الإضطراب الاجتماعي

فارس حامد عبد الكريم
ان مصطلح الإضطراب الإجتماعي يشير الى انماط من العلاقات الإجتماعية التي لاتتوفر فيها الظروف والعوامل والشروط لتحقيق السعادة والألفة والطمأنينة فيما بين افراد المجتمع الواحد بسبب عدم التمسك بالمعايير الاجتماعية السائدة.
والحال ان الإضطراب الإجتماعي يمكن ان يحدث بسبب ازدواجية المعايير او تعددها داخل البيئة الإجتماعية الواحدة
*ومن ذلك صراع المعايير الريفية مع المعايير الحضرية بسبب الهجرة من الريف الى المدينة وانتقال العادات والتقاليد الريفية الى المدينة مثل الفصل وما يعرف بالكوامة العشائريةوغيرها التي تتعارض أصلاً مع الحياة المدنية …
*كما ان للفساد السياسي والمالي والإداري دور كبير في إعتلال المعايير الاجتماعية وإزوادجتها وذلك عندما يتحول الصراع على المناصب السياسية والإدارية المتميزة الى وسيلة للإثراء والنفوذ وينحرف تماماً عن هدفه الأصلي وهو خدمة الشعب والصالح العام مما يسمح بنشوء طبقة طفيلية انتهازية لاتعترف اصلاً بأية معايير خلقية بل تحاول تشكيل هذه المعايير حسب رغباتها واهوائها.
* ويلعب الجهل وانعدام الثقافة العامة واضمحلال دور الادب والفن او تفاهتهما وسوقيتهما في اضطراب المعايير الإجتماعية وعندها يصعب على رجال الثقافة والأدب احداث تأثير على الحياة الاجتماعية والسمو بها بسبب عدم الالتفات اليهم من العامة.
ومن المعروف في العراق مثلاً انه نشأ جيل مثقف واعي منذ مطلع القرن العشرين وصل الى القمة في الخمسينيات حتى بداية الثمانيات منه بسبب إزدهار الآداب والفنون على يد نخبة من الرواد مما انعكس على ثقافة المجتمع عموماً ورقيه ولياقته. وكان من السهل ان تلتقي وتتعرف على اشخاص مثقفين وأدباء وفنانين اينما حللت ورحلت في ربوع العراق.
ومع مطلع الثمانينيات وسيادة (ثقافة الحرب) بدأ الإزدهار الثقافي بالضمور والإنحلال مما شكل انتكاسة معيارية خطيرة لم ننهض منها ليومنا هذا.
كل ما تقدم لايعفي المثقف العراقي من مسؤليته التاريخية تجاه شعبه ووطنه والإصرار على إحداث تغييرات اجتماعية كبرى وفقاً للمعايير الخلقية والثقافية النموذجية ولو كان الواقع مزرياً والظروف معقدة وشائكة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here