محاولة خُومَنة النظام السياسي الهجين في العراق

بقلم مهدي قاسم

من المؤسف أن يرافق صمت و عدم اكتراث من قبل غالبية
الإعلاميين و الكّتاب و المثقفين والمحامين وغيرهم من مشروع قانون المحكمة الاتحادية والمقدم من قبل الأحزاب الإسلامية بشقيها الشيعي الولائي و المهيمن و السني الانتهازي و المرتزق ، و ذلك بغية تمريره من قبل مجلس النواب و الهادف أساسا إلى أسلمة المحكمة الاتحادية
و خُومنتها ــ من الخُمينية ــ بالكامل ـ حتى تتطابق مع مثيلتها في إيران ، و بالتالي ليصبح النظام السياسي الهجين و الفاسد في العراق متطابقا مع مواصفات نظام ولاية الفقيه الإيراني الثيوقراطي بالكمال و التمام ، حيث يبدو أن الجهد الوحيد الذي يقوم به و يبذله ـــ
بكل عناد وإصرار ـــ عملاء وأتباع النظام الإيراني في العراق أحزابا و فئات و ميليشيات ، فكلها يصب في هذا الاتجاه فقط ، و كأنما كل هذه الخرائب الشاخصة ومظاهر التخلف المصنوعة و المتروكة من قبل هذه الأحزاب على صعيد تعطيل المصانع و الشركات و المعامل و تلكؤ الخدمات
العامة والشلل الذي يلف حقول الزراعة والصناعة والطبابة والبناء ، و كذلك جيش العاطلين عن العمل ، فضلا عن التشويه والخراب الروحيين العميقين اللذين أصابا المجتمع العراقي بالصميم ، من قبل هذه الأحزاب والساسة الإسلاميين الفاسدين ، نقول كأنما كل هذا لا يكفي حتى
يقوموا بخومنة كل شيء في العراق ، بدون أي اعتبار للمكوّنات و الأقليات العراقية الأخرى ، لتصبح كلها بصبغة شيعية أو أن تكون شيئا من هذا القبيل أوتذهب إلى حيث ما تريد !! ، مثلما جرى مع بعض الأقليات في إيران ــ كالبهائية ــ على سبيل المثال وليس الحصر!!..

مع العلم إن هذه الأحزاب و التنظيمات والميليشيات منذ البداية
قد كشرت عن أنيابها الطائفية ، لتنهش أبناء الطوائف الأخرى ، سيما منها المسيحية والمندائية فرض عليها عليها نفس الفروض الدينية و المذهبية ، من قبيل أجبار نساءها و فتياتها على ارتداء الحجاب وعدم التبرج و أشياء محظورة من هذا القبيل ، و بسبب ذلك قد جرت عملية قتل
عشرات من نساء و بنات من هذه الطائفة أو تلك في مدينة البصرة و غيرها لنفس الأسباب من قبل ميليشيات متعصبة و فاشية متشددة ، حتى وجدت نفسها هذه الطائفة أم تلك تشارك في مواكب عاشوراء عسى ولعلها تكسب رضا هذه الأحزاب والمليشيات الشيعية ، لكي تتجنب كراهيتها الطائفية
المزمنة وسطوتها البلطجية و محاولة تهجيرها بهدف الاستيلاء على ممتلكاتها ، وما تنتج عن ذلك من عمليات قتل و تهجير وتضييق ، التي تُمارس بحقهم وعليهم بطريقة فظة ..

بطبيعة أن العذر نفسه ( أي وجود قضاة رجال دين في المحكمة
الاتحادية لعدم سن قوانين متعارضة مع الدين الإسلامي ــ مجرد تبرير واه وحجة ذئب مع خروف ، لكون الأحزاب الإسلامية هي التي تتحكم بمصير كل كبيرة وصغيرة في العراق ناهيك عن مصير العراق كله ، فمن يتجرأ ليشرع قانونا يتعارض مع الشريعة الإسلامية ، وحتى بدونهم ؟! ، بل
أن بعضا من هذه الأحزاب ذاتها أرادت ــ ولا زالت ــ أن تشرّع قانونا بدائيا يتعارض مع أبسط قيم إنسانية ، و الذي يبيح من خلاله زواج بنات صغيرات بسن الطفولة ، مثلما حاول حزب الرذيلة المسماة بحزب ” الفضيلة ” ذلك مرارا و تكرارا ..

و في المحصلة النهائية إذا قارننا كل ذلك بجرائم عصابات
داعش بحق نفس المكوّنات ــ زائدا ضد الفتيات والنساء الشيعية أيضا في مناطق احتلالها ــ فسوف لا نجد فارقا كبيرا بين الفعلين الإجراميين باستثناء نسبة الضحايا فقط ..

و القتل هو القتل سواء أن قُتل مائة شخص أو ألف شخص ..

ولكن ليس من ثمة عجب في حقيقة الأمر: إذ جميع هذه الأحزاب
و المجاميع الإرهابية والميليشيات البلطجية قد خرجت من معطف السلفية والأخوانجية الكهفية و الخمينية السرادبية المظلمة ..

هامش ذات صلة :

( معهد اميركي: قانون المحكمة الاتحادية العراقي يقوض
الحريات والحقوق الاساسية
أكد معهد ابحاث اميركي خطورة تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا في العراق،
مشيراً إلى أن نصوصه تعرض الحرية الدينية والحقوق الاساسية إلى الخطر.

وقالت نينا شيا، من معهد هدسون للأبحاث، إن “قانون المحكمة الاتحادية العليا
الذي سيعكف البرلمان العراقي على تمريره يربط العراق بالحكم الثيوقراطي للأنظمة الاسلامية المجاورة، ويقوّض ديمقراطيته الهشة ويعرّض الحرية الدينية وغيرها من الحقوق الأساسية للخطر”.

وأضافت، أن ” فقهاء الشريعة سيحصلون بمقتضى ذلك القانون على سلطات معززة لاستخدام
حق النقض ضد القوانين التي يرون أنها تتعارض مع الإسلام، أي القوانين التي أقرها البرلمان المنتخب”.

وانتقدت شيا، “الفقرة الثانية من مشروع القانون والتي تنصّ على منح أربعة
مقاعد جديدة بالمحكمة العليا لرجال دين إسلاميين للعمل ليس كمستشارين بل كقضاة يتمتعون بسلطة استثنائية من حق النقض إلى ضمان تطبيق حكم دستوري ينص على أنه لا يجوز سن قانون يتعارض مع الأحكام المقررة في الإسلام”.

وأكدت، أن صيغة القانون التي تتم دراستها الآن في العراق مستوردة مباشرة من
انظمة اسلامية مجاورة له، وبالتالي يجب عدم تمريره باي شكل منمن الأشكال ــ نقلا عن صحيفة صوت العراق ”

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here