوية !
كنا قد استعرضنا الوضع السياسي في الدولة العثمانية في القرن الثامن عشر وادركنا كيف كان هذا القرن شاهدا على بدأ تدهور الامبراطورية العثمانية – كما ادركنا الى اي حد كانت القطيعة الثقافية بين العثمانيين وبين اوربا قائمة ومتجذرة طيلة التاريخ العثماني المنغلق.
وعندما هلّ القرن التاسع عشر كان الوضع السياسي في الدولة العثمانية يزداد سوءا، حيث استمر الباب العالي في التنازل عن اجزاء اخرى من الامبراطورية لبعض الدول الاوربية – وبدأ المؤرخون يحضرون صحائفهم لكتابة نهاية هذه الامبراطورية.

حكم الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر والى نهاية الحرب العالمية الاولى سبع سلاطين ضعاف، خُلع منهم اربعة خلعا، وقتل منهم اثنان. فكان اولهم السلطان مصطفى الرابع الذي حكم لمدة عام ثم خُلع. الذي كان قد نُصب من قبل رجال الدين. ثم جاء السلطان سليم الثالث الذي حاول ان يدخل بعض الاصلاحات المالية، فخلعه الانكشاريون بالتعاون مع رجال الدين لتعارض مصالحهم مع خططه الاصلاحية.
ثم جاء السلطان محمود الثاني ودخل حربا مع روسيا، خسرها واضطر لعقد معاهدة صلح (بوخارست) معها عام 1812 – – وفي عهده قويت شوكة الوهابين في الحجاز واصبحوا مدعاة فتن واضطرابات وسيطروا على اواسط الجزيرة العربية ودمروا مدينة كربلاء، قتلوا الالاف من اهاليها ثم نهبوا محتويات المراقد المقدسة فيها.

وخلال هذا القرن كلّف محمد علي باشا من الباب العالي بغزو الحجاز بقيادة ابنه طومسون باشا ثم بقيادة ابراهيم باشا، الذي قضى على حركة الوهابيين قضاءا مبرما، وبذلك اصبح محمد علي باشا بالنسبة الى السلطان العثماني بمثابة العصا الغليظة.
ولكن ما تلبث هذه العصا ان انقلبت ووُجهت الى الباب العالي نفسه حين طمع محمد علي في الاستانة، العاصمة. الراكنة على شاطئ البسفور، فشن حربا على الدولة العثمانية ووصل الى ابواب اسطنبول وكان يمكنه ان يجلس على عرش الخلافة في (التوب كابي) وهي المنطقة الخضراء ومقر طاقم السلطة في الامبراطورية، التي تضم افخم القصور و اجمل الحدائق وابهى الاستراحات، تزخر بوسائل الترف، يمارس فيها اللهو المباح و غير المباح، لولا ان حالت الدول الاوربية بمعدلاتها السياسية بينه وبين تحقيق حلمه المنشود.

فانتهزت اوربا هذا الوضع المتردي الذي تجسد في الكيان العثماني وهي تترنح كالثور المنهك المثخن بالجراح، فأستلّت سكينها وبدأت تقطع الثور التركي بعد ان صدّت عنه النمر المصري الهائج في شخص محمد علي باشا، وكان اول من بدأ بالتقطيع هي فرنسا، حيث اقدمت على احتلال الجزائر عام 1830 – وبعد سنتين احتل ابراهيم باشا بلاد الشام ليفسح المجال لانكلترا وفرنسا لاقتسامها بعد ذلك في مطلع القرن العشرين.
الى السبت القادم !

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here