ستظل الهاشتاجات تطلق وإن رماها الحثالات بسلال المهملات !

أحمد الحاج
كثرت في اﻵونة اﻷخيرة وبعد أن أصيب المواطنون باليأس التام من ساستهم ومن مجمل العملية السياسية البائسة الى حد اللعنة ، وبعد أن ملوا كذب السياسيين وصراعاتهم التي لاتتوقف فيما بينهم على الكراسي والمناصب وبعد أن إكتشفوا زيفهم ولم تعد تنطلي عليهم حيلهم ، أقول كثرت ظاهرة إطلاق الهاشتاجات الجماهيرية على مواقع التواصل الإجتماعي لتكون بمثابة صيحات جماهيرية متتابعة تحمل بين طياتها شعار ” وقد أعذر من أنذر ” في بلد تعمه الفوضى العارمة من كل حدب وصوب ، لعلها تجد آذانا صاغية عند من يهمه اﻷمر ، إن لم يكن داخل العراق ففي خارجه على اﻷقل ، وقد شخصت مجموعة من تلكم الوسوم التي تلمستُ فيها صدق نوايا مطلقيها وحرقة قلوبهم الممزوجة باﻷلم على ما آلت اليه اﻷوضاع في بلدهم الذي دمرته الحروب المتعاقبة ونهبه الفاسدون وتناوب على حكمه الظالمون برغم ما ينعم به من خيرات وثروات هائلة ، وأشد ما لفت إنتباهي منها ثلاثة هاشتاجات ، اﻷول تحدث عن معاناة مرضى السرطان من نقص اﻷدوية وتقادم أو عُطل اﻷجهزة والمعدات المخصصة لتشخيصهم وإرتفاع تكاليف علاجهم،أما الثاني فتناول قضية المختفين قسرا ( وهم ضحايا من تورطت الجهات الحكومية أو إحدى المؤسسات المرتبطة بها بإختفائهم ، اذ بخلاف ذلك يكون الضحية مخطوفا وليس مختفيا ) وقضية المفقودين ( وهم كل من إنقطعت أخبارهم عن ذويهم فجأة ولايُعلم حقيقة أأحياء هم أم موتى ) وكذلك قضية المغيبين ( بخطف ، بإحتجاز ، بإرتهان ..الخ )،أما الهاشتاج الثالث فقد طالب بالكشف عن مصير المغيبين والعمل على إطلاقهم في شهر محرم الحرام وبمناسبة العام الهجري الجديد 1441هـ فورا كبادرة حسن نية تصب في صالح إرساء دعائم السلم اﻷهلي والحفاظ على ماتبقى من النسيج المجتمعي بين المكونات كافة :
الهاشتاج اﻷول : #علاج_مرضى_السرطان_واجب_وطني
تناول الهاشتاج جانبا من مأساة العراق في زمن”السرطان قراطية” عقب ساعات من إنتشار صور مؤسفة لمحاولة إخراج رجل كبير في السن من نافذة التهوية بعد أن علق وثمانية مراجعين كانوا معه داخل مصعد بمستشفى بعقوبة العام،وبعد سويعات من إنتحار رجل مصاب بالسرطان يبلغ من العمر 67 سنة عبر إلقاء نفسه من نافذة الطابق السادس بمستشفى الصدر التعليمي في البصرة لعدم توفر العلاج اللازم له مجانا ولعدم قدرته على شراء العلاج باهظ الكلفة من الصيدليات ، ففي العراق هناك 2500 إصابة بالسرطان تحدث سنويا بحسب المعلن وما خفي كان أعظم اذ سبق أن أعلن مستشفى الأورام السرطانية التابع الى مدينة الطب إستقبال 65 ألف مراجع سنويا ،وهناك 800 إصابة سرطانية سجلتها محافظة البصرة لوحدها العام الماضي ، اﻷدهى من ذلك أن بعض جرعات العلاج يصل سعرها الى 550$ للجرعة الواحدة ،وبعضها تتراوح أسعارها بين 1500- 2500$ بواقع 4- 6 جرعات متعاقبة ما يتراوح إجماليها بين 9 – 10 الاف $ ، علما أن العراق يشغل المركز الرابع بنسب الإصابة بالسرطان بأنواعه عربيا نتيجة التلوث البيئي والمواد الغذائية المسرطنة التي تدخل الى البلاد من دون تقييس وﻻ سيطرة نوعية وقنابل اليورانيوم المنضب والفسفور الابيض التي ألقاها المحتل الاميركي الغاشم فوق رؤوسنا أطنانا ليزرع في أرضنا – السرطان قراطية – وفوضاها العارمة غير الخلاقة ،إنبعاثات المصافي والحقول النفطية ، تلوث المياه وإمتزاجها بمياه الصرف الصحي الثقيلة من دون معالجة اﻷخيرة كما تفعل سائر دول العالم قبل دخولها المياه الجارية وإنتشار المولدات الكهربائية وأبراج الاتصالات بين اﻷحياء السكنية بكثرة ، وعوادم السيارات وغياب الحزام اﻷخضر والتشجير الذي يخفف من حدة التلوث، وعشوائية إستخدام المبيدات الحشرية واﻷسمدة الكيمياوية ، إضافة الى عشوائية الطمر الصحي وعدم تدوير النفايات فضلاعن تراكمها ، كذلك المخلفات الحربية والمقذوفات غير المنفلقة التي تزداد أعدادها بإطراد مع كل حرب جديدة منذ عقود حتى وصلت الى 25 مليون لغم أرضي غير منفلق يتفاعل قسم كبير منها مع مياه اﻷمطار والسيول ويلوث التربة ناهيك عن تسببها بمقتل أو إعاقة ما معدله 13- 16 الف شخص سنويا ..فيما تواترت أنباء تفيد بمحاولة بعض الدول الغربية دفن نفاياتها النووية في العراق هذا إن لم تكن قد دفنتها فعليا ونصبت بعد دفنها سرادق العزاء ترحما على من قتلوا من جرائها ، وﻻيفوتنا إلقاء دول الجوار والمصانع العراقية نفاياتها الصناعية ومخلفاتها الكيميائية والنفطية في مصبات اﻷنهر كل ذلك بغياب اﻷدوية المخصصة لعلاج المرضى أو شحها أو تسريبها من المخازن المخصصة لها وبيعها في السوق السوداء وإرتفاع ثمنها في الصيدليات والمذاخر ، علما أن أشهر أنواع السرطان في العراق هي سرطانات الدم – اللوكيميا – الثدي ، الرئة ، البروستات ، الدماغ ، وعلاجها غالبا ما يكون إما إشعاعيا أو كيميائيا أو جراحيا وهرمونيا إضافة الى العلاج النووي أما العلاج بالخلايا الجذعية فما زال مبكرا في العراق !

الهاشتاج الثاني: #المختفون_قسرا_قضية_وطن
أطلق الوسم بمناسبة اليوم العالمي للمفقودين والمختفين قسرا وتضمن مقدمة حزينة ومؤثرة خلاصتها ” ﻻتحرموا اﻷبناء من آبائهم ، الزوجات من أزواجهن ، اﻵباء واﻷمهات من أولادهم ، إن كان المختفي قسرا قد مات فقولوها ليصلى عليه صلاة الغائب وتمضي العائلة بحياتها سائلة له الرحمة والغفران وأن يدخله المولى نعيم الجنان ، وإن كان حيا فليعد الى بيته وأسرته – سالما منعما ، وغانما مكرما – ليحيا بقية حياته وسط أهله كما في كل دول العالم ويا دار ما دخلك شر ..إنها من أبسط المطالب ومن ضرورات الدين ومن بديهيات اﻷخلاق الحميدة ومن الف باء قواعد وأصول حقوق الانسان ومن أبجديات المثل والقيم واﻷعراف الحسنة ، اﻻ اذا كنتم لاتعترفون وﻻ تتمتعون ولو بالحد اﻷدنى من كل ما ذكر آنفا ، وعلى الجميع أن يعلم بأنه وكما تدين تدان وأن الملك لايدوم ﻷحد فلو دام لمن قبلك لما وصل اليك !”,
الهاشتاج الثالث : #ليكن_1441هـ_عام_المفقودين
أطلق الوسم بمناسبة شهر محرم الحرام وأستهل بـ” عندما تزعم مواجهة الطغيان والطاغوت فعليك أن لاترتكب شروره وﻻتستنسخ حماقاته واﻻ فما الفائدة من طاغوت يقارع آخر ليحل محله وينتهج نهجه ..آآآه لو تعلمون ما يترتب على إختفاء شخص ما قسرا من دون معرفة مصيره ، هل هو ميت ، أم أنه ما زال على قيد الحياة ، ما مصير زوجته ، هل يحق لها أن تتزوج بثان ، هل تبقى هكذا كالمعلقة ،هل يحق لها طلب التفريق ، الخلع ؟ ما مصير ورثته ، هل يرث هو من مات قبله أم ﻻ ..وكيف وﻻ أحد يعلم حقيقة أن كان حيا يرزق أم أنه مات ربما قبل من يطالب ورثته بميراثه ؟!
وأنا على إطلاع على بعض قضايا المحاكم والاشكالات المترتبة بهذا الصدد وأعرف قضية مستمرة في المحاكم العراقية منذ 16 عاما والى يومنا من دون البت بتفاصيلها وكلا الطرفين يحاول أن يثبت أن – المختفي – قد توفي قبل أو بعد وفاة من يرثه ليحرمه أو يحصل على نصيبه من الميراث !”.
وأنوه الى أن العراق هو البلد اﻷول على مستوى المفقودين والمغيبين والمختفين قسرا في العالم ، ليزداد الطين بلة بإكتشاف 200 مقبرة جماعية جديدة تضم رفاة 12 ألف ضحية بحسب المفوضية العليا لحقوق الانسان ، وكان رئيس اللجنة الدولية لشؤون المفقودين توماس جويل ميلر ، ومدير عام اللجنة الدولية كاثرين سيسكي ، لبحث ملف المفقودين في العراق قد كشفا في وقت سابق عن وجود ما بين 250 الف الى مليون مفقود في العراق بسبب الحروب المتعاقبة والمواجهات المسلحة ، فيما أكدت لجنة اﻷمن والدفاع النيابية السابقة وجود ما لايقل عن 6000 اﻻف مفقود لم تتحمل الجهات المعنية مسؤوليتها بشأنهم ولم تتحرك جديا لكشف مصيرهم ، بينما كشفت مصادر مطلعة عن وجود 11 الف مفقود في نينوى لم يعرف مصيرهم حتى اﻵن منذ سقوط الموصل عام 2014 ، بينما يوجد 3 الاف مفقود في صلاح الدين ومثلهم في اﻷنبار وقد تناول ممثلو المناطق المحررة قضية المختطفين والمغيبين قسرا من أبناء تلك المناطق إضافة الى الجثث المجهولة الهوية وإعادة النازحين الى مناطقهم، وإعادة إعمار المدن المتضررة من العمليات العسكرية، اذ ما زال المغيبون والمختطفون في مناطق الرزازةِ وبزيبز والصقلاوية وسامراء وجرفِ الصخر ومحافظات ديالى وصلاح الدين ونينوى وكركوك وحزامِ بغداد يشكلون هاجسا وأرقا للجميع ، إنها صرخة بمناسبة اليوم العالمي للمختفين قسرا ليس في العراق فحسب بل في عموم الوطن العربي المقسم – سايكس بيكويا – ، المختفون قسرا والمغيبون قهرا والمفقودون ظلما في العراق ، اليمن ، ليبيا ، سورية ، الجزائر ، السودان ، الصومال ، مصر، أين هم اﻵن ؟ إنها قضية أمة وهاجس وطن عربي متشظ من المحيط الى الخليج وسيتشظى قريبا أكثر وأكثر وأوﻻهما اليمن غير السعيد حاليا بفعل – بعرة القرن – وخارطة برنارد لويس الصهيو اميركية !
وأقول للسياسيين العراقيين ومن جميع المكونات وهذه نصيحة أخوية مستلهمة من اﻷمثال الافريقية (من يثر عش الدبابير، عليه أن يجيد الركض) وقد تحرشتم طويلا بهذا الشعب وظلمتموه كثيرا حتى بتنا نسمع بما لايسركم على لسان سياسيين أمثالكم وصلت الى حد التلويح بـقرب حلول “حقبة السحل “على حد وصفهم كما جاء ذلك في لقاء متلفز بلسان (صالح المطلك ) وذلك على غرار سحل اﻷسبقين في العهود الماضية ، وبعضهم لوح بالمعارضة السياسية (عمار الحكيم ) ، وقسم بالمواجهة الشاملة في أكثر من لقاء ( مشعان الجبوري ) وبعضهم بـ” اللجوء إلى الشارع، وتحريك الجماهير“ ( مقتدى الصدر ) بما يؤشر الى وجود شعور عام بغضبة الشعب وإستيائه بكل شرائحه وقرب نفيره بعد طول نفرته إن لم تتغير اﻷوضاع نحو اﻷحسن ، وما تصريحات السياسيين بهذا الصدد اﻻ محاولة تنصل إستباقية للتخلص من تبعات وكوارث العملية السياسية التي يتحملون وزرا كبيرا من مآسيها ولاشك أن الإصلاح والتغيير الجدي ومكافحة الفساد بحق وإصلاح ذات البين هي الحل اﻷمثل قبل الانهيار الكلي اﻷشمل بما لاينفع معه التنصل عن المسؤولية متأخرا وﻻ سياسة الوقوف على التل . اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here