هل بدأ العد العكسي للإطاحة بحكومة السيد؟

ساهر عريبي

كثر المتربّصون بالحكومة العراقية الحالية التي يقودها الدكتور عادل عبدالمهدي ومنذ تكليفه برئاستها قبل قرابة التسعة أشهر. ويتوزع هؤلاء على خريطة برلمانية واسعة تضم طيفا من القوى السياسية, التي تحركها دوافع مختلفة. فبعضها لم يستفق لحد الآن من صدمة خسارة المنصب الأهم في البلاد, وبعضها الأخر شخصيات طامعة , واخرى لم تحظ بنصيبها من المناصب الحكومية, إضافة الى أطراف تستخدم ورقة التهديد بإسقاط الحكومة لتحقيق مكاسب سياسية. فيما تدعي أطراف أخرى ان حكومة عبدالمهدي فشلت في أداء مهامها وفي تنفيذ البرنامج الحكومي.

وبغض النظر عن جميع هذه الدوافع فهل هناك فرصة لإسقاط حكومة السيد وهل بدأ العد العكسي للإطاحة بها؟ بداية لابد من الإشارة الى أن القوى السياسية لم تنجح في إقالة أي من رؤساء الوزراء السابقين الذي تعاقبوا على سدة الحكم منذ العام 2003. وكانت المحاولة الأكثر جدّية تلك التي حصلت في العام 2012 لحجب الثقة عن رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي, لكنها فشلت نتيجة لتداخل عدة عوامل خارجية وداخلية. ولايبدو أن تلك العوامل قد زال تاثيرها بل لاتزال حاكمة على معادلة تشكيل وديمومة الحكومة العراقية الحالية.

فالعامل الداخلي لايزال حاكما, فمن ناحية فإن عبدالمهدي وبالرغم من كونه مستقل إلا انه مدعوم من فصيل سياسي (المجلس الإسلامي الأعلى) وهذا الفصيل بالرغم من ضعفه داخليا (لديه نائبان فقط في البرلمان) إلا أنه قوي إقليميا. ومن ناحية أخرى فإن المحاصصة لاتزال حاكمة بالرغم من تراجعها أمام هيمنة تحالفي سائرون والفتح, إلا ان تمثيل المكونات الأخرى في الحكومة يجعلها في مأمن من السقوط, وبالرغم من جنوح تيار الحكمة وتحالف النصر نحو المعارضة, بعد حرمانهما من المشاركة في الحكومة. لكن هذه المعارضة غير كافية لإسقاط الحكومة, مالم تنضم اليها قوى سياسية اكبر تتمكن من تشكيل ألأغلبية البرلمانية المطلوبة لحجب الثقة عن عبدالمهدي.

ولايبدو في الوقت الراهن أن هناك معارضة برلمانية عريضة, مع وجود متربصين وطامعين بمنصب رئيس الوزراء وفي مقدمتهم تحالف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي. إلا انه لم يرفع راية المعارضة حاليا, تاركا للقوى الأخرى فعل ذلك بانتظار الوقت المناسب وبعد ان تنضج الطبخة التي يبدو انها وضعت اليوم على نار هادئة. يضاف الى ذلك ان اسقاط الحكومة سيفتح باب الصراع على رئاسة الوزراء من أوسع أبوابه, في وقت يعاني فيه العراق من تداعيات مابعد تحرره من تنظيم داعش الإرهابي, حيث السلاح هو الحاكم وقد تكون له كلمة الفصل في تعيين هوية رئيس الحكومة المقبل. وهو التوقع الذي تسعى القوى الوطنية والمرجعية الدينية الى منع وقوعه.

وأما العامل الإقليمي فهو يصب في مصلحة الحكومة, فتطورات التصعيد الأمريكي- الإيراني تستوجب استقرار الوضع السياسي في بغداد خشية انفلات الوضع وتحول العراق الى ساحة للصراع وهو آخر ما يتمناه العراقيون في الظرف الراهن, وهم الذي عانوا من ويلات الحروب طوال العقود الأربعة المنصرمة. كما وان هناك رضا اقليمي عن حكومة عبدالمهدي التي تسعى للعب دور متوازن في المنطقة.

واما على الصعيد الدولي فإن هناك انقسام حيال الحكومة, ففي الوقت الذي تحظى بتأييد اوروبي, يبدو ان الإدارة الأمريكية غير مقتنعة بأداء عبدالمهدي وهو مايفسر الأنباء التي راجت حول تأجيل البيت الأبيض او الغائه لزيارة عبدالمهدي الى واشنطن, المقررة الأسبوع المقبل. لكن عدم الرضا الأمريكي لن يسقط الحكومة التي لم تعد للولايات المتحدة اليد الطولى في تشكيلها او اسقاطها بعد أن تراجع نفوذها في العراق لصالح طهران.

ولذا فإن فرص اسقاط حكومة عبدالمهدي تبدو ضئيلة في الوقت الراهن, وتتوقف بشكل كبير على رفع تحالف سائرون والفتح أيديهما عنه في حال تلقيهما اشارة واضحة من المرجعية الدينية, أو في حال فشل الحكومة في الحفاظ على استقرار العراق في حال اندلاع نزاع عسكري في المنطقة, تعجز فيه عن حفظ مصالح البلاد التي أنهكتها الحروب الأصلية والحروب بالوكالة!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here