انتحار 20 إيزيدية خلال 4 أشهر في سنجار فقط

ترجمة / حامد أحمد

منذ بداية شهر نيسان سجلت منظمة أطباء بلا حدود الخيرية وقوع 20 حالة انتحار لنساء إيزيديات يعشن قرب جبل سنجار

الذي فر إليه آلاف الإيزيديين هروبا من داعش الذي اجتاحهم في آب عام 2014 والذي ما يزال يسكن فيه قرابة 16,000 شخص. أصغر المنتحرات سنا هي طفلة مراهقة عمرها 13 عاما أما أكبرهن سناً امرأة بعمر 30 عاما .

أليس لوينز، رئيسة فريق طبي لمنظمة أطباء بلا حدود يقدم خدمات مساندة لمستشفى في ناحية سنوني في سنجار تديرها وزارة الصحة العراقية، قالت إن “الانتحار مشكلة كبيرة وبدأنا بملاحظة زيادة حادة في شهر نيسان. لقد أذهلنا ازياد العدد والأساليب العنيفة المتبعة بمحاولات الانتحار والتي تتخللها قيام نساء بحرق أنفسهن .”

منظمة أطباء بلا حدود هي ليست المنظمة الوحيدة غير الحكومية التي تحاول تغطية العلاجات النفسية والذهنية للإيزيديين في المنطقة، لكنها الأكثر حضورا في هذا المجال. مع ذلك فهي لا تستطيع تغطية احتياجات العلاجات النفسية المتزايدة بمفردها حيث يفتقر العراق لأطباء علاج نفسي متمرسين . هذا ما يتعلق بمنطقة سنجار فقط التي يقدر عدد سكانها الآن بحدود 90,000 شخص بعد أن كانوا أكثر من 200,000 شخص قبل داعش.

مئات الآلاف من الإيزيديين مايزالون مهجرين في مناطق أخرى من العراق، جميعهم يحتاجون إلى علاجات أيضا لأنهم عايشوا ماضيا عنيفا وقسم منهم يتوقع مستقبلا بائسا .

شريهان علي، إيزيدية عمرها 20 عاما، قد تم بيعها عدة مرات في سوق الرقيق للاستعباد الجنسي لأفراد من مسلحي داعش ومن ثم لمتطرفين من مجموعة أخرى . وتستدرك شريهان قائلة “ما حل بنا ليس بأمر هين، كنا أطفالا. تم اختطافنا وإبعادنا عن عوائلنا لمدة أربع سنوات. نحن خائفون هنا، ما يزال ينتابنا الخوف ونحتاج إلى علاج، خصوصا العلاج النفسي لأننا تعرضنا للاغتصاب عدة مرات ووضعنا ليس جيدا على الإطلاق .” وكانت شريهان قد عادت إلى منطقتها في ناحية سنوني في سنجار نيسان الماضي وكان وزنها يبلغ 28 كغم فقط. وقالت المساعدة الوحيدة التي تلقتها هي شهر واحد في مركز صحي في السليمانية، حيث تم التركيز في علاجها على وضعها النفسي فقط . شيماء علي 22 عاما مساعدة طبيبة توليد في ناحية سنوني تقول إنها وكثير من أبناء طائفتها قلقون مما سيأتي. وتضيف بقولها “قبل مجيء داعش كانت لدي أحلام وأمنيات، أما اليوم فلا شيء. فليس لدي تفكير بالمستقبل. نحن نعيش في الحاضر فقط ونحاول مجاراة الأمور مع الأيام.”

عميد معهد طب العلاج النفسي في دهوك إلهام كيزلهان، يقول إن “الصدمة النفسية قد تتحول إلى مرض مزمن وتجعل المريض في حالة ميؤوس منها. وقد يؤثر ذلك على العوائل والمجتمع، حيث تنتقل أعراض الصدمة النفسية لآخرين ضمن العائلة والمجتمع وتنتقل لأجيال قادمة .” يذكر أن كل عائلة إيزيدية تأثرت بشكل أو بآخر بسبب اضطهاد تنظيم داعش لهم. كثير منهم فقدوا أفرادا من عوائلهم وكثير منهم تشردوا وفقدوا ما كانوا يملكون في بيوتهم . وأضاف، كيزلهان مستشهدا بدراسات حول الموضوع: “لو تعرض تجمع سكاني لصدمة نفسية مثل حملة إبادة جماعية كالتي تعرض لها الإيزيديون، فان 50% منهم سيصابون بحالة أزمة نفسية وإن 30% منهم على الأقل سيكونون بحاجة لعلاج نفسي سريري. علاج كل حالة نفسية منهم تعتبر مهمة صعبة جدا .”

وكانت منظمة الهجرة الدولية IOM قد قرعت ناقوس الخطر حول معدل حالات الانتحار بين الإيزيديين منذ العام 2011 عندما شكل عدد النساء أكثر من نصف حالات الموت بالانتحار.

وقالت لوينز، رئيسة فريق أطباء بلا حدود: “أغلب حالات الأمراض النفسية والعقلية تعود لأسباب الفقدان، فقدان أفراد من العائلة أمر صعب جدا وإن الشعور بالفقدان كبير، وهذا ما تعرض له الإيزيديون وشمل فقدانهم أيضا لبيوتهم وممتلكاتهم بالإضافة لفقدانهم أقاربهم وعوائلهم. الرجال أيضا عانوا كثيرا بفقدانهم لأعمالهم التجارية، ليست لديهم حيلة بالعودة مرة أخرى لحياتهم السابقة علما أنهم مسؤولون عن إعالة أفراد كثيرة من عوائلهم .”

من بين اكثر حالات الامراض النفسية صعوبة هي الصدمات النفسية التي اصابت النساء الايزيديات اللائي تعرضن للعبودية الجنسية والاغتصاب وان قسما كثيرا منهن لم يعدن الى سنجار بعد . وقال مدير عام صحة العلاج النفسي في دهوك الطبيب نزار عصمت طيب: “انها حالات معقدة، فهي تشمل نساء شابات وفتيات صغيرات ما بين 15 و25 عاما تعرضن لصدمات نفسية متعددة اشتملت على العبودية الجنسية والمعاملة السيئة، لقد تم تدميرهم ذهنيا بحيث افقدوهم هويتهم.” وقال طيب انه تم علاج 1400 حالة من الناجين الايزيديين لحد الان بضمنهم 700 مريض حاليا، مشيرا الى ان هذا العدد يمثل نصف عدد الايزيديين الذين رجعوا مؤخرا من الاسر في سوريا والبالغ عددهم 3476 ايزيدي .

تاركو، هي ايزيدية عمرها 30 عاما وأم لخمسة اطفال كانت اسيرة لدى داعش قالت انه بدون العلاج النفسي الذي تلقته لما كان بمقدورها ان تطعم وتربي اطفالها وتعلمهم. وقالت انها كانت تراجع مركز العلاج النفسي كل ثلاثة اشهر وتحضر جلسات علاج نفسي وابنتها البالغة 10 اعوام كانت تتلقى ايضا علاجا نفسيا كل اربعة اشهر .

واضافت تاركو بقولها “لو لم اكن قد حصلت على مساعدة العلاج النفسي هذا عند رجوعي من الأسر لكنت قد فقدت عقلي .”

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here