هيكلة مليشيات الحشد .. هل حانت ساعة الرحيل أم بداية لمنح “الحُجاج” رتبًا عسكرية؟

هيكلة مليشيات الحشد .. هل حانت ساعة الرحيل أم بداية لمنح "الحُجاج" رتبًا عسكرية؟

وتضمن الأمر الديواني الذي أصدره عبدالمهدي مساء الاثنين، أن “تعمل جميع قوات الحشد الشعبي كجزء لا يتجزأ من القوات المسلحة وبإمرة القائد العام للقوات المسلحة، وأن تتخلى نهائياً عن جميع المسميات التي عملت بها في المعارك للقضاء على داعش وتستبدل بتسميات عسكرية ، والتخلي عن مسميات الحشد العشائري أو أي تشكيلات أخرى محلية أو على صعيد وطني، وأن يحمل أفرادها الرتب العسكرية المعمول بها”.

ويقضي الأمر أيضاً، بأن تقطع هذه الوحدات أفراداً وتشكيلات أي ارتباط سياسي أو أمري من فصائل الحشد الشعبي أو العشائري أو أي تشكيلات أخرى، وأن تتحول الفصائل التي لا تلتحق بالقوات المسلحة إلى تنظيمات سياسية خاضعة لقانون الأحزاب، فضلًا عن تحديد معسكرات الحشد، وإغلاق المقرات التي تحمل اسم فصيل من الفصائل، ومنع أي تواجد مسلح خارج هذه التعليمات.

وبشأن المناسبة التي أصدر عبدالمهدي بموجبها هذا البيان ذكر مصدر مطلع ، أنه ” جاء بعد ضغوط مارستها الإدارة الأميركية على عبدالمهدي خلال الفترة الماضية تتعلق بنشاط ملحوظ للفصائل المسلحة، إذ شهد الشهر الماضي سلسلة خروقات أمنية تحمل بصمات المليشيات الموالية لطهران، مثل قصف المنطقة الخضراء، وقاعدة بلد، وقيادة عمليات نينوى، فضلًا عن الشركات الأجنبية العاملة في البصرة”.

نتيجة بحث الصور عن ميليشيات الحشد الشعبي

وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف  عن اسمه لـ(باسنيوز) أن ” الضغط الأخير الذي مارسه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على عبدالمدي جاء بعد تكشف قضية استخدام الحوثيين مواقع عراقية لإطلاق طائرات مفخخة نحو الأراضي السعودية ، وإصابتها محطة نفطية تابعة لشركة آرامكو، وعندئذ طلبت الإدارة الأميركية بشكل واضح من عبدالمهدي اتخاذ إجراءات فعلية تجاه مسألة الحشد الشعبي وضرورة ضبطه، وعدم ترك الأمور تجري بتلك العفوية والارتجالية”.

رتب لعناصر الحشد .. الدمج من جديد

لا تخضع هيئة الحشد الشعبي إلى تراتبية عسكرية واضحة ، حيث يدير المناصب الدنيا قياديون كانوا في مختلف المليشيات ويسمَون في الغالب “الحجي” وهم لا يخضعون إلى الترتيب العسكري المعروف في وزارتي الداخلية والدفاع، من حيث امتلاكهم رتبًا ترتفع بمرور الوقت، وهو ما يجعل تلك الهيئة خاضعة لأمزجة هؤلاء القادة، الذين قَدِموا من مختلف التشكيلات المسلحة قبل إنشاء الحشد عام 2014 بفتوى دينية أصدرها المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني.

ويرى خبير أمني، أن وزارتي الداخلية والدفاع وجهاز مكافحة الإرهاب وقوات البيشمركة تخضع كلها للترتيب العسكري المعروف في العراق والعالم، لكن هيئة الحشد الشعبي بالفعل لا يُعرف طبيعة تعيين القادة فيها، والأسس المعتمدة في ذلك، حيث لا يوجد ضباط برتبة عقيد أو عميد، أو ترتيب عسكري من الملازم فصاعدًا.

وأضاف الخبير الذي رفض الكشف عن اسمه بسبب وجوده في بغداد ، لـ(باسنيوز) ، أن ” مسألة هيكلة الحشد الشعبي وترشيقه لا يمكن أن تتم بإغلاق المقرات، بل البداية من تحديد وضع تلك المؤسسة ، وإعادة تأسيسها من جديد ، وفق المحددات العسكرية المعروفة ،  كما هو حال الأجهزة الأمنية الأخرى في العراق ، بقيادة واضحة ، وتصنيف واضح ، لا فتح مكاتب كما تفعل هيئة الحشد حاليًا، وهو أسلوب ورثته من سياسة المليشيات التي ما زالت تفتتح مكاتب لها في المحافظات، يترأسها مقرب منها لإدارة شؤونها وتحصيل الأموال والإتاوات”.

وفي هذا السياق أثار رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي استغراب المتابعين بشأن الفقرة التي تضمنها بيان “الهيكلة” والتي تحدثت عن ضرورة منح المنتسبين رتبًا عسكرية تتلاءم مع وضعهم، إذ تساءل مراقبون ومحللون سياسيون عن الكيفية التي سيبدأ به المنتسب في الحشد الشعبي، خاصة وأن أغلب عناصر الحشد هم من الأميين، أما القيادات الكبيرة فهم “الحجاج” ولا يمتلكون رتبًا عسكرية.

وقال المحلل السياسي عماد محمد “أستغرب الحديث عن منح رتب عسكرية لعناصر الحشد وقياداته ، فهناك بعض القيادات أعمارها تقترب من الخميس أو الستين ، فكيف يمكن منحها رتبه عسكرية ، هل سيكون ملازمًا في الحشد الشعبي ، أم يُمنح رتبة لواء مباشرة أو فريق ركن ، بالفعل ما يحصل يثير الاستهجان ، فالحشد لم يبدأ كمؤسسة عسكرية ، بل بدأ على شكل مجموعات مسلحة حملت السلاح بعفوية وارتجالية وقاتلت تنظيم داعش”.

وتابع محمد في تصريح لـ(باسنيوز) أن “هناك قلقاً من عودة فكرة الدمج، ومنح قيادات الحشد رتبًا عسكرية عالية ، بشكل فوضوي، ما يعيد إلى الأذهان فترة دمج عناصر في المليشيات في قوات الشرطة والجيش إبان فترة الاقتتال الطائفي، وهو ما ساهم بتراجع مستوى القوات المسلحة، من ناحية القوة العسكرية والولاء للوطن”.

صورة ذات صلة

سرايا السلام تمتثل .. ماذا عن المليشيات الأخرى؟

ولم تمض ساعات على إعلان بيان رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي بشأن “هيكلة” الحشد حتى أعلن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر انفكاكه النهائي عن ميليشيات “سرايا السلام”، وأمر بإغلاق كافة مقراتها،

وكتب الصدر عبر ‹تويتر› قائلاً: “إن ما صدر عن رئيس مجلس الوزراء بما يخص الحشد الشعبي أمر مهم وخطوة أولى صحيحة نحو بناء دولة قوية لا تهزها الرياح من هنا وهناك ، إلا أنني أبدي قلقي من عدم تطبيقها بصورة صحيحة ” .

وتابع  ” ما يهمني هنا أيضاً أن تكون سرايا السلام التي أمرت بتأسيسها سابقاً هي المبادرة الأولى لذلك ومن فورها، وعلى الأخ أبو ياسر التطبيق فوراً وذلك بغلق المقرات وإلغاء الاسم وغيرها من الأوامر”.

وقال الصدر: “ومن هنا أعلن انفكاكها عني انفكاكاً تاماً لا شوب فيه ، فيما إذا ألحقت بالجهات الأمنية الرسمية”.

نتيجة بحث الصور عن سرايا السلام

كما أعلن الأمين العام لمليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي تأييده لبيان عبدالمهدي .

لكن مراقبين يرون أن القوى الرئيسية المشكلة للحشد صارت منظومات سياسية كبيرة، كبدر والعصائب، وسيستمرون بالادعاء بعدم امتلاك فصائل مسلحة ، اذ باتوا يمتلكون قوى سياسية فاعلة وكبيرة ومسيطرة على جسم الدولة ، لكن التساؤل الأهم ، هل أن هذه القوى والفصائل ستضمحل فعلاً بلا قدرة على إعادة التشكيل مرة أخرى ؟! .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here