عدم جدوى التركيز على الشكليات على حساب الأصليات !!

بقلم مهدي قاسم

من المحتمل جدا أن يكون ضحايا
المقبرة الجماعية التي تم العثور عليها في صحراء الديوانية من الكورد الفيليين العراقيين الذي أُبيدو أو دُفنوا أحياء في عهد النظام الدموي السابق ( بالمناسبة نقول من المحتمل جدا ، و ذلك انتظارا لفحوصات الحمض النووي للتأكد المطلق ، ولكن هؤلاء الضحايا المغدورين
يبقون عراقيين أبا عن جد أيا كان انتمائهم القومي أو الطائفي ) غير أن هذا ليس هو موضوعنا الأساسي الذي ننوي التطرق إليه ، إنما الضجة السياسية و الإعلامية التي أُثيرت حول إشكالية التلويح بعلم إقليم كوردستان من قبل بعض من أهالي وأقرباء ضحايا المقبرة الجماعية (
و التي كان يجب غض النظر عنها تقديرا للطقس العزائي والمشاعري حسب اعتقادي ) و حيث بدت المسألة كأنها هي السبب الأساسي في إبادة الضحايا من خلال التركيز عليه و لأيام عديدة اجترارا و إعادة ، بدلا من أن تكون عملية اكتشاف المقبرة الجماعية هذه مناسبة سانحة و فرصة
كبيرة ، بغية التنديد بهمجية الغدر الجماعي هذه ، وفضح وحشية النظام السابق مرة أخرى من ناحية ، و المطالبة بحقوق ضحايا الكورد الفيليين الذين وقع على كاهلهم عبء التنكيل والبطش و عملية التهجير وموجات الإبادة المتتالية الممعنة بهم من قبل النظام الفاشي السابق وتجريد
الكثير منهم حينذاك من أملاكهم وممتلكاتهم المنقولة و غير المنقولة ، وهو الأمر الذي كان يجب التركيز عليه مجددا و المطالبة بتعويض الكورد الفيليين المتضررين ، أي على غرار ما حدث للاجئي معسكر رفحاء مثلا ، إذ مثلما ذكرنا ، أن العبء الأكبر لعمليات التنكيل والبطش
والفتك المسعور قد وقع على كاهل الكورد الفلييين العراقيين لأسباب عرقية و طائفية و الذين أصبحوا هدفا سهلا و مباشرا لبربرية النظام السابق و بحقد هستيري ماحق لا يفوقه غير حقد النازيين الهتلريين على اليهود في الثلاثينات و الاربعينات من القرن الماضي ، فمن هنا كان
ولا زال هؤلاء الضحايا ( أسوة بغيرهم من ضحايا النظام السابق) يستحقون كل الرعاية والعناية والاهتمام بمحنتهم و قضيتهم المأساوية والتي يجب أن تُعد من استحقاقات مشروعة ، والتي يجب ــ ومثلما أسلفنا ــ أن تكون متجسدة بالتعويض الكامل عن خسائرهم البشرية ــ نقصد عملية
قتل الضحايا المسالمين ــ و المادية والمتجسدة بعملية مصادرة ممتلكاتهم و أموالهم على حد سواء ..

بالمناسبة لا نعلم سبب الصمت
شبه المطبق أو عدم إثارة ضجة كبيرة على صعيد عملية مماثلة جرت في تركيا عندما جرت عملية اعتداء على كورد عراقيين لوّحوا بعلم الإقليم هناك ، ومن ثم اُعتقلوا لبعض وقت ، فضلا عن إقدام القوات التركية على قصف مناطق كوردية من الأراضي العراقية وبشكل متواصل و عبر سنوات
طويلة وما يرافق ذلك من وقوع ضحايا حينا و خسائر مادية كبيرة بالمزارع و تربية الحيوانات حينا ، دون أن تُثير حفيظة البعض أو نقمتهم ، على الأقل علنا لا ، و لا ضمن مقالات احتجاجية وساخطة كما ينبغي و يجب ، مثلما الحال إذا تعلق الأمر بأحدى إجراءات الحكومة العراقية
، فترتفع نبرات الغضب ومؤشرات الشتائم و السباب حتى عنان السماء ، من خلال مقالات عديدة !!..

هذا دون الحديث عن دوس العلم
العراقي و حرقه مرارا في شوارع أربيل ورفع العلم الإسرائيلي فوقه استهجانا و تحقيرا ، دون أن يدفع ذلك باقي العراقيين إلى الاهتمام بالأمر و جعل من حبة قبة .

أما إذا سألني أحدهم مستغربا
:

ــ ويحك !.. كيف تقارن حكومة
كارتونية هزيلة وتابعة لأجندة أجنبية مثل حكومات عراقية التي تشكّلت ما بعد السقوط مع حكومات تركية متعاقبة قوية ومرهوبة الجانب و الحاجب ! ، سواء كانت علمانية سابقا أو إسلامية في الوقت الحاضر، و التي ما كانت لتساوم أحدا على أمنها و سيادتها، لتضرب بيد من حديد
كل من يتجرأ على تجاوز ذلك الخط الأحمر و الخطير ، نعني أمنها و سيادتها الوطنية ؟!…

فآنذاك سأجيب متفقا :
ــ صح ! ..إن المقارنة لم
تكن في محلها قطعا !.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here