سيطرة الدين على السلطة

قد يبدو للنظام في العراق قد عكس مجراه منذ سقوط النظام البائد في عام 2003 حتى الان .اذ نرى اشياءاً كثيرة حدثت في جميع نواحي الحياة بدءاً من محي تغيير الروح الوطنية التي اعدمت من العراق وزرع المصالح الخاصة لاعتماد روح المحاصصة في توزيع الادوار السيادية في محاولة تقسيم العراق الى طوائف واقليات وزرع روح التفرقة و الطائفية التي شكلت الهاجس الاكبر في وضع العديد من افراد الشعب العراقي في حيرة من امره نتيجة ما حصل من مظاهر سلبية كانعدام البنى التحتية للبلد من انعدام الامن ونقص الخدمات و امور اخرى ما انزل الله بها من سلطان . فتجد هنا سيطرة الاحزاب على الدولة ادت الى عدة امور منها محي القانون في العراق حيث لو لاحظنا تحول العراق من سيطرة حزب واحد قبل 2003 الى احزاب متعددة بكافة اصنافها من اسلامية و كردية و غيرها جعلت الحكومة غير قادرة على صنع القرار السياسي للشعب ناهيك عن التضارب في الآراء فنجد ان الآراء متعددة في طرح قانون ما فنجد ان هناك حالة من الفوضى تهب في العراق من عدم وجود رأي واحد لمصلحة واحدة والسؤال يكمن هنا الزمن يمضي والامم تتقدم ونحن نعيش وسط دوامة في صنع القرارات السياسية فإلى متى يا ترى هذا المصير المجهول ؟ ومن المعروف ان العراق له عدة اقليات وديانات فلماذا يا ترى لم نضمن حقوق الاخوة المسيحيين مثلاُ ام الصابئة المندائيون او الاقليات الاخرى .و الحديث طويل ولكن لنوضح للقارئ الكريم هو ان الدين الاسلامي قد سيطر على جميع مفاصل الدولة بل دخلت هذه السيطرة في زج العلماء والشيوخ و اتباعهم في جميع مرافق الدولة من دون الاخذ بنظر الاعتبار عامل النزاهة او الكفاءة واصبح المثل القائل (الرجل المناسب في المكان المناسب ) مجرد عبارة مكتوبة لكنها غير معمول بها او بالأحرى مجرد شعارات تكتب ولا تنفذ .وهناك حالة وجدت في الفترة الاخيرة وهي عند وجود الرجل المناسب في اي مكان نزيه ويعمل على مصلحة بلاده يلاحق من جميع النواحي وربما قد تؤدي الى طرده من محل عمله .اما في السلطة التنفيذية والتشريعية فقد وجدت اشياء و امور غريبة من التواطؤ في تنفيذ القوانين بكل جوانبها فتجد ان تداخل الافكار والرؤى في صنع القرار غالباً ما يؤدي الى الغاء او تجميد القوانين .حيث يلعب العامل الاقليمي والدولي عاملاً مهماً في ذلك الامر اذ تجد ان بعض القرارات تدخل ضمن اطار الاقليمي ومثال على ذلك مسألة الاستيراد للطاقة الكهربائية للبلاد والتي تعتبر مرفقاً حيوياً في البلاد فتعمل الطبقة السياسية على منفعة الدول الاخرى مقابل تعسر حالة البلاد من خدمة الكهرباء الضرورية للمجتمع لاسيما في فصل الصيف و ضعف الخدمات العامة للطاقة الكهربائية و بالمقابل تجد وجود تدخل من قبل احزاب مختلفة في الدولة تعمل على زعزعة الامن والاستيلاء على المصالح الشخصية لفئات محددة فتجد ان القرار يعمل لفئة دون اخرى .وبالمقابل تجد ايادي العون قد مدت من قبل دول اخرى الا انها قد اتخذت عامل الرفض او الانطواء على النفس لتغطية المصالح الخاصة و لعل ما حدث في محافظة البصرة من مشكلة تحلية المياه اكبر شاهد حي على ذلك فنجد ان رفض تلك العروض مقابل دفع الاموال مقدماً هي اكبر صفقة سياسية على انتشار الفساد المالي في محافظة البصرة والتي قدمت تضحيات كبيرة منذ الحرب العراقية الايرانية وحتى الان اذ قدمت الالاف من الضحايا والشهداء في جميع المعارك و كذلك هو الحال في كافة المحافظات .ولكن دخول الحرب مع داعش 2014 حول الكثير من الافكار اذ استغلت ايران في التجهيز العسكري في الحرب ليس لصالح العراق فحسب بل لصالحها الشخصي .اذ تجدها انهمرت خلال الاربع سنوات من الحرب ان تزيد من بناء الركائز الاساسية لها في العراق من خلال نشر نفوذها في ربوع العراق من خلال السيطرة التامة على نسبة 95% على المشهد السياسي في العراق .حيث الكل يعرف ان الحشد الشعبي تشكل بأمر من السيد علي السيستاني للدفاع عن العراق من خطر داعش الارهابي فهب الجميع من ابناء العراق للدفاع عن وطنهم ولكن ما ان حل النصر في عام 2014 حتى استغلت ايران هذا النصر للتشويه الحقائق فبدلاَ من ان تقدم يد العون والمساعدة للعراق باتت تستغل مصالحها في جعل العراق محافظة ايرانية .لاسيما بعد نشر كوادرها في الحشد الشعبي في كافة انحاء البلاد متخذين من ذلك وسيلة لمد حلقة وصل بين ايران والعراق .لاسيما بعد فرض العقوبات الامريكية على ايران و ومحاولة زج العراق في حروب تعود بالضرر على الشعب العراقي .ومن الجدير بالذكر ان القوات الامريكية على اطلاع شامل لما يحدث في العراق وفي نفس الوقت استعملت عدة محاور و مصطلحات سببت العديد من الخلافات السياسية او بالأحرى ما يدعى بالإسلام السياسي .اذ نجد استخدام هذا المصطلح في كثير من الاحيان في بناء قاعدة تعمل على خلط الاوراق بطريقة او بأخرى في سبيل تضليل الحقائق عن مسارها الصحيح ورسم اسس العدوانية بشكل غير مباشر او بصورة تصل الى المقابل بنحو اخر من خلال تغيير المجرى الرئيسي لروح الانسائية .من خلا بث روح التفرقة والطائفية عبر عدة جوانب من المجتمع .وبالعودة الى روح المواطنة نجد انها قليلة الاستخدام من خلال محو الروح الوطنية .فلنأتي على سبيل المثال الاعياد الوطنية نجدها قليلة بعدد اصابع اليد .في حين نجدها كثيرة لكثرة الاعطال ولا سيما ما يتعلق بالعطل الدينية .و خاصة ابناء المدارس اذ تجد ان اكثر الطلبة يتقاعسون في اداء المناهج لكثرة العطل الغير رسمية .وبالعودة الى الاوضاع الجارية في العراق نرى هناك عدة ضغوطات ايرانية امريكية لجعل العراق ساحة حرب جديدة بشكل غير مباشر من حيث التهديد المتواصل لكلا البلدين عبر استخدام ورقة الحشد الشعبي .حيث نجد ان امريكا تحاول ان تعمل على الغاء او دمج الحشد الشعبي ضمن صفوف الجيش العراقي .بينما ايران تعمل على الابقاء على الحشد الشعبي لا سيما محاولة الدفاع الاقليمي بوجه اسرائيل و تعمل على زج العراقيين ضمن صفوفها .هنا نستمد الى عدم وجود سيادة مطلقة للعراق واحترام حقوق العامل الانساني في العراق و السعي الحثيث لدفع القرار العراقي نحو الامام دون مؤثر اقليمي على صنع القرار . والعمل على مبدأ (الواجب والاوجب) .فنرى ان ملفات الخدمات و التعيينات هما الملفات الاكثر خطورة على انتشار الفساد و سرقة المال العام .لذا فمن الاوجب اصلاح هذه الملفات افضل بكثير من المسير الى كربلاء لزيارة الحسين (ع) .فالحسين ناضل و جاهد من اجل الوطن واليوم العراق وسط رؤى مختلفة و اهداف متعددة من الظلم المنتشر في كافة ربوع العراق .فينبغي لنا ان ندافع عن هذا الظلم وبذلك ننشر مبادئ الثقافة الحسينية بصورة صحيحة وبعيدة كل البعد عن الرياء .فلعل قوله (ع) (اني لم اخرج اشرا ولا بطراً ولاظالماً ولا مفسدا وانما خرجتُ للاصلاح في امة جدي .. الخ) اكبر دليل على كل ما سبق فلنعمل سوية على الدفاع عن حقوق الوطن فهي الاولى و الاخيرة مستفيدين من تجارب الاخرين في بناء الاوطان تحت مسمى واحد .فلماذا لا ننظر لتجارب الدول الاخرى ولو لمرة واحدة .ذلك الشيء اجدر بكثير من نشر العداوة و البغضاء كما يحصل الان في العراق .واخيراً وليس اخرا السعي على ايجاد روح المواطنة من جديد و العمل بأسم واحد هو العراق للجميع .فرحلة الالف ميل تبدأ بخطوة….

فواز علي ناصر الشمري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here