كأنما مليكا شريدا أضحيتُ بإرادتي
بقلم مهدي قاسم
لم يُعد من شيء يثير رغباتي
لا مال لا مجد ولا من سلطة مغرية
و أخيرا تخلصتُ أيضا من استعبادي لجمالات أنثوية أسرتني
بهوس مديد ،
فكم أنا متحرر من قيودي التي كانت تثقل خطوي
فأنا الآن كملك بوذي شريد بإرادته طبعا !
حقا ما من شيء يثير اهتمامي
غير نظري مسدودا نحو نقطة غير مرئية
تتوهج وامضة منادية إياي نحو مجاهل مثيرة ..
ربما نحو حتفي السريع أو إشراقي المباغت ..
و كم تبهجني هذه الصفصافة المعمرة و الوطيدة
استند عليها بظهري مانحا نفسي لأشعة شمس و نداء غابات ووشوشة
ينابيع و أنهر خفية
و شقيقاتها الأخريات بأغصانهن المرتعشة حولي
كأنهن راقصات غجريات مرحات
بخصلات متطايرة في مهب ريح .
و ثمة غناء لرعاة عند سفوح جبال برفقة نمور ناعسة بوداعة
..
و سحابات دخان خفيفة مع نكهة توت بري ومخابئ عسل عتيقة
..
كل هذا القوت سيكفيني لأكون أنا الذي مترع بأناي مليكا
شريدا بإرادته ، ونائيا عن بشر متذئبنين .
و كم جميل و حلو كل هذا ! :
فما من شيء يرن حولي زاعقا ، أو يصُر صريرا مزعجا في
رأسي
ولا يتناهى إلى أذني ضجيج مستعجلين و سحنتهم المصفّرة
قلقا
يلهثون وراء سراب من سلطة و مجد أو مال وفير
و لا دخان عقائد يخنق هواء فضائي بعد الآن ..
أعرف أن ثمة نبعا قريبا تفتح أحداقه ناعسة تحت أقدامي
لتداعبها بتموجات عذبة بصحبة طيور تستحم استراحة من هجرتها
البعيدة ..
و السماء تنخفض لتكاد تمس جبيني كعاشقة متفانية .
لأكون أميرا لغابات مجهولة ذات عذرية
نجت من مذابح أزمنة وحشية تلتهم كل شيء ..
متنزَّها في مملكة أخوتي الجدد الوديعين
من وعول و نحل وطيور وفراشات
تحتفي بقدومي مرحبة كمستوطن جديد ،
نتقاسم سوية عطايا الغابات و البراري بعدالة منزّهة
فكم رائع أن لا أحّن بعد الآن
إلى صحبة بشر قد تذئبنوا سعارا رهيبا !
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط