السياسة في العراق مهنة من لا مهنة له

لا اعتقد هناك عراقي يشك في قولي هذا اي ان (السياسة في العراق مهنة من لا مهنة له) فهي المهنة الوحيدة الرابحة الناجحة وكل المهن الاخرى مهما كانت فانها خاسرة فاشلة الا اذا ارتبطت باحد افراد ممتهني السياسة

لهذا التجأ اليها اي الى مهنة السياسة كل من لا مهنة له كل الفاشلين و كل الذين لا لا يعدون ولا يحسب لهم حساب اي (لا بالعير ولا بالنفير) كما التجأ اليها كل اللصوص وكل الفاسدين وكل المزورين والمرتشين وكل الخونة والعملاء واهل الدعارة وعصابات السطو والقتل بالأجرة وحتى الارهابين لانها اي السياسة تفتح كل الابواب امام من يريد النفوذ والمال والنساء والحياة المرفهة المنعمة والسيطرة وحتى الشهادات العلمية العالية والقصور والحقول والمعامل كما انها تحميهم وتدافع عنهم وتسهل لهم الحصول على ما يرغبون وما يشتهون بدون تعب ولا عناء ولا خوف كل شي يأتي اليهم ويقف بين أيديهم ويقول لهم شبيك لبيك

لهذا تحول الجميع الى السياسة فاذا لم يحصل على كرسي المسئولية عضو في البرلمان في الحكومة عضو مجلس محافظة عضو مجلس بلدي فانه سيحصل على عضو في حماية المسئول من المقربين له عضو في مكتبه في حماية بيته في تحقيق رغباته الخاصة وفي هذه الحالة صلاحيته لا تقل عن صلاحية المسئول بل ربما تفوقه لانه الرابط الذي يربط المسئول بالناس وعن طريقه تتحقق الرغبات والمنافع الخا صة والفوائد الذاتية

لا شك انكم تعلمون ان ثروة العراق التي اطلقوا عليها اسم الكعكة تقسم حصص على المسئولين ومن حولهم وفق حجمه وكبر قوته كما قسمت وظائف الدولة من القمة الى القاعدة المدنية والعسكرية بينهم ووفق قانون المحاصصة لهذا لا تجد ابن بنت قريب نسيب أي مسئول او لمن حول المسئول عاطل بطال عن العمل كما ان العقود والمقاولات والصفقات التجارية لهم وحدهم ولمن حولهم لهذا ترى هذه الطبقة اي الطبقة السياسية وما حولها تعيش في جنة ونعيم كل شي بين ايديهم وحسب طلبهم في حين الشعب يعيش في جهنم يعاني الجوع والمرض والفقر

كما نرى الطبقة السياسية ومن حولها يعيشون حياة مترفة منعمة لا مثيل لها في تاريخ الرفاهية والنعيم في كل مكان وفي كل زمان في حين نرى الشعب المسكين يعيش حياة الشقاء والعذاب والفقر والجوع والمرض لهذا تزداد المسافة وتتسع بين الطبقة السياسية ومن حولها وبين الشعب العراقي وهذه المسافة تخلق عداء وحقد بين الشعب وبين الطبقة السياسية وهذه حالة غريبة وشاذة غير معروفة في دول العالم الا في العراق

فالمعروف ان الطبقة السياسية تمثل الشعب تمثل ارادة الشعب ورغبته فالسياسي مهما كان يمثل شريحة من المجتمع هذا ديني وهذا علماني وهذا رأسمالي وهذا اشتراكي ويرشح نفسه وفق خطة برنامج ويختار من قبل شريحة تؤيد برنامجه خطته اما في العراق فالسياسي لا يملك خطة ولا برنامج يخدم الشعب لانه لا يملك فكر معين ولا اتجاه معين كل الذي يفكر به ويرغبه هو الحصول على الكرسي الذي يدر اكثر ذهبا الحصول على الهبرة الاكبر من ثروة العراقيين لهذا تراهم جميعا فكرهم واحد واتجاههم واحد هو الحصول على النفوذ والثروة وتحقيق مصالحهم الخاصة

نعم تحدث بعض الخلافات والاختلافات لا حول مصلحة الشعب منفعة الوطن بل حول مصالحهم الخاصة ومنافعهم الذاتية وفي بعض الاحيان هذا يتحدث عن السنة وهذا عن الشيعة وهذا عن الكرد والحقيقة انهم لا يهمهم امر هذه التسميات انها وسيلة حقيرة لتضليل وخداع هذه المجموعات وسرقة ثروتها وطعامها ودوائها وكتب اطفالها

والغريب رغم هذه الصراعات الشكلية بين الطبقة السياسية بعضها مع بعض لكنها عندما تتعرض لاي خطر من الجماهير الشعبية نراها تتوحد وتتصدى بقوة للشعب

مثلا عندما دعت الجماهير العراقية الى حكومة الاغلبية السياسية اي الاغلبية تحكم والاقلية تعارض لانها الوسيلة الوحيدة لانهاء حكومة المحاصصة والنزعات الطائفية والعنصرية وسد باب الفساد والارهاب فشعرت الطبقة السياسية بالخطر وان بداية نهايتها ببداية حكومة الاغلبية السياسية وبلعبة حقيرة خبيثة تم الغاء حكومة الاغلبية السياسية والعودة الى حكومة المحاصصة

لهذا على العراقيين ان لا يصدقوا أكاذيب وألاعيب الساسة الا اذا الغوا رواتبهم وامتيازاتهم ومكاسبهم الا اذا اقروا انهم في خدمة الشعب ومن اجله لم يفكروا بمال ولا بيت ولا بنفوذ فهل يوجد مسئول بهذا المستوى

مهدي المولى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here