بدلا من إجراءات فر و كر :على أمانة بغداد بناء أسواق عصرية

بقلم مهدي قاسم

الأسواق الشعبية في بغداد أشبه ما تكون إلى حظائر واسطبلات
بممراتها و دروبها الضيقة جدا والمزدحمة جدا ، تخترقها أخاديد و حفر عشوائية و برك مياه آسنة و قاذورات متعفنة و مسودة أو مخضرة تعج فوقها أسراب ذباب شرسة و طنانة !، كل ذلك في وسط أكوام نفايات من كل نوع و شكل وجنس عجيب و فريد ، منها أن تكون أقرب إلى أسواق حقيقية
بمعنى الكلمة ، لكونها تفتقر إلى أبسط مستلزمات أسواق عصرية تلك التي تتسم برحابة وسعة مريحتين للمتبضعين وإلى شروط نظافة وصحة مطلوبتين و ضروريتين في كل الأحوال ، وأن يكون ذلك في وسط تصاميم و ديكورات جمالية و أنيقة ، حيث ثمة بضائع وسلع مرتّبة و محفوظة من هجمات
ذباب ـ ومعروضة لزبائن ، بشكل لائق و ذوق جميلين ، مثلما الحال في بلدان متحضرة ومتقدمة ..

من هنا تأتي ضرورة و أهمية قيام بعمليات و مشاريع بناء
أسواق عصرية في مناطق العاصمة و التي يتحتم على أمانة بغداد القيام بها عاجلا أم آجلا ، ليس فقط من أجل إزالة و إنهاء أجواء الفوضى ” الخلاقة ” التي تعصف في الأسواق الشعبية المقرفة في مناطق بغداد و خلق أجواء و ظروف الارتياح و سهولة التبضع و التفسح للزائرين ، إنما
خلق فرص عمل للعاطلين عن العمل

( طبعا بتعاون مع الحكومة على صعيد الدعم المالي و تقديم
قروض بفوائد بسيطة ) والتي ستكون حتما ذات منفعة أو مردود مالي مشترك للطرفين زائدا الضرائب المترتبة والناتجة عن حركة السلع ضمن عمليات البيع و الشراء اليومية ..

إضافة إلى هذا فأن وجود مثل هكذا أسواق عصرية مرتبة سيكون
بإمكانها استيعاب واحتواء عشرات آلاف من أصحاب أكشاك وبسطات عشوائية كثيرة جدا و التي تحتل أرصفة العاصمة و بشكل تعسفي و اعتباطي ، الأمر الذي يجعل السير على هذه الأرصفة قفزا حينا و حذرا بل متعذرا حينا آخر ، فيضطر المشاة النزول إلى الشارع ليشقوا طريقهم بصعوبة
و مشقة.

فنحن نعتقد و نظن أن معالجة هذه المسألة وفق هذه الرؤية
والتصور ــ أعلاه ــ أفضل من الإجراءات الشكلية أو المؤقتة التي تقوم بها أمانة بغداد حاليا و المتجسدة بعملية كر و فر ، لكونها لا تقدم حلا جذريا و شاملا ، إنما حلا مؤقتا ، لكون أصحاب الأشكاك والبسطات لا يفعلون أكثر ــ تهربا من هذه الإجراءات ــ من أن ينتقلوا
من رصيف إلى آخر أو إلى محلة أو منطقة أخرى من مناطق العاصمة، ليبقى الوضع الفوضوي والمنفلت، مثلما عليه بدون أي تغيير أو تحّسن .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here