تقارب بين العبادي والصدر لتبني مشروع سياسي موحد

بغداد / محمد صباح

استأنف رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اتصالاتهما لكن هذه المرة تبدو أنها مختلفة عن اي وقت مضى كونها تحضر لإعلان مشروع إصلاحي مشترك.

يأتي هذا التحرك تزامنا مع الخلافات والمشاكل القائمة بين قيادات حزب الدعوة التي بدأت تتنبأ بانسحاب العبادي من الحزب بشكل منفرد.

ما يعزز صحة هذه الأنباء ان “ائتلاف النصر اكد وجود اتصالات ومباحثات بين العبادي والصدر”. وكشف عن “لقاء مرتقب سيجمعهما في مدينة النجف خلال الأيام القليلة المقبلة لبحث المشروع الإصلاحي الجديد”. كما يقول رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان السابق حاكم الزاملي في تصريح لـ(المدى) ان “رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي يعد الأقرب إلى مشروع التيار الصدري”، لافتا إلى انه “في حال عدم نجاح الحكومة الحالية ستكون هناك تداعيات تدفعنا للتفكير بالبديل”.

لكن الزاملي يقلل من “إمكانية تقديم حيدر العبادي في الفترة الحالية كبديل عن رئيس الحكومة عادل عبد المهدي”، كاشفا عن “وجود تنسيق متواصل بين التيار الصدري والعبادي خلال الفترات الماضية يندرج في اطار دعم الحكومة”.

ويؤكد الزاملي أن “موضوع الأسماء البديلة لرئيس الحكومة عادل عبد المهدي غير مطروح لكن الحكومة في حال فشلها ستبحث الكتل السياسية والتيار الصدري عن البديل”، مشيرا إلى وجود “حراك قائم بين العبادي والفتح وبعض الشخصيات المدنية مع تحالف سائرون لتشكيل أغلبية في مجلس النواب”.

واثنى العبادي في حوار متلفز قبل أسبوع تقريبا على علاقاته بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، داعيا تحالف سائرون إلى تحديد موقفهم واتجاهاتهم للعمل سوية لبناء “دولة ووطن للجميع” بحسب قوله . وأعلن ائتلاف النصر الذي يتزعمه حيدر العبادي قبل عدة أيام المعارضة التقويمية داخل مجلس النواب، وعبر عن انتقاده في أكثر من مرة لحكومة عادل عبد المهدي ومواقفها في معالجة تصدير النفط مع إقليم كردستان وملف الحدود.

ويوضح الزاملي ان الهدف من وراء تشكيل هكذا معارضة داخل مجلس النواب “هي لدعم المشاريع التي ترضي المواطن، وتعزز الدور التشريعي وتقوّم الحكومة”.

وشكلت حكومة عادل عبد المهدي من قبل تحالفي الفتح وسائرون وصوت عليها مجلس النواب في جلسته المنعقدة بتاريخ 25 تشرين الأول الماضي، لكنها ما زالت غير مكتملة بسبب الخلافات بين الكتل والمكونات على بعض المواقع والمناصب.

ويقول الزاملي إن “الفترة الحالية تمثل الفرصة الاخيرة لحكومة عادل عبد المهدي التي يجب ان تقوم بمهامها تجاه حل أزمة السكن والبطالة بعدما تمكنت من معالجة بعض المشاكل الأخرى”.

وبدأت تتسع جبهة المعارضة داخل مجلس النواب لحكومة عادل عبد المهدي من خلال إعلان كل من ائتلاف النصر المعارضة التقويمية ولحقته كتلة تيار الحكمة التي يقودها عمار الحكيم، ويأتي حراك العبادي والحكيم بداعي أن ليس لدى كتلتيهما مناصب في حكومة عادل عبد المهدي. ويعلق ائتلاف النصر الذي يقوده حيدر العبادي على الاتصالات الجارية مع التيار الصدري قائلا إن “هذه الاتصالات تهدف إلى التوصل للاتفاق على مضمون المشروع الإصلاحي الذي يتبناه كل من الصدر والعبادي”.

ويدعو القيادي في النصر علي السنيد في تصريح لـ(المدى) الى ان “تحالف سائرون ابدى وضوحا كبيرا بموقفه تجاه الكثير من الملفات والقضايا التي تتعلق بالحكومة وملف الدرجات الخاصة”، منوها إلى ان “الموضوع ما زال قيد النقاش والتفاهم في إطار المتبنيات الإصلاحية لائتلاف النصر وتحالف سائرون”.

وما أثار الشكوك إزاء محاولات العبادي للعودة مجددا إلى رئاسة مجلس الوزراء هو اعلانه في 31 أيّار 2019، تخلّيه عن كلّ مناصبه القيادية في حزب الدعوة التي اعتبرت خطة لإعادة ترشيحه لرئاسة الحكومة.

ويضيف السنيد: “يجب على الجميع ان يكونوا صادقين في تبني الخروج على الطائفية الحزبية لبناء البلد”، مؤكدا: “لا توجد خطوط حمراء على أية جهة أو كتلة تريد الانضمام (عدا من تورط بالدم العراقي) إلى التفاهمات الجارية بين سائرون والنصر”. ويتوقع أن “يكون هناك لقاء مرتقب سيجمع رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في مدينة النجف قريبا جدا”، مؤكدا ان “الصدر قريب من الفكر الإصلاحي الذي طرحه العبادي”. ويبين القيادي في ائتلاف النصر أن “حافز إعادة التحالف بين النصر ومقتدى الصدر هو خطبة مرجعية النجف في 14/6 التي دعت لتبني موضوع الإصلاح”، لافتا إلى أن “إبقاء الحكومة الحالية أمر مرهون بتطبيق برنامجها ضمن سقوف زمنية محددة”.

وكانت المرجعية الدينية قد انتقدت على لسان ممثلها في كربلاء الأطراف التي تمسك زمام الامور في الخطبة التي جرت في 14/6. وأشارت إلى ان الفساد ما يزال مستشريا في مؤسسات الدولة ولم يقابل بخطوات عملية واضحة للحد منه، ولا تزال البيروقراطية الإدارية وقلة فرص العمل والنقص الحادّ في الخدمات الأساسية موجودة.

لكن القيادي في النصر يقلل من “وجود ربط بين انسحاب العبادي من موقعه القيادي في حزب الدعوة ونيته التحالف مع مقتدى الصدر”، مؤكدا ان “نهج الحزب يبتعد عن المتبنيات التي كانت مطروحة في وقت سابق بعد استلاب سلطة الحزب من مجموعة من الأشخاص”.

وجدد الحزب مؤخرا منح الثقة لامينه العام نوري المالكي. بالمقابل يتوقع مصدر في حزب الدعوة في حديث مع (المدى) ان “الاعتراضات على تولي نوري المالكي منصب الأمين العام لحزب الدعوة قد تفضي الى انسحاب العبادي الذي بدأ يركز في الفترات الأخيرة على مشروعه (ائتلاف النصر)”.

ويستبعد المصدر أن “يتمكن العبادي في حال خروجه من حزب الدعوة من استقطاب قيادات وأطراف من داخل الحزب إلى مشروعه الجديد في ظل هذه الأحداث الجارية داخليا”، مرجحا أن “يكون انسحابه بشكل منفرد لإنتاج مشروع بموازاة الدعوة”.

ويرى القيادي في حزب الدعوة أنه “في ظل الأزمات والخلافات القائمة في المنطقة بات من الصعب تغيير حكومة عادل عبد المهدي”.

ويشدد على أن “من الصعب أو المستحيل إسقاط الحكومة الحالية في أي مشروع يقدم أو يطرح”، مبررا سبب ذلك بكونه يعود إلى “أزمات المنطقة ورفض إيران التأثير على حكومة عبد المهدي التي تعدها خيارها الأساسي”.

ويشير إلى أن “هذه العوامل ستقوض كل المحاولات التي تسعى للنيل من حكومة عبد المهدي، فضلا عن العامل العددي في مجلس النواب وإمكانية تحقيقه تكاد تكون أمرا صعبا”، لافتا إلى ان “هناك جهات تتكلم عن المعارضة مثل كتلة الحكمة والتيار الصدري (لم يعلن بعد لكنه يلوح بالمعارضة) والعبادي، جمال الكربولي ومجموعته حزب الحل”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here