رايتس ووتش: العراق يستعد لاعتقال عائلات داخل مخيّم

قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم السبت إن منظمة عراقية محلية تدير مخيما للنازحين تُجري التحضيرات لإخضاع عائلات مقرر جلبها من شمال شرق سوريا لاعتقال غير قانوني.

ونقل مخيم “جادة 5″، على بعد 65 كيلومتر جنوب الموصل، 175 عائلة قسرا من أحد قطاعات المخيم إلى آخر لإفساح المجال للعائلات القادمة، غالبيتها من النساء والأطفال. سبق أن احتجزت السلطات العراقية تعسفا عائلات ينظر إليها على أنها مرتبطة بداعش، وفق المنظمة الدولية.

قالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة في هيومن رايتس ووتش “تخطط السلطات العراقية لاحتجاز المزيد من الأسر العائدة تعسفا، في انتهاك للقانونين العراقي والدولي. عزل العائلات القادمة من سوريا، ولا سيما النساء والأطفال، خطوة نحو وصمهم في غياب أي ادعاء موثوق بارتكابهم جريمة”.

زارت هيومن رايتس ووتش مخيم جادة 5، الذي يُقدّر عدد قاطنيه بأكثر من 16 ألف شخص، في 16 يوليو/تموز 2019. قال 4 من سكان القطاع المعروف باسم “400”، نسبة لعدد خيامه، إن إدارة المخيم أخبرت 175 عائلة هناك في 10 يوليو/تموز أن عليها الانتقال إلى مناطق أخرى ضمن المخيم. كانت بقية خيام القطاع فارغة. بشكل عام، يمكن للعائلات القاطنة في المخيم التنقل بحرية داخله وخارجه إلى المناطق المجاورة.

قالوا إن المسؤول عن المخيم أخبرهم بأن عليهم الانتقال، لأن السلطات المشرفة عليه تعتزم على ما يبدو احتجاز الوافدين الجدد. نقل اثنان من قاطني المخيم عن أحد مسؤولي إدارة المخيم قوله “إذا لم تنتقلوا، ستندمون. سيصبح المكان كسجن وستحتاجون إلى إذن للدخول والخروج، ولن تتمكنوا من التحرك بحرية”. قال إنه ستُجلب العائلات من مخيم الهول في شمال شرق سوريا، الذي يحتجز عائلات عراقية وسورية وأجنبية عاشت في ظل داعش في سوريا.

قال مسؤول آخر في إدارة المخيم للمجموعة إن لدى العائلات القادمة “نفس العقيدة المتطرفة… ليس من مصلحتكم مجاورتها”.

وكانت السلطات العراقية قد ذكرت في 9 يوليو/تموز أنه ستُنقل عائلات الهول إلى المخيم. لكن قال 3 من عمال الإغاثة إن “مجلس الأمن الوطني”، الذي ينسق استراتيجية الأمن القومي والاستخبارات والسياسة الخارجية في العراق، أخبر مجموعات الإغاثة وإدارة المخيمات في 10 يوليو/تموز بأن جادة 5 لن يؤوي أسر الهول. قالوا إن السلطات لم تذكر متى ستُنقل الأسر أو إلى متى ستُحتجز في المخيمات قبل السماح لها بحرية الحركة.

قال القاطنون لهيومن رايتس ووتش إنه بحلول مساء 11 يوليو/تموز، انتقلت جميع عائلات القطاع 400 إلى مناطق أخرى في المخيم، باستثناء 4 أو 5 غادرت المخيم.

زارت هيومن رايتس ووتش القطاع في 16 يوليو/تموز ووجدته فارغا مع وجود سياج بدأ تشييده حوله. قال قاطنان آخران إن إدارة المخيم أخبرت العائلات في القطاع “500”، ويضم حوالي 240 أسرة، أن عليها الانتقال. لكن رفضت التي تمت مقابلتها ذلك، مهددة بالاحتجاج؛ ولم تُجبر على الانتقال حتى ساعة الزيارة، ربما بسبب تدخل وكالات إغاثة. القطاعان 400 و500 منطقتان معزولتان في المخيم.

يضم مخيم الهول في شمال شرق سوريا 30 ألف عراقي، غالبيتهم العظمى من أسر تعيلها نساء، وغالبا ما تضم أطفالا كُثر. هرب بعضها من داعش عندما سيطر على أجزاء من العراق، وعاشت أخرى في ظل سيطرة داعش في سوريا لغاية معركة استعادة الباغوز، جيب داعش الأخير في سوريا، في بدايات 2019. قلة قليلة، إن وُجدت، وُجهت إليها تهم. ومن بين العائلات التي ذكر عمال الإغاثة أنها سجّلت رغبتها الطوعية في العودة، لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد إلى مدى عودتها طوعية فعلا، أو إذا كانت مدركة أن السلطات العراقية تخطط لاحتجازها تعسفيا في المخيمات.

تدعو خطة للأمم المتحدة راجعتها هيومن رايتس ووتش، صادرة أوائل عام 2019، بشأن عودة العائلات العراقية من الهول، السلطات العراقية إلى ضمان عدم احتجاز العائلات في مخيم واحد محدد، إنما دمجهم مع سكان المخيمات الموجودين. قالت إن هذا سيضمن عدم تعرض العائلات للوصم والتهميش. وقالت الخطة إن المساعدات الدولية لهذه العائلات مشروطة بالامتثال لهذه الشروط.

ويحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان الاحتجاز التعسفي. يجب أن يتم أي حرمان من الحرية وفقا لقانون يكون “متاحا، ومفهوما، وليس له مفعول رجعي، ومطبقا بطريقة متسقة ويمكن التنبؤ بها”، وأن يسمح للمحتجزين بالحصول على مراجعة قضائية لاحتجازهم. أي احتجاز يفتقر إلى هذا الأساس القانوني هو غير شرعي وتعسفي.

يسمح قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدوليّان بمعاقبة الأشخاص الذين ثبتت مسؤوليتهم عن الجرائم فقط بعد محاكمة عادلة لتحديد الذنب الفردي. فرض عقوبة جماعية على العائلات أو القرى أو المجتمعات المحلية ينتهك قوانين الحرب ويرقى إلى جريمة حرب. بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، لا يجوز احتجاز الأطفال إلا كتدبير أخير ولأقصر فترة مناسبة. إذا احتُجز الأطفال، ينبغي لسلطات الاحتجاز إعطاؤهم حقوقهم، بما في ذلك توفير الغذاء والرعاية الطبية المناسبين، والتعليم والتمارين البدنية، والمساعدة القانونية، والخصوصية، وآليات الشكاوى، والاتصال بعائلاتهم.

وتنص “المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن النزوح الداخلي” على أنه في حالة حدوث نزوح في حالات غير المراحل الطارئة للنزاع، “يجب اتخاذ تدابير مناسبة لضمان تزويد النازحين بمعلومات كاملة عن أسباب وإجراءات تهجيرهم، وأيضا تعويضهم وانتقالهم حيثما ينطبق ذلك… يجب الحصول على الموافقة الحرة والمستنيرة لأولئك الذين سيتم تهجيرهم… يجب أن تسعى السلطات المعنية إلى إشراك المتضررين، ولا سيما النساء، في تخطيط وإدارة نقلهم… ويجب احترام الحق في الانتصاف الفعال بما في ذلك مراجعة هذه القرارات من قبل سلطات قضائية مختصة”.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للسلطات في ضوء التطورات الأخيرة تعليق كافة عمليات النقل حتى تضمن أنها طوعية، وأن لدى العراقيين معلومات كافية حول ما ينتظرهم لدى عودتهم.

وينبغي للسلطات، بمجرد وجود الأشخاص في العراق، وفي حال لم يكونوا مطلوبين لجريمة، ضمان احترام حقوقهم في حرية التنقل، بما في ذلك إما العودة إلى ديارهم أو الانتقال إلى حيث يختارون، حسب ما يسمح به الوضع الأمني. ينبغي للسلطات العراقية ضمان أنها لا تحتجز أشخاصا غير متهمين بأي جريمة في المخيمات إلى أجل غير مسمى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here