خصائص علم الكيمياء عند جابر ابن حيان

د زهير الخويلدي

” الكيمياء هو الفرع من العلوم الطبيعية الذي يبحث في خواص المعادن والمواد النباتية والحيوانية وطرق تولدها وكيفية اكتسابها خواص جديدة”- جابر ابن حيان، الكيمياء في كتابه العلم الإلهي

ولد أبو الكيمياء جابر بن حيان عام 721 ميلادي بطوس في إيران وتوفي بالكوفة في العراق عام 813 ميلادي وتأثر بجعفر الصادق وخالد ابن يزيد والحميري وكان معروفا في اللاتينية باسمyeber وgeber.

ذكر ابن خلدون بأن لابن حيان سبعين رسالة في الكيمياء كلها أشبه بالألغاز ومليئة بالأسرار وبالتالي كان أول من علم الكيمياء ومنزلته منها كمنزلة أرسطو من المنطق ولكنه اشتغل كذلك بالطب وعلم الصيدلة ومال إلى التصوف وسبق غيره في اهتمام بصناعة السموم والتداوي بها وتحضير الحوامض والعلاج بها.

تأثر بسقراط وأفلاطون وأرسطو وفيثاغورس وجالينوس وفرفريوس وديمقروطيس وهرمس وزوزيموس وأغادوثيمون وأخذ العلوم الوافدة من المشارقة والإغريق والمصريين القدامى ومن بابل والهنود والفرس.

اخترع حمض الكبريتيك وسماه زيت الزاج وألف في علوم الموسيقى والكونيات والنحو والفلك والهندسة والأحياء والتقنيات الكيميائية والمنطق والميتافيزيقا ودرس السحر وتم ترجمة مؤلفاته إلى اللغة اللاتينية.

لقد اهتم بعلم المعادن وأدخل المنهج التجريبي إلى الكيمياء وتفطن إلى أهمية الزنبق والنشادر واستعمل ثاني أوكسيد المنغنيز في صنع الزجاج واخترع القلويات وماء الذهب وماء الفضة وملح الشنادر والبوتاس وحرص على تكرير المعادن وتحضير الفولاذ واستعمال المواد الكيميائية في دبغ الجلود وصبغ الأقمشة.

أورد لنا في كتابه “مصححات أرسطو” حوارا كان قد جرى بين أرسطو والخيميائي الفارسي أوستانس وقسم المواد بالانطلاق من المكونات والعناصر التي تتشكل منها وهي: الأغوال والمواد والمركبات ووضع نظرية في الاتحاد الكيميائي بين العناصر في كتابه “المعرفة بالصفة الإلهية والحكمة الفلسفية”.

كان له السبق في استعمال الميزان والتدقيق في موازين المواد الكيمائية المستعملة ودرس ظاهرة الاحتراق من زاوية كيمائية وربطها بالكبريت والكلس وقام بالتمييز المواد القابلة للاحتراق عن غيرها وصنع الحبر والطلاء والورق التي تساعد على كتابة المخطوطات والرسائل وتحفظها من البلل وحاول إيجاد الوسائل التي تمنع الحديد من الصدئ وقام بتحضير الفولاذ وكربونات الرصاص وحمض الأزوتيك.

لقد ترك لنا جابر ابن حيان مجموعة من الرسائل والكتب هي أسرار الكيمياء ونهاية الاتقان والرحمة والمكتسب وأصول الكيمياء وعلم الهيئة والخمائر الصغيرة وصندوق الحكمة وكتاب الملك وكتاب الخواص الكبير وكتاب المجردات وكتاب الخالص وكتاب السبعين والخواص والسموم ودفع مضارها وحل الرموز ومفاتيح الكنوز ولقد قام جيرار الكريموني بترجمة كتاب السبعين إلى اللاتينية عام 1187م.

جملة القول أن جابر ابن حيان اكتشف القطرون أو الصودا الكاوية واستحضر ماء الذهب وفصل الذهب عن الفضة بواسطة الحوامض واكتشف أيضا حمض النتريك وحمض الهيدروكلوريك وحمض الكبريتيك وتمكن من اعداد مجموعة كبيرة من المواد الكيميائية مثل أكسيد الأرسين وسلفيد الزئبق واخترع جهاز للتقطير أطلق عليه اسم الأمبيق وأدخل تحسينات مهمة على التبخير والتصفية والانصهار والتبلور وقام بصنع ورق غير قابل للاحتراق وشرح كيفية تحضير الأنتيمون والزرنيخ ولكنه اعتقد في صحة نظرية التولد الذاتي وأضاف إلى العناصر الأربعة الإغريقية جوهرين هما الكبريت والزئبق وربما الملح أيضا.

في هذا السياق جده يصرح: “وأول واجب أن تعمل وتجري التجارب لأن من لا يعمل ويجري التجارب لا يصل إلى أدنى مراتب الإتقان، فعليك يا بني بالتجربة لتصل إلى المعرفة”. فكيف لمن أعطى العالم علم الكيمياء وكان له السبق في إجراء التجارب أن يتم تجاهله إلى هذا الحد وأن تغفل إسهاماته في العلوم؟

كاتب فلسفي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here