إغلاق شركة الألبان العراقية مقابل فتح مصنع إيراني للألبان في العراق *!!

بقلم مهدي قاسم

كانت منتوجات شركة الألبان العراقية في عهد النظام السابق
تغطي معظم احتياجات العراق ، و كادت أن تكون على مستوى منتوجات الألبان الإقليمية ، و قد شغلت آلافا من أيدي العاملة العراقية ، موفرة في الوقت نفسه عملة صعبة للدولة ، ولكن بعد انهيار النظام السابق ، على أثر الغزو الأمريكي للعراق عمل العملاء و خراتيت الزمن العراقي
الرديء من سياسيي الصدفة على بيع أو إغلاق معظم المصانع و المعامل و الشركات الوطنية التي كانت تشغّل مئات آلاف من الأيدي العاملة العراقية و تغطي كثيرا من حاجات البلاد من بعض السلع الوطنية و الاستهلاكية الضرورية والمهمة للمواطن العراقي ، وذلك بهدف إفساح المجال
للمصانع و المعامل و الشركات الأجنبية لتحل محلها و تنشط ترويجيا وإنتاجيا في العراق على حساب التغييب المتعمد و التخريبي المنظم للصناعات الوطنية والمحلية و تدميرها المتواصل لحد التصفير الكامل ، و هو الأمر الذي نتجت عنه عملية تسريح مئات آلاف من العمال و العاملات
و تحويلهم بين ليلة و ضحاها من أيدي منتجة ونافعة ومفيدة للمجتمع وعوامل مساعدة على التنمية الاقتصادية ، إلى فيالق و جافل جرارة من أيدي عاطلة و بطّالة أو متقاعدة بشكل مبكر، اضحت عالة على المجتمع و خزينة الدولة ، كفئات وشرائح اجتماعية استهلاكية فقط و غير منتجة
قطعا وهي لا زالت قادرة على العمل و الإنتاج ..

لندرك في المحصلة النهائية بأن عملية الإقدام الإجرامية
على بيع هذه المصانع و المعامل الإنتاجية الجيدة و ذات المنفعة الكبيرة للاقتصاد الوطني ، وفوق ذلك ، بأسعار بخسة ، بالأحرى إغلاقها على نطاق واسع ، ما كانت سوى جزءا مكملا لخطط و عمليات تفكيك الدولة العراقية و تمزيق النسيج الوطني للمجتمع العراقي عبر إثارة و
تأزيم نعرات و صراعات طائفية وقومية دموية وتحطيم القيم والثوابت الاجتماعية الأصيلة ، مقابل نشر قيم احتقار العمل و الإنتاج والتشجيع على التسكع في الطرقات ذهابا وإيابا ، زائدا الاتكالية والتفرج السلبي وعدم الاكتراث للقضايا الوطنية و الاجتماعية ، فضلا عن تطبيع
مظاهر الفساد وسرقة أملاك الدولة و شرعنتها بزعم كاذب و مضلل على كون مالكها ” مجهول ” !! ، وقد تم كل ذلك من خلال تسليط رهط من عصابات سرقة ولصوصية وضيعة و منحطة قيم و أخلاق و مبادئ ، تزعمت مصير العراق منذ ذلك الوقت و حتى الآن ، و بتواطؤ و ترتيب من قوات الغزو
الأمريكية وتحديدا برعاية السيء الصيت واللص بول بريمر .

و إذا بنا نتفاجئ اليوم بوجود معمل ألبان إيراني ضخم و
كبير في كربلاء *، كأنما ليكون بديلا عن شركة الألبان العراقية السابقة التي حلها أو أغلقها هؤلاء اللصوص الأوباش لإفساح المجال لمعامل و سلع إيرانية وتركية وغيرها لتغزو أسواق العراق حتى التخمة و الإغراق !..

هامش ذات صلة :

*(

ونشب حريق كبير في معمل كاله الايراني للالبان في كربلاء في ايار الماضي
تسبب بخسائر نحو 80 مليون دولار، فيما لم يستبعد المدير التنفيذي للشركة الايرانية ان يكون الحادث متعمداً ــ نقلا عن صحيفة صوت العراق )

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here