لماذا النرويج تكره السويد؟

Attachment thumbnail
Attachment thumbnail

إيهاب مقبل

 لم يكن مفاجئًا اتهام رئيسة وزراء النرويج، إرنا سولبرغ، السويد على أنها مركز المجموعات العنصرية في اسكندنافيا، بل لم يكن مفاجئًا رد وزير التقانة الرقمية السويدي، أندرش إيغمان، عندما حثها على «النظر إلى نفسها بالمرآة»، وذلك لأن النرويج تشتهر بكرهها الشديد للسويد إلى درجة تلقين التلاميذ في المدارس النرويجية على أن السويد دولة مُستعمرة وشريرة.

 

تعود جذور المشكلة إلى الإفرنج الفرنسيين الذين كانوا يلقبون جميع سكان الدول الاسكندنافية بلقب «الدنماركي»، على الرغم من أن سكان اسكندنافيا كانوا ينتمون إلى عشائرهم وقبائلهم وعائلاتهم، وليس أمتهم. واعترضَ السويديون حينذاك على هذا اللقب، وحددوا بأنهم ليسوا دنماركيين، بينما زعمَ الدنماركيون بأنهم ليسوا ألمانيين وليسوا سويديين. وعندما دارت الحرب بين السويد والنرويج في صيف عام 1814م، أجبرت النرويج على الخروج من الإتحاد مع الدنمارك، لتدخل في إتحاد مع السويد، وذلك بسبب خسارتها الحرب أمام السويد، وحينها كان لدى النرويجيين هوية قوية باعتبارهم «دنماركيين نرويجيين»، ولذلك قاوموا سياسة الاندماج في الثقافة السويدية، وساعدهم بذلك انفصال فنلندا عن السويد في وقتٍ سابقٍ.

 

كانت فنلندا جزء لا يتجزأ من المملكة السويدية لعدة قرون حتى عام 1809م حينما احتلت الإمبراطورية الروسية فنلندا بهدف حماية العاصمة الإمبراطورية سانت بطرسبرغ محوّلة إيّاها إلى دولة عازلة ذاتية الحكم داخل الإمبراطورية الروسية، فقال الفنلنديون الناطقون باللغة السويدية: «لم نعد سويديين، ولا يمكننا أن نصبح روس، فلنكن فنلنديين». وهكذا، تعالت الأصوات المطالبة بالتوقف عن التحدث باللغة السويدية في فنلندا. وعلى الرغم من أن الروس تعاملوا بقسوة مع الفنلنديين، وقمعوا معظم الحركات القومية الفنلندية، إلا أن اللوم القي بالكامل على السويديين الذين رفضوا أن يصبحوا فنلنديين. والنتيجة، ترسخت فكرة الهوية الفنلندية الخالية من السويدية في عموم أرجاء البلاد، وكان ذلك المُحفز الرئيسي للنرويجيين للانفصال عن السويد.

 

والمحصلة النهائية لما سبق هو أن الاتحاد بين السويد والنرويج حُلَ في صيف عام 1905م، كما تخلى الملك السويدي أوسكار الثاني عن حقه في التاج النرويجي بالنيابة عن نفسه وعن خلفائه.

 

وفي ربيع عام 1940م، قررَ الزعيم الألماني أدولف هتلر غزو النرويج بهدف تأمين ميناء خالٍ من الجليد في شمال المحيط الأطلسي، كما كان هدفه التحكم بشكل أفضل في إمدادات خام الحديد من مدينة كيرونا شمال السويد أثناء البرد القارص. وتمكنت النرويج في البدايةِ من صد القوات الألمانية، ولكن هتلر أجبرها في نهاية المطافِ على الاستسلام، وذلك بعد إرسال تعزيزات بحرية وقوات إضافية.

 

ولم تُقدم السويد خلال فترة الاحتلال الألماني للنرويج أية مساعدة رسمية للنرويجيين، على العكس من الفنلنديين الذين حصلوا على الدعم الرسمي من السويد للتخلص من الإحتلال السوفيتي، وذلك لأن السويد كانت ترى أن فنلندا تستحق المغامرة من أجلها، وأن الفنلنديين شعب واثق من نفسه في ساحة الحربِ. ومع ذلك، قدمت السويد العديد من المساعدات للاجئين النرويجيين، كما تمكن بعض السويديين من تهريب المواد الغذائية والملابس وغيرها من الضروريات عبر الحدود إلى النرويجيين.

 

وبقيت النرويج بمفردها مشغولة بالألمان لمدة خمس سنوات حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945م. ولكن النرويجيين لديهم شعور مناهض للسويد ليومنا الحالي على أن السويديين قدْ انحازوا للألمان أو على الأقل لم يفعلوا شيئًا لمساعدتهم في التخلص من الغزاة.

 

والنرويج التي تتهم السويد على أنها مركز المجموعات العنصرية في اسكندنافيا، تضم العديد من الحركات القومية الشعوبية، بل أن تاريخ العنصرية في النرويج لهو أقدم من السويد، ويرجع إلى مشاركة السفن النرويجية بنشاطٍ وحيويةٍ في تجارة العبيد عبر المحيط الأطلسي من القرن السادس عشر وحتى القرن التاسع عشر. وجرى في عام 2000م نقاشًا صحفيًا في النرويج يشير إلى أن معظم النرويجيين يتقبلون مصطلح «الزنجي» لوصف أي شخص من أصل أفريقي بغض النظر عن أصله الجغرافي أو خصائصه الأخرى، وهو المصطلح الذي استخدمَ بكثرة خلال فترة استعباد الأفارقة. 

https://6.top4top.net/p_1332nwj5h1.jpg

https://1.top4top.net/p_1332akn1j2.jpg

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here