اتّجار مكشوف في “جثث بابل”: البحث في الرماد الطائفي عن جمر يوقظ الفتنة

كالجمر من تحت الرماد، تصاعدت تصريحات متصادمة مع بعضها حول الجثث المجهولة في بابل، تكشف عن ان النفس الطائفي لايزال يتصاعد في نفوس البعض، في استعادة لأجواء الشحن المذهبي في السنوات التي سبقت هجوم داعش والتنظيمات الإرهابية على العراق، العام ٢٠١٤، فضلا عن ساحات الاعتصام التي شهدت خطابا طائفيا تحريضيا لم يسبق له مثيل في تاريخ الدولة العراقية، تسبب في ازهاق المئات من أبناء الشعب العراقي، واجتياح الإرهاب، البلاد.

مراصد المسلة تشير الى ان الدول الاقليمية، وإنْ لم تفصح عن وجهات نظر رسمية، فان اعلامها الممثل لها والصادر في دول اوربية وعربية، اتفّق على المعالجة الطائفية المقصودة للحادث واتهام فصائل من الحشد الشعبي بقتل العراقيين على الهوية الطائفية.

داخليا، وصل الخطاب التصعيدي من قبل بعض الشخصيات السياسية الى طريق مسدود، بعد ان وجدت نفسها محاصرة من قبل الاتجاه الجمعي العام في ضرورة الوحدة ورص الصف.

و قلل بيان المفوضية العليا لحقوق الإنسان، وتصريحات المسؤولين في محافظة بابل، من خطوات الايغال في التحريض الطائفي.

بل ان أطرافا سنية تعاملت مع الحادث بواقعية ومسؤولية مثل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الذي دعا شيوخ الرمادي، الخميس، الى تجاهل الاصوات النشاز التي تتاجر باسم المكون سياسيا وانتخابيا.

وقال الحلبوسي: “لا تسمعوا للأصوات النشاز التي تتاجر بكم وباسم المكون سياسيا وانتخابيا، هم نفسهم من تاجروا بكم في 2013 و2014 واستلموا أموال خارجية باسمكم، وهم نفسهم من استغلوا معاناة النازحين ونهبوا الأموال باسمهم”، مؤكدا: “كلما اقتربت الانتخابات ستسمعون المزيد من هذه الأصوات النشاز”.

وقال عباس الخفاجي من أهالي بابل لـ”المسلة” ان البعض يريد ان يعيد أجواء الفتنة الطائفية في الأعوام الماضية، وان البعض يحرض بنفس طريقة داعش في الكراهية”.

وبحسب المصادر الفنية ذات الصلة بالحادث فان الجثث تعود لأشخاص مجهولي الهوية ومن غير الممكن نسبتهم إلى مكون محدد.

وعلى النقيض من موقف الحلبوسي، الداعي الى التعامل مع الملف بوطنية، قال النائب عن محافظة الأنبار عبد الله الخربيط، ان هناك مساعي للمكون السني للجوء إلى المجتمع الدولي، على خلفية العثور على جثث مجهولة الهوية في منطقة جرف الصخر شمال بابل.

ولا يُعرف بالتحديد، كيف يمكن لمكون طائفي معين اللجوء الى المجتمع الدولي، ولماذا لم يلجأ النائب الى مؤسسات الدولة العراقية، في التعامل مع هذه القضية الحساسة.

وعلى غرار الخربيط، فان القيادي في تحالف القرار أثيل النجيفي، يعيب على رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، اعتباره الحادث “ليس طائفياً”.

وفي الوقت الذي كثرت فيه التصريحات المحرضة، فان أحدا من أصحابها لم يجرأ على زيارة محافظة بابل للاطلاع على الحقيقة، فيما بدا واضحا ان بعض القوى والشخصيات السياسية لم تتعظ من سنوات الجمر الطائفي، وتسعى الى نفخ رمادها في المحافظات الشمالية والغربية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here