الكتاب والقرآن ..في فكر المفكر .. د. محمد شحرور..؟

د.عبد الجبار العبيدي

بعد سلسلة الحلقات التي نشرتها في عدة مواقع محترمة ، وقد بلغت لحد اليوم أكثر من ثلاثين حلقة ،ومن بينها مجلة صوت العراق ، وكتابات ،والمثقف ،ومجلة النور…ينبري اليوم استاذنا القدير والمفكر الفهيم الاستاذ الدكتور محمد شحرور على الشاشة العربية ، ليقدم لنا خلاصة أفكاره النيرة التي نأمل ان تتحول الى حركة فكرية واعية عند الجماهير تمكنهم من الغاء الماضي الفكري في تفسير النص المقدس واستبداله بالصحيح.لعلنا نصبح امة لها فكر ناضج .. ودين يستند على تفسيرصحيح للنص المقدس ، مثل الأمم الأخرى التي انتجت من اديانها تاريخ…؟

ظاهرة الكاتب المفكر محمد شحرور ظاهرة جديدة قديمة ظهرت مع اصدار كتابه الموسوم (الكتاب والقرآن ) وكتبه الأخرى. لواطلعت عليها وجرى فيها الحوار لأحتاجت الى حوارات النفَس الطويل ، عما جاء في تفسير النص الديني عند فقهاء المسلمين ، وأرائهم التي دمرت الامة وخلقت لنا كل هذه المذاهب والفِرق الدينية المتناحرة ،التي كل منها يدعي الصحيح ولا ندري اين الاسلام الصحيح ؟ نتيجة الاختلافات الفقهية في حركة الاجتهادات في النص المقدس . ويقف الأزهر الشريف والحوزات العلمية في العالم العربي والأسلامي والقاعدة وداعش الأجرام في مقدمتها .

ظاهرة جديدة يقودها الدكتور شحرور في فهم النص الديني لو استمرت متابعتها وتفعيلها لصالح الامة وأدُخلت في المناهج الدراسية ،لأنتجت امة تتشابه مع ما انتجته ظاهرة لوثر وكالفن لأوربا قبل حركة الاصلاح الديني الأوربية وقضت على أفكار العصور الوسطى المتخلفة المبرقعة بالدين ،كون ان التفسيرالجديد للقرآن يتعارض والتفسيرالفقهي الترادفي الخاطىءالذي اعتمد على لغةٍ تاريخية قديمة قدم فكر الفقهاء، في وقت ان التسميات الحسية لم تكن قد استكملت في تجريدات تهدف الى كشف الحقيقة.هذا ما كنا نكتبه وننشره في المواقع العراقية والعربية ، ولا زلنا تحت عنوان :حقيقة الاسلام الغائبة ….دون ان يلتفت الينا الا القليل..لسيطرة الفكر الديني القديم المتخلف على الفكر الصحيح .

على الكُتاب والمثقفين واصحاب القلم ان يساندوا هذه الظاهرة العربية العالمية لنتمكن من تخليص الامة من هرطقة مؤسسة الدين ورجالها الباطلين … لأسقاط حكومات التدليس والسرقة للمال العام والمحاصصة الباطلة والتدمير، والخيانة الوطنية مع الأخرين ، باستخدام الاسلام الفقهي المزيف وسيلة من وسائل التخدير والتجهيل لتبقى السلطة الدينية تقف خلف السلطة السياسية في تدمير حقوق الجماهير وتخلف الامة بأسم الدين ،كما دمر الوطن العربي اليوم بشكل عام وعراق العراقيين بشكل خاص .

هذا المفكرالشجاع يقدم لنا قراءة معاصرة ووجهة نظر جديدة للأسلام في كتابه ،(الكتاب والقرآن) ،تنطلق من خصائص اللسان العربي،وقوفاً على الأرضية الفلسفية والمعرفية للقرن الحادي والعشرين.وبهذا فهو يعرض وجهة نظر جديدة الى الوجود والتفسير والمعرفة والتشريع والأخلاق والجمال والاقتصاد والتاريخ،

بعد ان فصلَ في المصطلحات القرآنية وتبنى المنهج التاريخي العلمي ،واعطى لها تفسيرا جديدا يتوائم مع نظريات التطور التاريخي الحديث .

تحدث هذا الكاتب المفكر الجريء في محتويات القرآن وأسباب النزول والتنزيل ، والفرق بينهما في المعنى والتثبيت ،لينتقل الى القصص القرآنية التي ربطها بالوحي القرآني وقوانين الوجود وقوانين التاريخ.وضرب لنا امثلة مقنعة لهذا التوجه المحكم في تأويل القرآن الكريم. اخذاً بنظر الاعتبار شمولية الاسلام التي جاءت من نظرية التطور في التشابه والحدود.

لقد تبين لهذا المفكر المفعم بالحقيقة القرآنية ، ان العمود الفقري للعقيدة الاسلامية ،هو قانون تغير الصيرورة (التطور ) حيث تكمن عقيدة التوحيد، وقانون تغير الأشياء (كل شيء هالك الا وجَهُهُ،القصص88 ) وفسر تفسيرا علميا معنى الكافر والظالم ، والاستقامة والاعوجاج ، ونظرية الصراط المستقيم والوصايا العشر وهي كل القرآن الكريم .

..بهذه الدراسة توصل الى وضع منهج جديد في أصول التشريع الأسلامي القائم على البينات المادية ،وأجماع الاكثرية من الناس،وأكد ان حرية التعبير عن الرأي وحرية الاختيار ،هما اساس الحياة الانسانية في الأسلام الحقيقي ،وليس اسلام الفقهاء الذين دمروا الامة وأوقعوها في اشكاليات مؤسسة الدين الغير المعترف بها في القرآن والغير المعترف بها في اصدار الفتاوى على الناس ،ولم يميزها بلباس معين أو تقديس… والتي أفرزت لنا المذاهب الاسلامية القاصرة عن تحقيق التقدم وحقوق الانسان كما جاءت في النص المقدس من الكتاب والقرآن.

وتطرق الكاتب الى جملة مواضيع رئيسة واساسية في توجيه الحياة في ظل العدالة الآلهية المتطورة ، كقضيتي الردة والأرتداد، والفتوح والجهاد ، والقصص القرآنية ،في ظل النص المقدس الصحيح ،لا في ظل التفسير الجامد الخالي من التحريك. وخاصة في موضوعات الآيات الحدية والحدودية وآيات التعليمات والقضاء والقدر والأعجاز القرآني واعطى فيها رأيا يتوافق مع المنطق المتطور والعقل السليم .

اما في نظريات جدل الكون والأنسان وعناصر المعرفة الانسانية ، فقد ميز بين الروح والنفس ، وكيفية التعامل معهما بأعتبار كل واحدة لها خصائصها المختلفة عن الأخرى. وتحدث عن الفرقان في التوراة والاسلام واكد انها الوصايا العشر التي منها يستمد الدستور لحماية الفرد في الدولة ،وأكد على الحقوق وحلف اليمين والتزوير ،وحفظ المال العام بأعتبارها قواعد لا يجوز اختراقها بالمطلق ومن يخترقها يسقط عنه التكليف..ولاحصانة بالمرة لمن يخالف النص الصحيح.

تكلم في العصمة والتكليف ،والآرث والوصية والقوامة وقال :ان لامعصوم الا الله والقرآن الكريم ،وحتى الانبياء عصمتهم بالرسالة وليس في شخوصهم كقول الحق : يا ايها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس “المائة 67” . ،وقد نبه القرآن الكريم الرسول (ص) في عدة مواضع كما في سورة التوبة (آية 43) يقول الحق : مخاطبا الرسول (ص) : “عفا الله عنك لم َ آذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين .” هوامر موجه للرسول (ص) في خطأ التهاون في التكليف . وتكلم في حقوق المرأة التي دمرها الفقه الوضعي وجاء بنصوص في غاية الدقة في المساواة بين

الذكر والأنثى ماداموا هم قد ( خلقهم الله من نفس واحدة ،النساء 1) ..وفي الارث والوصية ،البقرة 180 . .

ولازال يتحدث في اليو توب والعالم العربي والخارجي عن فصل الدين عن السياسة بمعقولية التشريع ،وازمة العقل العربي الحالية التي اغلقت الفكر العربي ووضعته في انفاق مظلمة صعبة الأختراق من اجل فقهاء السلطة ورجال الدين لخدمة الحكام الظلمة والسلاطين ليبقوا يظلمون كما ظلم القساوسة والكرادلة وآل بوربون للفرنسيين ..واليوم يقف ممثل المرجعية الدينية في النجف الاشرف على نفس المنوال دون تغيير.

حوارات رصينة معتمدة على كتابه الموسوم (الكتاب والقرآن ) الذي ندعو لقراءته وكتبه في فقه المرأه والأيمان والتكليف وأخرى كثيرة . كتب رصينة ندعو لقرائتها بأمعان لتغيير صيرورة الزمن وعقل المثقفين الذين لا زالوا يهرولون خلف مرجعيات الدين التي لا تؤمن الا بالقديم ، والتي لا يعترف القرآن بها ،ولا يخولها حق الفتوى على الناس ، ولا يميزها بلباس معين في التثبيت.

شكرا لهذا لكاتب الذي بكتاباته سيغير منهج التاريخ ولو بعد حين كما غير لوثر وكالفن في الكنيسة رأي الأوربيين..

ملاحظة كل الاراء القابلة للنقاش منشورة على اليو توب … ولا زال المفكرالفذ يعطي لنا الكثير.

—————————————————- [email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here