ملائكة الرحمة بين الانسانية والمتاجرة

لطيف دلو

الطب من ارقى وانبل المهن الانسانية على الاطلاق ومسؤلية جسيمة على عاتق الطبيب وذوي المهن الصحية كل حسب اختصاصه ولدينا منهم الكثيرون يؤدون واجباتهم بكل حرص واتقان في معالجة مرضاهم في المستشفيات والعيادات العامة والخاصة قد يذهل المرا من تصرفاتهم الملائكية في الاتقان والحرص والمواظبة في العمل ولكن لا تخلى هذه المهنة كسائر المهن من الشوائب والاستغلال ، و في هذه الايام نسمع ونقرا ونشاهد حالات و قصص غريبة عن الطب والادوية لم نكن معتادين عليها سابقا من وصفات طبية مشفرة لا يمكن صرفها الا من قبل الصيدلي المتفق معه ومنها تحميل المريض باكثر من دواء لحالة مرضية واحدة او فحوصات لحالات لا تستوجبها ولم يكن الطبيب يكلف المريض باجراءها او اقتناءها اثناء العصر الذهبي للطب الى الستينيات من القرن المنصرم ، وكذلك ظهور ادوية منتهية الصلاحية او عديمة الفائدة او مزورة او مغشوشة ، وانا تالمني الحسرة والاشجان عن كتابة هذه السطور عن ارقى وانظف مهنة انسانية فكيف باناس يتصفون بملائكة الرحمة يستغلون من يدق ابوابهم ويدفعون لهم ثمن مصيرهم مقدما من عرق جبينهم طالبا المعالجة للشفاء وهم يدفعونهم الى الهلاك ، واليكم هذه القصة عن النزاهة الطبية والتي رسخت في ذهني ، سمعتها في الستينيات القرن المنصرم من خلال متابعتي لاحدى الاذاعات واتذكر شيئا عن قصة طويلة عن طبيب من دولة لا اذكرها لكي لا تكون دعاية لها وساسرد خلاصتها ادناه –

كانت القصة تدور حول طبيب مشهور صاحب ارقى مستشفى في تلك الدولة وفي مدينة مشهورة بالعلم والمعرفة فيها، يسكن بيتا متواضعا ويملك سيارة اعتيادية ويعيش حال اي مواطن بسيط ، فسالوه لماذا انت تعيش في هذه الحالة دون اقرانك الاطباء المشهورين وحتى الاعتيادين منهم فافاد ، لم ابني بيتا فاخرا لربما يمر امامه يوما شخصا، كان مريضا يعالج لدي ويقول كل طوبة من بناءه دفعت ثمنها الام واوجاع المرضى واذا سرت في الشارع او دخلت المستشفى بسيارة فارهة ويشاهدوني المرضى الراقدين فيها يشعرون بانهم دفعوا ثمنها بالامهم واوجاعهم ، ما احصل المال من المرضى اصرفها على تطوير المستشفى والاجهزة الطبية فيها لاجل تحسين الخدمات لهم لكي اضمن لهم الشفاء ويعودوا عاجلا الى بيوتهم اصحاء ، الا دخلا قليلا وهذه هي كل ثروتي وكانت هذه الحالة وغيرها في

الاحسان مالوفة لدينا بكثرة الى ماقبل السبعينيات 0 وفي هذه الايام سمعت من مستغرب عن حالة نادرة عن الطب في احدى الدول الاسكندنافية تقع في الصقيع الشمالي من تلك المنطقة لا يمكن مقارنتها مع العراق الحضارة ايام زمان ولا ايراداتها المالية الحالية ، عندما يزور المرضى فيها اي طبيب يخرج بدون قائمة او وصفة الادوية وبامكانه مراجعة اي صيدلية في تلك البلدة او الدولة لاستلام الادوية بعد اعطاء اسمه ( كودة ) الى الصيدلي وكل علبة دواء يستلمها تلصق عليها ورقة مطبوعة باسم المريض وكيفية استخدام الدواء وقراتها بنفسي ، ولدينا اقرت نقابة الاطباء بان تكون الوصفات مطبوعة من قبل الاطباء واخطرت الصيدليات من صرف الادوية دون ذلك اعتبارا من شهر اذار المنصرم ولا تزال تكتب وتصرف كالسابق 0

ولمعالجة الخلل الحاصل في استغلال المستشفيات الحكومية لصالح العيادات والمستشفيات الخاصة يمكن الفصل بينهما بكل الكوادر العاملين عليها بقرار جريء من الحكومة خدمة للمصلحة العامة للارتقاء بالخدمات الطبية اسوة بالبلدان المتقدمة في هذا المجال ولربما قد لا تصل وارداتها عشر العراق اغنى دولة في المنطقة من حيث الواردات والامكانيات المطلوبة لتحقيقها الا العزم والثبات في خدمة الشعب 0

6 ايار 2019

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here