ترامب – أردوغان وقانون الغاب

أ د حكمت شبر

كتبت هذا العنوان عامداً لأبين التناقض بين المجتمع الدولي الذي يحكمه القانون الدولي بمؤسساته المختلفة ، الأمم المتحدة والمنظمات المتخصصة ، والمعاهدات الدولية المتعددة الأطراف ، منها ما يتعلق بحقوق الأنسان كأعلان حقوق الأنسان عام 1949 والمعاهدات المتعلقة بتنظيم الطيران ومعاهدة البحار ، ومعاهدات حماية الطفل والمرأة وغيره من المعاهدات المتعلقة بالغذاء وتنظيم أمور حماية البيئة ، كمعاهدة باريس الأخيرة المتعلقة بالحد من التدهور الحاصل في الغلاف الجوي وتكوين الأنحباس الحراري عام 2015 . وغير ذلك من الأمور المتعلقة بالغذاء وحماية الأنسان من ظروف الآفات والأزمات الخانقة والقاتلة .
في الوقت الذي يحاول محبوا الأنسانية من العلماء ورجال القانون وغيرهم من الأختصاصيين في مختلف المجالات – بجعل الكرة الأرضية صالحة لحياة الأنسان وحمايته من الأمراض الفتاكة والأزمات الأقتصادية الخانقة . نجد بعض قادة الدول الكبرى ينهجون منهجاً مخالفاً للأنسانية ولقواعد القانون الدولي والأتفاقيات الدولية محاولين فرض حكمهم الدكتاتوري الفاشي ليس على شعوبهم فحسب ، بل على شعوب ودول العالم وفي مقدمة هؤلاء الرئيس الأمريكي (ترامب والتركي أردوغان)
وسأتناول ما قام به هذان الزعيمان من أنتهاكات صارخة لقواعد القانون الدولي ، وما قاموا به ويقومون بأعمال عدوانية ضد الشعوب والدول الآمنة .
لا بد لي من البدء بظهور الأمم المتحدة ، التي نشأت بفعل جهود كبيرة للدول التي عانت من عدوانية وشراسة وتدمير النظم الأستبدادية الفاشية ، نظام هتلروموسيليني ونظام حكم العساكرفي اليابان . وما تسبب هؤلاء بدمار وقتل عشرات الملايين في الحرب العالمية الثانية . وبعد هزيمتهم وأنتصار الحلفاء ظهرت المنظمة الدولية على أسس جديدة انسانية وديمقراطية وقواعد مهمة لحفظ السلم والأمن الدولي وحماية الأنسان من الحروب العدوانية والمدمرة .
جاء في ديباجة الميثاق مايلي :
نحن شعوب الأمم المتحدة :
وقد ألينا على أنفسنا :
أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الأنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف وأن نؤكد من جديد أيماننا بالحقوق الأساسية للأنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء كبيرها وصغيرها من حقوق أساسية .
وان نبيّن الأحوال ، التي يمكن في ظلها العدالة وأحترام الألتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي ،
وأن ندفع بالرقي الأجتماعي قدماً ، وأن نرفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح ،
وفي سبيل هذه الغايات أعتزمنا
ان نأخذ أنفسنا بالتسامح ، وان نعيش معاً في سلام وحسن جوار ،وأن نضم قوانا كي نحتفظ بالسلم والأمن الدولي …
لا بد لي من التأكيد على بروز وتطور مبادئ جديدة ذات محتوى أنساني وديمقراطي تختلف في جوهرها عن النظم الدولية ، التي كانت سائدة في نظام العالم القديم .
وقد تم تثبيت هذه المبادئ في ميثاق الأمم المتحدة ومن هذه المبادئ المساواة الكاملة بين الدول ، وأحترام السيادة ، والتعايش السلمي بين النظم المختلفة ، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، إلى مبادئ وقواعد جديدة فرضتها المرحلة التأريخية التي يعيشها العالم .
نهضت شعوب المستعمرات بعد هزيمة النظم الفاشية ونجاح الحلفاء في القضاء على دكتاتورية النظم في ألمانيا وأيطاليا واليابان . فقد حصلت الثورات في العديد من دول العالم وأستقلت دول الهند ، أندونسيا ، وأنتصرت الثورة في الصين الشعبية على النظام الرجعي . ونجحت الثورات في الدول الأسيوية والأفريقية ، كما وأنتصرت حركات التحرر في بلداننا العربية وطردت الدول الأستعمارية وبروز المعسكر الأشتراكي ولعل أهم مرحلة في نضال شعوب العالم من أجل الحرية والأستقلال ما قررته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها ألغاء الأستعمار ومنح المستعمرات الأستقلال في عام 1960 . هذا القرار عجلّ بحصول المستعمرات في أفريقيا وأسيا على أستقلالها . وقد ألغت نصوص الوصاية بهذا القرار التي تؤخر المستعمرات على الأستقلال قبل نضوجها السياسي الأداري .
جاء في الفقرة الثانية من القرار” أن عدم وصول الشعوب المستعمرة إلى مرحلة الأعداد السياسي والأقتصادي والأجتماعي وكذلك الأعداد في المجال الثقافي ، لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تعتبر عائقاً في الحصول على الأستقلال ،
وتطالب الفقرة الرابعة من الأعلان مستندة إلى حق تقرير المصير بمنح الشعوب المستعمرة أستقلالها في ظروف سلمية . ويعني ذلك أن أيه محاولة أو أجراء عسكري ضد تلك الشعوب مهما كانت صفته يعتبر حرباً عدوانية ضد السلم والأمن الدولي .
أما الفقرة الخامسة فتطالب بمنح الأستقلال بسرعة إلى الشعوب الخاضعة للوصاية والأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي وأن جميع السلطات يجب أن تسلّم إلى الشعوب المذكورة بدون وضع أي عقبات أو شروط وبدون النظر إلى نوع الدين والجنس واللون لتلك الشعوب .
ومما تجدر إليه الأشارة أن أعلان ألغاء الأستعمار وافقت عليه الجمعية العامة بالأجماع عدا تسعة دول أمتنعت عن التصويت .
كل هذا التقدم في نهوض الشعوب وحصولها على الأستقلال وتطور قواعد القانون الدولي الأنسانية والديمقراطية ، وبروز المعسكر الأشتراكي ومعسكر عدم الأنحياز الذي ميّز هذه الفترة من سنوات النصف الثاني من القرن العشرين واجهته الولايات المتحدة ومعها دول الأستعمار بردة عنيفة لأيقاف هذا التقدم وتطور قواعد القانون الدولي .
وكان أول ما لجأت إليه أنشاء حلف الأطلسي العدواني ، الذي تجاوز وسرق أختصاصات الأمم المتحدة وشكل خروجاً صارخاً على قواعد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة فيما يتعلق بالجزاءات التي تفرض على من يخرج على ألتزامات الميثاق .
أوكل الميثاق حصراً بمجلس الأمن أتخاذ التدابير والجزاءات لحماية السلم والأمن الدولي ووقف العدوان . وحرّمها على الدول فرادى أو جماعات في أستخدام القوة لحماية السلم والأمن الدولي وردع العدوان . إلا في حالة واحدة تتمثل في الدفاع الشرعي عن النفس كما نصت على ذلك المادة (51) من الميثاق(1)
كما وحصر الميثاق الجزاءات المختلفة الأقتصادية والعسكرية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية واللاسلكية وقفاً جزئياً أو كلياً وقطع العلاقات الدبلوماسية (2) ووضع كافة الأمكانيات من جيوش قد يستخدمها المجلس لأيقاف العدوان وقيادات عسكرية وأجهزة أركان من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لأدارة المعارك بغية أنهاء العدوان والحفاظ على السلم والأمن الدولي وأستخدام الموضوعة تحت تصرفه وقيادتها لتنظيم التسليح بالقدر المستطاع وفقاً للمواد 45 – 47
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⦁ جاء المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة ما يلي :
ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينقص الحق الطبيعي فرداى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم إذا أعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة ، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي والتدابير التي اتخذها الأعضاء أستعمالاً لحق الدفاع عن النفس تُبلغ إلى مجلس الأمن فوراً .
2 – جاء في المادة (41) ما يلي :
لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب أتخاذه من التدابير التي تتطلب أستخدام القوات المسلحة لتنفيذ قرارته وله أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير . ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الأقتصادية والمواصلات الحديدة والبحرية والجوية والبريدية والبرية واللاسلكية وغيرها من المواصلات وقفاً جزئياً أو كلياً وقطع العلاقات الدبلوماسية .
جاء في المادة (42) ما يلي :
إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة (41) لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به ، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لأعادته إلى نصابه ، ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى وبطريق القوات البحرية أو البرية التابعة لأعضاء الأمم المتحدة .

إلا أن ما حصل بعد أنشاء الأمم المتحدة ومنح مجلس الأمن تلك الصلاحيات الكاملة لوقف العدوان وحماية السلم والأمن الدولي ان قامت الولايات المتحدة مع شريكاتها من الدول الأستعمارية بأنشاء منظمة عدوانية تعارض وتتجاوز على صلاحيات الأمم المتحدة تدعى (حلف الأطلس )
لقد تناست هذه الدول المآسي التي مرّت بها البشرية خلال حربين وبرزت مطامعها في السيطرة والنفوذ على دول العالم ، فأنقسم العالم بعد الحرب الساخنة إلى معسكرين متخاصمين في حرب باردة تسببت في نشوب الحروب الأقليمية وهددت العالم مرات كثيرة بالدمار نظراً لحيازتها على الأسلحة
النووية (1) .
وتنص المادة 52 ف 1 على تشجيع أنشاء المنظمات الأقليمية والمعروف أن معنى المنظمة الأقليمية من الناحية اللغوية والتأريخية والجغرافية وكذلك الواقعية يعني ان قيام المنظمة الأقليمية يتكون بموجب معاهدة تعقد بين دول متجاورة تأريخياً وتقوم روابطها على وحدة المصالح ووحدة الهدف والمصير المشترك ، كما في منظمة الجامعة العربية ، ومنظمة الدول الأفريقية ، وأتحاد الدول الأوربية ومنظمة دول أمريكا اللاتينية .
فلو أعتمدنا المحيط الأطلسي كمحيط جغرافي يجمع بين الدول المتشاطئة في الحلف ، فهل يقتصر نطاق الحلف على نطاق هذه المنطقة الجغرافية فقط ؟
لا أعتقد أن الجواب سيكون بالأيجاب ، فقد جاء في نص المادة (6) معاهدة الحلف :
أن نشاط الحلف يشمل الأراضي التاليةالتي تتجاوز نطاق المحيط الأطلسي وهي
1 – أرضي الدول المشاركة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – نشأ حلف شمال الأطلسي وفقاً لمعاهدة الرابع من نيسان 1949 بين كل من الولايات المتحدة ، انكلترة ، فرنسا ، كندا ، أيطاليا ، بلجيكا ، هولندا ، اللوكسمبرغ ، أيسلندا ، النرويج ، البرتغال . وفي 22 نيسان أنظمت إليه تركيا واليونان ، وتم التوقيع على بروتوكول دخول ألمانيا الأتحادية في باريس 23 تشرين الأول 1954 ، وأصبح البروتوكول نافذ المفعول في 5 مايس 1955 .

المشاركة في الحلف والواقعة في أوربا ، كالبرتغال ، بلجيكا ، هولندا ، اسبانيا ، وكذلك الأراضي الواقعة في أفريقيا كالجزائر ، مالي ، الصومال ، أريتريا ، تركيا ، أفغانستان ، أيران في قارة أسيا .
2 – الجزء الشمالي من المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط وما يظللها من أجواء .
3 – الأراضي والقواعد التي تحتلها قوات الحلف والأجواء التي تظللها .
إذاً لا يمكن أعتبار الحلف منظمة أقليمية توحد سياسة الدول المتجاورة ، فهو يتجاوز بنشاطاته ليشمل دولاً مستقلة ، واقعة في البحر المتوسط وأفريقيا وآسيا ، مما يشكل تهديداً دائماً بالعدوان على أستقلال وسيادة هذه الدول ، كما نراه واقفاً بشكل عدواني سافر في أفغانستان . حيث تحتل قوات حلف الأطلسي الأراضي الأفغانية بحجة محاربة الأرهاب ، وتهدد أساطيله الدولة الأيرانية وتقوم بالعربدة في الخليج العربي لمنع أيران من أمتلاك القنبلة النووية كما تدعي أمريكا ويظلل المنطقة المذكورة خطر حصول حرب شاملة تأتي على تدمير كل الدول الموجودة بهذا الأقليم .
كما قامت دول الحلف العدوانية بتدمير العراق وبنيته التحتية وأحتلت أمريكا مع حلفائها العراق بحجة وجود القاعدة ، وأمتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل الذي ظهر زيفها سريعاً . فلقد دمرت أمريكا وحليفاتها كل ما تبقى من البنية التحتية التي ضربتها في حرب الكويت ، وقتلت خلال وجودها أكثر من مليون عراقي حسب تقارير الأمم المتحدة . وما زالت تهدد سيادة وأستقلال العراق بقواتها البرية والجوية المنتشرة في القواعد العراقية .
لا بد لي وأنا أخوض في موضوع حلف الأطلسي وما تسبب فيه من أعمال عدوانية بحق الشعوب ، أن أقف قليلاً لعرض ما أفرزته وما نفذه حلف (الناتو) التدخل العدواني في الدول الأسيوية والأفريقية .
لعل أبرز مثال لذلك ما جرى ويجري حالياً في أفغانستان بأسم محاربة الأرهاب الدولي . فيا ترى ماهي الأسباب التي نشأ بموجبها الأرهاب الدولي ومن وقف ويقف وراءه ؟
أن الأرهاب الذي ينشط ويدمر حالياً دولة أفغانستان ، والذي تقوده القاعدة بالتعاون مع طالبان لم يكن يسمى هكذا أبان (الأحتلال السوفيتي) . فقد كان يسمى أنذاك (بالجهاد الأسلامي) الذي دعمته وغذته الولايات المتحدة ومخابراتها بالتعاون مع باكستان والمملكة العربية السعودية ، وكل المتطوعين الذين جاءوا بأسم الأسلام ليحاربوا (الألحاد الشيوعي) .
بعد أنسحاب السوفيت وتحرير أفغانستان تركت الولايات المتحدة البلد عرضة للمجاعة والبؤس . فقد حققت أهدافها في القضاء على (الشيوعية) في هذا البلد . وأضعفت الأتحاد السوفيتي ، ويعتبر ذلك من أهم أسباب سقوط الأتحاد السوفيتي ، لكن الولايات المتحدة لم تسأل ولم تبحث عما خلفته (الحرب الجهادية من بؤس ومعاناة في هذا البلد مما أدى في نهاية المطاف إلى سيطرة طالبان على الحكم ، وزيادة التطرف في أفغانستان وأنتشاره في بقية أنحاء العالم .
وعادت أمريكا لأحتلال أفغانستان بعد حادث تفجير البرجين في نيويورك عام (2001) بأسم محاربة الأرهاب وكان حلف الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة يسيطر على أفغانستان ومازالت قوات حلف (الناتو) تحارب الثوار الأفغان ، بالرغم من مرور أكثر من 18 عاماً على أحتلالها العسكري لهذا البلد والمثال الصارخ الآخر الذي أنطوى على تجنب مجلس الأمن وعقوباته في وقف العدوان وحماية السلم والأمن الدولي ما قام به الحلف في (كوسوفا) ضد صربيا بأسم حماية الألبان . فقد قصفت طائرات الحلف عاصمة صربيا (بلغراد) ودمرت الممتلكات وقتلت الأبرياء من البشر . جرى كل ذلك بعيداً عن تدخل مجلس الأمن والأمم المتحدة .
وقد تدخل الحلف بشكل عنيف وعدواني في أحداث ليبيا. بدون أن تطلب أية دولة أو الأمم المتحدة منه ذلك . فقد قرر الأمريكان بعد الأنتفاضة الليبية عام 2011 أن يقوموا بأسقاط نظام القذافي وقتله . وقد طلبت وزيرة خارجية أمريكا (هيلاري كلنتون) وعبر الأعلام بقتل الزعيم القذافي أينما وجدوه . ولا أدري من منح هؤلاء المجرمون الحق بالقيام بهذه الأفعال العدوانية التي تسببت بقتل القذافي وتدمير الدولة الليبية ، كما فعلت القوات الأمريكية في العراق وأحتلاله من قبلها بمعاونة حلف الناتو .
ترك الحلف والولايات المتحدة ليبيا ممزقة تعبث فيها زمر الأرهاب والعصابات الأجرامية ، ولم تستعيد ليبيا عافيتها حتى الوقت الحاضر ، حيق تمزقها الحروب الداخلية .
تضمنت الفقرة الثانية من المادة الأوليى من ميثاق الأمم المتحدة قاعدة مهمة هي :
أنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس أحترام المبدأ الذي يقضي بالمساواة في الحقوق بين الشعوب . وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها .
لكن حلف الناتو أدى إلى أنماء علاقات البغضاء بين الأمم عكس ما توخاه الميثاق ، فأهداف الحلف موجهه ضد شعوب العالم كما رأينا في أفغانستان ، كوسوفو ، ليبيا. وأن المساواة مفقودة بين أعضاء الحلف ، فالأتفاقية المعقودة بين الولايات المتحدة واليونان في 12 تشرين الثاني 1953 في أطار حلف الأطلسي تصلح أن تكون مثلاً لأنعدام المساواة بين أطراف الحلف ، فقد منحت المادة الثانية من تلك الأتفاقية الولايات المتحدة وأفراد قواتها أمتيازات كثيرة تنقص من سيادة الدولة اليونانية على أراضيها ، ومن هذه الأمتيازات أن لا يجوز محاكمة جنود الولايات المتحدة أمام المحاكم اليونانية إذا ارتكبوا جرائم على أرض هذه الدولة . بل يحاكمون أمام المحاكم الأمريكية كما رتبت ألتزامات ثقيلة على الحكومة اليونانية والشعب اليوناني .
أما فيما يخص الشطر الثاني من هذه الفقرة المتعلق بحق تقرير المصير ، فأن حلف الناتو لم يساعد على توفير الشروط اللازمة لمساعدة الشعوب المستعمرة للحصول على أستقلالها ، بل العكس هو الصحيح حيث أستخدم الحلف لضرب حركات التحرر ودعم الأستعمار ، فقد قامت طائرات الحلف بقصف الشعب الجزائري المناضل عام 1957 . وأستخدمت القواعد الأمريكية في أوربا باللعدوان على لبنان عام 1958 ، وأنطلق رجال المظلات البلجيكية عام 1964 من قواعد حلف الأطلسي لقمع حركة الشعب الكونغولي ، وأستخدمت قواعد الناتوفي البرتغال في تجهيز القوات البرتغالية بالرجال والسلاح للقضاء على حركات التحرر الوطنية في (أنكولا ، موزنبيق ، غينيا بيساو) .
وتنص الفقرة الثالثة من المادة الأولى لميثاق الأمم المتحدة على تحقيق التعاون الدولي في حل المسائل الدولية ذات الصبغة الأقتصادية والأجتماعية والثقافية والأنسانية ، وعلى تقرير أحترام حقوق الأنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً . إلا أن أتفاقية حلف الأطلسي تقضي وفقاً للمادة (3) على مساهمة أعضائه بالتطوير الفعّال لأسلحة دول الحلف بشكل دائم ، مما يؤدي إلى تخصيص مبالغ طائلة من الميزانيات العسكرية لدول الحلف ، فلو خصص جزء من هذه المبالغ لحل المسائل الأقتصادية والأجتماعية والثقافية في البلدان النامية لأستطاعت أن تحقق تطوراً كبيراً في القضاء على المرض والتخلف في بلدانها ، غير أن ممارسة أعضاء الحلف تشير إلى عكس ذلك ، أذ وضعت نصب عينيها أهدافاً أخرى تتناقض وحاجة الأنسانية في محاربة الفقر والتلوث والتصحر والأنحباس الحراري الذي قد يودي بالحياة البشرية ويقضي على كوكب الأرض ، إذا أستمرت تلك الدول في أنتهاج سياسة التسلح والأبتعاد على الحاجات الأنسانية .
ومما تجدر الأشارة إليه ان الرئيس الأمريكي (ترامب) طلب من الدول زيادة في مخصصات التسليح في ميزانيتها للتخفيف ، كما يدعي ، عما تتحمله الولايات المتحدة من مبالغ التسليح .
أن قيام حلف الأطلسي لا يتفق ونص الفقرة الرابعة من المادة الثالثة من الميثاق ، التي تقضي بأمتناع أعضاء الهيئة في علاقاتهم الدولية عن التهديد بأستخدام القوة ضد سلامة الأراضي أو الأستقلال السياسي لأية دولة ، أو على وجه لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة ، في حين نرى ان سياسة الحلف العدوانية تشكل تهديداً دائماً لأستقلال الكثير من الدول . فقد أقامت الولايات المتحدة من القواعد العسكرية في أراضي دول الحلف بموجب أتفاقيات دولية ، حيث يعتبر وجود هذه الدول الأعضاء (تركيا ، البرتغال ، أسبانيا ، اليونان .. الخ) تهديداً لأستقلال هذه الدول ، كما انها تهدد سلامة وأستقلال الدول المجاورة مثال ذلك محاولة الحكومة التركية العضو في الحلف عام 1957 بتحريض من الولايات المتحدة التدخل العسكري في سورية ، عندما كانت تنتهج آنذاك سياسة وطنية معادية للأحلاف العسكرية (أنظر مؤلفنا الجوانب القانونية للنضال العربي من أجل الحرية والأستقلال ).
كما نشاهد في الوقت الحاضر محاولات تركيا التدخل العسكري العدواني وأحتلال جزء من العراق بأسم محاربة الأرهاب ، والتي سوف أبحث في تفاصيلها فيما يأتي من هذه الدراسة .
وتقضي الفقرة الأولى من المادة (53) من الميثاق بحق مجلس الأمن في أستخدام التنظيمات والوكالات الأقليمية في أعمال القمع تحت مراقبته واشرافه . ولا يجوز لها القيام بأي عمل من أعمال القمع بدون أذن المجلس . غير أن دول حلف الأطلسي لا ترضى ببحث المواضيع المتعلقة بنشاط الحلف امام هيئات الأمم المتحدة كما يجري الأن في شأن أفغانستان وكوسوفو بعيداً عن رقابة وسلطة مجلس الأمن.
اما المادة (54) من الميثاق فهي توجب على المنظمات الأقليمية أخبار مجلس الأمن بجميع الأعمال التي تقوم بها أو التي تزمع القيام بها فيما يتعلق بحفظ السلم والأمن الدولي .
لكن دول حلف شمال الأطلسي تلتزم السرية التامة والصمت بشأن خططها ومشاريعها ، ولا تُعلم مجلس الأمن بأي من الأعمال التي تقوم بها أو تنوي القيام بها . فذلك سيؤدي إلى الكشف عن الوجه الحقيقي لأهداف الحلف .
نخلص من ذلك إلى أن أتفاقيات الحلف العسكري الناتو لاتتمتع بالصيغة الشرعية ، بل هي مخالفة لنص المادة (103) من الميثاق نظراً لتجاوزها على المبادئ الأساسية الواردة في ميثاق الأمم المتحدة . كما أنها لا تعتبر من المنظمات الأقليمية وفقاً للمواد(52- 54) فقيامها يشكل خرقاً خطيراً لأهداف ومبادئ الأمم المتحدة التي تتبناها المنظمات الأقليمية .
تعرضت في الصفحات الأولى من هذه الدراسة إلى التطور الحاصل في قواعد القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية وأنبثاق منظمة الأمم المتحدة ، وما حصل من تطور في العلاقات الدولية ، حين تكوّن تنظيم جديد لدول عدم الأنحياز الذي ناصر حركات التحرر في العالم . كما برز حلف وارشو لتبدأ الحرب الباردة بين المعسكرين الأشتراكي والرأسمالي .
لم يأتي هذا التطور في القانون الدولي والعلاقات الدولية حسب مزاج الولايات المتحدة ، التي نهجت بعد الحرب مباشرة في تكوين الأحلاف العسكرية وتطويق الأتحاد السوفيتي خصمها العنيد . وظهرت للوجود سياسة جديدة لأمريكا ، معتمدة على تطورها الأقتصادي والعسكري فنهجت نهجاً عدوانياً في تنفيذ مآربها وأهدافها . وكان أول ظهور لهذه السياسة ما قامت به من تدعيم الكيان الأسرائيلي سياسياً وعسكرياً .
وأشعلت حروباً شعواء كادت تودي بسلام وأمان العالم كالحرب الكورية والحرب الفيتنامية التي أستخدمت فيها كل ما تملك من أسلحة الدمار الشامل فأحرقت نصف غابات الفيتنام مستخدمة طائراتها (B2) والأسلحة الكيمياوية ، ولم تبقي هيكلاً قائماً في فيتنام ، بل دمر كل ما تملك هذه الدولة الناشئة من بنية تحتية وزراعية وصناعية . وبالرغم من كل عمليات التدمير والقتل لم تستطع أن تنتصر على الشعب الفيتنامي .
ولم تولي جهداً في تدخلها لأسقاط الحكومات الديمقراطية والوطنية في دول العالم الثالث . فقد دخلت لأسقاط حكومة مصدق الوطنية بعد تأميمها النفط عام 1953 ، وكان روزفلت يقود الأنقلاب عن طريق (CIA) المخابرات الأمريكية .
كما قامت بالتدخل المباشر في غواتيمالا عام 1954 واسقطت حكومتها الوطنية وسلكت نفس السلوك في محاولاتها لأسقاط الحكومة الوطنية في كوبا ، بمختلف الطرق العسكرية في أنزالها في (خليج الخنازير) ومؤامراتها المختلفة لقتل وأسقاط حكومة كاسترو كما جندت مخابراتها وقوى الرجعية والأستعمار لمحاربة (كيفارا) الذي كان يعمل من أجل تحرير دول أمريكا اللاتينية . وحرضت على أسقاط الزعيم العربي (جمال عبد الناصر) ولم تستطع أسقاطه . ولكنها عمدت إلى تسليح أسرائيل ودعمها عسكرياً ومادياً لأحتلال مصر وأسقاط حكومتها الوطنية .
كما قام كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة بقيادة المخابرات الأمريكية وأسقاط حكومة (ألندي) الوطنية بالتعاون مع رئيس أركان القوات العسكرية في شيلي (بينوشيت) بأنقلاب عسكري وحشي ، ذهب ضحيته الآلاف من الوطنيين الشيليين .
ولم تتخلى الولايات المتحدة عن نهجها العدواني في مطلع القرن الحادي والعشرين ، فقامت بأحتلال أفغانستان مدعية أنها تقاتل الأرهاب في هذا البلد وما زالت قواتها مع قوات حلف الأطلسي تقاتل أفغانستان ولم تستطع أن تقضي على حركة طالبان ، بل عمدت إلى عقد مشاورات ومشاورات مع طالبان لأنهاء الصراع نظراً لفشلها العسكري في هذا البلد .
ولعل ابرز ما قامت به الولايات المتحدة من عدوان عسكري ، عندما قامت بأحتلال العراق عام 2003 مدعية أن صدام حسين يتعاون مع القاعدة ، ويملك أسلحة الدمار الشامل ، وقد بانت حقيقة هذه الأدعاءات حينما أعترفت أمريكا بعدم وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق .
كل هذه الأعمال العدوانية ، واحتلال الدول بعساكرها حصلت بعيداً عن الأمم المتحدة ورقابتها . ولعل أبرزها ما حصل في هذا المجال أنها طلبت من الأمم المتحدة بعد أحتلال العراق أعتبارها دولة محتلة وتطبيق قواعد الأحتلال إزاءها .
جاء أحتلال الولايات المتحدة للعراق تكملة لما قامت به من أعمال عدوانية وأجرامية إزاء الشعب العراقي . حيث دمرت كل ما تملك من البنية التحتية من كهرباء ومعامل لتنقية المياه ومستشفيات وغيرها من المؤسسات المدنية . حصل كل ذلك عندما أمتنع صدام حسين عن سحب قواته من الكويت .
ولكن ما حصل من أبادة جماعية لجيشنا وهو ينسحب من الأراضي الكويتية في المنطقة الواقعة في المساحة الممتدة حتى (صفوان) . يتحدث الكاتب والصحفي الأنجليزي ديفيد فروست في كتابه الموسوعي (الحرب الكبرى تحت ذريعة الحضارة ) عما حدث من أعمال أجرامية قامت بها الطائرات الأمريكية خلافاً لكل الأعراف وقواعد الحرب البرية يقول (ديفيد فروست) أمتد طريق صدّام إلى مئة كيلومتر عن الطريق السريع من مدينة الكويت إلى الحدود العراقية في صفوان أنها طريق الرعب والدمار والعار بسبب مئات الجثث المقطعة الممتدة على الطريق نتيجة آلاف الدبابات العراقية والعربات المصفحة التي تنتشر سوداء ومهجورة هناك . عارٌ لأن جنود صدام ملأوا سياراتهم المصفحة بالسرقات ، عارٌ أيضاً لأننا عاقبناهم بموت مهين وغير ضروري .لقد أنتشر الموت على طول الطريق على بعد (8) كيلومترات من مدينة الكويت وكنت تستطيع رؤيتهم كلما أقتربت من الحدود العراقية . بالطبع هو أن الرعب هو الذي يصدمك أولاً ، ثمة جثة جنرال عراقي نصفها خارج الليموزين المسروقة ، شفتاه ممزقتا ويداه ممدتان على الطريق بشكل مهين على بعد (25) كيلو إلى الشمال من المدينة ، وترى شارات الجنرال على لباسه المرقط وفي مكان أبعد تنتشر الجثث على الطريق السريع قرب الدبابات وشاحنات الجيش .
كان المدنيون الكويتيون يقفون فوق الجثث وهم يضحكون ويأخذون الصور لبقايا أجساد للجنود العراقيين ، ويبدأ الدمار الكبير على بعد (25) كيلومتر أخرى تحت جسر يقع أسفل تل صغير يسمى (متلة) حيث مات العراقيون بالمئات ، بل بالآلاف عندما وقعوا في فخ القصف الأمريكي والبريطاني على قمة التل وربما أصيبوا بالذعر عندما تكدسوا في شاحناتهم – 20 في كل واحدة في سلسلة طولها 61 كيلومتراً ، وقام الطيارون الأمريكان والبريطانيون بأصطيادهم .
يقول (فروست) قال لي الجنرال (لي باكستر) ، كان الأسرى الذين رأيناهم بقايا رابع جيش في العالم ، غير حليقين متعبين يقودهم كالقطيع جنود فرقة الخيالة من الفوجين (16 و5) ويسيرون في الصحراء على الأقدام ، ويلقون بأسلحتهم الفردية على كومة من الأسلحة أرتفاعها بين 4 و5 أمتار تحرسها القوات الأمريكية على طول الطريق نحو الحدود العراقية .
ولعل أبشع جريمة أرتكبها الجيش الأمريكي قصفه ملجأ العامرية الذي أحترق فيه أكثر من أربعمئة طفل وأمرأة وشيخ ، لجأوا إليه هرباً من القصف الأمريكي لبغداد . هذه الجريمة التي تعتبر من أفضع جرائم الحرب التي تعاقب عليها محكمة الجنايات الدولية.
ولعل ما قامت به أمريكا مع حليفاتها الغربية في فرض حصار على العراق في مجلس الأمن يشكل ظاهرة غريبة تدلّ على الروح الأنتقامية إزاء شعبنا . فلم يتخذ المجلس في تأريخه أية عقوبات بهذا الشكل المروّع ، الذي حاصر العراق مدة (13) سنة مانعاً عن الأطفال والكبار الدواء والغذاء مما تسبب بموت أكثر من مليون أنسان نتيجة الجوع والمرض . وهذه جريمة أخرى من جرائم الأبادة التي أرتكبها الأمريكان وحلفائهم في العراق .
لن أنسى المناظر المؤلمة والحزينة وانا أشاهد جنائز الأطفال الصغيرة تدور في شوارع بغداد ، فقد مات نتيجة المرض والجوع من الأطفال أكثر من نصف مليون طفل .
وما زلت أحمل في داخلي الحزن على حفيد صديقي حسين أبن الثلاث سنوات وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة بين والديه وجده وبقية أفراد العائلة ، الباكين واللاطمين على الصدور وهم يشاهدون فلذة كبدهم يلفظ أنفاسه الأخيرة بسبب أنعدام أدوية السرطان في العراق نتيجة الحصار الجائر على بلدنا .
كتبت وأنا مستغرق في الحزن قصيدة تعبر عن ألمي عنوانها .
غدروا سميك يا حسين
غدروا سميّك يا حسين وكم حسينٍ في بلادي غيبتهم يدا هبل
درب الشهادة مذ بدأت به أستمر على مدى الأجيال نوراً ما أفل
يا يوم عاشوراء يا قبساً أطلّ على الدروب الخاويات ولم يزل
منح النفوس الخابيات عزيمة مشبوبةً لن تستكين ولن تشل
يا سيدي لو عدت يوماً سوف يشجيك المقام فحالنا لا يحتمل
وقعت علينا كل مظلمة القرون أصابها في قومنا خطبٌ جلل
زرعوا السمّ الزعاف قنابلاً أشعاعها غطىّ البقاع بلعنةٍ والموت حلّ
أخترم الأشعاع ذاك الرجس أجساد وصغار السن والوحش أنفتل
ها همُ فجر بلادي بعضهم يذوي وبعضٌ طاله السيف العذل
أنتشر الداء بهم والجوع أضناهم كما يسري لهيب النار في جذع الأثل
أنها حرب فناءٍ قتلت غدراً براعم طرفها بالنور يوماً ما أكتحل
غربت بسمة أمٍ في غمار الموت والفرحة في أحشائها لم تكتمل
غاب عن أفق بلادي فرح الأطفال وألتف سواد الموت آلافاً قتل
كان غضّ الطرف فتاناً جميلاً كان أحلى من عبارات الغزل
كان في زقزقة دائمةٍ ألحانها تشفي نفوس الحائرين من الملل
كذبوا في الذود عن حق بني الأنسان ، حق المرء في أعرافهم محض دجل
لم تكفي الأمريكان وحلفائهم الجرائم التي أرتكبوها في العراق وغيره من الدول ، وأستمروا في النهج التوسعي الأجرامي ضاربين عرض الحائط جميع قواعد القانون الدولي وشريعة الأمم المتحدة حتى تولىّ عليهم وحش كاسر (ترامب) أستلم الحكم وهو يزبد ويعربد بما أحتوته قائمته من الجرائم بحق الشعوب والأنسانية متنكراً لأعراف وقوانين بلاده وقواعد القانون الدولي .
وأول ما أفتتح به سياسته العدوانية تمثل في ألغائه أتفاقية فينالعام لعام 2015 المتعلقة بأيقاف الحكومة الأيرانية وعملها لأمتلاك القنبلة النووية ، تلك الأتفاقية التي وقعت عليها الدول الست أنجلترة ، ألمانيا ، فرنسا ، روسيا ، الصين وأيران ، وتبناها مجلس الأمن بقرار ملزم لجيمع الأطراف الموقعة على الأتفاقية .
لم يحترم هذا المهرّج الذي يصرّح في خطاباته كل يوم بأنتهاك جديد لحقوق الأنسان وبتهديده لدول العالم المختلفة بالعقوبات الأقتصادية والعسكرية والسياسية .
لم يكتفي بألغاء الأتفاقية مع أيران بل فرض بشكل أعتباطي عقوبات صارمة لم يعرفها تأريخ العلاقات الدولية . تلك العقوبات التي مُنحت أستثناءاً لمجلس الأمن ، وأستمر الأهوج في فرض العقوبات الأقتصادية على أيران التي أفضت إلى أيقاف صادراتها النفطية ، ومن ثم هدد كل من يتعاون في شراء النفط أو التعامل مع أيران بفرض العقوبات غير القانونية . فأنسحبت كل الدول التي تشتري النفط من أيران خوفاً من تلك العقوبات وتعرض الأقتصاد الأيراني الذي يعتمد كثيراً على مبيعات النفط إلى خسائر جمّة وتردت العملة الأيرانية إلى أبعاد خطيرة .
أستمر في تهديداته وأرسال سفنه وطائراته إلى الخليج العربي مهدداً أيران بالويل والثبور ومهدداً في نفس الوقت العالم والأقليم بحرب شعواء لا تبقي ولا تذر . بل هدد أيران بضربة قاضية تتحول فيها الدولة مع شعبها إلى هشيم ، ويتهم في نفس الوقت أيران بأشكال التوتر ، فهل هذا العدوان الصارخ من قبل (ترامب) له موجب لولا ما رغب في أبعاد شبح تدمير أسرائيل حبيبة أمريكا من خطر الصواريخ الأيرانية وصواريخ حسن نصر الله وحزب الله ، الذي ثبتت فعاليته أزاء الكيان الصهيوني عام 2006 .
ما زال يفرض العقوبات على حزب الله في لبنان وعلى نوابه وقياديه بقوانينه الداخلية ، التي يريد فرضها على دول العالم . وهذا ينافي ويتعارض مع قواعد القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة ،التي لا تجيز تطبيق قوانين الدول الداخلية على غيرها من الدول لأنها بذلك تخرق سيادتها وتفرض عقوبات غير قانونية على شعبها وأقليمها ، كما حصل في الفترة الأخيرة في فرض عقوبات على أربع شخصيات عراقية بحجة فسادها وتشجيعها الأرهاب فمن يا ترى أدخل الفساد والأرهاب إلى بلدي العراق ؟؟ أن لم تكن الولايات المتحدة بعد أحتلالها لبلدنا وصرف الـ 18 مليار دولار في الرشاوي لرجالات السياسة محرضّة أياهم على الحرب الطائفية ودربتهم على الفساد ، الذي نخر بلدنا وهتك عرضنا وفتت وحدة شعبنا ، وما زال ترامب يبعث بجنوده ويقيم القواعد في أراضينا خارقاً سيادتنا ومعتدياً على قدسية أرضنا وشعبنا ، وما زال يهددنا وأبنائنا بالعقوبات القادمة إذا أستمر التعاون بيننا وبين جارتنا أيران التي لا يمكن نسيان وقفتها معنا حينما تعرضت بغداد لخطر داعش الأجرامي فكيف نعتبر أيران مجرمة وخارقة لسيادتنا ونحن نرى أعمال ترامب ومن يحيط به من المجرمين ، الذين أستباحوا العراق في عدوانهم علينا عام 2003 أمثال (بولتن) المستشار القومي لأمن أمريكا . الذي كان أحد المحرضين الكبار للرئيس بوش في أحتلال العراق ، كما يحرض وينادي بتدمير أيران خدمة لأسرائيل حبيبة الولايات المتحدة .
هذه الدولة اللقيطة التي ناصرتها أمريكا منذ قيامها ، وفي جميع حروبها مع العرب وخرقها لقواعد القانون الدولي ، وتقضم في كل يوم قطع كبيرة من أراضي القدس والضفة الغربية والجولان ، ويهلل ويكبرّ لها ترامب وحاشيته مناصرين وداعمين كل خروقاتها للشرعية الدولية ، حيث قام ترامب بخرق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالقدس عاصمة للفلسطينين ناقلاً سفارته من تل أبيب إلى القدس خلافاً لقرارات الأمم المتحدة ومعترفاً بالجولان جزءاً لا يتجزأ من أراضي أسرائيل ، ويقوم هو ومستشاره بالترويج لصفقة القرن محاولاً أنهاء الصراع الفلسطيني من أجل دولته ، داعماً لأسرائيل بتجاوزاتها العلنية في أقتطاع الأراضي الفلسطينية وأقامة المستعمرات عليها ، مبتلعة بالتدريج القسم الشرقي من القدس ومحتلة الضفة الغربية بأستمرار ومرتكبة المجازر في غزة وتطويقها وحصارها محاولة أبادة سكانها بهذا الحصار .
والأنكى من ذلك وقفت ممثلة الولايات المتحدة (هيلي) موقف المناصرة لدولة أسرائيل مهددة ولاعنة كل من يعتدي على هذه الدولة الشرعية بضربه على رأسه بالحذاء . هذه هي اللغة التي تعلمتها من سيدها ترامب ، لغة الشوارع التي جاءت منها ، ولعل مايثير أن أسرائيل كافأتها في زيارتها لها بحذاء من الذهب نكاية بكل من يعادي هذه الدولة . هذه هي السياسة العدوانية التي ينتهجها ترامب وأعوانه إزاء فلسطين وشعبها وأزاء أيران المعتدى عليها .
وهناك خروقات وتجاوزات كثيرة قام بها هذا الوحش (الليوثان) منذ توليه الرئاسة ، ومن أبرز ما قام به خروجه من أتفاقية المناخ في باريس لعام 2015 التي أقرت بخطر الأنحباس الحراري المهدد يومياً للطبيعة وللأنسانية بما يعتريها من الآفات الطبيعية كالجفاف الذي يضرب دولاً كثيراً في أفريقيا وأسيا ، بل حتى في الولايات المتحدة ، التي تحولت ولايتها الخصبة كاليفورنيا ، والتي زودت امريكا ودول العالم بحاصلاتها الزراعية إلى أرض جافة وغاباتها إلى الأحتراق نتيجة ذلك الجفاف .
كل ما يحصل من مآسي في امريكا والأنسانية لا يخص (ترامب) الذي يسخر مما يسميه خزعبلات الأنحباس الحراري مكذباً العلماء وذوي الأختصاص ، بأن ما يقولونه محض أكاذيب حول الخطر الذي يهدد الكرة الأرضية .
كل ذلك من أجل حماية شركاته الكبرى ، التي تمتنع من الأستجابة لأتفاقية باريس في تخفيظ ثاني أوكسد الكاربون ، الذي تصدره معاملها ، فلتحترق الكرة الأرضية بمنطوق (ترامب) فهي لا تحرقه ومصالحه ومصالح الشركات الكبرى .
وكشف هذا الرئيس عن نوازعه الشريرة أزاء شعبه وشعوب العالم الأخرى ، فأعلن عن توجهاته العنصرية أزاء الملونين في بلده ،وقام برفض وألغاء أهم ما قام به الرئيس الأسود (أوباما) فألغى قانون أوباما في العناية الصحية (أوباما كير) والذي كان يخدم أكثر من (70) مليون أمريكي لا يملكون الأمن الصحي ، وطلب منذ فترة قصيرة من 4 نائبات ديمقراطيات ملونات قادمات من دول أخرى بعودتهن إلى مواطنهما لأن هاتيك النسوة الديمقراطيات كن كالشوكة في جنبه يعملن على فضح سياسته العنصرية .
كما لم يتوانى في منع مواطني (7) دول أسلامية وعربية من الدخول إلى الولايات المتحدة ، وأعتبر سكان هذه المناطق بدون تمييز أرهابيون خطرون على أمن الولايات المتحدة .
كما قام بقطع العلاقات وأعادة العقوبات على كوبا التي ألغاها أوباما وقام بزيارة كوبا لتخفيف التوتر مع هذه الدولة الأشتراكية النامية . وأستمر في سياسته العدوانية ضد كوبا .
ولم يتوانى عن تآمره وتدخله الفض في شؤون الدولة الفنزويلية التي يعادي نظامها الشعبي الوطني ، فهو ووزير خارجيته ومستشار امنه القومي يهاجمون في كل يوم رئيسها وحكومته ، ويحرضون الشعب الفنزويلي بقيادة رئيس مجلس النواب على الأنقلاب على الحكومة الوطنية وقد فرض انواع العقوبات التي أدت إلى تجويع شعب فنزويلا بعد أن حجزت حكومته مليارات الدولارات من واردات نفطها .
ولم ينجو من سياساته العدوانية والعقابية حتى أقرب حلفائه من الدول الأوربية ، فقد فرض ضرائب كبيرة على منتجات السوق الأوربية الحليفة لأمريكا . وقام بتهديد أصدقائه في الدول الخليجية بغية أستنزاف ثرواتهم موجهاً خطابه بشكل مباشر ومهين إلى رجالات تلك الدول قائلاً لولا وقوفنا بجنبكم وحمايتكم لما أستطعتم الثبات والصمود لأسابيع قليلة وعليكم أن تدفعوا مقابل هذه الحماية . أي لغة بذيئة وتهجمية وعدوانية تلك التي يستخدمها (ترامب) في تغريداته وخطاباته الموجهه إلى دول العالم .
وأستمر في فرض العقوبات على روسيا ورجالاتها السياسين بحجة التدخل في (أوكرانيا) ونراه من آونة وأخرى يوجه تهديداً لروسيا بالويل والثبور إذا لم تستجب لضغط الولايات المتحدة . ولم تنجو الصين وشركتها (هواوي) عن عقوبات هذا الطاغية غير الشرعية . فقد فرض على منتوجاتها ضرائب كمركية تسببت في ضرر التجارة مع الصين ، كما أن عقوباته الأقتصادية أزاء الدول الأخرى تسببت في نشوب الحرب التجارية التي أوقفت قواعد منظمة التجارة العالمية . هذه المنظمة التي عملت وما زالت لمصلحة الولايات المتحدة .
ولعل أبشع ما قام به في تعامله مع اللاجئين من ملايين سكان دول أمريكا اللاتينية ، الذي أمر بطرد من لم يحصل على الأقامة بشكل رسمي في الولايات المتحدة . وفصل صغارهم ووضعهم في معسكرات خاصة بعيداً عن ذويهم . أي سياسة لا أنسانية لم تقترفها سابقاً حكومات الولايات المتحدة إزاء مواطني دول أمريكا اللاتينية ، كما وقام ببناء السور الكبير على الحدود المتاخمة للمكسيك لمنع تقدم اللاجئين من دول أمريكا اللاتينية الفقراء . الذين سلبت قوتهم وثرواتهم خلال عشرات السنين عن طريق شركات الموز ، وبعد أن أستنفر موارد الثروة لديهم قام بوضع هذا السور لمنعهم من الدخول للولايات المتحدة للعمل فيها ، هذا هو فيض من غيض مما قام ويقوم به هذا الرئيس إزاء مواطنيه وشعوب ودول العالم ، ضارباً عرض الحائط الشرعية الدولية المتمثلة بمبادئ وقواعد القانون الدولي ومنظمة الأمم المتحدة المسؤولة عن الأمن الدولي وحمايته عن طريق العقوبات في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة .
والزعيم الثاني المتعملق (أردوغان) الذي قام ويقوم بأعمال تعسفية وعدوانية إزاء الدول والشعوب العربية ، تارة بأسم الأسلام ودعمه لجماعات الأخوان المسلمين وتارة بالهجمات وأحتلال أراضي جاراته كالعراق وسوريا .
وهنا سوف أناقش موضوعين أساسين يتعلقان بنشاط هذا الرئيس التركي الذي يريد أعادة مجد السلاطين وعودة الخلافة الأسلامية .
الأول يتعلق بنشاطه وأعماله الأرهابية إزاء شعوبنا العربية في العراق ، سورية ، ليبيا ، السودان .
والأمر الثاني يتعلق بأعماله العدوانية والمتمثلة بأحتلاله أراضي عراقية وسورية وهجوماته اليومية العدوانية على أراضي العراق وسورية ، وسوف أتوقف وأبحث هذا الموضوع بالتفصيل الممل الذي يتعلق بعدوانه على السيادة العراقية .
أن الأرهاب كارثة جديدة وكبيرة تجتاح العالم ، بل أستطيع القول دون مبالغة أعتباره حرباً عالمية جديدة بوسائل غير تقليدية كما شهدتها الحروب السابقة ، فالحرب التي تشنها وتقودها القاعدة وداعش ، وبقية المتطرفين الأسلاميين تحارب في دول وجهات عديدة باكستان ، أفغانستان ، العراق ، الصومال ، اليمن ، ليبيا ، تونس ، مصر ، الجزائر ، نايجيريا . وغيرها من دول العالم الغربي والولايات المتحدة الأمريكية ، هذه الحرب التي يسقط فيها آلاف القتلى والجرحى والأسرى وترتكب الجرائم البشعة خلالها ، تعتبر من جرائم الحرب وجرائم الأبادة .
تملك داعش والقاعدة صلات مع نحو ستين بلداً في العالم مما يبرهن على عالمية الحرب التي تشنها هذه التنظيمات ، وتقوم بتكوين أمارات أسلامية كما حصل في العراق وسورية وليبيا . وهذا التنظيم لا يضم مقاتلين فقط كما يبدو للعيان ، وأنما يضم كوادر مختلفة ، فألى جانب المقاتلين يوجد المئات من المهندسين الذين يشقون الطرق ويبنون الجسور والأنشاءات المختلفة في البلدان والمدن التي يحتلونها كما حدث في العراق وسورية .
كما أن هناك فئة الأطباء والممرضين ومهندسي الكومبيوتر والكهرباء وأخصائيين في مجال الألكترونيات ، والأعلام المتطور ، كذلك يوجد لديهم أقتصاديون وأختصاصيون في أدارة الأموال والأعمال ، كما يوجد أعداد كبيرة من رجال الدين والوعاظ والدعاة وكل مايحتاجه التنظيم من سواق وطهاة وحراس وخلاف ذلك .
لعبت تركيا وما زالت دوراً محورياً وأساسياً في عمليات الأرهاب ، التي جرت في سوريا وما زالت تجري في مدنها وعلى أراضيها ، وخير مثال على ذلك ما يحدث حالياً في مدينة أدلب السورية ، التي تجتمع فيها فصائل الأرهاب بقيادة منظمة النصرة القاعدية . ويقف خلفها ويدعمها الأتراك بتحريض وتمويل مستمر للزعيمهم على بلداننا .
لعبت تركيا بزعامة أردوغان دوراً هائلاً في مساعدة الأرهابيين القادمين من شتى بلدان العالم للدخول إلى سورية ومن ثم للعراق ، وكانت تقيم في أراضيها معسكرات التدريب وتزودهم بأنواع الأسلحة والمعدات الحديثة وما زالت تقوم بهذا الدور الخطير مما يستوجب محاكمة أردوغان ورجال مخابراته القائمون بهذه الأعمال الخطيرة أمام محكمة الجنايات الدولية .
ان مجلس الأمن هذا الجهاز الذي يعتبر السلطة التنفيذية في منظمة الأمم المتحدة أصابه الشلل بسبب سلوك الدول الكبرى وبشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية بلجوئها إلى أستخدام (الفيتو) .
لكن الأحداث التي هزّت الولايات المتحدة بما أرتكبه الأرهابيون بحقها وحق سفاراتها وممتلكاتها وأبنائها من الجرائم جعلها تعيد النظر في موقفها المعادي لتحديد مفهوم الأرهاب ومكافحته ، فنراها تتحول بسرعة وتطلب من مجلس الأمن بالتعاون مع حليفاتها بالوقوف بحزم في وجه الأرهاب خصوصاً بعد مهاجمة بارجتها وقتل البحارة ومحاولة أغراقها في عدن ، ومن قبل ذلك الهجوم الذي دمّر سفارتها في بيروت وقت العشرات من جنودها . كما جرى في الصومال عمل شبيه بذلك . وتعرضت سفارتها في كينيا وأماكن أخرى مما جعلها تعيد النظر في موقفها من الأرهاب .
أتخذ مجلس الأمن قراره الخاص بأدانة الأرهاب وتجريمه في القرار المرقم 1269 عام 1999 . جاء في هذا القرار :
ان مجلس الأمن : أّذ يساوره القلق الشديد بسبب تزايد أعمال الأرهاب الدولي ، التي تعرض للخطر حياة الأفراد وسلامتهم في جميع انحاء العالم ، يؤكد من جديد أن أعمال الأرهاب الدولي بما فيها الأعمال التي تكون الدول ضالعة فيها ، هو أسهام أساسي في صون السلم والأمن الدولي .
أريد منه أدانة قاطعة جميع أعمال الأرهاب وأساليبه وممارساته بوصفه أعمالاً أجرامية لا يمكن تبريرها بغض النظر عن دوافعها وذلك بجميع أشاكالها ومظاهرها ، وأينما وقعت وأياً كان مرتكبها ، لا سيما الأعمال التي تهدد الأمن والسلم الدوليين.
2 – يهيب بجميع الدول أن تنفذ تنفيذاً كاملاً الأتفاقية الدولية المناهضة للأرهاب والتي هي أطراف فيها
أستدعت الأحوال الجديدة التي تلت تدمير برجي التجارة العالمية في نيويورك عام 2001 أن تعجّل الولايات المتحدة في اللجوء إلى مجلس الأمن لأتخاذ أجراءات وعقوبات صارمة بحق الأرهابيين ومن يدعمهم ويأويهم ويمولهم .
جاء في القرار (1373) الذي أتخذه مجلس الأمن في أيلول 2001 بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة مايلي
يقرر أن على جميع الدول :
⦁ منع ووقف الأعمال الأرهابية
⦁ تحريم قيام رعايا هذه الدول عمداً بتوفير الأموال أو جمعها بأي وسيلة بصورة مباشرة أو غير مباشرة في أراضيها لكي تستخدم في أعمال أرهابية ، أو في حالة معرفة أنها سوف تستخدم في أعمال أرهابية .
جـ – القيام بدون تأخير بتجميد الأموال أو أي أصول مادية أو موارد أقتصادية لأشخاص يرتكبون أعمالاً أرهابية أو يحاولون أرتكابها أو يشاركون في أرتكابها أو يسهلون أرتكابها أو الكيانات التي يمتلكها أو يتحكم فيها بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، هؤلاء الأشخاص أو الأشخاص كيانات تعمل لحساب هؤلاء الأشخاص والكيانات ، أو بتوجيه منهم ، بما في ذلك الأموال المستمدة من الممتلكات التي يمتلكها هؤلاء الأرهابيون ومن يرتبط بهم من أشخاص وكيانات أو الأموال التي تدرها هذه الممتلكات .

د – يحضر على هذه الدول أو على أي أشخاص أو كيانات داخل أراضيها أتاحة أموال أو أصول مالية أو موارد أقتصادية أو خدمات مالية أو غيرها ، بصورة مباشرة أو غير مباشرة للأشخاص الذين يرتكبون أعمالاً أرهابية أو يحاولون أرتكابها أو يسهلون أو يشاركون في أرتكابها ، أو الكيانات التي يمتلكها أو يتحكم فيها بصورة مباشرة أو غير مباشرة هؤلاء الأشخاص والكيانات التي تعمل بأسم هؤلاء أو بتوجيه منهم .
2 – يقرر أيضاً على جميع الدول :
أ – الأمتناع عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم الصريح أو الضمني إلى الكيانات أو الأشخاص الضالعين في الأعمال الأرهابية ويشمل ذلك وضع حد لعملية تجنيد الجماعات الأرهابية ومنع تزويد الأرهابيين بالسلاح .
ب – أتخاذ الخطوات اللازمة لمنع أرتكاب الأعمال الأرهابية ويشمل ذلك الأنذار المبكر للدول الأخرى عن طريق تبادل المعلومات .
ج – عدم توفير الملاذ الآمن لمن يمولون الأعمال الأرهابية ويديرونها أو يدعمونها أو يرتكبونها ، وأن يوفرون الملاذ الآمن للأرهابيين .
د – منع من يمولون أو يديرون أو ييسرون أو يرتكبون الأعمال الأرهابية من أستخدام أراضيها في تنفيذ تلك المآرب ضد دول أخرى أو ضد مواطني تلك الدول .
هـ – كفالة تقديم أي شخص يشارك في تمويل أعمال أرهابية أو تدبيرها أو الأعداد لها أو أرتكابها أو دعمها إلى العدالة ……..
ز – منع تحركات الأرهابيين أو الجماعات الأرهابية عن طريق فرض ضوابط فعّالة على الحدود وعلى أصدار أوراق أثبات الهوية ووثائق السفر بأتخاذ تدابير لمنع تزوير وتزييف أوراق أثبات الهوية ووثائق السفر أو أنتحال شخصية حاملها .
5 – يعلن أن أعمال وأساليب وممارسات الأرهاب الدولي تتنافى مع مقاصد ومبادئ الأمم المتحدة ، وأن تمويل الأعمال الأهاربية وتدبيرها والتحريض عليها عن علم ، أمور تتنافى مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها ….
واتخذ مجلس الأمن العديد من القرارات التي تؤكد القرار المذكور أعلاه (13730 ، 2462 ، 2253) وتم أنشاء لجنة مكافحة الأرهاب لملاحقة الأعمال الأرهابية ومراقبة ما تقوم به الدول في هذا الصدد .
أن الأنتقالة المهمة في عمل مجلس الأمن في تجنيد أمكانياته لمحاربة الأرهاب تجسدت في القرار (1373) الذي رسم الخطوط الأساسية الواجب الألتزام بها من قبل الدول المحاربة للأرهاب وقد برهن المجلس في قراره المذكور أن الأرهابيين لن يفلتوا من العدالة سواء كانوا مشاركين في الجريمة أم مشجعين لها ، أو يوفرون للأرهابيين المأوى أوو يمدونهم بالسلاح أو المساعدات المالية وكذلك لن يسلم من العقاب من يحرضون على الأرهاب سواء كانوا أفراداً أو حكومات ، فالكل مسؤول عن الجريمة الأرهابية ويجب أن يعاقب على أرتكابها .
ولن يفلت (أردوغان) من المحاسبة وفرض العقوبات عليه وعلى رجال جيشه وامنه ، الذين مولوّا وساعدوا ودربوّا ونقلوا الأرهابيين إلى العراق وسورية ، سواء تم هذا العقاب عن طريق المحاكم الدولية أو الداخلية .
ولم يتوقف أردوغان عن الأستمرار في العمل الأرهابي وممارسة كل أشكاله في مصر ، التي يدعم فيها الأخوان المسلمين ، معتبراً أنه من كبار زعمائهم . ومدّ ارهابيوا الأخوان بالأسلحة والمعدات والأموال للقيام بالأعمال الأرهابية في الدولة المصرية .
كما أنه مستمر في تمويل الأرهابيين وتجهيزهم بالمال والرجال والسلاح في ليبيا بدون ان يخفي ذلك . حيث تصل المعدات على السفن المدنية والحربية القادمة من تركيا حاملة المدرعات والمدافع والأسلحة المتنوعة في الحرب الدائرة في طرابلس.
ولم تتوقف جرائم أردوغان فهو قد جهز القوات العسكرية التي أحتلت شمال سورية كمدينة عفرين ، وتساهم قواته في أدلب بحماية جماعة النصرة ويجهز في الوقت الحاضر حملة كبيرة للأستيلاء على شرق الفرات والوصول إلى الحدود العراقية .
كل ذلك تمهيداً للأستيلاء على القسم الشمالي من سورية وتغيير المجال الطوبوغرافي لهذه المنطقة وأحلال الأسلاميون والأرهابيون محل سكانها الأصليين بدلاً عن الكرد والذي يعتبرهم أردوغان من العصابات الأرهابية ، التي يريد أجتثاثها وهو لايخفي معاداته للكرد في سورية وتركيا والعراق .
أن أردوغان يعمل على تأمين خط طويل في شمال سورية ويدخل ضمن هذه المنطقة أدلب ، عفرين ، ومنبج حتى الحدود العراقة بعمق (32) كيلومتراً وطول (400) كيلومتراً بحجة محاربة الأرهاب الكردي وحماية أمن تركيا . ولا تخفي علينا مطامع أردوغان في الأراضي العربية التي كانت خاضعة للأمبراطورية العثمانية . فهو يريد أعادة الخلافة ، بل السلطنة إلى سابق عهدها بأسم الأسلام ، ولذلك فهو يدعم الأخوان المسلمين في كل من مصر ، سورية ، السودان ، ليبيا ،العراق ، وقطر .
ويوجه أعلامه لخدمة أهداف الأسلامويين في الأرهاب الذي يجتاح الدول العربية .
ولنعود إلى أطماع أردوغان في العراق ، التي تحتل جيوشه الأراضي العراقية متجاوزة على سيادته بأسم محاربة الأرهاب . وهو يتناسى أن دولته هي مصدر الأرهاب في المنطقة .
كانت الأتفاقية الأولى في ثمانينات القرن الماضي ، وتم ذلك بالأتفاق مع حكومة صدام حسين . وحدث هذا الأمر حين أشتد أوار الثورة الكردية في كردستان العراق ، وجاء أتفاق صدام مع الأتراك لمحاربة الثورة الكردية متنازلاً عن الأراضي العراقية المقدسة للأتراك وأطماعهم ، وسمح لهم بأسم مطاردة الثوار الأكراد الترك إلى مسافة (18) كيلومتر . ولكن ما حصل ويحصل أن الأتراك بلغ ما يحتلونه من أراضي عراقية في كردستان مئات الكيلومترات وبعمق تجاوز السبعين كيلومتراً . ودخلت أراضي (بامرني ، كانيماسي ، شيلادزة ، خواكرك ومن ضمنها جبل قنديل ) .
أقام الترك في هذه الأراضي قواعد عسكرية دائمة تعج بالجيوش المدرعة والطائرات والمدفعية وتقوم الطائرات المعتدية يومياً بالأغارة على أراضي كردستان قاتلة الأبرياء من السكان ومدمرة القرى الآمنة ، التي غادرها سكانها للمحافظة على أرواحهم من القصف التركي .
ومما تجدر الأشارة إليه صمت الحكومة المركزية وحكومة الأقليم وكأنها ضمنياً تؤيد هذه الحملات ووجود المعسكرات التركية بأٍسم مكافحة حزب العمال التركي ، الذي لا يحضى بتأييد كرد العراق وحكومة بغداد ، ناسين أن أراضينا سوف تبقى محتلة وتُضم إلى تركيا تحت هذه الذريعة العقيمة ، وتناسى زعمائنا أن هذه الأعمال العدوانية بحق أكراد تركيا لن تحل المشكلة الكردية ومعلوم للعا م أن أكراد تركيا يتجاوز عددهم الخمس والعشرون مليوناً فلا الأضطهاد ولا القتل والتشريد قادرة على قهر أرادتهم ، بل الحوار السلمي ومنحهم الحقوق المشروعة ، وأمامنا شاهدة التجربة العراقية ، التي أستخدم فيها حكام العراق كل الأسلحة حتى الأسلحة الكيمياوية بحق الكرد وفي النهاية رضخوا لمنحهم الحق في الحكم الذاتي .
والموجه الثانية من الأحتلال التركي لأراضينا ، حصلت في زمن محاربة داعش ، حيث دخلت الجيوش التركية المدججة بالسلاح المدرع والمدفعية والمشاة وأقاموا في (بعشيقة) بأسم محاربة الأرهاب ، ولكن الأرهاب يأتي منهم ومن قائدهم أردوغان وسأبحث بالتفصيل هذا العدوان على أراضينا وسيادتنا .
تعرض العراق لأنتهاك سيادته من قبل أكثر من دولة حليفة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، ومن أبرز هذه الدول تواجد قوات الأحتلال التركية على الأراضي العراقية .
ونتيجة للظروف القاسية التي يمر بها العراق من عدوان داعش والمشاكل الداخلية المتمثلة بالصراع السياسي بين الكتل الطائفية والأثنية (سنة ، شيعة ، كرد) فقد أستغلت تركيا هذا الموضوع وأرسلت قواتها العسكرية في 3 كانون الأول 2015 لأحتلال جزء من العراق ، حيث أستقرت في بعشيقة ، مهددة ومعتدية على السيادة العراقية .
يعتبر هذا التدخل غير الشرعي في الأراضي العراقية تدخلاً مرفوضاً فلم تدعو الحكومة العراقية الأتراك للتدخل . كما ويعتبر عدواناً سافراً على العراق . وقد طلبت الحكومة العراقية مراراً سحب هذه القوات وقدمت شكوى لمجلس الأمن بهذا الخصوص ، معتبرة هذا العمل خرقاً لسيادتها وعدواناً سافراً . ولكن الجيوش التركية وبزعامة أردوغان أمتنعت عن سحب قواتها ، وقد صرّح أردوغان قائلاً ليس لدى تركيا أي خطة لسحب الجنود الأتراك من العراق ، وسنستمر بعملية التدريب ( بموافقة العراق) . ولكننا نتساءل متى صدرت هذه الموافقة ؟ لم يشر الرئيس التركي لذلك بل حصل العكس ، فقد طلب رئيس الوزراء العراقي ووزير الخارجية مراراً بسحب القوات التركية .
لقد دافع أردوغان مدعياً أنه تدخل لمساعدة العراق ضد (الدولة الأسلامية) قائلاً أن الدولة الأسلامية (داعش) والجماعات الأرهابية تعمل بشكل متهور ، وان بغداد غير قادرة على حماية الجنود الأتراك هناك . فهل علينا أن ننتظر دعوة الحكومة العراقية المركزية حينما يوجد هجوم على بلدنا . فليس لدينا مثل هذا الترف (1)
أنه لمنطق غريب وكاذب ، فمن هدد تركيا وهي الدولة القوية ، وعضو حلف الأطلسي ، وما هذه الأدعاءات الكاذبة بتهديد داعش لها . وهي التي خلقت وساعدت وسلحت وأرسلت داعش لسورية والعراق ووجود داعش في أراضينا حصل بمساعدة تركيا ، التي أستقبلت وموّلت هذه العصابات وأرسلتها لأحتلال الأراضي السورية والعراقية فألاف الأجانب القادمون من الدول الغربية وروسيا والشيشان دخلوا أراضينا بمساعدة الأتراك ، وكانت تركية هي الوسيطة لهذا الأحتلال ، الذي أستمر سنوات عديدة . فهل نحن من يهدد تركيا ، وهي التي هددتنا وأدخلت الأرهابيون إلى أراضينا وأرسلت قواتنا لأحتلال أراضينا .
ولا بد لنا من التأكيد على حقيقة هامة تتمثل في أطماع الرئيس (أردوغان) في الموصل وحلب السورية فهو يكرر من آن لآخر بأن الموصل جزء من الأراضي التركية (العثمانية سابقاً وأن أقتطاعها من أراضي تركيا بشكل غير شرعي . ولكننا نقول لهذا المعتدي ، بأن أعتداءات تركيا في عشرينيات القرن الماضي ردتها عصبة الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية الدائمة وأعتبرتها جزءاً من الأراضي العراقية .
أن دخول القوات التركية الأراضي العراقية بدون أرادة الدولة العراقية يعتبراً أعتداءاً على سيادة العراق ، وتدخلاً لا يتمتع بالشرعية في الشؤون الداخلية ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – أنظر جريدة الكارديان 12 كانون الأول 2015

وعدواناً سافراً على أراضي دولة مستقلة . أن عدوان تركيا على سيادة العراق واضح وصريح ولا يمكن تبريره فقد أحتلت القوات التركية جزءاً من الأراضي العراقية بقوة السلاح وفرضت قوانينها على هذه البقعة ، وهددت كل من يحاول التجاوز أو الأعتداء على هذه القوات التي أدعت باطلاً أنها دخلت لحماية العراق .
أن مبدأ أحترام السيادة الأقليمية للدول هو مبدأ ثابت ويشكل أحد القواعد الآمرة في القانون الدولي .
فأذا نظرنا إلى العدوان العسكري فسيبدو واضحاً أن العراق لم يقبل بدخول القوات العسكرية ، ولم يدعوها لدخول أراضيها إذ لا يوجد دليل على موافقة العراق ، زيادة في ذلك أن رئيس الوزراء العراقي نفسه طلب سحب تلك القوات من الاراضي العراقية بشكل واضح وصريح وعلني وفي اليوم التالي لدخولها ، وقد رفضت تركيا هذا الطلب بشكل صريح ، وتقدم العراق بشكواه إلى مجلس الأمن حول هذا العدوان ، وبذلك يعتبر هذا التوغل خرقاً للسيادة الأقليمية وخرقاً للقانون الدولي (1) .
قامت الحكومة التركية بخرق مبدأ مهم من مبادئ القانون الدولي وهو مبدأ عدم التدخل في أراضي دولة أخرى ، وقد حرّمت الفقرة (7) من المادة (2) من ميثاق الأمم المتحدة ، كل أنواع التدخل في الشؤون الداخلية . وهنا نجد أن الأتراك قاموا بأحتلال جزء مهم من الأراضي العراقية بالقوة العسكرية ، فقد أدخلوا قوات مدرعة وراجلة وأحتلوا منطقة كبيرة في شمال العراق (بعشيقة) بدون دعوة من قبل الحكومة العراقية ، بل رفضوا الأستجابة للطلب العراقي مراراً وتكراراً ، وهناك موقف دولي حاسم في تحريم التدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في الأمور الداخلية والخارجية مهما كان السبب . وبالتالي فأن أي تدخل عسكري أو أي شكل آخر من اشكال التدخل أو محاولة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – أنظر د سامي شبر . توغل القوات العسكرية التركية في الأراضي العراقية . جنيف ص 6 -7

تهديد ضد شخصية الدولة أو ضد مكونات أستقلالها أو أقتصادها أو ثقافتها يعتبر خرقاً للقانون الدولي (1)
كما تأكد هذا المبدأ بعد خمس سنوات في أعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة الذي جاء فيه :
يعتبر خرقاً للقانون الدولي أي تدخل عسكري أو اي نوع آخر من أنواع التدخل أو محاولة تهديد ضد شخصية الدولة أو مكوناتها السياسية أو الأقتصادية أو الثقافية(2) .
أن التدخل التركي في الأراضي العراقية حصل بدخول قوات عسكرية ، لذا يشكل تدخلاً عسكرياً كما جاء في أعلانات الجمعية العامة أعلاه ، أضف إلى ذلك فأن هذا التدخل العسكري موجه ضد السيادة الأقليمية للعراق وخرقاً لها . كما أنه موجه ضد المكونات السياسية والثقافية والدينية للعراق . وبذلك فأن جميع عناصر التدخل المنصوص عليها في اعلانات الجمعية العامة قد تمت . ولعل من المفيد ملاحظة أن أعلان الجمعية العامة لعام 1965 يعتبر أن جميع أنواع التدخل مدانة ، بينما تصريح الجمعية العامة لعام 1970 يعتبر هذه التدخلات خرقاً للقانون الدولي (3) .
ولا يقل خطورةً التدخل غير العسكري في شؤون العراق المتمثل في التدخل في الشؤون السياسية والثقافية والدينية فقد سلك الأتراك سلوكاً عدوانيا بتحريض مكونات معينة (سنية) ضد أخرى (شيعية) وقاموا بعقد مؤتمرات في تركيا ، لتكوين مكونٍ معادٍ للسياسة العراقية وقد أعلنوا عن أطماعهم في مدينة الموصل ، مستندين إلى وثائق عثمانية سبق وأن أبطلتها عصبة الأمم المتحدة في حق تركيا في الموصل . لكن مطامع أردوغان في حلب والموصل جعلته يعلن عن رغبته في عودة السلطة العثمانية ، ليعلن نفسه الخليفة والسلطان الجديد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – أنظر قرار الجمعية العامة (2131) في 27 كانون الأول 1965
2 – أنظر المبدأ الثالث في الأعلان ، قرار الجمعية العامة المرقم 262 في الجلسة 25 من أجتماعات الجمعية العامة . لغة أنكليزية
3 – أنظر د سامي شبر المصدر السابق ص 12-13
وقد هدد (أردوغان) في المعارك الدائرة في الموصل بالتدخل العسكري لحماية التركمان السنة في مدينة تلعفر ، أذا حاول الحشد العسكري العراقي أحتلال هذه المدينة . وهو يعلن دائماً أنه الحامي لحقوق (السُنة) في العراق وسورية ومصر وبقية الدول العربية . فهو أحد أهم قادة الأخوان المسلمين في عالمنا العرابي وبقية أقطار العالم .
أن دخول القوات العسكرية التركية للأراضي العراقية وأحتلالها (بعشيقة) يعتبر عدواناً سافراً على الدولة العراقية ، وخرق خطير لقواعد القانون الدولي . ولا يمكن تبرير هذا العدوان من قبل الأتراك بأي حجة كما سيأتي لاحقاً في أدعائهم في باب الدفاع عن النفس .
تبنت الجمعية العامة تعريفاً للعدوان في قرارها عام 1974 فنصت المادة الأولى على أن العدوان هو أستعمال القوة العسكرية من قبل دولة ما ضد سيادة دولة أخرى أو سلامتها الأقليمية أو أستقلالها السياسي أو بأي شكل يتناقض مع ميثاق الأمم المتحدة كما جاء في هذا التعريف .
وجاء في المادة الثالثة من التعريف :
يشكل أي عمل من الأعمال التالية عملاً عدوانياً بغض النظر عن أعلان الحرب وغزو القوات العسكرية المسلحة لدولة ما أراضي دولة أخرى او أي أحتلال عسكري مهما كان مؤقتاً ينتج عن مثل هذا الغزو (1)
وبناءاً على ذلك يجب أن تتوفر الشروط التالية لأعتبار أي عمل تقوم به دولة خاضعاً لتعريف العدوان الذي تبنته الجمعية العامة .
1 – أستعمال القوة العسكرية من قبل دولة ما ضد سيادة دولة أخرى أو سلامتها الأقليمية أو أستقلالها السياسي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – قرار الجمعية العامة المرقم 3314 في كانون الأول 1979 نص أنكليزي

2 – أستعمال القوة من قبل دولة ما في أي شكل مخالف لميثاق الأمم المتحدة .
3 – العمل الذي تم بواسطته أستعمال القوة ، هو غزو القوات المسلحة لدولة ما لأراضي دولة أخرى ونتج عن هذا الغزو أحتلال عسكري حتى ولو كان هذا الأحتلال موقتاً .
وبناءً على ما جاء أعلاه فأن التوغل العسكري التركي في الأراضي العراقية قد تم بأستعمال القوة العسكرية ضد السيادة العراقية والأراضي العراقية ونتج عنه أحتلال عسكري لجزء من العراق ، كما وشكل غزواً للعراق .
وأذاً فأن جميع عناصر تعريف العدوان للجمعية العامة قد توفرت ومن الجدير بالأهتمام هو أن تحريم العدوان في القانون الدولي يعتبر جزءاً من القواعد الآمرة .
والغريب في الأمر أن الرئيس التركي (أردغان) يرى في دخول قواته العسكرية وأحتلالها للأراضي العراقية بمثابة إجراءات للدفاع عن النفس ، فقد صرّح في 2 كانون الأول 2015 بأن .. الدولة الأسلامية (داعش) والجماعات الأرهابية الأخرى تعمل بشكل متهور وأن بغداد غير قادرة على حماية الجنود الأتراك هناك . فهل علينا أن ننتظر دعوة الحكومة العراقية المركزية حينما يقع هنا الهجوم على بلدنا ؟
ليس لدينا مثل هذا الترف .
ومن جهة أخرى صرح الممثل التركي لدى الأمم المتحدة أثناء مناقشة الشكوى العراقية ضد التوغل التركي في كانون الأول 2015 بأن داعش و(pkk) يستمران بتشكيل تهديدات أكبر لسلامة أمن تركيا من مناطق عراقية لا تستطيع الحكومة العراقية الوصول إليها ، ولنا الحق بممارسة حق الدفاع عن النفس .
أن قواعد القانون الدولي المتعلقة بحق الدفاع عن النفس منصوص عليها في المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة على الوجه التالي :
ليس في هذا الحق ما يضعف الحق الطبيعي للدول ، فرادى أو جماعات ، في الدفاع عن أنفسهم إذا حصل هجوم مسلح على احد أعضاء الأمم المتحدة وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن الأجراء اللازم لحفظ السلم والأمن الدولي .
أن الأجراءات التي يتخذها الأعضاء أستعمالاً لحق الدفاع الشرعي عن النفس يجب أن تبلغ فوراً لمجلس الأمن . وسوف لن تؤثر تلك الأجراءات بأي حالٍ على سلطة ومسؤولية مجلس الأمن المنصوص عليها في هذا الميثاق في أتخاذ أي عمل يراه ضرورياً لحفظ السلم والأمن الدولي أو أعادته إلى نصابه في أي وقت كان .
ويرى أحد وزراء خارجية أمريكا أن المبادئ الأساسية للدفاع عن النفس هي كالأتي :
ا – ضرورة الدفاع عن النفس
ب – تكون الضرورة أنية وساحقة
ج – عدم وجود خيار في الوسيلة
د – عدم وجود وقت للتفكير ملياً
هـ – ويجب أن يكون الدفاع عن النفس معقولاً وليس أكثر من اللازم (1)
أن التوغل العسكري التركي لم يكن رداً على هجوم شنه العراق ضد الأراضي التركية او القوات التركية . ولم يكن هناك تهديد بحصول هجوم فوري من العراق على تلك الأراضي أو القوات ، كما أن تصريح الجمهورية التركية لم يُشر صراحة أو ضمناً إلى مثل هذا الهجوم أو التهديد من قبل العراق أو داعش ضد الأتراك في العراق ، يضاف إلى ذلك أن تركيا لم تبّلغ مجلس الأمن بحصول هجوم أو تهديد من قبل العراق . أن كل ما أدعته تركيا هو أن داعش والمنظمات الأرهابية تعمل بشكل متهور وأن بغداد غير قادرة على حماية الجنود الأتراك .
أن كل ما يتعلق بالأدعاء التركي ، بأن داعش تشكل تهديداً خطيراً على سلامة وأمن تركيا عارٍ عن الصحة . إذ أن الكل يعلم بأن أغلب أرهابيّ داعش يدخلان سورية ثم العراق عن طريق تركيا . كما هو معلوم فأن تركيا تزودهم بالمال والسلاح القادم من الدول الأقليمية وخصوصاً من السعودية وقطر والأمارات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – أنظر دكتور سامي شبر – المرجع السابق ص 24

ولابد لنا في الختام أن نؤكد أن التوغل العسكري التركي في الأراضي العراقية عام 2015 ، والذي لا يزال قائماً ويهدد سيادة وأستقلال العراق يفتقر إلى أي أساس شرعي في القانون الدولي . إذ أنه حصل بدون موافقة الحكومة العراقية أو دعوتها للقوات العسكرية التركية ، وقد رفضت تركيا طلب رئيس الوزراء العراقية سحب قواتها ، والذي أدى بالتالي إلى شكوى العراق أمام مجلس الأمن ، وهكذا فأن تركيا قد أنتهكت السيادة الأقليمية للعراق وخرقت القانون الدولي ز
أن هذا التوغل يشكل عرضاً فاضحاً للقوة من قبل تركيا ويخالف المادة (2- ف 40) من ميثاق الأمم المتحدة ويشكل تدخلاً فضاً وفقاً لقواعد الأخلاق والقانون الدولي . كما أنه يمكن تكييف التوغل العسكري التركي على أنه عمل عدواني حسب تعريف العدوان للجمعية العامة للأمم المتحدة ، فقد حدث بأستخدام القوة من قبل تركيا ضد سيادة العراق الأقليمية . ونتج عنه أحتلال جزء من الأراضي العراقية وهذه هي العناصر الذي أحتواها تعريف العدوان .
كما أنه لا يمكن لتركيا أن تستند على حق الدفاع الشرعي عن النفس في القانون الدولي . أذ لم يكن هناك هجوم عسكري أو تهديد فوري للأراضي التركية أو قواتها العسكرية في العراق . لذلك لا يمكنها الأستناد إلى المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة .
بعد هذا العرض والتحليل الذي قدمناه في هذه الدراسة نخلص للقول : بأن المجتمع الدولي الذي حصد ثمرات القضاء على النازية والفاشية وأنشأ الأمم المتحدة ، التي أحتوى ميثاقها على أهم المبادئ والقواعد في القانون الدولي والتي بموجبها حصلت شعوب العالم المستعمرة على أستقلالها ، وكما حصل تطورٌ كبير في حماية حقوق الأنسان وحماية السلم والأمن العالمي ، وظهر للوجود معسكر عدم الأنحياز والمعسكر الأشتراكي المعاديان لأستعمار الولايات المتحدة وحليفاتها .
لكن كل هذا الطور الأنساني في المجتمع الدولي لاقى من أمريكا العداء ودفعها إلى أقامة حلف الأطلسي الذي سرق أختصاصات مجلس الأمن في تطبيق العقوبات على الدول الخارجة على قواعد القانون الدولي . ويقوم (ترامب) هذا الوحش بمحاولاته العبثية في تحطيم قواعد القانون الدولي ، التي هي ميراث الأنسانية ، ويفرض بشكل همجي وعدواني عقوباته الفردية في حروب اقتصادية ، تجارية ، ألكترونية وعسكرية هدفها أخضاع العالم لهذا الشرطي المفترس وأدارته وفقاً للمصالح الأمريكية .
ويحذو حذوه في الخروج على قواعد القانون الدولي ويقوم بأعتداءاته على سورية والعراق ومصر وليبيا وقبرص هذا القزم المتعملق (أردوغان) الذي دعمّ ويدعم الأرهاب الدولي ، ولكننا نرى أن هذين المدعيين والمتعملقين سوف ينتهي بهما المصير كما حصل لكل من هتلر وموسوليني في الحرب العالمية الثانية ، وسوف تنتصر أرادة الشعوب ويحل السلم والأمن الدولي وترتقي الأنسانية في دروب الحرية والعدالة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here