يقول نيكول ميكافيلي المولود في مدينة فلورنسا الإيطالية سنة 1469، ما معناه
فيما يخص السياسة الخارجية ، إذا ضعف الحاكم والدولة مفككة ، يشجع دول الجوار
والخارج للتدخل في شؤونها .
ونظرة متأنية لوضع الدول العربية نراها متشرذمة ، فالعراق بعد سقوط صدام غدا
ساحة إيرانية والحكومة تابعة لها ، وصور خامنئي معلقة في الدوائر الرسمية في وسط
وجنوب العراق ، وفي سوريا التي مزقتها الحرب الأهلية ، فأصبحت ساحة تصفية حسابات
وتركيا تتدخل بجيشها في الشمال وإيران بواسطة الحرس الثوري وحزب الله بحجة حماية
بشار الأسد ، وروسيا بأسطولها البحري وقوتها الجوية الضاربة ، أصبحت الآمر الناهي ،
وفي اليمن تجري حرب طاحنة بين الحوثيين المدعومين من إيران وبين الحكومة الشرعية
وفي ليبيا تركيا تتدخل وترسل الأسلحة لفلول الإخوان المسلمين والثمن مدفوع من قطر ،
وتقصف شمال العراق بحجة ضرب حزب العمال الكردستاني ، ولها قواعد في شمال العراق
والحكومة العراقية عاجزة عن إخراج القوات التركية .
وفي تونس والسودان والجزائر ليسوا أفضل حالا ً ، بل تعمّ الفوضى والصراع على السلطة
وفي دول الخليج ، الحكام متسلطين على رقاب الشعوب بدعم أمريكي غربي .
وفي نهاية المطاف : إيران تسيطر على خمس دول عربية العراق بواسطة ميليشاتها ، واليمن
( الحوثيين) ولبنان (حزب الله) وسوريا (الحرس الثوري وحزب الله )وفلسطين ( حماس )
والخلاصة : الدول العربية عقدت 40 قمة عربية منذ تأسيس الجامعة العربية سنة 1945
منها 28 قمة عادية و9 قمم طارئة و3 قمم إقتصادية حتى سنة 2017 ، وكانت قراراتها
بروتوكولية ، لا تلتزم بها أغلب الموقعين عليها ، وفي واقع الحال حبراً على ورق كما يقال ،
وتعاني تركيا من ركود إقتصادي ووضع سياسي متدهور ، وما خسارة اردوغان في إنتخابات
اسطنبول سوى مثالاً مع فقدان الليرة التركية ثلث قيمتها ، أما إيران فبعد إنسحاب أميركا من
اتفاقية الدول (1+5) ، اعادت أميركا العقوبات السابقة وزادتها بعد تجاربها الصاروخية
وتدخلها السافر في شؤون المنطقة ، فتدهورت العلاقات بينهما بعد اسقاط إيران طائرة
امريكة بدون طيار ، فهبطت العملة الإيرانية وساءت الأحوال الإقتصادية .
وهذا ما تريد الدولتان بتصدير مشكلاتها وتحريف الأنظار إلى الخارج ، لإلهاء شعوبها
وتتدخل بقوة في شأن الدول العربية الضعيفة ، لتحقيق الأحلام الفارسية والعثمانية على حساب
الدول العربية المتفككة المتصارعة داخلياً وخارجياً .
فهل تعي الدول العربية ما آلت إليه أوضاعها ، وتعيد قوتها بإتحادها لقطع الطريق أمام أطماع
تركيا وإيران ؟ نشك في ذلك على المدى القريب ، على الأقل .
منصور سناطي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط