أثر العلاقات العراقية الايرانية على واقع المنطقة والعالم

الباحث جواد كاظم الخالصي
لندن
المقدمة:
عندما نتحدث عن العلاقات الدولية ونتمعن في عمق مفرداتها من الناحية الإستراتيجية نحتاج الى إيضاح السياسة الخارجية لكل دولة كونها تستند الى جملة من المتغيرات ذات العلاقة بطبيعة الدول المعنية لاقامة تلك العلاقات، هذه نقطة أولى، أما النقطة الثانية فهي تدخل ضمن الاستراتيجية العامة لأي بلد نريد تطوير العلاقة معه من حيث ارتباطات تلك الدولة وآثار العلاقة معها.
فلا يمكن ان نجعل حالة النظر الى المستقبل حالة ايغال وتفحص كامل ودقيق في موضوعة التأثيرات المحتملة من تلك العلاقة لأن ذلك يدخل في مفهوم الايحاء والتنبؤ بعيدا عن النظرية الصحيحة لكون الواقع وتاريخ الأمم غير خاضع للتنظير فقط وانما ما تفرضه أحداث العالم هو الثابت في العمل عليه حيث التدافع بين الأمم وفقا للمصالح الذاتية لتلك الدول ومنظور الواقع هو غير منظور التنبؤ، حيث تتفرع عناوين وثوابت موجبة العمل بها وهي من صميم العلاقات الدولية، من قبيل الواقعية في مقابل المثالية، والتقليدية في مواجهة السلوكية، والواقعية الجديدة في مقابل الليبرالية الجديدة، والعقلانية في مواجهة الانعكاسية.حيث يسوق لنا مثلا في ذلك عن الواقعية بعيدا عن المثالية بأنه كان من الممكن بناء نظام سياسي دولي يمكنه التخلص من الصراع والمنافسة بين الدول، نظاما تختفي فيه الحرب كأداة للسياسة الخارجية، ويتم تأسيس سلام دائم آنذاك، تساءل الواقعيون على أي أسس علمية أقام مهندسو عصبة الامم مثاليتهم الليبرالية؟ وهنا فقد كانت الرسالة الاساسية واضحة: أنك لا تستطيع أن تزيح الحرب جانبا بمجرد التمني، لا شك في أن الرغبة لإنهاء الحرب أمر جيد ككل، لكن كان على علم السياسة الدولية أن يتقدم باحلال التحليل الموضوعي ليتقدم على الطوباوية، وقد أدى الفشل في تحقيق ذلك الى انهيار عصبة الامم وتحديدا الحرب العالمية الثانية، حقيقة ان الواقعية يمكن ان تؤدي الى سخرية قاسية باتجاه القوة
من الطبيعي ان تضاريس الجغرافية وابعادها السياسية تدفع باتجاه آلية التحكم بنوعية العلاقات ومدى تأثيرها على دول اخرى قد تكون غير محاددة للبلد الذي يعنينا العراق من حيث التأثير السياسي والاقتصادي والامني والاجتماعي باعتبار أن تلك المفاصل الاربعة هي اساسيات التحكم التي تصنع أو تتحكم بنوعية العلاقة بين البلدان، ومن هنا فان العراق هو واحد من بلدان العالم الذي تتحكم فيه هذه الثوابت الاربعة عندما يتبادل العلاقات مع دول الجوار أو المنطقة وصولا الى دول العالم في الضفة الاخرى.
وعندما نبحث في نوعية العلاقة بين العراق وايران لابد من ان نُخضعها الى مقاييس الواقعية والمسار العقلاني وتنحية الحساسيات والعواطف جانبا والتقييم المنضبط كليا لفهم تلك العلاقة وامتداداتها، وربما يفهمها البعض على أنها (العلاقات الدولية) عبارة عن مشكلات سياسية واقتصادية وقانونية لأنها تدخل في النزاعات والصراعات الحدودية والسياسية والاقتصادية وتطول القائمة كثيرا لتدخل في الجغرافيا والتاريخ والفلسفة والدراسات والبحوث الاستراتيجية العامة .
العلاقة بين العراق وايران تاريخيا:
العلاقات التأریخیة بين جمهورية العراق والجمهورية الاسلامية الايرانية يمكن تصنيفهامن حيث الزمن الى ثلاثة أدوار مميزة .
1-العلاقات العراقية الايرانية ماقبل الاسلام:
شهدت العلاقة بين العراق وايران في تلك الفترة حروبا دامية حينما كان يحكم العراق نبوخذنصر، وكان يحكم إيران كورش الأكبر من الأخمينيين وهو أول ملوك الفرس في التاريخ ، حيث حصلت بين البلدين منازلة يعود زمنها الى حوالي ٣٠٠ قبل الميلاد في أوبيس التي تقع شمال شرق مدينة بابل وسط العراق حاليا وفقا لما ينقل لنا التاريخ والتي انتصر فيها كورش على نبوخذنصر رغم أنه كان أقوى الملوك الكلدان حيث تشير الى ذلك مصادر مخطوطة نبونيد الموجودة في المتحف البريطاني وبذلك فان كورش أنهى حقبة أسر اليهود في بابل وإعادتهم الى أرض فلسطين.
2- العلاقات العراقية الايرانية ما بعد الاسلام:
ما بعد الاسلام شهدت تضاريس وحوادث متنوعة يصعب حصرها في جمل قصيرة حتى على مستوى العنونة والتبويب . فمثلا العلاقة بين البلدين في زمن حكم الأمويين كانت مضطربة ولكن على عهد العباسيين شهدت هدوءا يعود سببه ربما الى وصول المأمون الى الحكم لأن أمه من أصل إيراني كما ينقل في صفحات التاريخ . من المفاصل التأريخية بين البلدين هو الرابط العقائدي على الاقل بين الشعبين الذي ربما من خلاله تذوب الكثير من الخلافات لولا السياسات التي تتبعها الانظمة التي تحكم كلا الدولتين العراق وايران حيث أن موقع ومكانة أهل البيت ع في كلا البلدين يعطي نوعا من التقارب بين الشعبين المواليين للأئمة من آل الرسول عليه الصلاة والسلام ورغم كل ذلك غالبا ما نلمس ان السياسات اللعينة والمصالح الدولية والتدخلات الاقليمية من جهة والدول الكبرى من جهة أخرى نجد ان الجانب العقائدي غم انه قويا لم يمنع وقوع الخلافات والحروب الدامية فيكون ضحيتها الاولى هم ابناء شعبيهما.
3- العلاقات العراقية الايرانية ما بعد ثورة ايران 1979 :
اهم مقطع زمني مرت بها العلاقة العراقية الايرانية وشهدت عواصف مدمرة هو مابعد الثورة الاسلامية في ايران التي قادها الامام الخميني رحمه الله ومن ابرز هذه العواصف هي هجوم صدام حسين على ايران بتشجيع من الغرب وبعض الدول الخليجية والتي كانت المحرقة الكبيرة بضحاياها الذين سقطوا طيلة الثمان سنوات حيث كانت أكثر الدول التي زادت النار اشتعالا هي بعض دول الخليج العربي فدعمت الحرب دعما ماديا ومعنويا واعلاميا نتيجة تخوفهم الكبير والهاجس الذي قظّ مضاجعهم من الثورة الجديدة في ايران وللاسف كان الحطب الذي يشتعل في تلك الحرب هم أبناء الشعبين الايراني والعراقي ولربما هنا في هذه الارض الطيبة أرض كردستان العراق شهدت معارك طاحنة خلال تلك الحرب وبدل ان تكون قبلة السياح في العالم ومنتجعا للحالمين في العيش فيها آنذاك أصبحت جحيما لا يطاق ويضاف اليها أساليب نظام البعث تجاه من يقف بوجه سياساته.

العلاقات العراقية الايرانية بعد سقوط نظام حزب البعث عام 2003

البعد الجيوستراتيجي   :
1- الموقع الاستراتيجي للعراق:
ان الموقع الهام للعراق يعطيه البعد الجغرافي المؤثر في صياغة العلاقات الدولية وتأثيرها على المنطقة بل يمكن ان يدفع الى احتدام الصراع بين القوى الكبرى في إطار التنازع على سياسة النفوذ لمن يكون الاقوى حيث وجود العراق جغرافيا جنوب غرب القارة الاسيوية والتي يمكن ان تتوسط القارات الثلاث أفريقيا واوروبا واسيا وهذا الموقع يمثل ركيزة مهمة في أن تفتح شهية الدول الكبرى من اجل الصراع على تلك المنطقة.
من المؤكد وجود خاصية اخرى تجعل العراق ذا أهمية كبيرة في إطار العلاقات الدولية وارتباطاتها المتشعبة وهي الموارد الطبيعية التي توجد فيه من مناخ زراعي مهم نتيجة موقعه الجغرافي وفقا لخطوط الطول والعرض وامتلاكه نهرين عظيمين إذا تم استخدامهما فعلا بصورة صحيحة، يضاف الى ذلك مورد النفط ومشتقاته الاخرى حيث يضع العراق في المركز الثاني عالميا من حيث احتياطه النفطي وهو ما يسيل له لعاب الدول الكبرى وليس بعيدا عنا تصريح الرئيس الاميركي ترامب وهو يخصص احدى خطاباته ليفرغ ما بداخله من استراتيجيات بالاستيلاء على نفط العراق لأنهم قدموا تضحيات مقابل ذلك في حروب وجيوش تم احضارها الى المنطقة كما وصفها، خصوصا اذا علمنا ان موقع العراق على منفذ مهم في الخليج العربي والذي يربط تماما مع ما تصدره دول الخليج الاخرى التي تمتد بين البحر المتوسط والمحيط الهندي، ومن المؤكد أن علاقات دول الخليج العربي مع الدول الكبرى مثل اميركا وبريطانيا وغيرها تتسم بالموقف المعادي لايران كدولة مهمة تطل على الخليج العربي ولها التأثير الكبير في ذلك ومن هنا يكتسب العراق أهمية كبيرة في خلق علاقات استراتيجية فاعلة على مستوى الصراع المحتدم بين ايران ودول المنطقة الى جانب الولايات المتحدة الاميركية .
هذه الاهمية الجيوستراتيجية أعطت العراق مكانة مهمة جدا في الخليج العربي نابعة من أهمية المنطقة وتأثيراتها على الاقتصاد العالمي ليكون مرتكزا للقوة الاقتصادية والتواجد السياسي والعسكري لدولة مثل أميركا مقابل الحضور الايراني القوي في المنطقة خصوصا اذا كانت العلاقات الاستراتيجية بين ايران ودول مثل روسيا والصين قوية بما فيه الكفاية لتجعل القلق الاميركي كبيرا من نمو تلك العلاقات، خاصة اذا علمنا عن وجود اتفاقيات عسكرية طويلة المدى بين ايران وروسيا مثلا وهذا ما سيأتي بحثه في السياق العام لتفاصيل هذا البحث.
بعد العام 2003 كان للتبدل السياسي في العراق وقعا في تحقيق ايران مكاسب اقتصادية، فتحقيق علاقات متوازنة مع الحكومة العراقية كما الحكومات الخليجية، جعل الولايات المتحدة الامريكية مترددة في كل الخيارات المطروحة للتعامل مع ايران لاسيما وأنها أصبحت شريكا نفطيا عملاقا في الخليج العربي وفي بحر قزوين أيضا الذي يشكل المصدر الرئيس للنفط بعد الخليج العربي، وأنشأت ايران شراكات استراتيجية واقتصادية هائلة مع روسيا والصين واصبحت جزءا من منظومة تحالف استراتيجي واقتصادي كبير منافس للولايات المتحدة الأمريكي
ان الممر الخليجي الذي يربط العراق وايران كان يتسم في كثير من الاحيان بحالة من التوتر والذي يصل الى الصدام أحيانا اخرى في فترات سابقة كون ان ايران كانت تدعو الى مناصفة العراق هذا الممر الملاحي المهم الذي يطل على العالم الخارجي على الرغم من وجود اتفاقيات عديدة بين البلدين كان أخرها اتفاقية الجزائر في العام 1975 التي وضعت الحدود النهرية تحت ما يسمى بخط التالوك التي ألغتها ايران، من هنا كان العام 2003 بداية انطلاقة جديدة تحدث عنها المحللون والباحثون على إن العراق بات يدرك ما ترنو اليه ايران في السيطرة على نصف شط العرب ليذهب الباحثون الى حالة الاستقواء بدول تعادي سياسة ايران كما هو الحال والموقف مع الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل على اعتبار ان هذه الدول تعتبر ان نفوذ ايران هو مهدد لامنها القومي وان هذه الحقيقة ادركتها ايران فاستخدمت وسائل عديدة من اجل تحقيق أهدافها من خلال الوضع العراقي وما شهده من احداث التغيير السياسي لتستطيع ايران مد نفوذها داخل الاراضي العراقية غرضها ايجاد كيان اسلامي يحكم العراق وكأنهم يريدون دولة اسلامية قريبة لأفكارها ومنهجها، وهذا التوجه لا أتفق معه بشكل مطلق ربما قد اتفق مع بعضه باعتبار ان الدول دائما ما تبحث عن مصالحها ولذلك تعمل بعيدا عن الاضواء بما يخدم مصالحها وتوجهاتها السياسية والامنية والاقتصادية وما لا اتفق معه تماما هو المساعدة لاقامة دولة اسلامية جارة لهم لأن المعطيات لا يمكن ان تخضع للعقل السياسي وايضا طبيعة المجتمع العراقي المتنوعة رغم الغالبية المسلمة باعتبار اختلاف توجهات اللاعبين على الساحة العراقية يضاف لها الاجندات الدولية لدول تقف بوجة ايران في المنطقة.
2- العامل الاقتصادي  :
الجانب الاقتصادي الذي يمتلكه العراق هو ذات أهمية كبيرة فهو لا يقل تأثيرا عن العامل الجغرافي وابرزه الاحتياطي النفطي الكبير الذي يمتلكه العراق اضافة الى الموارد الاخرى من فوسفات وغاز طبيعي والزراعة وغيرها، وتشير الاحصائيات الاقتصادية الى ان احتياطي العراق من النفط الخام يصل الى أكثر من (112) مليار برميل اي بما يفوق 10% من الاحتياطي العالمي ويضاف الى ذلك التقديرات الاقتصادية الخاصة بالغاز الطبيعي حيث يصل احتياطي العراق الى أكثر من (100) مائة مليار متر مكعب، كل هذه الامكانات دفعت بعدد من حكام الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية الى المحاولة على ايجاد مساحة مريحة تقف عليها في العراق وتصريحات الرئيس الامريكي ترامب ليست بعيدة عن هذا الهدف ومن خلال ذلك نجد الخطاب السياسي لكل رؤساء ايران هو الانطلاق من فارسية الخليج العربي كما هو خطاب الرئيس احمدي نجاد أمام القمة الخليجية عام 2007 حينما خاطب رؤساء مجلس التعاون الخليجي بذلك ليطرح ويؤدلج لمشروع أوسطي جديد تكون فيه ايران دولة مركزية

3- عامل السياسة والاحترازات الامنية:
ان الحذر هو السمة الواضحة في أجندة تعامل ايران مع العراق او ما يحيط العراق من دول اقليمية أو القريبين من رسم السياسة العراقية ولا ننسى الازمات المتعددة التي مرت بين العراق وايران ربما تنسحب بالتأكيد على رسم العلاقات فيما بينهما ومن خلال نظرة دقيقة الى تقرير المركز الملكي البريطاني للشؤون الدولية (تشاتم هاوس) الذي ينص على (( ورغم التأكيد على أهمية البعد الثوري الشيعي الذي أعاد إحياءه أحمدي نجاد،(الرئيس السابق) إلا أن البعد القومي يضل هو المَلْمَح الغالب على السياسة الخارجية الايرانية، ويعود ذلك الى ثقل الموروث الفارسي وأولوية المصالح القومية.
تنظر ايران الى العراق بمثابة فنائها الخلفي ومن ثم نجحت في تجذير حضورها على جميع المستويات ومع مختلف القوى الفاعلة في الساحة العراقية بما يفوق الحضور الأمريكي، حيث تتمتع ايران بحضور محسوس ونشط في الشارع العراقي فضلا عن صلتها الوثيقة بالنخب السياسية المتمركزة في المنطقة الخضراء،……. أما الدول السنية وعلى رأسها دول الخليج العربي ومصر والاردن فرغم أن لديها مخاوف شديدة من الطموحات النووية الايرانية إلا أنها ومن موقع الشعور المتزايد بقوة ايران اضطرت الى انتهاج سياسة وفاقية معها، ورغم أن الولايات المتحدة تتفوق على ايران من ناحية الحضور العسكري في المنطقة حيث تبدو ايران محاصرة بالتواجد العسكري الامريكي من حولها، إلا أنها تتمتع بما أسماه التقرير بلطة ناعمة، أي ثقافي وسياسي يتفوق على القوة الامريكية هناك))
ووفقا لهذا التقرير لابد من انتهاج سياسة معتدلة تميل الى حالة السلم والتعاون خصوصا بين الدول التي تحد بعضها البعض وعدم العودة الى التصرفات الطائشة التي انتهجها نظام حزب البعث السابق الذي أدخل العراق في حروب هوجاء أضرّت بالعراق كثيرا ولا زلنا نعاني منها الى يومنا هذا، وقد يميل البعض الى أن سياسة الرئيس الاميركي ترامب تختلف عن اسلافه فهو يتجه نحو الحرب أكثر منه دبلوماسية العلاقات مع العالم ولكن ذلك قد لا يكون واقعا صحيحا وانما هي سياسة لي الاذرع والتهويل التي يستخدمها للحصول على الموارد المستمرة لدعم الاقتصاد الامريكي ليس أبعد من ذلك.

4- التعاون العراقي الايراني في محاربة الارهاب:
بالتأكيد ان المتابع للحدث العراقي يمكن له ان يتلمس التعاون الكبير بين العراق وايران وخصوصا الدعم الايراني في مواجهة التنظيمات الارهابية كافة منذ أيامها الأولى حينما توافدت على أرض بلاد الرافدين تحت مسمى حركة التنظيم والجهاد ثم القاعدة الى أشرس واعتى تنظيم ارهابي وهو تنظيم داعش الذي احتل 40% من مساحة العراق على طول امتداد المناطق الغربية من العراق وصولا الى تخوم العاصمة بغداد حيث شاهدنا وشاهد العالم كيف أن ايران قامت بارسال الامدادات العسكرية والاسلحة الذي ترافق مع وصول عدد من المستشارين العسكريين من أجل المساعدة في إيقاف التمدد الكبير للارهابيين تجاه العاصمة بغداد والحيلولة من سقوطها بيدهم فتكون هنا الكارثة في المنطقة والعالم وتحديدا في هذه النقطة يمكننا القول ان ايران وتعاونها الكبير في صد الارهابيين له تأثره الكبيرعلى ما يحيط العراق اقليميا وصولا الى دول العالم أجمع لأن الارهاب سيتعزّز وجوده في كل مكان في وقت كان الصمت العربي والغربي مطبقا الى حد لا يمكن ان يعقل وكأن عناصر التنظيم الارهابي التي دخلت العراق هي وحدات عسكرية تابعة لتلك الدول، لكنه بالتأكيد هو تواطؤ وغض الطرف عنهم لأسباب ودوافع تتعلق ببعض دول المنطقة واجندات دول كبرى مثل الولايات المتحدة الامريكية، وهذا هو الأثر الكبير في أن تكون هناك علاقات متينة للتعاون بين العراق وايران ومن ثم تمتد هذه العلاقة مع دول المنطقة لنبتعد عن التوترات السياسية ولغة الحروب والتهديدات التي لا يمكن ان تنفع اي دولة في منطقة الشرق الاوسط وقطع مغذيات تلك التهويلات ومحاولات ايجاد الفتنة وهو ما تمارسه اسرائيل اليوم من تحشيد على تخوم الحدود العربية مع ايران لتجعل المنطقة على صفيح ساخن حتى تخلو لها الساحة.
أن ظهور تنظيم داعش الارهابي في العراق واحتلاله لثلاث محافظات في الشمال الغربي من العراق ووصوله الى تخوم العاصمة العراقية بغداد حيث كانت الجمهورية الاسلامية الايرانية أول الدول الداعمة للعراق والوقوف معه في أشد الظروف قساوة ولا أجد أن أمرا جللا وكبيرا كاد أن يودي بالعراق كدولة كما هو الحال في تلك الظروف الصعبة من العام 2014 حيث كلنا يعلم كيف كان واقع الجيش العراقي وانهيار منظومته العسكرية في الوقت الذي نقول فيه ذلك لا يعني ان الشعب العراقي غير قادر على اعادة الامور الى نصابها وبالفعل هذا ما حصل بعد أن أصدر المرجع الاعلى السيد السيستاني فتواه التاريخية لشحذ همم ابناء العراق لتبرز للعالم قدرتهم وحميتهم ووطنيتهم كي يستعيدوا بسواعدهم وبتضحياتهم والدماء التي سالت على تراب الوطن من اجل التحرير واستعادة العراق قويا فلا يمكن أن يتنكر العراقي الى من قدم له يد العون مع الحفاظ على روح السيادة الوطنية لبلدنا العراق.

روسيا قطب المعادلة الدولية:
سياسات التخبط التي مارستها الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة والعالم أعطت متسعا ومساحة جيوسياسية للدب الروسي في أن يخطو خطوات ثابتة لترسيخ أقدامه في الشرق الاوسط فدخلت الى المنطقة العربية من خلال سورية البوابة الشمالية للمشرق االعربي ومفتاح الاستقرار فيه، وعبر تركياالجسر الواصل بين الشرق والغرب، وعبر ايران البوابة الشرقية للمنطقة العربية، وهذه المنطقة التي تجسد ثلاث دوائر جغرافية متجاورة تزداد أهميتها مع الوجود الامريكي في قلبها وأطرافها(منطقة الخليج، وأفغانستان) دون أن نغفل وجود اسرائيل، وفي هذا الصدد تنطلق روسيا في توجهاتها السياسية في المنطقة من معايير ومحددات عديدة
منها ان روسيا عضو دائم في مجلس الامن وهو جزء من الرأي الضاغط في الملفات الدولية إضافى الى أنها (روسيا) في علاقاتها مع العرب تختلف عن الجانب الامريكي فلم تكن علاقاتها مع العرب مصاحبة للحروب والنزاعات كما هو حال أميركا، ووفقا لهذه الثلاثية الجيوسياسية التي جعلت من روسيا محاذية الى أقرب نقطة من العراق فحري على العراق وصناع القرار فيه ان يستغلوا هذه المساحة ليجعلوا من علاقات العراق بروسيا قوية جدا وتكون في النهاية عاملا ضاغطا في توازن القوى الاقليمية سواء على مستوى العراق أم على مستوى المنطقة والاقليم مع وجود علاقة قوية جدا بين الجانب العراقي والجانب الايراني وفي النهاية لا يمكن أن يكون الدور الامريكي فاعلا ومسيطرا على أغلب الملفات السياسية وقد أدارت تلك الملفات فعلا من خلال مؤتمر وارشو الذي كان اعلانا للحرب في المنطقة العربية فالدور الامريكي قادر اليوم على أن يدير سياسة دول خليجية وعربية وتسير بهم وفقا لرياح سفنها وسفن اسرائيل وهذا التجمع لاعلان الحرب على ايران بالتأكيد له التأثير الاول على العراق لأن المنطقة كلها ستكون ساحة صراع يبدأها هؤلاء الجاهلون في الاستراتيجية السياسية ولا أحد يعلم متى تنتهي ومن بيده الاستطاعة أن ينهي هذه الحرب لكون ايران تعتبر قوة اقليمية رئيسية في منطقة الشرق الاوسط وبفضل قدرتها الاقتصادية والعسكرية والبشرية الكبيرة، الى جانب إرثها الحضاري والامبراطوري الذي لا يمكن إغفاله، نجحت خلال فترات مختلفة في أن تمارس أدورا متباينة في صياغة الترتيبات الاقليمية في المنطقة
يمكن دعوة روسيا الى الانخراط أكثر في المسائل الامنية العراقية عبر بوابة الحكومة العراقية ومجلس النواب العراقي من خلال اقامة علاقات تعاون عسكري وامكانية تكرار تجربة التعاون الذي حصل في سوريا بين السوريين والايرانيين والتنسيق الكامل مع روسيا لمحاربة الارهاب وهي تجربة ناجحة أكثر مما حصل مع التحالف الدولي الذي أثبت فشله في سورية والعراق لأن بكل بساطة ان الذي قضى على الارهاب عسكريا في العراق هم العراقيون أنفسهم رغم انهم لم يقضوا على الفكر المتطرف بشكل نهائي بدليل أن الولايات المتحدة الامريكية كل فترة تلوّح بعودة داعش والارهاب، لذلك نحن بحاجة أن نطرح مفهوم الدعوة الى إقامة علاقات مستقرة ومتميزة مع روسيا وكذلك هو الحال مع الصين كشريك اقتصادي قوي.
إن سبب اعتماد روسيا كحليف عسكري قوي مع العراق يأتي من خلال وجودها في اللجنة الرباعية التي تخص التنسيق الاستخباري بين العراق وسوريا وايران وروسيا التي تجتمع كل فترة زمنية ويمثل كل دولة مستشارها الامني ولابد من تفعيل هذه اللجنة بشكل جيد والتنسيق مع روسيا يصب في دعم العراق ومساعدته على مواجهة التواجد العسكري الاجنبي على أراضيه وهذا يمنع الامريكان من التفرد بالقرار العراقي العسكري والاستحواذ على قواه العسكرية وقضايا التسليح وغير ذلك، حيث يشاهد الامريكان وجود دولة اخرى منافسة وعلى العراق أن يعمل على ايجاد مصادر اخرى للتسليح وتنويعها.
وفي عودة مع التاريخ نجد ان العلاقات العراقية الروسية تعرقلت أبان احتلال العراق من قبل الامريكان فتم ضرب مصالحها جميعا الى أن تحولت السيادة بيد العراقيين بقرار من مجلس الامن الدولي المرقم (1546) ومعه بدأت تتحسن العلاقات بين روسيا والعراق حيث تضمن القرار في بنوده انهاء الاحتلال الامريكي وعودة السلطة والسيادة الى الشعب العراقي في 30 حزيران 2004 الذي يقر تشكيل حكومة عراقية انتقالية ذات سيادة وينص على أن من حق زعماء البلاد الجدد أن يأمروا القوات الاجنبية بالرحيل في أي وقت
ولا ننسى تصريح رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي عندما أعلن من الامارات العربية المتحدة بجلاء القوات الامريكية عن العراق وهذه العبارة آلمت الامريكان كثيرا وتحسسوا منها.
اضافة الى احداث اليوم في الازمة الامريكية الايرانية نجد ان التوجس الامريكي من الدور الروسي كبير جدا وهذا ما كشف عنه الكونغرس الامريكي في رسالته الى الرئيس ترامب الموقعة من قبل ما يقارب 400 أربعمائة عضو من 535 خمسمائة وخمسة وثلاثون عضوا يشيرون فيها وبشكل واضح الى قلقهم من الدور الروسي في تغيير موازين القوى في الازمة السورية وجاء في الرسالة التي نشرها موقع روسيا اليوم بتاريخ 21-5-2019 ((تعمل روسيا أيضًا على تأمين وجود دائم في سوريا ، خارج منشأتها البحرية في طرطوس.
لقد غيرت روسيا مسار الحرب الأهلية في سوريا على حساب الشعب السوري من خلال استخدام القوات الروسية والطائرات والحماية الدبلوماسية لضمان بقاء نظام الأسد.)) وهذا يدلل لنا على ان للدور الروسي أهمية كبيرة في التوازن الدولي في المنطقة وعدم التفرّد الامريكي هي ضرورة لابعاد الاجندات التي يراد ترسيخها في المنطقة بناء على طلب دول صديقة للولايات المتحدة الامريكية وبالتالي فان ذلك يؤجج الصراع الذي تبحث عنه الصهيونية العالمية.
 علاوة على ذلك ، في تزويد دمشق بالأسلحة المتقدمة مثل نظام مضاد للطائرات من طراز S-300 ، تعمل موسكو على تعقيد قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها من الأعمال العدائية التي تنطلق من سوريا.
إن دور روسيا المزعزع للاستقرار يُكمل فقط دور إيران – لأن روسيا لا تبدي أي استعداد لطرد القوات الإيرانية من سوريا.

الاستحقاقات في العلاقات العراقية الايرانية:
بعد العرض المختصر لتاريخ العلاقة بين العراق وايران نرى أن الثوابت التي تحكم العلاقة بين الدولتين هي:
1- الاستحقاق التاريخي
2- الاستحقاق الجفرافي
هنالك حواظر شاسعة بين العراق العراق وايران على حدودها تتمثل بالكثير من المدن المتداخلة فيما بينها وتختلط في بعض الاماكن حيث تمتد الى أكثر من 1450 كلم ولا توجد منطقة من المناطق غير آهلة بالسكان ما يعني هي حواظر مدن (أنهار ومياه وخدمات وبشر) يعيشون ويمارسون حياتهم الطبيعية كما إن هناك تداخل اجتماعي بين الطرفين(العراق وايران) وهذا التمازج الاجتماعي يضاف له الجانب العقائدي والجانب الديني لاسلامية البلدين وعندما أقول ذلك هذا لا يعني اطلاقا أن ينسلخ العراق عن محيطه العربي أو باقي جيرانه وانما تقوية العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية يمنع اي تدهور يمكن أن يشل المنطقة بالكامل فلم تعد العنتريات العسكرتارية التي مارسها نظام حزب البعث هي الاسلوب النافع في تحديد الاجندات السياسية وتوجهاتها في المنطقة حيث لا تستطيع الشعوب ان تعيش حالة الازمة بشكل دائم لأننا جميعا كبشر نميل الى الاستقرار والسكينة والهدوء والعيش المشترك بعيدا عن التسلط وفرض الاجندات او خرق السيادة لأي بلد من البلدان فلم تعد محاولات تصدير الافكار او مفاهيم الثورات قابلة للاستيعاب من قبل الشعوب الاخرى من خارج حدود كل دولة بما نمتلك من حاضرة تكنولوجية وتقنيات عالية للوصول الى أي معلومة نريد فلابد من العيش المشترك المبني على أحترام الاخر وسيادة حدوده الجغرافية الدولية.
فليس من المنطق ان نتقبل بعد اليوم أجندات دق إسفين الحروب كما حصل في السابق بين البلدين في الحرب العراقية الايرانية التي امتدت لثمان سنوات عجاف دمرت البشر والحجر وانما أنا أحذّر هنا من تكرار هذه المأساة لسبب جوهري في إطار ما يحصل من حملات اعلامية مكثفة من أجهزة معروفة ضمن خطة مارتن اندك الذي يدعو الى احتواء الشيعة وتحديدا في العراق من خلال برامج معينة ومحاولة استمالة بعض الزعماء(The second element in the push-back strategy is support for the Iraqi government of Haider al-Abadi and the Iraqi Armed Forces as they campaign to defeat ISIS and regain control of Mosul and the Sunni regions of Iraq.  Since the toppling of Saddam Hussein opened the gates of Babylon to Iran, Iraq’s Shia majority has fallen under the heavy influence of Iran.  Eliminating that influence is not an achievable or necessary objective given the historic and religious ties between the neighbouring Shias of Iraq and Iran.  But providing an effective counter-balance to Iran’s influence in Baghdad is eminently achievable since it is welcomed by the current Iraqi government, which was not the case under the previous Maliki government.) وليس بعيدا الضخ الاعلامي الذي مورس ويمارس اليوم على نطاق واسع لمحاولة صنع ساحة مفاهيم لا ترقى الى أن تخدم الواقع العراقي ستذهب بعيدا في اعادة رسم صورة جميلة لنظام البعث الذي حكم العراق قبل العام 2003 وهي تحاول التسلسل الى أدبيات المجتمع العراقي سياسيا واجتماعيا والتأثير على الجانب الامني ليترسخ في الذهن أن تغيير نظام البعث كان خطأً استراتيجيا ارتكبته الولايات المتحدة الامريكية، اضافة الى جهد القنصليات والسفارات التابعة لتلك الدول في محاولات التدخل في شأن العراق وهذ ما ترفضه الدولة العراقية كما هو العكس بعدم التدخل في شؤون الدول الاخرى.
الازمة الايرانية الامريكية:
القرار الذي اصدره الرئيس الامريكي دونالد ترامب بتشديد الحصار على ايران اعتبارا من شهر آيار 2019 هو قرار فردي وليس أممي والكثير من دول العالم رفضت طريقة تعاطي ترامب مع الملف الايراني خصوصا في ملف الانسحاب من الاتفاق النووي 5+1 الذي وضع الاتحاد الاوروبي في احراج كبير لأن تبعات ذلك ستسحب الولايات المتحدة الامريكية للدخول في حالة فرض الحصار الشامل على دولة هي تتفق معهم على نص معاهدة دولية ما جعل أغلب الشركات الاوروبية في حيرة من أمرها لأنها تخضع للكثير من الالتزامات المالية مع البنوك الامريكية وفي المقابل ستكون هناك خسارة للموقف الاوروبي الذي سيدفع بالجانب الايراني الى توقيف العمل بالاتفاق النووي الذي جاء ثمرة جهد دبلوماسي وسياسي طويلين من أجل اقراره وهذا ما نشاهده اليوم بالفعل من خلال التهديد الذي أطلقته ايران في حال التزمت دول اوروبا تنفيذ الحصار الامريكي وتكون عندها العودة الى نقطة الصفر وتعود ايران الى زيادة التخصيب في اليورانيوم وإخلاء التزاماتها تجاه هذا الاتفاق التاريخي.
ما يجري اليوم في المنطقة وضع العراق بوجه المدفع فيما لو قامت الحرب لا سامح الله وهذا ما تريده بعض الدوائر الاستخبارية في المنطقة لغرض اضعاف العراق وانهاء منظومة الحشد الشعبي الذي وقف شوكة في عيون بعض من دعم داعش وزاد من مركزيتها في مناطق الصراع الرخوة غرب العراق.
كثر اللغط والحديث عن هذه الازمة وأخذت التحليلات السياسية والامنية لكثير من الجهات مأخذا بعيدا ما بين التطرف والاندفاع نحو اشعال الحرب بين البلدين وهؤلاء لديهم محركاتهم واجنداتهم في العمل عليها وهناك من ذهب الى حالة التوازن والتعقّل في هعدم جر المنطقة الى خراب كبير وهي لا تحتمل وللاسف الأجندات الداعمة للحرب من غير الكيان الصهيوني وما تريده اسرائيل ودول عربية الى جانبها نجد أن هناك من يدفع من داخل العراق على اقامة الحرب وأغلبها قطاعات اعلامية وبعض المتشددين في الخطاب الثوري دون مراعات ما يمكن ان يحصل للعراق نتيجة ذلك، ومن هنا نجد أن على العراق أن يتخذ مجموعة نقاط بعين الاعتبار تجنبا للمآسي المحتملة من قيام الحرب وكذلك الحفاظ على بنية العراق الاقتصادية والامنية والاجتماعية والسياسية وهي:
1- عملية ابعاد الحرب من ثمارها عدم امتدادها الى مناطق اخرى في منطقتنا العربية لأنها ستكون كارثة القرن الحالي باستعارها عالميا.
٢- من الضروري جدا ان لا يرتفع صوت المتشددين الذين يصبون الزيت على النار لأنهم أمراء حرب وخسارتهم لن تحصل الا اذا عم السلام والاستقرار فهم يخوضون حربا اعلامية شرسة من أجل انطلاق شرارة الحرب.
٣- الاتجاه السياسي الصحيح الذي يجب اعتماده من قبل السياسيين هو شعار مهم يطلقونه وهو”العراق أولا” ومصلحة البلد الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وجميع النواحي الاخرى.
٤- علينا كبلد له قدراته ومكانته لدى دول العالم بأن يكونوا هم الوسطاء وليس الوقوف في الوقوف في الوسط فهناك فرق بين الوسيط والوسط لكون العراق له التأثير الكبير بحكم علاقاته مع هاتين الدولتين أميركا وايران بشرط ايماننا بوحدتنا الوطنية وتوحيد الكلمة بقوتها عبر حب العراق والخوف عليه وعلى مصالحه من أجل أجيالنا القادمة والايتعاد عن الميول السياسية وعن تبني سياسات دول أخرى .

مصالح العراق:
إذا دققنا في آليات التحشيد التي قد يكون الظاهر فيها هو تحشيد ضد ايران ولكن في باطنة نراه أنه موجه ضد مصالح العراق واذا أردنا أن تكون هذه المصالح ثابتة ومستقرة فلابد ان تكون قائمة على علاقات رصينة متزنة وقوية وفقا للاحترام المتبادل في اطار السيادة والاعراف الدولية مع الجمهورية الاسلامية وهذا لن يتحقق إلا اذا توصل الجانبان الى اتفاقية سلام وعدم الاعتداء على أحدهما الاخر والأهم في ذلك معاهدة السلام التي يتوج بها القرار 598 الذي أوقف الحرب العراقية الايرانية فقط وأبقى على بعض المسائل العالقة مثل مسائل الخلافات الحدودية وتثبيت وترسيم ما يتم الخلاف عليه، وكذلك الاختلاف على مصادر الطاقة، والثروات الطبيعية، مشكلة شط العرب، النفط والغاز (الآبار المشتركة) فهناك أعداد كثيرة منها بين العراق وايران، وهذه المسائل العالقة يجب حلها بأي شكل من الاشكال التي تحمي سيادة كلا الدولتين وحقوقهما القانونية وفقا للقوانين الدولية دون تجاوز أحدهما على الاخر.
في أول مقابلة للسفير الايراني السيد هيرج مسجدي عندما عُيّن سفيرا في بغداد تحدث عن التبادل التجاري بين العراق وايران وركز على حل المسائل العالقة بين البلدين قائلا إن واحدة من مهماتي الاساسية هي حل المسائل العالقة وأهمها ما يتعلق بالقرار 598 الصادر من الامم المتحدة ( قرار مجلس الأمن الدولي 598 الذي اعتمد بالإجماع في 20 يوليو 1987، بعد التذكير بالقرارين 582 و588، دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار بين إيران والعراق وإعادة أسرى الحرب إلى وطنهم، وانسحاب الطرفين إلى الحدود الدولية. وطلب القرار إلى الامين العام أن يوفد فريقًا من المراقبين لرصد وقف إطلاق النار بينما يتم التوصل إلى تسوية دائمة لإنهاء الصراع. وأصبح نافذًا في 8 أغسطس 1988، منهيًا بذلك جميع العمليات القتالية بين البلدين و‌الحرب العراقية الإيرانية
وهنا حديث السفير الايراني او غيره من الايرانيين ممن صرح بذلك يستوجب التوقف عنده كي لا تصل الامور الى طريق مسدود، فحسب الخبراء القانونيين ومنهم الخبير طارق حرب الذي يقول إن العراق غير ملزم بموجب القانون الدولي بدفع تعويضات مالية إلى إيران عن الحرب التي دارت بين البلدين في الفترة 1980- 1988.وأضاف حرب، أن “قرار مجلس الأمن الدولي رقم 598 الذي صدر عام 1988 أوقف الحرب بين البلدين، ولم يتطرق إلى أية تفاصيل خاصة بالتعويضات المالية سواء للعراق أو لإيران”. وأن “أية مطالبة سواء كانت من العراق أو من إيران لدفع تعويضات مالية جراء الحرب، لا يوجد أي أساس قانوني لها”

المقترحات:
من خلال عرض العلاقات التاريخية بين العراق وايران والترابط الكبير بين بعض الدول التي لها تماس مع العراق والنظر الى ما هو الصالح من هذه العلاقات وما هو الضار منها وفقا لللمعطيات على الارض أطرح جملة من المقترحات في هذا البحث .
1- إقامة اتفاقية سلام وعدم اعتداء بين العراق وايران.
2- إقامة اتفاقية الدفاع المشترك بين العراق وايران: السبب (لان الايرانيين يغيثون العراق عندما يتعرض الى اعتداء كما حصل عام 2014)
3- إحياء وتقوية اللجنة الرباعية للتعاون الاستخباري التي تضم كل من (العراق وسورية وايران وروسيا) بل يجب ان تصل الى توقيع اتفاقية بين الاطراف الاربعة.
4- حل المشاكل العالقة بين ايران العراق مثل مسائل الخلافات الحدودية وتثبيت وترسيم ما يتم الخلاف عليه، وكذلك الاختلاف على مصادر الطاقة، والثروات الطبيعية، مشكلة شط العرب، النفط والغاز (الآبار المشتركة) فهناك أعداد منها كثيرة بين العراق وايران.
5- التأكيد على التعاون العسكري بين العراق وروسيا وايران.
6- نتيجة لمعاناة العراق في حروب عبثية على مدى عقود من الزمن لا بد من إبعاده عن ثورة الغضب السائدة والطيش الحاصل في المنطقة تحت عنوان تجييش وتحشيد الجيوش لدق طبول الحرب بين ايران واميركا وان يكون للعراق موقفا متوازنا من حيث علاقاته الاستراتيجية مع دول العالم فلا عداء وخصام مع الجانب الامريكي ولا مع الجانب الايراني باعتبار الاول تربطنا معه المصالح اقتصادية العليا والثاني دولة جارة تمتد حدودها مع العراق الى أكثر من 1200 كيلو متر.
7- يمكن ان يكون العراق دولة محورية قادرة على حل المشاكل وعامل مساعد في التوازن الدولي في المنطقة فيما لو قامت على تهدئة الاوضاع وتخفيف حدة التوتر بين أميركا وايران لما تمتلكه من علاقات مع الطرفين وتكون خطوة فعالة باتجاه ابعاد شبح الحرب ونشر السلام وبذلك يكون العراق قدوة في منطقتنا العربية لنشر السلام العالمي.
8- التعاون الاقتصادي بين العراق والصين والاتجاه نحو توقيع اتفاقيات واسعة وطويلة الأمد مع جمهورية الصين لما تمتلكه من قدرة اقتصادية زاحمت الاقتصاد الامريكي وأثّرت عليه.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here