عن البصرة وتظاهراتها

علاء كرم الله

لم تعد البصرة ثغر العراق الباسم، بل أصبحت وجهه الحزين والمخيف والمرعب!، لما آلت أليه أحوال بيئتها وأهلها وناسها وأحيائها وأزقتها من خراب ودمار وأنتشار الأمراض السرطانية والمخدرات والفساد بكل صوره وأشكاله. ولو كانت البصرة في أية دولة من دول العالم لأعلن عنها يأنها مدينة منكوبة!. وأذا كان العراق يطفوا على بحر من البترول فأن البصرة وحدها تطفوا على ثلث هذا البحر!، ولكنها لم تنل من خير هذا النفط غير نقمة الخراب والدمار والصراعات السياسية بين الطامعين لنهب خيرات وثروات هذا البلد. فصار ينطبق عليها بيت الشعر( كالعيس يقتلها الضمأ والماء فوق ظهورها محمول)!، فهذه المدينة طالما كانت الضرع الذي يدر الخير والذهب للعراق، ولكن حصتها كان الشوك دائما!. وبقدر ما تمثل البصرة وريد العراق وشريانه الأقتصادي ومنفذه الى العالم الخارجي، فالظروف جعلت منها أن تكون أيضا ساحة القتال وجبهة الصد والمواجهة الأولى للعراق منذ عام 1980 من القرن الماضي( الحرب العراقية الأيرانية) ولحد الآن!. من جانب آخر أنا لا أكره الوجوه السياسية من قادة أحزاب وزعامات وشخوص سياسية شيعية وسنية أم كردية ممن قادوا العراق وشاركوا في الحكم منذ الأحتلال الأمريكي له عام 2003 ولحد الآن ، وبنفس الوقت أنا لا أحبهم!، بل أنظر أليهم نظرة غالبية العراقيين المليئة بالعتاب المشحون بألم كبير وبسؤال أكبر: لماذا أوصلتم العراق الى هذا الحال والى هذه الصورة؟ وماذا فعلوا بكم العراقيين لكي تقسوا عليهم الى هذا الحد؟. مما يؤسف له بأن كل الحكومات المحلية ومجالس المحافظات التي تناوبت على أدارة محافظة البصرة منذ بداية العملية السياسية، لم توليها أي شيء من الأهتمام فتراكم عليها الخراب والدمار وكثرت أزماتها ومشاكلها وتعمق فيها الفساد وتجذر سنة بعد أخرى منذ عام 2003 ولحد الان ، حتى صارت البصرة أشبه ببركان تتشظى نيرانه كل يوم وهو ينذر بأنفجار رهيب لا يحمد عقباه ولا تستطيع الحكومة وكل من معها من قوى خارجية السيطرة عليه!. وندخل الآن الى

صلب الموضوع، حيث شهدت هذه المحافظة يوم الجمعة الفائت الموافق20/7/2019 تظاهرة ضخمة دعى أليها زعيم تيار الحكمة السيد عمار الحكيم بأعتباره يترأس المعارضة السياسية حاليا!، والغاية من التظاهرة هو لأصلاح العملية السياسية التي تعاني الكثير من الفشل وكذلك الضغط على حكومة رئيس الحكومة، الدكتور عبد المهدي للأسراع بتقديم الخدمات لأهالي البصرة وخاصىة الماء والكهرباء. وبقدر ما كان يتوقع من هذه التظاهرة أن تلاقي الترحات والقبول من أهالي البصرة، بأعتبارها تطالب بحقوقهم التي هي مطالب كل محافظات العراق والتي تنحصر بتقديم الخدمات والقضاء على الفساد وأصلاح البنى التحتية، قوبلت التظاهرة بتظاهرة مضادة لا يعرف مصدرها لحد الآن؟! هل هي من أهالي البصرة؟ أم من الأحزاب الشيعية الأخرى التي يتشكل منها مجلس محافظة البصرة؟، حيث لم يعد خافيا بأن الأحزاب الشيعية التي قادت البلاد منذ عام 2003 ولحد الآن تعيش صراعا خطيرا فيما بينها منذ فترة ليست بالقصيرة!، أم أن التظاهرة المضادة كانت بتدبير من محافظ البصرة نفسه؟، حيث أستطاعت التظاهرات المضادة أفشال تظاهرة تيار الحكمة!. ومما يؤسف له بأن التظاهرات المضادة التي خرجت كانت تطلق عبارات نابية وسوقية معيبة لا تتقبلها الذائقة الأخلاقية، وكم كنت أتمنى عدم أطلاقها، على أية شخصية وزعامة سياسية أو دينية، مهما كان موقف المتظاهرين من تلك الشخصية، وأن يرتقي المتظاهرين الى حالة من الثقافة والتحضر في مطالبهم وشعاراتهم وهتافاتهم أمام العالم. أن التظاهرة التي دعى أليها زعيم تيار الحكمة السيد عمار الحكمة وحدد البصرة منطلقا لها أثارت أكثر من سؤال؟! منها.: لماذا رفض الشارع البصري التظاهرة التي طالبت بحقوقهم؟ وهذا ما ظهر من خلال اللقاءات التي أجرتها الفضائيات مع الكثير من المواطنين!، حيث قالوا ليخرج بتظاهرته من بغداد، ولماذا يريدها من البصرة؟!، وأيضا نسأل: أين كان زعيم تيار الحكمة السيد عمار الحكيم ، في دعوته هذه من قبل سواء للتظاهر من أجل أصلاح العملية السياسية أو أعادة أعمار كل العراق الذي يعاني من الخراب والدمار، لا سيما وأن العالم كله يعرف بأن العملية السياسية كشفت عن فشلها منذ تشكيل أول حكومة عام 2005 عندما تشكلت على

أساس المحاصصة السياسية والطائفية والقومية بين أحزاب السلطة؟، ونسأل: ألم يكن السيد عمار الحكيم مشاركا فاعلا في العملية السياسية منذ 2003 عندما كان يتزعم أبوه رحمه الله ومن بعده هو المجلس الأعلى للثورة السلامية؟ ولماذا أختار السيد عمار الحكيم البصرة مكانا للتظاهرة ولماذا لم تكن من بغداد بأعتبارها مقرا له ولتياره؟. ونوجه سؤالنا أيضا، الى جماهير التظاهرة المضادة التي خرجت للضد من تظاهرة تيار الحكمة: هل تيار الحكمة وزعيمه السيد عمار الحكيم وحدهم من كانوا وراء وصول العراق والبصرة تحديدا الى هذا الحال المزري الذي لا تحسد عليه؟ لاسيما وأن الكل يعلم بأن مجلس محافظة البصرة يتكون وحسب المحاصصة من أعضاء من الأحزاب والتيارات الشيعية فقط؟، وأنا هنا لست بصدد الدفاع عن تيار الحكمة ولا عن زعيمه، ولكن حتى تخرج التظاهرات والتظاهرات المضادة من صورة ومشهد التسقيط السياسي المقصود بين الأحزاب السياسية المتصارعة والذي تعودنا عليه، الى صورة التظاهرات الوطنية الشعبية غير المسيسة!؟.أن بركان العراق بكل محافظاته وتحديدا البصرة المنكوبة وبقية محافظات الجنوب الشيعي! لازال يغلي وموعد أنفجاره بات قريبا أذا ظلت الأحوال كما هي عليه الآن، وحسب ما يرى الكثير من المراقيين للمشهد العام في العراق، فعلى الحكومة بكل أحزابها وتياراتها مراجعة نفسها والأسراع في أصلاح ما يمكن أصلاحه وأنقاذ ما يمكن أنقاذه، لا سيما والكل يعلم بأن المنطقة عموما تعيش حالة من الأستنفار والترقب، ولربما ستكون مقبلة على أحداث كبيرة على خلفية الصراع المتأجج بين أيران وأمريكا وبريطانيا والذي سيكون العراق أحد أهم ساحات ذلك الصراع، ولا ساعة مندم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here