الناشرون وما يبررون!!

الناشرون في مجتمعاتنا يجيدون تبرير أزمة الكتاب بأسباب كثيرة , ويلقون اللوم على المواطن ويعفون أنفسهم من المسؤولية , ويغفلون بأنهم لا يمتلكون مهارات تسويقية تضاهي خبرات وقدرات الناشرين في المجتمعات الأخرى.

فمشكلة الكتاب ربما تسويقية بالدرجة الأساس , فالقراءة من مستلزمات التفاعل مع الحياة المعاصرة , ولا يمكن الجزم بالأمية المطلقة , لأن إرادة القراءة أصبحت ذاتية وأساسية كالماء والهواء , ولا بد من تعلمها بالمدرسة أو غيرها.

فالمجتمعات تجاوزت مفاهيمنا العتيقة التي ترسخت فينا وتقيدنا بها, وما عدنا قادرين على التحرر من قبضتها , ونكررها وكأن الزمن لا يتحرك والدنيا لا تتغير.

فلماذا لا يتحرر الناشرون من هذا التوصيف ويجتهدون في تسويق الكتاب , بدلا من اللجوء للمعارض السنوية وحسب.

في مجتمعات الدنيا تجد مفهوم المعرض قائم يوميا في المحلات التجارية , فأينما تذهب تجد معرضا للكتاب , إضافة لدور الكتب المتخصصة والمكتبات العامة المنتشرة في كل مكان.

ولماذا لا يتعلم الناشرون آليات تسويقية ومعرضية دائمة للكتاب , ويبتكرون وسائل ترغيبية وتشجيعية لتحبيب الكتاب والتفاعل معه على أنه من ضرورات الحياة الحرة المعاصرة؟

وكأنهم لا يختلفون عن السائد من سلوكيات الطرح السلبي الفاعل في الواقع العربي , مما يعني أنهم لا يساهمون في التنوير والتأهيل العقلي , وإنما يعززون النظرة البعيدة عن إرادة التحدي والإقدام والتطور والرقاء.

إن للناشرين دور مهم في إستنهاض الأمة وإخراجها من رقدتها , وتحويلها إلى طاقة منيرة ومشاركة في الحضارة الجديدة , وذلك بتسويق الكتاب وتحويله إلى بضاعة أساسية لا ثانوية أو ترفية , فمثلما يشتري المواطن طعاما لمعدته عليه أن يشتري طعاما لعقله , فإطعام العقل له الأولوية , وهذا يتأتي من خلال التوعية المتواصلة والإعلام الدعائي المؤثر.

ومن الواضح أن الدعاية للكتاب تكاد تكون معدومة في مجتمعاتنا , بينما هي على أشدها في المجتمعات الأخرى , إذ تقرأ ملخصات ومراجعات كتب في الصحف والمجلات , وإعلانات عن الكتاب الجديد ومقابلات إذاعية وتلفازية وصحفية مع مؤلفه , وهذا يقوم به الناشرون والمسوقون للكتاب , وبهذا تتحقق مبيعات جيدة ويتعلم المواطن سلوك التفاعل مع الكتاب , كمادة ذات قيمة مهمة في حياته.

ترى هل سيتوقف الناشرون عن التشكي ولوم القارئ العربي , ويجتهدون بفنون ومهارات تسويق الكتب لكي ترتقي الأمة بعقولها المتفاعلة؟!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here