شبهة وهابية باليةقول الامام علي ع دعوني والتمسوا غيري يبطل مذهب الشيعة،

نعيم الهاشمي الخفاجي

يوميا اطلع على هراء بهائم بشرية لهم عيون لا يبصرون بها ولهم آذان لايسمعون بها تراهم يرددون شبهات وغاية هؤلاء من طرح المغالطات للتغطية على انحرافهم العقائدي وبطلان مذاهبهم المبتدعة التي صنعتها السياسة ضد مذهب ال البيت ع
يقول أحد شاربي ابوال الحمير
يروي صاحب كتاب ( نهج البلاغة ) ـ وهو كتاب معتمد عند الشيعة ـ أن عليًا رضي الله عنه استعفى من الخلافة وقال: «دعوني والتمسوا غيري»! وهذا يدل على بطلان مذهب الشيعة، إذ كيف يستعفي منها، وتنصيبه إمامًا وخليفة أمر فرض من الله لازم ـ عندكم ـ كان يطالب به أبابكر ـ كما تزعمون ـ؟!

هههههههه أن شر البلية مايضحك، علي بن ابي طالب ع في كل مواقفه كان يطالب بحقه في زعامة الأمة وخطبه وأقواله سواء في نهج البلاغة أو في كتب السنة تثبت بمطالبته لحقه الطبيعي في قيادة الامة، وقوله لجموع الجماهير الزاحفة من صحابة رسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم بعد قتل الجماهير الغاضبة للخليفة عثمان بن عفان كان من باب القاء الحجة حيث قال لهم دعوني والتمسوا غيري حتى لاتكون حجة لاي شخص بالقول إن بيعة الامام علي ع كانت فلته مثل وصف عمر بن الخطاب لبيعة أبي بكر في انقلاب سقيفة بني ساعدة في الفلته وقى الله شرها المسلمون

بيعة أبي بكر كانت فلتة

أخرج البخاري في صحيحه، وأحمد في مسنده، والحميدي والموصلي في الجمع بين الصحيحين وابن أبي شيبة في المصنف وغيرهم عن ابن عباس في حديث طويل أسموه بحديث السقيفة، قال فيه عمر: إنما كانت بيعة أبي بكر فَلْتَة وتمَّت، ألا وإنها قد كانت كذلك، ولكن الله وقى شرَّها… مَن بايع رجلاً عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايَع هو ولا الذي بايعَه تغرَّة أن يُقتَلا(1) .

وفي رواية أخرى: ألا إن بيعة أبي بكر كانت فلتة، وقى الله المؤمنين شرَّها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه.

وذكر هذا الحديث من علماء أهل السنة: السيوطي في تاريخ الخلفاء، وابن كثير في البداية والنهاية، وابن هشام في السيرة النبوية، وابن الأثير في الكامل، والطبري في الرياض النضرة، والدهلوي في مختصر التحفة الاثني عشرية، وغيرهم(2) .

تأملات في الحديث:

قول عمر: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة.

قال ابن منظور في لسان العرب: يقال: كان ذلك الأمر فلتة، أي فجأة إذا لم يكن عن تدبّر ولا تروّ، والفلتة: الأمر يقع من غير إحكام(3) .

وقال ابن الأثير في تفسير ذلك: أراد بالفلتة الفجأة… والفلتة كل شيء

____________

(1) صحيح البخاري 8|210 الحدود، باب رجم الحبلى من الزنا، 4|2130 ح 6830. مسند أحمد بن حنبل 1|323 ح 391. الجمع بن الصحيحين للحميدي 1|104. الجمع بين الصحيحين للموصلي 1|260. المصنف 7|431 ح 37031، 37032.

(2) تاريخ الخلفاء، ص 51. البداية والنهاية 5|215. السيرة النبوية 4|657. الكامل في التاريخ 2|326. الرياض النضرة 1| 233. مختصر التحفة الاثني عشرية، ص 243.

(3) لسان العرب 2|67.

الصفحة 53
فُعل من غير روية(1) .

وقال المحب الطبري: الفلتة: ما وقع عاجلاً من غير تروٍّ ولا تدبير في الأمر ولا احتيال فيه، وكذلك كانت بيعة أبي بكر رضي الله عنه، كأنهم استعجلوا خوف الفتنة، وإنما قال عمر ذلك لأن مثلها من الوقائع العظيمة التي ينبغي للعقلاء التروي في عقدها لعظم المتعلق بها، فلا تبرم فلتة من غير اجتماع أهل العقد والحل من كل قاصٍ ودانٍ، لتطيب الأنفس، ولا تَحمل من لم يُدْعَ إليها نفسُه على المخالفة والمنازعة وإرادة الفتنة، ولا سيما أشراف الناس وسادات العرب، فلما وقعت بيعة أبي بكر على خلاف ذلك قال عمر ما قال. ثم إن الله وقى شرَّها، فإن المعهود في وقوع مثلها في الوجود كثرة الفتن، ووقوع العداوة والإحن، فلذلك قال عمر: وقى الله شرَّها(2) .

أقول:

إذا كانت بيعة أبي بكر فلتة، قد وقعت بلا تدبير ولا تروّ، ومن غير مشورة أهل الحل والعقد، فهذا يدل على أنها لم تكن بنص من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لا نص صريح كما ادّعاه بعض علماء أهل السنة، ولا نص خفي وإشارة مُفهِمة كما ادّعاه بعض آخر، لأن بيعته لو كانت مأموراً بها تصريحاً أو تلميحاً من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لَكانت بتدبير، ولَما كان للتروي ومشاورة الناس فيها مجال بعد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بها.

ثم إن وصف هذه البيعة بالفلتة مشعر بأن أبا بكر لم يكن أفضل صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنَّ كل ما رووه بعد ذلك في أفضليته على سائر الصحابة إنما اختُلق لتصحيح خلافته وخلافة مَن جاء بعده، ولصرف النظر عن أحقيَّة غيره، وإلا لو كانت أفضليّته معلومة عند الناس بالأحاديث الكثيرة التي رووها في ذلك، لَما كان صحيحاً أن تُوصف بيعة أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنهاوقعت بلا تروّ وتدبير، لأن التروي والتدبير إنما يُطلَبان للوصول إلى

____________

(1) النهاية في غريب الحديث 3|467.

(2) الرياض النضرة 1|237.

الصفحة 54
بيعة الأفضل لا لأمر آخر، فإذا تحققت هذه البيعة فلا موضوعية للتروي أصلاً.

وقول عمر: «إلا أن الله وقى شرّها» يدل على أن تلك البيعة فيها شرّ، وأنه من غير البعيد أن تقع بسببها فتنة، إلا أن الله سبحانه وقى المسلمين شرَّها.

والشرّ الذي وقى الله هذه الأمة منه هو الاختلاف والنزاع، وإن كان قد وقع النزاع والشجار في سقيفة بني ساعدة، وخالف أمير المؤمنين عليه السلام وأصحاب فامتنعوا عن البيعة كما مرَّ البيان، لكن هذا الخلاف لم يُشهر فيه سيف، ولم يُسفك فيه دم.

إلا أن فتنة الخلاف في الخلافة باقية إلى اليوم، وما افتراق المسلمين إلى شيعة وسُنّة إلا بسبب ذلك.

ومَن يتتبَّع حوادث الصدر الأول يجد أن الظروف التاريخية ساعدت أبا بكر وعمر على تولّي الأمر واستتبابه لهما، مع عدم أولويتهما بالأمر واستحقاقهما له، وذلك يتَّضح بأمور:

1 ـ إن انشغال أمير المؤمنين عليه السلام وبني هاشم بتجهيز النبي صلى الله عليه وآله وسلم حال دون ذهابه إلى السقيفة، واحتجاجه على القوم بما هو حقّه. كما أن غفلة عامة المهاجرين وباقي الأنصار عما تمالأ عليه القوم في السقيفة، وحضور أبي بكر وعمر وأبي عبيدة دون غيرهم من المهاجرين، جَعَل الحجّة لهم على الأنصار، إذ احتجوا عليهم بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: الأئمة من قريش.

ولأنه لم يكن من قريش في السقيفة غيرهم، فالخلافة لا بد حينئذ من أن تنحصر فيهم، لأن القوم كانوا عقدوا العزم على اختيار خليفة من بين مَن حضروا في السقيفة، لا يثنيهم عن ذلك شيء.

وقد سارع في تحقّق البيعة لأبي بكر ما كان بين الأوس والخزرج من المشاحنات المعروفة، وما كان بين الخزرج أنفسهم من الحسد، ولذلك بادر

الصفحة 55
بشير بن سعد(1) فبايع أبا بكر.

فقال له الحباب بن المنذر(2) : يا بشير بن سعد، عقَقْتَ عقاق، ما أحوجك إلى ما صنعت ؟ أنفستَ على ابن عمك الإمارة ؟(3)

قال الطبري في تاريخه، وابن الأثير في الكامل: ولما رأت الأوس ما صنع بشير بن سعد، وما تدعو إليه قريش، وما تطلب الخزرج من تأمير سعد بن عبادة، قال بعضهم لبعض، وفيهم أسيد بن حضير، وكان أحد النقباء: والله لئن وَلِيَتْها الخزرج عليكم مرة، لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة، ولا جعلوا لكم معهم نصيباً، فقوموا فبايعوا أبا بكر. فقاموا إليه فبايعوه، فانكسر على سعد بن عبادة وعلى الخزرج ما كانوا أجمعوا له من أمرهم(4) .

فكان نظر أبي بكر وعمر أن الخلافة لا يصح أن تكون إلا في قريش، وكان لا بد من الإسراع في بيعة رجل من قريش لئلا تُجعل في غيرهم.

قال المحب الطبري: وخشي ـ يعني أبا بكر ـ أن يخرج الأمر عن قريش، فلا تدين العرب لمن يقوم به من غير قريش، فيتطرق الفساد إلى أمر هذه الأمة، ولم يحضر معه في السقيفة من قريش غير عمر وأبي عبيدة، فلذلك دّلَّ عليهما،

____________

(1) بشير بن سعد والد النعمان بن بشير، من الخزرج. قال ابن الاثير في اُسد الغابة 1|398: شهد بدراً وأحداً والمشاهد بعدها، يقال: إنه أول من بايع أبا بكر رضي الله عنه يوم السقيفة من الأنصار، وقتل يوم عين تمر مع خالد بن الوليد بعد انصرافه من اليمامة سنة اثنتي عشرة.

(2) هو الحباب من المنذر بن الجموح الأنصاري، من الخزرج. قال ابن الاثير في أسد الغابة 1|665: شهد بدراً وهو أبن ثلاث وثلاثين سنة… وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقال له: ذو الرأي. وهو القائل يوم السقيفة: أنا جذيلها المحكك وعُذيقها المرجب، منا أمير. وتوفي في خلافة عمر بن الخطاب.

(3) يعني أنك حسدت سعد بن عبادة أو الحباب نفسه لأنه دعا إلى نفسه، فبادرت إلى مبايعة أبي بكر، لئلا ينالها سعد أو الحباب.

(4) تاريخ الطبري 2|458. الكامل في التاريخ 2|331.

وقد أجاد عالم سني وتشيع بقول الحقيقة المرة حول أحقية الامام علي ع بمقال كتبه المثقف والشيخ الأردني المتشيع مروان خليفات كان كالتالي

وصلني من مؤمن ( حول الغدير)

الملا محمد شريف زاهدي رجل دين من اهل السنة استبصر بعد بحث معمق ومناظرات مع نظرائه من سنة وشيعة، وألف كتابا يحكي فيه قصة استبصاره سماه:” لا بد أن أتشيع “.

يقول في جنب من كتابه: كنت اناقش اساتذتي في معنى قول النبي ص في حديث الغدير: ( فهذا علي مولاه).فكانوا جميعا يصرون على معنى الحب والمودة ليس اكثر.

يقول كنت اناقش احدهم استنادا الى كتاب مشهور لدينا وهو من كتب. احد علمائنا الكبار وهو ” مولانا محمد عمر سربازي” . وبعد المناقشة الحامية لم استطع اقناع خصمي في النقاش بعدم صحة قصد النبي لمجرد معنى الحب والمودة من حديثه.وهو لم يزحزحني عن قناعتي. فلما اغلقنا الكتاب كنت محتارا: كيف اقنع هؤلاء بعدم صحة تفسيرهم للمولى. وفجأة وقع نظري على اسم صاحب الكتاب : ( مولانا محمد عمر سربازي) وعلى الفور اتصلت في نفس مجلسنا ولم نتفرق بعد، على بعض مشايخنا الكبار أسألهم عن المقصود من كلمة مولانا محمد عمر الذي هو من أكابرهم. وكل من اتصلت به يقول: انها تعني امامنا! فاسألهم: ألا تعني حبيبنا؟ فينفون ذلك ! وهنا دمغت خصومي بالحجة من أفواه مشايخهم.

وفي يوم من الايام اتصل بي احد الاصدقاء من زملاء الدراسة في معهد الدراسات الشرعية في بلوشستان. وقد اراد ان يزورني لمناقشتي بعدما سمع عن توجهاتي العقائدية الجديدة، حرصا منه على مصيري الأبدي! فخرج من بلدته ليقطع مسافة 250 كم لهذا الغرض. فجرى بيننا النقاش وتركز ايضا على معنى الموالاة والمولى. وكلما أتيته بدليل قرآني او روائي او عقلي لم يقتنع. واخيرا غادرني وهو يتأسف على حالي!

وبعد إكثر من ساعة من مغادرته اتصلت به على هاتفه وقلت له فلان لا بد ان ترجع الآن اريدك لأمر ضروري جدا. قال سامحك الله لقد قطعت اكثر من نصف الطريق واهلي بانتظاري وتريدني ارجع؟ قل ماعندك الآن على الهاتف. قلت لا يمكن ذلك لا بد من حضورك. وبعد إصراري رجع الي متذمرا. فلما وصل، قال: هات ماعندك ماهو الامر الضروري الذي من أجله أرجعتني من مسافة بعيدة في هذا الوقت الحرج؟

قلت: أردت فقط اخبارك انني احبك وأودك. فصعق الرجل وغضب وقال: اما انك مجنون او انك تريد ايذائي. ماهذا التصرف الأرعن! وهنا اقتنصت الفرصة لأقول. اني ارجعت واحدا فقط وتتهمني بالجنون او الايذاء! ونبي الرحمة يرجع عشرات الالوف من الناس بعد قطعهم مسافات طويلة وفي تلك الظروف القاسية لمجرد ان يخبرهم بحبه لعلي ع. أفلا ترى ان المسلمين الذين تكبدوا ذلك العناء. يمكن ان يشكوا في عقلانية النبي ص!؟

هنا ذُهل صاحبي وسكت وتبدل غضبه الى حالة من الضحك اللا متوازن وقد أحس كم أن اصرارهم على ذلك التأويل الفاسد يبعث فعلا على المسخرة والاستهزاء بالعقول.

الحمد لله الذي جعلنا من المتمسكين بولاية مولانا أمير المؤمنين عليه السلام.
انتهى مقال الاخ مروان خليفات، محاولة الوهابية إثارة شبهات غايتهم صناعة أسلوب حوار المغالطة للتغطية على حقيقة أحقية مذهب ال البيت ع وظلالة معتقد الوهابية المعادي الى ال البيت ع واشياعهم

الشبهة الثانية التي أثارها شارب بول البعير بالقول
يزعم الشيعة أن فاطمة رضي الله عنها بَضْعة المصطفى صلى الله عليه وسلم قد أهينت في زمن أبي بكر رضي الله عنه وكسر ضلعها، وهمّ بحرق بيتها وإسقاط جنينها الذي أسموه المحسن!
والسؤال : أين علي رضي الله عنه عن هذا كله؟! ولماذا لم يأخذ بحقها، وهو الشجاع الكرار؟

وكتب الشيخ السويدي البغدادي الرد التالي ومن مصادر السنة فقط

مِنْ الأُمُورِ الوَاضِحَةِ وَالثَّابِتَةِ فِي مَصَادِرِ الفَرِيقَيْنِ هِيَ تِلْكَ المَظْلُوميَّةُ الكُبْرَى الَّتِي تَعَرَّضَتْ لَهَا بَضْعَةُ المُصْطَفَى فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) مِنْ قِبَلِ تَيَّارِ السَّقِيفَةِ، حَتَّى صَرَّحَ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بِشِكْلٍ وَاضِحٍ وَصَرِيحٍ بِأَنَّ الزَّهْرَاءَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) قَدْ غَضِبَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى مَاتَتْ.

أَخْرَجَ البُخَارِيُّ [ ج4 ص 42 ]: عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ سَأَلَتْ أبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ (ص) أنْ يُقَسِّمَ لَهَا مِيرَاثَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ (ص) مِمَّا أفاءَ اللهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: إنَّ رَسُولَ اللهِ (ص) قَالَ: لَا نُوَرِّثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةً، فَغَضِبَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ (ص) فَهَجَرَتْ أبَا بَكْرٍ فَلَمْ تَزْلْ مُهَاجِرَتَهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ. انْتَهَى.

وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهَا هَجَرَتْ الشَّيْخَيْنِ مَعًا وَلَمْ تُكَلِّمْهُمَا.

جَاءَ فِي صَحِيحِ التِّرْمِذِيِّ: أَنَّ فَاطِمَةَ جَاءَتْ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ تَسْأَلُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ (ص)، فَقَالَا: سَمِعْنَا رَسُولَ اللهِ (ص) يَقُولُ: إِنَّي لَا أُوَرِّثُ. قَالَتْ: وَاللهِ لَا أُكَلِّمُكُمَا أَبَدًا، فَمَاتَتْ، وَلَمْ تُكَلِّمْهُمَا. الرَّاوِي: أَبُو هُرَيْرَةَ – خُلَاصَةُ الدَّرَجَةِ: صَحِيحُ – المُحَدِّث: الأَلْبَانِيِّ – المُصْدَرُ: صَحِيحُ التَّرْمِذِيِّ، – الصَّفْحَةُ أَوْ الرَّقْمُ: 16.

وَدَعْوَى أَنَّ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) رَضِيَتْ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِيمَا يَرْوِيهِ البَيهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ مُرْسَلِ الشُّعْبِيِّ مَرْدُودَةٌ; لِأَنَّ المُرْسَلَ هُوَ فِي الأَصْلِ قَدْ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي حُجِّيَّتِه اخْتِلَافًا شَدِيدًا، وَالأَكْثَرُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الإحْتِجَاجِ بِهِ، فَكَيْفَ بِمَا نَصَّ العُلَمَاءُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنْفُسِهِمْ عَلَى أَنَّ مَرَاسِيلَهُ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ أَوْ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ.

جَاءَ فِي التَّمْهِيدِ – لِابْنِ عَبْدِ البَرِّ – ج 22: 320 – مَا نَصُّهُ: “ومَرَاسِيلُ الشَّعْبِيِّ لَيْسَتْ عِنْدَهُمْ بِشَيْءٍ”. انْتَهَى.

وَجَاءَ عَنْ القَسطَلَانِي – إِرْشَادُ السَّارِيِ 6: 475 – مَا نَصُّهُ: “وَأَمَّا مَرَاسِيلُ الشُّعْبِيِّ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ مُطْلَقًا لَا سِيَّمَا مَا عَارَضَهُ الصَّحِيحُ”. انْتَهَى.

وَهُنَا فِي مَوْرِدِنَا قَدْ عَارَضَ مُرْسَلَ الشُّعْبِيِّ الظَّاهِرُ مِنْ صَحِيحِ البُخَارِيِّ النَّافِي لِرِضَى الزَّهْرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُطْلَقًا حَتَّى المَمَاتِ.

تَقُولُ: وَلَكِنَّ العَجلِيَّ قَالَ فِي كِتَابِهِ (الثُّقَات): “وَمُرْسَلُ الشُّعْبِيِّ صَحِيحٌ لَا يَكَادُ يُرْسِلُ إِلَّا صَحِيحًا صَحِيحًا.

نَقُولُ: وَمَنْ هُوَ العَجلِيُّ حَتَّى يُحْتَجَّ بِهِ.. فَهُوَ لَا يُعْتَدُ بِتَوْثِيقَاتِهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنْفُسِهِمْ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ.

قَالَ الأَلْبَانِيُّ فِي إروَاءِ الغَلِيلِ – ج 5 – ص 288 – 289:

“وَثَّقَهُ العَجلِيُّ”! قُلْتُ: وَهُوَ مِنْ المَعْرُوفِينَ بِالتَّسَاهُلِ فِي التَّوْثِيقِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَتَبَنَّ الحَافِظُ تَوْثِيقَهُ . انْتَهَى.

وَالمُرَادُ بِالحَافِظِ ابْنُ حَجَرٍ.

وَجَاءَ فِي “تَمَامِ المِنَّةِ”- لِلأَلْبَانِيِّ أَيْضًا – ص 400 – 401:

” وَقَدْ وَثَّقَهُ العَجلِيُّ”. قُلْتُ: تَوْثِيقُ العَجلِيُّ فِي مَنْزِلَةِ تَوْثِيقِ ابْنِ حَبَّانَ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْتَمِدْهُ هَهُنَا الذَّهَبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ المُحَقِّقِينَ”. انْتَهَى.

فَهَذِهِ شَهَادَةُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ المُتَقَدِّمِينَ وَالمُتَأَخِّرِينَ: ابْنُ حَجَرٍ وَالذَّهَبِيُّ وَالأَلْبَانِيُّ عَلَى عَدَمِ الأَخْذِ بِتَوْثِيقَاتِ العَجلِيِّ، فَكَيْفَ يَكُونُ كَلَامُهُ مَقْبُولًا عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِ السُّنَّةِ؟!!!

وَلَوْ سَلَّمَنَا الأَخْذَ بِقَوْلِهِ فِي خُصُوصِ مَرَاسِيلِ الشُّعْبِيِّ فَسَيَكُونُ عِنْدَنَا تَعَارُضٌ مُسْتَقِرٌّ بَيْنَ الأَقْوَالِ فِي مَرَاسِيلِ الشُّعْبِيِّ، فَوَاحِدٌ مِنْهُمْ يَقُولُ: هِيَ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ مُطْلَقًا (كَابْنِ عَبْدِ البَرِّ والقَسطَلَانِي(، وَآخَرُ يَقُولُ: هِيَ حُجَّةٌ (كَالعَجلِيِّ)، وَعِنْدَ التَّعَارُضِ بَيْنَ السَّلْبِ وَالإِيجَابِ فِي الأَقْوَالِ يُصَارُ إِلَى التَّسَاقُطِ، وَيَبْقَى حَدِيثُ البُخَارِيِّ عَلَى ظَاهِرِهِ لَا مَعَارِضَ لَهُ، وَظَاهِرُهُ يُفِيدُ غَضَبَ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعَدَمَ رِضَاهَا عَنْهُ حَتَّى المَمَاتِ.

قَالَ الخَطِيبُ التَّبرِيزِيُّ فِي كِتَابِهِ “الإِكْمَالِ فِي أَسْمَاءِ الرِّجَالِ” عِنْدَ تَرْجُمَتِهِ للشُّعْبيِّ، ص 207:” وَمِنْ مَرَاسِيلِهِ: مَا رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ (8 / 27) والبَيهَقِي (6 / 301)، وَعَنْهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي )تَارِيخهِ) (6 / 338)، وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ نُمَيرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ عَامِرٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ حِينَ مَرِضَتْ، فَاسْتَأْذَنَ فَقَالَ عَلِيٌّ: هَذَا أَبُو بَكْرٍ عَلَى البَابِ، فَإِنْ شِئْتِ أَنْ تَأْذَنِي لَهُ؟ قَالَتْ: وَذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَدَخَلَ عَلَيْهَا وَاعْتَذَرَ إِلَيْهَا وَكَلَّمَهَا فَرْضِيَتْ عَنْهُ.

وَالخَبَرُ مُرْسَلٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ ضَعْفٌ لِأَنَّهُ مُعَارِضٌ للصَّحِيحِ، وَقَدْ أُخْرَجَ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مُتَّصِلٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ إِنَّ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ غَضِبَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ إِلَى أَنْ مَاتَتْ وَلَمْ تَرْضَ عَنْهُ، وَقَدْ ثَبَتَ بِالأُصُولِ أَنَّ الحَدِيثَ الصَّحِيحَ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ مُخَالَفَةُ الضَّعِيفِ”. انْتَهَى.

وَأَمَّا بَقِيَّةُ المَظَالِمِ مِنْ الهُجُومِ عَلَى بَيْتِهَا وَحَرْقِ دَارِهَا وَإِسْقَاطِ جَنِينِهَا وَكَسْرِ ضِلْعِهَا فَهِيَ ثَابِتَةٌ بِمَصَادِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنْفُسِهِمْ أَيْضًا:

أَ – حَادِثَةُ الهُجُومِ عَلَى بَيْتِ عَلِيٍّ وَالزَّهْرَاءِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): رَوَى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ – بِإسْنَادٍ جَيِّدٍ – عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ رِجَالًا مِنْ المُهَاجِرِينَ غَضِبُوا فِي بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ، مِنْهُمْ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ، فَدَخَلَا بَيتَ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وَمَعَهُمَا السِّلَاحُ، فَجَاءَهُمَا عَمَرُ بْنُ الخَطَّابِ فِي عِصَابَةٍ مِنْ المُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فِيهِمْ أَسيدُ بْنُ حضير، وَسَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقشٍ الأشهليان وَثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الخَزْرَجِي، فَكَلَّمُوهُمَا حَتَّى أَخَذَ أَحَدُهُمْ سَيْفَ الزُّبَيْرِ فَضَرَبَ بِهِ الحَجَرَ حَتَّى كَسَرَهُ… (الرِّوَايَة).. انْظُرْ (سُبُلَ الهُدَى وَالرَّشَادِ 12: 317، الرِّيَاضُ النَّضِرَةُ 1: 317، تَارِيخُ الخَمِيسِ: 2: 169).

وَعَنْ الخَطِيبِ التَّبرِيزِي فِي “الإِكْمَالُ فِي أَسْمَاءِ الرِّجَالِ “ص4 قَالَ: وَزَادَ ابْنُ أَبِي الحَدِيدِ مِنْ شَرْحِهِ: فَصَاحَتْ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ وَنَاشَدَتْهُمْ اللهَ، فَأَخَذُوا سَيْفَيْ عَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ فَضَرَبُوا بِهِمَا الجِدَارَ حَتَّى كَسَرُوهُمَا. قَالَ التَّبرِيزِي: وَلَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شِيْبَةَ وَابْنِ جَرِيرٍ وَالطَّبَرِيِّ يَأْتِي فِي تَرْجُمَةِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. (شَرْحُ النَّهْجِ لِابْنِ أَبِي الحَدِيدِ 2: 50).

وَعِنْدَ العَوْدَةِ إِلَى تَرْجَمَةِ زَيْدِ بْنِ أُسْلَمَ مِنْ “الإِكْمَالِ” ص 195 تَجِدُهُ يَذْكُرُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ: “قَالَ مَالِكٌ: عَنْ زَيْدِ بْنِ أُسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ دَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ يُحَبِّذُ لِسَانَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: غَفَرَ اللهُ لَكَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: (إِنَّ هَذَا أَوْرَدَنِي المَوَارِدَ (وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: (هَاه إِنَّ هَذَا أَوْرَدَنِي المَوَارِدَ)، وَالخَبَرُ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي (المَوْطأ 2: 988، كِتَابُ الأَحْكَامِ)، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي (المُصَنَّفِ، 14: 568، 9: 66)، وَأَبُو يَعْلَى فِي المَسْنَدِ 1: 36 “). انْتَهَى.

وَهَذَا الخَبَرُ الصَّحِيحُ الَّذِي ذَكَرَهُ الخَطِيبُ التَّبرِيزِي وَعَدَّهُ شَاهِدًا لِمَا رَوَاهُ ابْنُ عُقْبَةَ، وَزَادَ فِيهِ ابْنُ أَبِي الحَدِيدِ المُعْتزِلِي بِعِبَارَةٍ صَرِيحَةٍ لَيْسَ هُوَ إِلَّا اللِّسَانُ الثَّانِي لَمَّا رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ – بِسَنَدٍ حَسَنٍ – أَنَّهُ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: ((أَمَّا أَنَّي لَا آسَى عَلَى شَيْءٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا عَلَى ثَلَاثَةٍ فَعْلَتُهُنَّ، وَوَدِدْتُ أَنَّي لَمْ أَفْعَلْهُنَّ (ثُمَّ ذَكَرَ) فَوَدِدْتُ أَنَّي لَمْ أَكْشِفْ عَنْ بَيْتِ فَاطِمَةَ وَتَرَكْتُهُ وَلَوْ أُغْلَقَ عَلَى حَرْب)).

أَنْظُرُ: (المُعْجَمُ الكَبِيرُ للطبراني 1: 62، الأَحَادِيثُ المُخْتَارَةُ 1: 89 وَقَالَ عَنْهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ، كَنْزُ العُمَّالِ 5: 632 يَنْقُلُهُ عَنْ ابْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ “الأَمْوَالِ” وخَيثَمةَ بْنِ سُلَيْمَانَ الأطرَابلسِي فِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، وَعَنْ الطَّبرَانيِّ فِي الكَبِيرِ وَابْنِ عَسَاكِرَ وَعَنْ الضِّيَاءِ المُقَدَّسِ صَاحِبِ المُخْتَارَةِ تَارِيخُ دِمَشْقَ 3: 422. تَارِيخُ الإِسْلَامِ للذَّهَبيِّ 3: 117، 118 جَامِعُ المَسَانِيدِ وَالسُّنَنِ لِابْنِ كَثِيرٍ 65:17).

وَأَيْضًا رَوَى الحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ كَانَ مَعَ عُمَرَ وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمَةَ كَانَ مَعَهُمْ، وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَسَرَ سَيْفَ الزُّبَيْرِ.

انْظُرْ: (المُسْتَدرَكَ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ 3: 660 وَقَالَ الحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ كَمَا فِي تَلْخِيصِ المُسْتَدرَكِ، وَالبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ لِابْنِ كَثِير 5: 270 قَالَ عَنْهُ: إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ 4 :496 وَالسُّنَنُ الكُبْرَى للبَيْهَقِي 8: 152، وَتَارِيخُ الإِسْلَامِ للذَّهَبِي3: 13. وَشَرْحُ نَهْجِ البَلَاغَةِ للمُعتَزِلِي 6: 48 يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الجَوْهَرِيِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ).

بِ – التَّهْدِيدُ بِالإِحْرَاقِ. بَلْ حُصُولُ الإِحْرَاقِ بِالفِعْلِ.

وَأَمَّا حَادِثَةُ التَّهْدِيدِ بِإِحْرَاقِ بَيتِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) بِسَبَبِ تَخَلُّفِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ، بَلْ حُصُولُ الإِحْرَاقِ بِالفِعْلِ، فَقَدْ رَوْاهَا سَدَنَةُ التَّارِيخِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَمْثَالُ الطَّبَرِيِّ والبلَاذرِيِّ والمَسْعُودِيِّ وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ والشَّهْرِستَانِي وَابْنِ عَبْدِ رَبُّه الأَنْدُلُسِيِّ وَأَبِي الفِدَاءِ وَابْنِ قُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَإِلَيْكَ النُّصُوصُ:

1 – رَوَى الطَّبَرِيُّ – الَّذِي وَصَفَهُ ابْنُ الأثِيرِ فِي كَامِلِهِ 1: 7 بِأَنَّهُ الإِمَامُ المُتْقِنُ حَقًّا الجَامِعُ عِلْمًا وَصِحَّةً وَاعْتِقَادًا وَصِدْقًا – بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثُقَاتٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ كُلَيبٍ قَالَ: أَتَى عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ مَنْزِلَ عَلِيٍّ وَفِيهِ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَرِجَالٌ مِنْ المُهَاجِرِينَ فَقَالَ: وَاللهِ لَأَحْرِقَنَّ عَلَيْكُمْ أَوْ لِتَخْرُجَنَّ إِلَى البَيْعَةِ. (المَصْدَرُ 2: 443 طَبْعَةُ مُؤَسَّسَةِ الأعلَمِي، وَقَدْ ذَكَرَ فِي صَدْرِ الطَّبْعَةِ أَنَّ هَذِهِ الطَّبْعَةَ قُوبِلَتْ عَلَى النِّسْخَةِ المَطْبُوعَةِ بِمَطْبَعَةِ بْرَيْل بِمَدِينَةِ لنْدن فِي سَنَةِ 1879 م).

2 – رَوَى البلَاذرِيُّ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثُقَاتٌ عَنْ ابْنِ عوان أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَرْسَلَ إِلَى عَلِيٍّ يُرِيدُ البَيْعَةَ، فَلَمْ يُبَايِعْ، فَجَاءَ عُمَرُ وَمَعَهُ فَتِيلَةٌ (قَبَسَ خِ) فَتَلَقَّتْهُ فَاطِمَةُ عَلَى البَابِ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا بْنَ الخَطَّابِ! أَتُرَاكَ مُحْرِقًا عَلَيَّ بَابِي؟! قَالَ: نَعَمْ، وَذَلِكَ أَقْوَى فِيمَا جَاءَ بِهِ أَبُوكِ (أنْسَابُ الأَشْرَافِ 2: 268 ط دَارُ الفِكْرِ).

3 – وَعَنْ المَسعُودِيِّ فِي (مُرُوجِ الذَّهَبِ)، قَالَ: حَدَّثَ النَّوفَلِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي الأَخْبَارِ، عَنْ ابْنِ عَائِشَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يَعْذِرُ أَخَاهُ إِذَا جَرَى ذِكْرُ بَنِي هَاشِمٍ وَحَصْرُهُ إِيَّاهُمْ فِي الشِّعْبِ وَجَمْعُهُ لَهُمْ الحَطَبَ لتَحْرِيقِهِمْ، وَيَقُولُ: إِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ إِرْهَابَهُمْ لِيَدْخُلُوا فِي طَاعَتِهِ إِذْ هُمْ أَبَوَا البَيْعَةَ فِيمَا سَلَفَ.

قَالَ المَسْعُودِيُّ: وَهَذَا خَبَرٌ لَا يُحْتَمَلُ ذِكْرُهُ هُنَا، وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى ذِكْرِهِ فِي كِتَابِنَا فِي مَنَاقِبِ أَهْلِ البَيْتِ وَأَخْبَارِهِمْ المُتَرْجَمِ بِكُتُبِ “حَدَائِقِ الأَذْهَانِ”. (المَصْدَرُ 3: 87(.

4 – رَوَى عُثمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثُقَاتٌ عَنْ أَسْلَمَ: أنَّهُ حِينَ بُويِعَ لِأَبِي بَكْرٍ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، وَكَانَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ يَدْخُلُونَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وَيُشَاوِرُونَهَا وَيَرْتَجِعُونَ فِي أَمْرِهِمْ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ خَرَجَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ فَقَالَ: يَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، وَاللهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أحْبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَبِيكِ، وَمَا مِنْ أَحَدٍ أحْبُّ إِلَيْنَا بَعْدَ أَبِيكِ مِنْكِ، وأيْمُ اللهِ مَا ذَاكَ بِمَانِعِي إِنْ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ عِنْدَكِ، إِنْ أَمَرْتُهُمْ أَنْ يُحْرَقَ عَلَيْهِمْ البَيْتُ (الرِّوَايَةَ ) (المُصَنِّفُ 8: 572).

وَلَسْنَا هُنَا فِي مَقَامِ مُنَاقَشَةِ دَعْوَى المَحَبَّةِ هَذِهِ، وَكَيْفَ تَرَاهَا اتَّفَقْتَ مَعَ الحِلْفِ وَالعَزْمِ عَلَى إِحْرَاقِ الدَّارِ بِمَنْ فِيهَا!!

وَأَيْضًا لَسْنَا فِي مَقَامِ المُسَوِّغِ الشَّرْعِيِّ بِاخْتِيَارِ فِعْلِ الإِحْرَاقِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الأَفْعَالِ كَالاِعْتِقَالِ والمُحَاجَجَةِ أَوْ الحَبْسِ.

إِنَّنَا لَسْنَا فِي صَدَدِ ذَلِكَ كُلِّهُ، وَإِنَّمَا نَحْنُ فَقَطْ بِصَدَدِ إِثْبَاتِ الإعْتِرَافِ بِصُدُورِ هَذَا المَضْمُونِ مِنْ الجِنَايَةِ فِي حَقِّ الزَّهْرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) مِنْ قِبَلِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ وَبِتَوْجِيهٍ مِنْ الخَلِيفَةِ أَبِي بَكْرٍ.

5 – وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ رَبُّه الأَنْدُلُسِيُّ فِي كِتَابِهِ “العَقْدِ أَلْفَرِيدِ” قَالَ: الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَلَى بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ: عَلِيٌّ وَالعَبَّاسُ وَالزُّبَيْرُ فَقَعَدُوا فِي بَيتِ فَاطِمَةَ، حَتَّى بَعَثَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ لِيُخْرِجَهُمْ مِنْ بَيتِ فَاطِمَةَ وَقَالَ لَهُ: إِنْ أَبَوا فَقَاتِلْهُمْ. فَأَقْبَلَ يَقْبَسُ مِنْ نَارٍ عَلَى أَنَّ يُضْرِمَ عَلَيْهِمْ الدَّارَ فَلَقِيَتْهُ فَاطِمَةُ فَقَالَتْ: يَا بْنَ الخَطَّابِ! أَجِئْتَ لِتُحْرِقَ دَارَنَا؟! قَالَ: نَعَمْ. (المَصْدَرُ 4: 242 ط دَارُ الكِتَابِ العَرَبِيِّ) و(4: 259 ط مَكْتَبَةُ النَّهْضَةِ المِصْرِيَّةِ). وَأَيْضًا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الفِدَاءِ فِي (تَارِيخِهِ 1: 156 (وَمِنْ المُعَاصِرِينَ عُمَرُ رِضَا كَحَالَة فِي (أَعْلَامِ النِّسَاءِ 4: 115 – 116). وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ البَكَرِيُّ فِي (حَيَاةِ الخَلِيفَةِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ: 118).

ج – الرِّوَايَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى كَسْرِ الضِّلْعِ:

رَوَى الحَموينِي الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ الأَكْرَمِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ، قَالَ: ((… وَأَمَّا ابْنَتِي فَاطِمَةُ فَإِنَّهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ العَالَمِينَ، مِنْ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، وَهِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَهِيَ نُورُ عَيْنِي، وَهِيَ ثَمَرَةُ فُؤَادِي… وَإِنَّي لَمَّا رَأَيْتُهَا ذَكَرْتُ مَا يُصْنَعُ بِهَا بَعْدِي، كَأنِّي بِهَا وَقَدْ دَخَلَ الذِّلُّ بَيْتَهَا، وَانْتُهِكَتْ حُرْمَتُهَا، وَغُصِبَ حَقُّهَا، وَمُنِعَتْ إِرْثَهَا، وَكُسِرَ جَنْبُهَا، وَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا… (الرِّوَايَةُ) (فَرَائِدُ السِّمطَينِ 2: 36) وَرَوْاهَا أَيْضًا بِسَنَدٍ مُعْتَبَرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الشَّيْخُ الصَّدُوقُ فِي أمَاليِّهِ: 99 101).

نَقُولُ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ الَّتِي رَوْاهَا أَحَدُ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ، تَكْفِينَا فِي المَقَامِ فِي إِثْبَاتِ وُقُوعِ حَادِثَةِ كَسْرِ الضِّلْعِ إِذَا ضَمَمْنَا إِلَى ذَلِكَ تَوَاتُرَ ذِكْرِهَا فِي كُتُبِ الشِّيعَةِ. وَفِي هَذَا المَعْنَى يَقُولُ العَلَّامَةُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ حُسَيْنٌ كَاشِفُ الغِطَاءِ: ((طَفَحَتْ وَاسْتَفَاضَتْ كُتُبُ الشِّيعَةِ مِنْ صَدْرِ الإِسْلَامِ وَالقَرْنِ الأَوَّلِ، مِثْلُ كِتَابِ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، وَمِنْ بَعْدِهِ إِلَى القَرْنِ الحَادِيِ عَشَرَ وَمَا بَعْدَهُ، بَلْ وَإِلَى يَوْمِنَا هَذَا، كُلُّ كُتُبِ الشِّيعَةِ الَّتِي عُنِيَتْ بِأَحْوَالِ الأَئِمَّةِ، وَأَبِيهِمْ الآيَةِ الكُبْرَى، وَأُمِّهِمْ الصَّدِيقَةِ الزَّهْرَاءِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَكُلُّ مَنْ تَرْجَمَ لَهُمْ، وَأَلَّفَ كِتَابًا فِيهِمْ، وَأَطْبَقَتْ كَلِمَتُهُمْ تَقْرِيبًا، أَوْ تَحْقِيقًا فِي ذِكْرِ مَصَائِبِ تِلْكَ البَضْعَةِ الطَّاهِرَةِ: أَنَّهَا بَعْدَ رِحْلَةِ أَبِيهَا المُصْطَفَى ضَرَبَ الظَّالِمُونَ وَجْهَهَا، وَلَطَمُوا خَدَّهَا، حَتَّى احْمَرَّتْ عَيْنُهَا، وَتَنَاثَرَ قُرْطُهَا، وَعُصِرَتْ بِالْبَابِ حَتَّى كُسِرَ ضِلْعُهَا، وَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا، وَمَاتَتْ عَضُدُهَا، هَذِهِ القَضَايَا والرَّزَايَا وَنَظَّمُوهَا فِي أَشْعَارِهِمْ، ومَرَاثِيهِم، وَأَرْسَلُوهَا إِرْسَالَ المُسْلِمَاتِ مِنْ الكُمَيْتِ، وَالسَّيِّدِ الحِمَيْرِي، ودِعْبِلٍ الخُزَاعِي، والنُّمَيرِي، وَالسَّلَامِي، وَدِيكِ الْجِنِّ، وَمِنْ بَعْدِهِمْ، وَمِنْ قَبْلِهِمْ إِلَى هَذَا العَصْرِ…)) (انْظُرْ: جَنَّةَ المَأْوَى 78 81).

وَعَنْ هَذِهِ الضَّابِطةِ يَقُولُ العَلَّامَةُ المُظَفَّرُ: يَكْفِي فِي ثُبُوتِ قِصَّةِ الإِحْرَاقِ رِوَايَةُ جُمْلَةٍ مِنْ عُلمَائِهِم لَهُ، بَلْ رِوَايَةُ الوَاحِدِ مِنْهُمْ لَهُ، لَا سِيَّمَا مَعَ تَوَاتُرِهِ عِنْدَ الشِّيعَةِ. (انْظُرْ: دَلَائِلَ الصِّدْقِ ج3 قسم1).

وَبِمَا أَفَادَهُ العَلَّامَةُ المُظَفَّرُ (قُدِّسَ سِرُّهُ) يُمْكِنُ إِثْبَاتُ هَذِهِ المَظلُومِيَّةِ أَيْضًا – وَنَقْصِدُ بِهَا إِسْقَاطَ الجَنِينِ -، أَيْ فِي كِفَايَةِ رِوَايَةِ جُمْلَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ لِلحَادِثَةِ، بَلْ فِي رِوَايَةِ الوَاحِدِ مِنْهُمْ لَهَا مَعَ تَوَاتُرِ أَوْ تَضَافُرِ هَذَا الأَمْرِ عِنْدَ الشِّيعَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ الشَّيْخِ كَاشِفِ الغِطَاءِ ذِكْرُهُ لِتَطَابُقِ الكَلِمَةِ عِنْدَ الشِّيعَةِ عَلَى مَظلُومِيَّةِ الزَّهْرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) بِتَفَاصِيلِهَا الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي كَلَامِهِ، بَلْ نَجِدُ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ يَنْقُلُ هَذَا التَّطَابُقَ عِنْدَ الشِّيعَةِ وَلَيْسَ إِلَى دَعْوَى عَالِمٍ أَوْ فَرْدٍ مَعَيَّنٍ مِنْ عُلَمَائِهِم: يَقُولُ المَقْدِسِيُّ: ((وُوِلِدَ مُحْسِنًا، وَهُوَ الَّذِي تَزْعُمُ الشِّيعَةُ أنَّهَا أَسْقَطَتْهُ مِنْ ضَرْبَةِ عُمَرَ))

د – مَظلُومِيَّتَها بِإِسْقَاطِ جَنِينِهَا نَتِيجَةَ الإعْتِدَاءِ عَلَى بَيْتِهَا:

الرِّوَايَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى إِسْقَاطِ الجَنِينِ:

1 – ذَكَرَ الشَّهرِستَانيٌّ فِي (المِلَلِ وَالنِّحَلِ)، والصَّفديُّ فِي (الوَافِي بِالوَفِيَّاتِ) عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ النِّظَّامِ – وَهُوَ شَيْخُ الجَاحِظِ – قَوْلُهُ: أَنَّ عُمَرَ ضَرَبَ بَطْنَ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) يَوْمَ البَيْعَةِ حَتَّى أَلْقَتْ المُحْسِنَ مِنْ بَطْنِهَا، وَكَانَ يَصِيحُ: أَحْرِقُوهَا بِمَنْ فِيهَا، وَمَا كَانَ فِي الدَّارِ غَيْرُ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ (انْظُرْ: المِلَلَ وَالنِّحَلَ 1: 77، الوَافِي بِالوَفِيَّاتِ 6: 17).

2 – ذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِهِ (المَعَارِفِ) – عَلَى مَا حَكَى عَنْهُ الحَافِظُ السَّرويُّ المَعْرُوفُ بِابْنِ شَهْرِ آشُوب فِي كِتَابِهِ (مَناقِبُ آلِ أَبِي طَالِبٍ 133:3)، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الحَافِظُ الكَنجِي الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ (كِفَايَةِ الطَّالِبِ 423): ((وَأَوْلَادُهَا الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ وَالمُحْسِنُ سَقَطَ))، وَقَالَ: ((إنَّ مُحْسِنًا فَسَدَ مِنْ زَخْمِ قُنْفُذَ العَدْوَى)).. إِلَّا أَنَّ الطَّبْعَةَ المُتَدَاوِلَةَ لِلمَعَارِفِ قَدْ حُذِفَ فِيهَا هَذَا المَقْطَعُ، وَيَكْفِينَا بِمُرَاجَعَةِ هَذَيْنِ المَصْدَرَيْنِ الشِّيعِيِّ وَالْسُّنِّيِّ فِيمَا نَقْلَاهُ عَنْ ابْنِ قُتَيْبَةَ لِنُدْرِكَ تَلَاعُبَ الأَيْدِي فِي كِتَابِ ((المَعَارِفِ)).

3 – جَاءَ فِي كِتَابِ (فَرَائِدِ السِّمطَيْنِ) للْحموِينيِّ الشَّافِعِيِّ – وَالَّذِي يَصِفُهُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي المُعْجَمِ المُخْتَصِّ بِالمُحَدِّثِينَ، تَحْتَ رَقْمِ 73، بِالإِمَامِ الكَبِيرِ المُحَدَّثِ شَيْخِ المَشَايِخِ – بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ الأَكْرَمِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ، قَالَ: ((… وَأَمَّا ابْنَتِي فَاطِمَةُ فَإِنَّهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ العَالَمِينَ مِنْ الأَوَّلَيْنِ وَالآخِرِينَ، وَهِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَهِيَ نُورُ عَيْنِي، وَهِيَ ثَمَرَةُ فُؤَادِي… وَإِنَّي لَمَّا رَأَيْتُهَا ذَكَرْتُ مَا يُصْنَعُ بِهَا بَعْدِي، كَأنِّي بِهَا وَقَدْ دَخَلَ الذِّلُّ بَيْتَهَا، وَانْتُهِكَتْ حُرْمَتُهَا، وَغُصِبَ حَقُّهَا، وَمُنِعَتْ إِرْثَهَا، وَكُسِرَ جَنْبُهَا، وَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا… (الرِّوَايَةُ) (فَرَائِدُ السِّمطَيْنِ 2: 36) وَرَوْاهَا أَيْضًا بِسَنَدٍ مُعْتَبَرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الشَّيْخُ الصَّدُوقُ فِي أمَاليِّهِ: 99 101).

4 – وَمِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ مَنْ ذَكَرَ أنَّ للزَّهرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) وَلَدًا اسْمُهُ (مُحْسِنٌ) وَقَدْ أُسْقِطَ. نَذْكُرُ:

الحَافِظُ جَمَالُ الدِّينِ الْمزي (نَ 742 هُ) قَالَ فِي كِتَابِهِ (تَهْذِيبِ الكَمَالِ 20: 472)، قَالَ: ((كَانَ لِعَلِيٍّ مِنْ الوَلَدِ الذُّكُورِ وَالَّذِينَ لَمْ يَعْقِبُوا مُحْسِنَ دَرَجٍ سَقَطًا)).

الصَّلَاحُ الصَّفديُّ (ت 764 هُ) قَالَ فِي (الوَافِي بِالوَفِيَّاتِ 21: 281)) :(وَالمُحْسِنُ طُرِحَ)) حَكَى ذَلِكَ عَنْ شَيْخِهِ الذَّهَبِيِّ فِي كِتَابِهِ (فَتْحِ المُطَالِبِ فِي فَضْلِ عَلِيِّ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ).

الصَّفورِيُّ الشَّافِعِيُّ (ت 894 هُ) قَالَ فِي (نُزْهَةِ المَجَالِسِ2: 229): ((وَكَانَ الحَسَنُ أَوَّلَ أَوْلَادِ فَاطِمَةَ الخَمْسَةِ: الحَسَنِ، وَالحُسَيْنِ، وَالمُحْسِنِ كَانَ سِقْطًا، وَزَيْنَبَ الكُبْرَى، وَزَيْنَبَ الصُّغْرَى)). وَقَالَ فِي كِتَابِهِ الآخَرِ: (المَحَاسِنُ المُجْتَمِعَةُ فِي الخُلَفَاءِ الأَرْبَعَةِ ص164): ((مِنْ كِتَابِ الإسْتِيعَابِ لِابْنِ عَبْدِ البَرِّ قَالَ: وَأَسْقَطَتْ فَاطِمَةُ سِقْطًا سَمَّاهُ عَلِيٌّ مُحْسِنًا)).

نَقُولُ: وَهَذَا لَيْسَ فِي الإسْتِيعَابِ المَطْبُوعِ، فَلَاحِظْ التَّحْرِيفَ فِي هَذِهِ القَضِيَّةِ لِتَعْرِفَ شِدَّةَ انْحِسَارِهَا فِي كُتُبِ القَوْمِ اليَوْمَ.

الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الصَّبَّانُ الشَّافِعِيُّ (ت 1206 هُ) قَالَ فِي كِتَابِهِ (إِسْعَافِ الرَّاغِبِينَ / بِهَامِشِ مَشَارِقِ الأَنْوَارِ للحَمزَاوِي ص81): ((فَأمَّا مُحْسِنٌ فَأُدْرجَ سِقْطًا)).

وَيُمْكِنُ مُتَابَعَةُ بَقِيَّةِ عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ الَّذِينَ ذَكَرُوا أَنَّ للزَّهرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) وَلَدًا اسَمُهُ (المُحْسِنُ (وَقَدْ مَاتَ سِقْطًا فِي كِتَابِ (المُحْسِنِ السِّبْطِ مَوْلُودٌ أَمْ سَقَطَ) لِلسَّيِّدِ مَهْدِي الخِرْسَان… وَبِضَمِّ هَذِهِ الأَقْوَالِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ يَظْهَرُ الصُّبْحُ لذِي عَيْنَيْنِ.

اَللَّهُمَّ ارْزُقْنَا شَفَاعَةَ الزَّهْرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) يَوْمَ الوُرُودِ يَوْمَ تَقْدُمُ عَلَيْكَ لِتَشْكُوَ لَكَ مَا فَعَلَتْهُ الأُمَّةُ بِهَا بَعْدَ رَحِيلِ أَبِيهَا المُصْطَفَى (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)، فَيَأْتِي النِّدَاءُ: اشْفَعِي تُشَفَّعِي يَا ابْنَةَ مُحَمَّدٍ، فَتُقْدِمُ الزَّهْرَاءُ إِلَى سَاحَةِ الحَشْرِ لِتَلْتَقِطَ شِيعَتَهَا كَمَا يَلْتَقِطُ الطَّيْرُ الحَبَّ.

اَللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ تِلْكَ الحُظْوَةَ مِنْ ابْنَةِ المُصْطَفَى… إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ.

وقد كتب السيد جعفر مرتضى العاملي بحث رائع حول طلب ابي بكر وعمر استرضاء الزهراء ع

طلب المسامحة يدل على مكانة الزهراء(ع):

ويتساءل البعض، فيقول:

ألا يدل طلب الشيخين ـ أبي بكر وعمر ـ المسامحة من الزهراء (ع)، على أن الزهراء عليها السلام كانت تحتفظ بقيمتها في المجتمع المسلم بين كبار الصحابة؟.

الجواب:

أولا:إن طلب المسامحة نفسه هذا يدل على أنهم قد آذوها، وأغضبوها، إلى درجة احتاجوا إلى طلب المسامحة منها ولو ظاهرا.

وثانيا:لا شك في أن الزهراء(ع) كانت تحتفظ بقيمتها في المجتمع المسلم، وهذا ما اضطر الذين آذوها واعتدوا عليها إلى محاولة امتصاص النقمة، وإزالة الآثار والنظرة السلبية التي نشأت وستنشأ تجاههم بسبب ما فعلوه وما ارتكبوه في حقها(ع).

وثالثا:إنهم حين استرضوها لم يقدموا أي شئ يدل على أنهم

الصفحة 234
كانوا جديين في ذلك الاسترضاء، بل إن كل الدلائل تشير إلى أنهم قد أقدموا على ذلك من أجل الإعلام وللإعلام فقط، فهم لم يرجعوا إليها فدكا، ولم يتخذوا خطوات عملية لإزالة آثار اعتدائهم الآثم عليها، ولا تراجعوا عن تصميمهم الأكيد على اغتصاب حق علي عليه السلام، وكذلك هم لم يعترفوا بأي خطأ أمام الصحابة بصورة علنية، حيث ارتكبوا ما ارتكبوه بصورة علنية أيضا.

ورابعا: إن احتفاظها بقيمتها لم يمنعهم من الاعتداء عليها بالضرب وبغيره، كما أن أباها قد كان أعظم في نفوس الناس منها، وأقدس. ولم تمنعهم عظمته وقداسته، وقيمته ـ حين اقتضت طموحاتهم ومصالحهم ـ من توجيه أقسى قواذع القول له (ص)، حينما تصدى بعضهم لمنعه (ص) من كتابة الكتاب بالوصية لعلي عليه السلام وكان (ص) على فراش المرض، في ما عرف برزية يوم الخميس! وقال قائلهم: إن النبي ليهجر! أو: غلبه الوجع!(1).

____________

1- الإيضاح: ص 359 وتذكرة الخواص: ص 62 وسر العالمين: 21، وصحيح البخاري: ج 3 ص 60 و ج 4 ص 5 و 173 و ج 1 ص 21 و ج 2، ص 115، والمصنف للصنعاني: ج 6، ص 57 و ج 10، ص 361، وراجع ج 5 ص 438 والارشاد المفيد: ص 107 ط النجف، والبحار: ج 22، ص 498. وراجع: الغيبة للنعماني: ص 81 و 82 وعمدة القاري: ج 14، ص 298 و ج 2 ص 170 و 171 و ج 25 ص 76 وفتح الباري: ج 8 ص 100 و 101 و 102 و 186 و 187 والبداية والنهاية: ج 5، ص 227 و 251 والبدء والتاريخ: ج 5 ص 59 والملل والنحل: ج 1، ص 22، والطبقات الكبرى: ج 2، ص 244، وتاريخ الأمم والملوك: ج 3، ص 192 ـ 193 ط ـ الاستقامة، والكامل في التاريخ: ج 2، ص 320، وأنساب الأشراف: ج 1، ص 562، وشرح النهج للمعتزلي: ج 6، ص 51، و ج 2 ص 55، وتاريخ الخميس: ج 2، ص 164 و 182 وصحيح مسلم: ج ص 75، ومسند أحمد: ج 1 ص 355 و 324 و 222 و 325 و 332 و 336 و 362 و 346 والسيرة الحلبية: ج 3، ص 344، ونهج الحق: ص 273، والعبر وديوان المبتدأ والخبر: ج 2 قسم 2 ص 62 وإثبات الهداة: ج 2 ص 344 و 348 و 399 و ج 1 ص 657 والجامع الصحيح للترمذي: ج 3 ص 55 ونهاية الإرب: ج 18 ص 375، وروضة المناظر لابن شحنة: ج 7 ص 808 (مطبوع هامش الكامل في التاريخ).. وراجع: حق اليقين: ج 1 ص 181 و 182، ودلائل الصدق: ج 3 قسم 1، ص 63 و 70، والصراط المستقيم: ج 3 ص 3 و 7 والمراجعات: 353 والنص والاجتهاد: ص 149 و 163. والمختصر في أخبار البشر: ج 1 ص 151 ومجموع الغرائب للكفعمي: ص 289 ومنهاج السنة ج 3 ص 135 ومناقب آل أبي طالب ج 1 ص 292 وتاريخ الإسلام ج 2 ص 383 و 384 وكشف المحجة ص 64 ط سنة 1370 ه‍. ط الحيدرية النجف، والطرائف ص 432 و 433، وراجع التراتيب الإدارية: ج 2 ص 241 وكنز العمال ط الهند سنة 1381 ه‍. ج 7 ص 170 ودلائل النبوة للبيهقي: ج 7 ص 181 / 184، ومسند أبي يعلى: ج 5 ص 393 و ج 3 ص 393 و 394 و ج 4 ص 299 ومجمع الزوائد: ج 4 ص 214.

الصفحة 235
هذا بالإضافة إلى أنهم كانوا قبل ذلك قد واجهوا ذلك الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بالصراخ والضجيج في موسم الحج(1) حين قال لهم الأئمة بعدي اثنا عشر.. حتى لم يستطع السامع أن يسمع ما يقوله الرسول (ص) بعد ذلك، كلهم من

____________

1- راجع: مسند أبي عوانة: ج 4 ص 394 و 400، ومسند أحمد: ج 5 ص 99 و 93 و 90 و 96 و 98، و 101، وسنن أبي داود: ج 4 ص 106، والغيبة للنعماني: ص 122 و 124 و 121 و 123، وإرشاد الساري: ج 10 ص 273، وصحيح مسلم: ج 6 ص 4 ط مشكول، والغيبة للشيخ الطوسي: ص 88 و 89، وفتح الباري: ج 13 ص 181 و 182 و 183 و 184، وأعلام الورى: ص 38، والبحار: ج 36 ص 239 و 235 و 240 و ج 63 ص 236، ومنتخب الأثر: ص 20، وإكمال الدين: ج 1 ص 272 و 273، وتاريخ الخلفاء: ص 10 و 11، والصواعق المحرقة: ص 18، وينابيع المودة: ص 444 و 445، والخصال أبواب الاثني عشر. وراجع ج 2 ص 474 و 470 و 472، وعن عيون أخبار الرضا، وعن كتاب مودة القربى، والمودة العاشرة، وإحقاق الحق (الملحقات): ج 13 ص 1، والعمدة لابن البطريق: ص 421. وراجع: النهاية في اللغة: ج 3 ص 54، ولسان العرب: ج 12 ص 343. وعن كتاب: القرب في محبة العرب: ص 129.

الصفحة 236
قريش (1) وذلك حين أحسوا منه أنه يريد أن يؤكد على إمامة علي عليه السلام وخلافته من بعده.

كما أن قيمة وعظمة وقداسة هذا النبي لم تمنعهم من الإصرار على مخالفة أمره الأكيد لهم بأن يلتحقوا بجيش أسامة، مع أنه (ص) قال لهم: لعن الله من تخلف عن جيش أسامة (2)، كما أن ذلك لم يمنعهم من محاولة اغتياله (ص) بتنفير ناقته به في العقبة(3).

____________

1- راجع: حول عدم سماع الراوي لكلمة: كلهم من قريش، أو من بني هاشم المصادر التالية: صحيح مسلم: ج 6 ص 3 بعدة طرق. ط مشكول. ومسند أحمد ج 5 ص 92 و 93 و 94 و 90 و 96 و 95 و 89 97 و 98 و 99 و 100 و 101 و 106 و 107 و 108، ومسند أبي عوانة: ج 4 ص 394، وحلية الأولياء ج 4، ص 333، وأعلام الورى: ص 382، والعمدة لابن البطريق ص 416 ـ 422، وإكمال الدين ج 1 ص 272، و 273، والخصال: ج 2 ص 469 و 275، وفتح الباري: ج 13 ص 181 ـ 185 والغيبة للنعماني: ص 119 ـ 125، وصحيح البخاري: ج 4 ص 159، وينابيع المودة: ص 444 = 446، وتاريخ بغداد: ج 2 ص 126 و ج 14 ص 353، والمستدرك على الصحيحين: ج 3 ص 618، وتلخيصه للذهبي (مطبوع بهامشه) نفس الصفحة، ومنتخب الأثر: ص 10 ـ 23 عن مصادر كثيرة، والجامع الصحيح للترمذي: ج 4 ص 501، وسنن أبي داود: ج 4 ص 116، وكفاية الأثر من ص 49 حتى نهاية الكتاب، والبحار: ج 36 ص 231، إلى آخر الفصل، وإحقاق الحق (قسم الملحقات) ج 13 ص 1 ـ 50، عن مصادر كثيرة.

2- تقدمت المصادر لذلك.

3- راجع: المسترشد في إمامة علي(ع): ص 146، والفرق بين الفرق: ص 147.

الصفحة 237
وخامسا:أي مكانة لها في نفوسهم وعمر يقول لأبي بكر، وهو يبكي عندما زجرته الزهراء لما دخلا عليها لاسترضائها: أتجزع لغضب امرأة.؟

وسادسا:إنه لا يمكن تقويم أحداث التاريخ على أساس تحكيم عامل واحد في صنع الحدث كالعامل الإنساني فقط، أو الأخلاقي، أو الديني، أو المصلحي، أو الاقتصادي، أو العقلي، أو ما إلى ذلك، وإن كان لكل واحد منها درجة من التأثير في صنع هذا الحدث، وتحديد دوافعه وآثاره.

ولو صح هذا لكان اللازم تكذيب قتل يزيد للحسين مثلا، أو ادعاء فرعون للربوبية، لأن ذلك لا ينسجم مع الدين ولا مع الأخلاق، ولا يقره عقل أو وجدان!!

والحقيقة هي أن المؤثر في صنع الحدث قد يكون تلك الأمور المتقدمة كلها، وقد يكون السبب هو جنون الشهوات أيضا، بل قد ينتج الحدث عن حماقة، أو عن توهج عاطفي، أو عن أمراض وعقد نفسية، أو عن طموحات صحيحة أو خاطئة، وقد يكون بعض ما تقدم، منضما إلى هذا أو إلى غيره، واحدا كان أو أكثر، هو المؤثر في صنع الحدث.

إذن، فتعظيم الزهراء عليها السلام واحترامها قد لا يمنعهم من غصب فدك منها مثلا، إذا اقتضت سياساتهم، أو مصلحتهم، أو شهوتهم للحكم، أو للمال ذلك.

وكلنا يعرف أن حب الولد والعطف عليه لا يمنع أباه من قتله إذا نازعه الملك، وقد سمعنا العديد من الحكام يقول: الملك عقيم لا

الصفحة 238
رحم له(1) وقد يضرب أحدهم ولده ضربا مبرحا، لسبب شخصي، أو لوقوفه في وجه بعض طموحاته وشهواته.

ويقال:إن بعض النساء في العهد العباسي قتلت ولدها في سبيل الملك، والمأمون قد قتل أخاه في سبيل ذلك، كما قدمنا.

وهكذا يتضح:أن العوامل والمؤثرات قد يقوى بعضها على بعض، ويلغي بعضها تأثير البعض الآخر.

هل رضيت الزهراء على الشيخين؟!

ويضيف هذا البعض:

أن القضية قد انتهت في حينها، فإنها صلوات الله وسلامه عليها قد رضيت على أبي بكر وعمر حينما استرضياها قبل وفاتها.

ونقول:

أولا:صحيح أن رضا الزهراء عليها السلام هو أمنية محبي التيار الذي هاجم فاطمة عليها السلام وآذاها، حرصا منهم على أن لا يظهر ذلك الفريق في جملة من آذى رسول الله، وأغضبه، ليكون في العلن مؤذيا ومغضبا لله سبحانه. وقد حاول بعضهم أن يزور في الرواية التي ذكرت هذه القضية، لصالح من يحبونهم، فذكروا: أنها رضيت

____________

1- راجع: شرح ميمية أبي فراس: ص 73، و 74، والبحار: ج 48 ص 131، وعيون أخبار الرضا: ج 1 ص 91، وينابيع المودة: ص 383، ومقاتل الطالبين: ص 453، والمناقب للخوارزمي: ص 208، والطبقات الكبرى لابن سعد: ج 5 ص 227 ط صادر، والبداية والنهاية: ج 8 ص 316، وتتمة المنتهى: ص 185، وراجع: قاموس الرجال: ج 10 ص 370.

الصفحة 239
عنهم(1). وهو ما ورد في حديث الشعبي الذي هو حديث موقوف، لأنه لم يدرك زمن الحادثة.

وسكت فريق آخر:عن التصريح بشئ من الرضا وعدمه (2).

وأغرب من ذلك دعوى البعض: أن الذي صلى عليها حين ماتت هو أبو بكر (3)وعلي عليه السلام.

ولكن العلماء الذي يلتقون مع نفس هؤلاء في التوجه المذهبي، هم الذين ذكروا لنا الرواية على وجهها الصحيح، ولم يلتفتوا إلى ما أضافه أولئك، بل قالوا: إنها حينما جاءا ليسترضياها لم تأذن لهما، حتى توسلا بعلي عليه السلام، فكلمها فلم تأذن أيضا، بل قالت له: البيت بيتك، أي: فأنت حر في أن تدخل فيه من تشاء، بحسب ما تفرضه الظروف القاهرة عليك، أما هي فتحتفظ برأيها وبموقفها، وليس ثمة ما يفرض عليها غير ذلك.

فأذن لهما علي (عليه السلام)، من موقع أنه صاحب البيت، ولم تأذن لهما الزهراء عليها السلام.

____________

1- راجع: دلائل النبوة للبيهقي: ج 7 ص 281، والرياض النضرة: ج 1 ص 176، وسير أعلام النبلاء: ج 2 ص 121، وتاريخ الخميس ج 2، ص 174، عن الوفاء، وعن السماني في الموافقة والسنن الكبرى: ج 6 ص 301، والسيرة الحلبية: ج 3 ص 361 وطبقات ابن سعد: ج 8 ص 27، والبداية والنهاية: ج 5 ص 289، وحياة الصحابة: ج 2 ص 473، وشرح نهج البلاغة للمعتزلي: ج 6 ص 19 و 49 و ج 2 ص 57، وفتح الباري: ج 6 ص 139،، ونزهة المجالس: ج 2 ص 183.

2- راجع: كنز العمال: ج 12، ص 515، و ج 13، ص 687.

3- كنز العمال: ج 5 ص 605،، عن البيهقي، وقال: هذا مرسل حسن بإسناد صحيح وطبقات ابن سعد: ج 8 ص 29.

الصفحة 240
ولما دخلا عليها أبت أن تكلمهما، وكلمت عليا وقررتهما، فأقرا أنهما سمعا رسول الله (ص) يقول: رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني، ومن أرضى فاطمة فقط أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني.

فقالت لهما: فإني أشهد الله وملائكته: أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه(1).

وحين بكى أبو بكر لأجل ذلك زجره عمر وقال له: تجزع لغضب امرأة الخ.. (2).

وحسب نص سليم بن قيس:

وكان علي عليه السلام يصلي في المسجد الصلوات الخمس، فكلما صلى قال له أبو بكر وعمر: كيف بنت رسول الله؟

إلى أن ثقلت: فسألا عنها وقالا: قد كان بيننا وبينها ما قد علمت، فإن رأيت أن تأذن لنا فنعتذر إليها من ذنبنا ؟

____________

1- الإمامة والسياسة: ج 1 ص 14 و 15، وراجع: البحار: ج 36 ص 308، و ج 78 ص 254، و ج 43 ص 170، و 171، ودلائل الإمامة: ص 45، وعوالم العلوم: ج 11 ص 411 و 445 و 498، و 499، وكفاية الأثر: ص 64 و 65، والبرهان: ج 3 ص 65، وعلل الشرائع: ج 1 ص 186 ـ 187، و 189، والشافي: ج 4 ص 213، وأهل البيت لتوفيق أبي علم: ص 168، و 169، و 174، ومرآة العقول: ج 5، ص 323 و 322. وضياء العالمين (مخطوط): ج 2 ق 3 ص 85 ـ 87 والجامع الصغير للمناوي: ج 2 ص 122، والرسائل الاعتقادية: ص 448.

2- راجع عوالم العلوم: ج 11 ص 500، وعلل الشرائع: ج 1 ص 187، وضياء العالمين: ج 2 ق 3 ص 87.

الصفحة 241
قال عليه السلام: ذاك إليكما.

فقاما، فجلسا بالباب، ودخل علي عليه السلام على فاطمة عليها السلام فقال لها: أيتها الحرة، فلان وفلان بالباب، يريدان أن يسلما عليك، فما ترين؟

قالت عليها السلام: البيت بيتك والحرة زوجتك، فافعل ما تشاء.

فقال: شدي قناعك.

فشدت قناعها، وحولت وجهها إلى الحائط.

فدخلا وسلما وقالا: ارضي عنا رضي الله عنك.

فقالت: ما دعاكما إلى هذا؟

فقالا: اعترفنا بالإساءة ورجونا أن تعفي عنا وتخرجي سخيمتك.

فقالت: فإن كنتما صادقين فأخبراني عما أسألكما عنه، فإني لا أسألكما عن أمر إلا وأنا عارفة بأنكما تعلمانه، فإن صدقتما علمت أنكما صادقين في مجيئكما.

قالا: سلي عما بدا لك.

قالت: نشدتكما بالله هل سمعتما رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني؟

قالا: نعم.

الصفحة 242
فرفعت يدها إلى السماء فقالت: اللهم إنهما قد آذياني، فأنا أشكوهما إليك وإلى رسولك. لا والله لا أرضى عنكما أبدا حتى ألقى أبي رسول الله وأخبره بما صنعتما، فيكون هو الحاكم فيكما

قال: فعند ذلك دعا أبو بكر بالويل والثبور وجزع جزعا شديدا.

فقال عمر: تجزع يا خليفة رسول الله من قول امرأة؟ (1)

ونحن لا ندري لماذا اختار هذا الرجل خصوص تلك الرواية التي رواها غير الشيعة ولم يكلف نفسه عناء المقايسة بينها وبين الرواية الأخرى، بل هو لم يشير إليها أصلا. مع أن هذه الرواية مزورة من قبل من يريدون تبرير ما صدر عن الذين هاجموا الزهراء وآذوها، رغم وضوح التصرف الخياني فيها، نعم، لقد أخذ بها، وترك هذه الرواية الصحيحة والصريحة.

وثانيا:(2) العفو إنما يكون عن الشخص الذي يتوب توبة نصوحا مما اقترفه، والتوبة تعني إرجاع الحق إلى أهله، وتصحيح الخطأ وترميم الخراب الذي تسبب به. وإلا فهل تقبل توبة غاصب يمسك بكل شئ، ثم يقول لهم: سامحوني وارضوا عني، ولن أعيد أي شئ إلى أي كان منكم.

إن اعتذارا لهذا سيكون أوجع للقلب لأنه أقبح من ذنب.

فكيف ولماذا وعلى أي أساس تسامحهما، وهما لم يتراجعا قيد

____________

1- كتاب سليم بن قيس (بتحقيق الأنصاري) ج 2 ص 869 وجلاء العيون: ج 1 ص 212 و 213 مع تفاصيل أخرى، وراجع: البحار: ج 43 ص 197 / 203 و ج 28 ص 357 وعلل الشرائع: ج 1 ص 186 و 187.

2- قد أشار إلى ذلك أيضا في ضياء العالمين (مخطوط): ج 2 ق 3 ص 108.

الصفحة 243
أنملة عما اقترفاه في حقها؟!.

فهما لم يرجعا لها فدكا، ولا غيرها مما اغتصباه من إرث رسول الله (ص) وغيره، إذا أن يظن في حقها أنها أخطأت في ادعائها هذا.

كما أنهما لم يقرا بجريمتهما في حق الله والأمة باغتصاب الخلافة من صاحبها الشرعي، ولم يظهر من أحد أي استعداد للقصاص ممن ارتكب جريمة الاعتداء عليها بالضرب إلى درجة إسقاط جنينها.

بل كان الذين فعلوا ذلك هم أركان الحكم وأعوان الحاكم الذي جاء يعتذر، وسيوفه المسلولة على رقاب كل من يعترض أو يشكو، فلم يكن ثمة توبة، بل كان هناك محاولة لتلميع الصورة، وتقوية الأمر، والحصول على مزيد من القوة في الاحتفاظ بما اغتصبوه.

ولو كان الأمر على خلاف ذلك، وكانوا جادين في طلبهم المسامحة، فما الذي منع أبا بكر من أن يعاقب قنفذا أو المغيرة بن شعبة، أو عمر بن الخطاب، أو غيرهم ممن هتك حرمة بينها صلوات الله وسلامه عليها؟! ولو لم يمكنه ذلك فلا أقل من أن يؤنبهم أو يعبس في وجوههم، أو يفعل أي شئ يشير إلى عدم رضاه عما صدر عنهم، ولكنه لم يكتف بأن لم يفعل شيئا من ذلك بل زاد عليه توفير غطاء ومزيدا من الرعاية لهم، والاهتمام بهم.

ولست أدري، هل كان إعطاؤه المناصب والمزايا والأموال لفلان وفلان مكافأة لهم على ما اقترفوه من اعتداء؟!.

أما قنفذ فقد أعفوه من مشاطرته أمواله التي اكتسبها في ولاياته

الصفحة 244
لهم. وكان ذلك ـ كما روي عن أمير المؤمنين(ع) ـ مكافأة له!!

ولست أدري أن لو كانت الزهراء عليها السلام أرادت أن تأخذ منهم ما اغتصبوه هل كانوا يضربونها من جديد، أم كانوا قد حكموا عليها بالقتل بصورة علنية وظاهرة؟.

ثالثا:إذا كانت عليها السلام قد رضيت عنهما، فلماذا أوصت أن تدفن ليلا، وأن لا يحضرا جنازتها، فنفذ علي عليه السلام وصيتها بدقة، وأخفى قبرها، فثارت ثائرتهما ومن معهما، وحاولا نبش القبور التي جعلها عليه السلام تمويها، فواجههما بالموقف القوي والحاسم، فتراجعا(1).

وإذا كانت السلطة قوية وشديدة الهيمنة، فهي قادرة على أن تشيع عنها(ع) أنها قد رضيت بعد السخط، ولن يجرؤ أحد على تكذيب دعاوى السلطة، وستكون هذه الشائعة مقبولة لدى الكثيرين، خصوصا أنها بوصيتها أن تدفن ليلا، وأن لا يحضرا، ولا أحد ممن ظلمها جنازتها، قد فوتت الفرصة عليهم أيضا لممارسة هذا التزوير للحقيقة، حيث قدمت الدليل القاطع والبرهان الساطع، على شكل شاهد تاريخي حي على هذا السخط الذي تجسد أيضا في عدم معرفة

____________

1- راجع: البحار: ج 30 ص 348 و 349 و 286 و ج 29 ص 193. ونقل وصيتها تلك في هامش في البحار ج: 43 ص 171، عن المصادر التالية: حلية الأولياء: ج 2 ص 43، ومستدرك الحاكم: ج 3 ص 162، وأسد الغابة: ج 5 ص 524، والإصابة: ج 4 ص 379 و 380، والإمامة والسياسة: ج 1 ص 14، وأعلام النساء: ج 3 ص 1214. وراجع أيضا شرح نهج البلاغة للمعتزلي: ج 6 ص 50، وقال: إن الصحيح عندي أنها ماتت وهي واجدة عليهما الخ.. مصنف عبد الرزاق: ج 3 ص 521، والاستيعاب ج 2 ص 751، ومقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 83، ودلائل الإمامة: ص 44.

الصفحة 245
قبرها صلوات الله وسلامه عليها عبر الأحقاب والدهور، وهي سيدة نساء العالمين، والكريمة الوحيدة لخاتم الأنبياء وسيد المرسلين.

رابعا:إن من المعقول والمقبول أن يكونوا قد أرادوا من محاولة استرضاء الزهراء عليها السلام هو إظهار الأمر على أنه مجرد مشكلة شخصية، وقد انتهت كما بدأت، فهي الآن قد رضيت، ولم يعد هناك أية مشكلة معها، كما قد يوحي به كلام هذا البعض.

لقد كانت هناك إساءة لفاطمة عليها السلام، وكان هناك اعتداء على شخصها الكريم، بالضرب أو بغيره، وقد تبذل محاولة تفسير لذلك على أنه مجرد تسرع، أو ثورة غضب عارمة أخرجت الفاعلين عن حد الاعتدال.

وهل السبب في حدوث هذا الغضب هو الزهراء، نفسها؟ بتصرفاتها؟ أو بسبب كلماتها؟ أو نبرات صوتها؟ أو غير ذلك من الأسباب؟ إنهم سوف يغضون الطرف عن تحديد المسؤول عن ذلك.

وقد راجع المعتدون أنفسهم وتابوا، وعلى الزهراء عليها السلام أن تعفو وتصفح، فإن ذلك هو ما تفرضه الأخلاق الإسلامية، وأكدته لآيات القرآنية، وهي أولى الناس بالالتزام بذلك، وهي المرأة التقية المطهرة المعصومة.

وهذا يعني أن تكون بذلك قد أعطت صك الشرعية للعدوان، ولغصب الخلافة، والاستئثار بإرث الرسول الله، فلم يبق إلا أنهم قد تسرعوا قليلا في ضربها حين المواجهة، وهم معذورون في ذلك! لأنه قد جاء على فورة، وبسبب حالة التوتر والهيجان، وربما تكون هي التي تسببت في ذلك (!!) لأنها عليها السلام كانت

الصفحة 246
هي المخطئة حين وقفت في وجههم. وعلي مخطئ أيضا، حين لم يبادر للاعتراف بالحاكم الجديد المتغلب، ولا سبق إلى البيعة، والمؤازرة، وبذلك يتم إعادة الاعتبار لهم، وهذه هي غاية أمنياتهم وأغلاها.

ولكن حين ترفض الزهراء حتى دخولهما بيتها، وترفض توبتهما، وتصر على أن تشكوهما إلى رسول الله (ص)، ثم توصي بأن تدفن ليلا، وأن لا يحضرا جنازتها، ثم تطلب إخفاء قبرها، فإنها بذلك قد أفسدت عليهما خطتهما تلك.

وسجل التاريخ رغم ما ناله من تزوير وتحريف بعض الحقيقة وهي أنها ماتت وهي مهاجرة للذين اعتدوا عليها، فدفنها علي(ع) ليلا، ولم يؤذنهم بها وهو ما لهجت به الكتب المعتبرة والموثوقة لدى فريق كبير من المسلمين(1).

وقد سئل الرضا عليه السلام عن الشيخين، فقال: كانت لنا

____________

1- البداية والنهاية ج 5 ص 285 و 286 و 287 و 250، عن البخاري، وأحمد، وعبد الرزاق، وراجع البخاري كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، وباب قول رسول الله لا نورث ما تركناه صدقة، وشرح نهج البلاغة للمعتزلي: ج 6 ص 49 / 50، و ج 16 ص 232 و 218، وراجع صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير. والشافي لابن حمزة: ج 4 ص 211 وراجع ص 205، والثقاة ج 2 ص 164 و 165، وتاريخ الأمم والملوك: ط دار المعارف ج 3 ص 208، وأهل البيت لتوفيق أبي علم ص 172، ومشكل الآثار: ج 1 ص 48، والعمدة لابن البطريق: ص 390 و 391، والسنن الكبرى: ج 6 ص 300 و 301، والتنبيه، والأشراف: ص: 250، وتاريخ الإسلام للذهبي: نشر دار الكتاب العربي (قسم السيرة النبوية) ص 591، وفي الهامش أشار إلى مصادر كثيرة. وطبقات ابن سعد: ج 8 ص 28 و 29. وروضة المتقين: ج 5 ص 349، والطرائف: ص 262 / 269 / 258 / 257، وتحرير الأفكار: ص 228، وألقاب الرسول وعترته: ص 44، وراجع: كفاية الطالب: ص 370، ومستدرك الحاكم: ج 3 ص 162، وإثبات الهداة: ج 2 ص 366، ومسند أحمد: ج 1 ص 6 / 9. وراجع: الرياض المستطابة: ص 291، وتاريخ الخميس: ج 1 ص 174، ومرآة العقول: ج 5 ص 322 / 323، والمصنف للصنعاني: ج 5 ص 472 و ج 4 ص 141 و ج 3 ص 521، وتيسير الوصول: ج 1 ص 209. وراجع ضياء العالمين (مخطوط): ج 2 ق 3 ص 65 و 66 و 91.

الصفحة 247
أمة(1) بارة خرجت من الدنيا وهي عليهما غضبى، ونحن لا نرضى حتى ترضى(2).

ونقل ما يقرب من ذلك عن عبد الله بن الحسن (3).

وهكذا يتضح:

إن الزهراء التي هي المرأة المعصومة المطهرة، والتي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها، قد أفهمت بموقفها الواعي كل أحد ممن كان، وممن ولج أو سيلج باب التاريخ: إن القضية لم تكن قضية شخصية، وإنما هي قضية الدين والإسلام، قضية الاعتداء على الله ورسوله صلى الله عليه وآله، وعلى الحق، وعلى الإنسانية، وعلى
تكملة لشبهة الوهابية حول مظلومية الزهراء ع

وهكذا يتضح:

إن الزهراء التي هي المرأة المعصومة المطهرة، والتي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها، قد أفهمت بموقفها الواعي كل أحد ممن كان، وممن ولج أو سيلج باب التاريخ: إن القضية لم تكن قضية شخصية، وإنما هي قضية الدين والإسلام، قضية الاعتداء على الله ورسوله صلى الله عليه وآله، وعلى الحق، وعلى الإنسانية، وعلى الإسلام المتجسد فيها، لأن العدوان عليها إنما يهدف إلى منعها من الدفاع عن الإمامة التي بها قوام الدين. والتي هي قرار إلهي قاطع، وهي حق الأمة، وحق الإنسان، كل إنسان.

وقد سجلت موقفها هذا بعد أن قررتهما بما يوجب إدانتهما الصريحة، التي تبين أن التعدي قد نال رسول الله (ص)، وبالتالي فقد كان تعديا وجرأة على الله سبحانه، وليس لها أن تسامح من يجترئ

____________

1- الأمة: لغة في الأم، راجع الطرائف: ص 252.

2- ألقاب الرسول وعترته ص 44 والطرائف ص 252.

3- شرح نهج البلاغة للمعتزلي: ج 16 ص 232 و ج 6 ص 49.

الصفحة 248
على الله سبحانه، وعلى رسوله الكريم صلى الله عليه وآله، وقد أعلمتهما بهذه الحقيقة حين قالت لهما: لأشكونكما إلى رسول الله (ص).

ثم وليي لا يقال للناس:إن الزهراء قد عادت فراجعت نفسها بعد ذلك، أو أنها أرسلت إليهم مع فلان من الناس: أنها قد رضيت عنهم، ها هي توصي بأن تدفن ليلا.

وقد يدعي أيضا:ـ وقد حصل ذلك بالفعل ـ أن الدفن ليلا سنة(1)، وتشريع، فلا يكفي لإثبات استمرار غضبها عليهم، فأوصت أن لا يحضروا جنازتها، ولا يصلوا عليها وغيبوا قبرها، فحاولوا نبش عدد من القبور ليصلوا إليها، ويصلوا عليها، فمنعهم علي عليه السلام (2).

____________

1- المغني للقاضي عبد الجبار: ج 20 ق 1 ص 335.

2- راجع: الإستغانة ص 10 و 11 وعوالم العلوم: ج 11 ص 467 و 505 و 506 و 523 و 508 و 493 و 411 و 501 و 502 و 504 و 404 و 534 و 122 و 515 و 512، وبحار الأنوار: ج 78 ص 250 و 253 / 256 و 310 و 387 و ج 43 ص 201 و 207 و 218 و 181 و 191 و 214 و 199 و 182 و 183 و ج 28 ص 353 و ج 29 هامش ص 192 و 193 و ج 30 ص 348 / 349 و 286، والمناقب لابن شهر آشوب: ج 3 ص 363 و 362 ط المطبعة العلمية قم ـ ايران. وروضة الواعظين ص 151 ـ 153، وعلل الشرائع: ج 1 ص 185 و 188 و 189، والشافي لابن حمزة: ج 4 ص 211 و 210، وإتمام الوفاء: ص 16 والثقات: ج 2 ص 170، وروضة المتقين: ج 5 ص 347، وتقريب المعارف: ص 251 و 252، وبشارة المصطفى: ص 258، واللوامع الإلهية للمقداد: ص 300، والمجالس السنية: ج 5 ص 347، وشرح نهج البلاغة للمعتزلي: ج 6، ص 49 و 50 و ج 16 ص 52 / 53، وص 214 و 217، وكشف الغمة: ج 1 ص 494، و ج 2 ص 130، وتلخيص الشافي: ج 3 ص 138 و 150 و 152، وشرح الأخبار: ج 3، ص 31 و 69، وجلاء العيون: ج 1 ص 214 و 220، والأمالي للطوسي: ص 107، والكافي للكليني: ج 1 ص 458، ومعاني الأخبار ص 356، وإعلام الورى: ص 152، وإثبات الهداة: ج 2 ص 334، عن كتاب: أساس الجواهر، وراجع: تاريخ المدينة لابن شبة: ج 1 ص 197، وتاريخ الأئمة، لابن أبي الثلج: ص 31، وعن الأمالي للمفيد: ص 281، وتاريخ الصحابة لابن حبان: ص 208، ومرآة العقول: ج 5 ص 322 و 323. والرسائل الاعتقادية: ص 449 و 450 و 459، والاختصاص: ص 185 والوسائل: ج 2 ص 832 وضياء العالمين: ج 2 ق 3 ص 65 / 66 / 67 / 91 / 92 / 95 / 140 (مخطوط) عن مصادر كثيرة ودلائل الإمامة: ص 44، وأنوار الملكوت في شرح الياقوت للعلامة الحلي: ص 228.

الصفحة 249
وفي بعض المصادر:أنها أخذت على أمير المؤمنين عهد الله ورسوله أن لا يحضر جنازتها إلا أم سلمة، وأم أيمن، وفضة، والحسنان، وسلمان، وعمار، والمقداد، وأبو ذر، وحذيفة (1).

وقد صلى عليها علي عليه السلام (2)، وكبر عليها خمسا (3)..

____________

1- البحار: ج 78 ص 310.

2- مستدرك الحاكم: ج 3 ص 162، وتهذيب الأسماء للنووي: ج 2 ص 353 وصفة الصفوة: ج 2 ص 14، وتاريخ المدينة لابن شبة: ج 1 ص 197، وتاريخ الصحابة لابن حبان: ص 208. والعمدة لابن البطريق: ص 390 / 391، وفي هامشه عن صحيح مسلم: ج 5 ص 154، وعن صحيح البخاري، باب غزوة خير والروضة الفيحاء للعمري الموصلي: ص 252 وكشف الغمة للإربلي: ج 2 ص 128، وضياء العالمين (مخطوط) ج 2 ق 3 ص 3 وجامع الأصول: ج 12 ص 9 / 10.

3- راجع: الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: ص 131. وجواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار (مطبوع مع البحر الزخار) ج 3 ص 118 وكشف الغمة: ج 2 ص 128.

الصفحة 250
ولا صحة لزعمهم: أن أبا بكر قد حضر، وصلى عليها(1)، فإنه لم يصل عليها، ولا على الرسول مع أنه صلى الله عليه وآله قد مكث ثلاثا(2). وإنما تمت بيعتهم بعد دفنه(3).

وليكن خفاء قبرها إلى يومنا هذا، وعدم قدرة أحد على معرفته بالتحديد برهانا ساطعا على هذا الإقصاء، الذي هو إدانة لهما، وجميع الشواهد التاريخية الصحيحة والمعتبرة تؤكد على كذب ما يزعمه مزوروا التاريخ وأعداء الحق.

وهكذا يتضح: أنها عليها السلام قد جعلت حتى من موتها، ومن تشييع جنازتها وسيلة جهاد وكفاح من أجل الله وفي سبيله، ومن أجل الدين وفي سبيل توضيح الحقائق للأجيال.

وقد بدأت نتائج هذا الكفاح بالظهور منذ اللحظات الأولى.

فقد روي:أنه لما انتشر خبر دفن الزهراء عليها السلام ضج الناس، ولام بعضهم بعضا. وقال: لم يخلف فيكم نبيكم إلا بنتا واحدة، تموت، وتدفن ولم تحضر وفاتها ولا دفنها، ولا الصلاة عليها، ولم تعرفوا قبرها فتزورونها؟! (4).

____________

1- راجع: الرياض النضرة ج 1 ص 176 وقال: خرجه البصري، وخرجه ابن السمان في الموافقة. وذخائر العقبى ص 54، والإصابة ج 4 ص 479، وتهذيب الكمال: ج 35 ص 252، وتاريخ الهجرة النبوية: ص 58، ومقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 86، وتاريخ الخميس: ج 1 ص 278، والسيرة الحلبية: ج 3 ص 361، والمغني للقاضي عبد الجبار: ج 20 ق 1 ص 335.

2- راجع: تقريب المعارف لأبي الصلاح: ص 251. وراجع المناقب لابن شهر آشوب: ج 1 ص 297.

3- مناقب آل أبي طالب: ج 1: ص 297.

4- دلائل الإمامة: ص 46، وضياء العالمين (مخطوط): ج 2 ق 3 ص 93 / 94 عن المناقب.

في الختام مانراه من اكاذيب وهابية ضد الشيعة هم يتبعون أسلوب نشر المغالطات للتغطية على حقيقة انحراف معتقدهم وظلالتهم مع خالص التحية والتقدير
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here